ميزانية 2016 بالسعودية تسدل الستار على نظام سخي للرفاه الاجتماعي في الخليج

الأربعاء 30 ديسمبر 2015 04:12 ص

رجحت وكالة رويترز في تقرير لها أن تسدل ميزانية تقشفية أعلنتها السعودية هذا الأسبوع الستار على أنظمة سخية للرفاه الاجتماعي من المهد إلى اللحد في الخليج وهو ما يشجع الحكومات في المنطقة على تقليص منح مكلفة تغدقها على شعوبها.

وأعلنت الرياض التي تكافح لتقليص عجز ضخم في الميزانية جراء هبوط أسعار النفط يوم الإثنين تخفيضات في الإنفاق الحكومي وإصلاحات في دعم الطاقة وخطة لزيادة الإيرادات من الضرائب والخصخصة العام القادم.

وشدت حكومات الخليج الأحزمة في السابق خلال الفترات التي شهدت هبوط أسعار النفط. لكن ميزانية السعودية ذهبت إلى أبعد من المعتاد متضمنة خطوات ستضر بشكل مباشر بالقدرة الشرائية للمواطنين على وجه الخصوص من خلال رفع الأسعار المحلية للبنزين والكيروسين والمياه والكهرباء.

وهذه هي أكبر خطوة تقدم عليها دولة عربية خليجية مصدرة للنفط حتى الآن لتغيير ترتيبات تقدم الحكومات بموجبها دعما مكثفا للوقود والمياه والغذاء وسلع أخرى ضرورية لشعوبها في مقابل السلام الاجتماعي.

ونظرا لدور السعودية كقائد سياسي لدول الخليج العربية وأكبر اقتصاد عربي، من المتوقع الآن أن تسير حكومات الخليج الأخرى على خطى المملكة وهي تفرض برامجها التقشفية في مواجهة أعوام قادمة تتراجع فيها إيرادات النفط والغاز.

وقال «كريستيان كوتس أولريخسن» الباحث السياسي في معهد بيكر بجامعة رايس في الولايات المتحدة «ستغير المبادرات التي أعلنت في الميزانية السعودية قواعد اللعبة في الخليج.

وتابع «إذا نفذت الإصلاحات بدون ردود أفعال عنيفة فسيعزز ذلك الشجاعة السياسية لدى الحكومات التي تتردد حتى الآن في إجراء مثل تلك التغييرات الحساسة».

وفي تغريدات على «تويتر»، اعتبر مواطنون عاديون بمنطقة الخليج الميزانية السعودية دلالة على أوقات أكثر صعوبة للمنطقة.

وقال معلم كويتي بمدرسة ثانوية عرف نفسه باسم بو دوجان في تغريدة «العجز في الميزانية السعودية مرعب!ّ نخشى من تداعيات ذلك على الخليج»، مضيفا أن زيادة أسعار الوقود في المنطقة سترفع تكلفة السلع.

وأطلقت بعض الدول بالفعل إصلاحات قبل أن تقدم الرياض على تحركها. ففي أغسطس/ اب الماضي ألغت دولة الإمارات العربية المتحدة نظاما لأسعار ثابتة للبنزين واستبدلته بآخر يرتبط بأسعار النفط العالمية.

وارتفع سعر البنزين بشكل طفيف لكن الطريق أصبح مفتوحا أمامه لارتفاعات في المستقبل عندما يتعافى النفط في نهاية المطاف.

ورفعت البحرين أسعار اللحوم والدواجن إلى أكثر من المثلين في أكتوبر/ تشرين أول مع إلغاء الدعم لها ووافق مجلس الوزراء هذا الأسبوع على نظام جديد لوقود الديزل والكيروسين سيتيح للأسعار أن ترتفع تدريجيا في الأعوام القادمة.

وهناك تغييرات أكبر في الطريق. وقالت الحكومات في البحرين والكويت وقطر وسلطنة عمان والتي تواجه صعوبات مالية بدرجات متفاوتة إنها تجري مراجعات واسعة لأنظمة الدعم رغم أنها لم تلتزم بعد بإصلاحات محددة.

ونظرا للحساسيات السياسية فمن المرجح أن تتحرك الحكومات بحذر، حيث أكد مسؤولون سعوديون هذا الأسبوع أنهم يريدون تقليص التأثير على مستويات المعيشة لأصحاب الدخول المتوسطة والمحدودة.

ورغم أن سعر البنزين 95 أوكتين في السعودية قفز 50% إلى 0.90 ريال (0.24 دولار) للتر إلا أنه لا يزال منخفضا للغاية بالمعايير العالمية.

وجرى هيكلة الزيادات في أسعار الكهرباء والمياه بحيث يتحمل المستهلكون من الشركات الكبيرة معظم العبء.

ورغم ذلك، أوضحت الرياض أن رفع الأسعار هو فقط الخطوة الأولى في سلسلة خطوات قائلة إنها ستعدل الدعم على المياه والكهرباء والمنتجات النفطية على مدى خمس سنوات.

وبمجرد أن تبدأ الحكومات في خفض الدعم فربما يكون من الصعب عليها مقاومة الوفورات الضخمة التي يمكن أن تتحقق من مزيد من الإصلاحات.

وتشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن الرياض أنفقت 107 مليارات دولار على دعم الطاقة هذا العام وهو أكثر من إجمالي العجز في الميزانية البالغ 98 مليار دولار.

وقال «محمد الحاج» المحلل لدى المجموعة المالية-هيرميس في دبي "نعتقد أن التغييرات في سعر الوقود للمستهلكين في السعودية ستكون الأولى في عدة خطوات ستأتي على مدى السنوات القليلة القادمة».

وفي أعقاب إعلان الميزانية السعودية، قال وكيل وزارة المالية في الكويت خليفة حمادة لصحيفة القبس إن وزارته ستعرض مقترحا لترشيد الدعم على لجنة اقتصادية تابعة لمجلس الوزراء في نهاية الأسبوع.

وأضاف «حمادة» أن المقترح سيوفر للحكومة 6.2 مليار دينار (20.5 مليار دولار) على مدى السنوات الثلاث القادمة، مقدرا أنه بدون إصلاحات ستنفق الكويت 16 مليار دينار على الدعم على مدى ثلاث سنوات.

ومن المتوقع أن تؤثر السياسة الضريبية السعودية أيضا على دول الخليج نظرا للروابط الوثيقة بين اقتصادات المنطقة.

وفي إعلان الميزانية، قالت وزارة المالية السعودية إنها تخطط لفرض ضريبة القيمة المضافة بالتنسيق مع دول أخرى في المنطقة وهو إجراء سيؤثر بشكل مباشر على قدرة الإنفاق للمواطنين العاديين حتى مع استثناء بعض المواد مثل الغذاء.

وقال مسؤولون إن الدول ستحتاج إلى فرض الضريبة بشكل مشترك لتفادي عمليات التهريب وفقدان القدرة التنافسية للاقتصاد لكن حكومات دول الخليج العربية تناقش الفكرة منذ أعوام دون التوصل لنتيجة حاسمة.

وفي السابق، جاءت القوة الدافعة الرئيسية لفكرة ضريبة القيمة المضافة من دولة الإمارات لكن قرار السعودية تأييدها علانية يعني أن المشروع يبدو من المرجح أن يمضي قدما في السنوات القليلة القادمة.

  كلمات مفتاحية

السعودية ميزانية السعودية نظام الرفاه الاجتماعي منطقة الخليج

«مجتهد» يشكك في أرقام الميزانية السعودية ويؤكد: الإيرادات الحقيقية ضعف المعلنة

98 مليار دولار عجز ميزانية السعودية في 2015 وتوقعات بعجز 87 مليار في 2016

«أرامكو» لا تنوي خفض إنتاجها من النفط وتتوقع توازن الأسواق في 2016

بورصات الخليج تعاود الصعود قبيل إعلان الميزانية السعودية

أسواق الخليج تواصل الصعود بفعل النفط وآمال الميزانية السعودية

«هافينغتون بوست»: الاقتصاد السعودي .. قنبلة موقوتة

السعودية: خصخصة المطارات والمستشفيات والتعليم قريبا

الرقمان «المهم» و«الأهم» في الميزانية السعودية

بين الرفاهية والاتكالية