وثائق: صفقات سرية وراء ترك بريطانيا الخليج وسيطرة إيران على الجزر الإماراتية

الأربعاء 31 أغسطس 2022 06:28 ص

كانت الحكومة البريطانية على دراية كاملة بقرار إيران احتلال الجزر الإماراتية الثلاث بالقوة العسكرية، بمجرد انتهاء الحماية البريطانية.

وتحتل إيران، منذ 1971، جزيرتي طنب الكبرى وطنب الصغرى، وجزءاً من جزيرة أبي موسى، التي أكملت احتلالها عام 1992.

والجزر الثلاث تحظى بأهمية استراتيجية واقتصادية كبيرة لأسباب مختلفة، منها إشرافها على مضيق هرمز الذى يمر منه يومياً 40% من النفط العالمي، وبناءً عليه "من يسيطر على هذه الجزر يتحكم في حركة الملاحة البحرية بالخليج العربي".

ولم تكن لبريطانيا رسميا أي مستعمرات في منطقة الخليج، ولكنها كانت القوة الأجنبية الأكبر في المنطقة منذ القرن الثامن عشر.

وكانت البحرين وقطر والإمارات المتصالحة كما كانت تسمى آنذاك (أبوظبي ودبي والإمارات الأصغر التي شكلت فيما بعد دولة الإمارات العربية المتحدة) قد أبرمت معاهدات حماية مع البريطانيين.

ونصت تلك المعاهدات على أن تسيطر بريطانيا على سياسات هذه الإمارات الدفاعية والخارجية، بينما يتولى الزعماء المحليون شؤون إماراتهم الداخلية.

ولكن، وفي عام 1965، نشب خلاف بين البريطانيين وشيخ إمارة الشارقة "صقر بن سلطان القاسمي".

وكانت "الجريمة" التي ارتكبها الشيخ "صقر"، تتمثل في تقاربه مع الرئيس المصري آنذاك "جمال عبدالناصر" زعيم الحركة القومية العربية.

ولذا دبّر البريطانيون انقلابا في الشارقة، خلع فيه الشيخ "صقر"، وحل محله ابن عمه.

وافقت أسرة الشيخ "صقر"، وفقا للرواية الرسمية، على الإطاحة به، ولكن الأمر يكشف مدى سيطرة بريطانيا على مجريات الأمور.

للمرة الأولى، روى السير "تيرينس كلارك" (الذي عمل لاحقا سفيرا لبريطانيا لدى العراق) قصة الدور الذي لعبه في انقلاب الشارقة.

وكان الشيخ "صقر"، قد دعي لحضور اجتماع في دبي، ولكن القوة العسكرية البريطانية المحلية (التي كانت تعرف باسم كشافة عمان المتصالحة) كانت بانتظاره، وكانت عبارة عن فخ وقع فيه الشيخ "صقر" الذي نفي بعد ذلك.

ونشبت توترات بين الزعماء العرب الخليجيين وإيران، حال إعلان بريطانيا عزمها الانسحاب من المنطقة.

وتركزت الخلافات الخليجية الإيرانية على البحرين وعلى 3 جزر استراتيجية تقع قرب مضيق هرمز هي طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى.

وكان موقف شاه إيران "محمد رضا بهلوي"، حيال الانسحاب البريطاني حازما، حسب وثيقة سرية لمجريات اجتماع جرى بينه ووزير بريطاني.

فباستثناء ما أشار إليها الشاه "بتلك الجزيرة" (أي البحرين)، وافق الملك الإيراني على منح الاستقلال لكل الدول العربية المحاذية للخليج.

وتبعت ذلك تحركات دبلوماسية محمومة، شارك فيها الزعماء العرب وبريطانيا والشاه.

وكما روى السفير البريطاني في طهران آنذاك: "قالت لندن، حسنا، سنحاول ذلك ولكنها عملية حساسة للغاية لأننا لا نثق بالإيرانيين وهم لا يثقون بنا. أما البحرينيون فلا يثقون بالجانبين".

ولكن موقف الشاه المعلن تغيّر بمرور الزمن، فقد خفف من مطالبه بالبحرين وسمح للأمم المتحدة بتولي مسؤولية قرار منحها الاستقلال، بناء على إحصاء أجري في عام 1970.

فقد استقلت كل من البحرين وقطر في أغسطس/آب، ووضعت خطط لتوحيد إمارات أبوظبي ودبي والشارقة و4 إمارات أخرى، ضمن اتحاد سمي دولة الامارات العربية المتحدة.

ولكن موضوع الجزر الثلاث المتنازع عليها لم يحل. وكانت الجزر تحكم من قبل إمارات أصبحت جزءا من دولة الإمارات العربية المتحدة في ديسمبر/كانون الأول 1971، ولكن إيران لم تسقط مطالبتها بها.

ونقلت وثيقة سرية لوزارة الخارجية الإيرانية، قول الشاه لوزير الخارجية البريطاني آنذاك "أليك دوغلاس هيوم": "هذه الجزر ملك لإيران ويجب أن تعاد إلى إيران، سنستعيد هذه الجزر مهما كلّف الثمن".

ظل المسؤولون البريطانيون يصرّون علنا عن أن الجزر الثلاث تعود للإمارات المتصالحة، ولكن ثمة أدلة كشفت عنها "بي بي سي" تشير إلى أن الدبلوماسي والإداري الاستعماري المخضرم السير "وليام لوس" اتفق سرا مع الشاه على إعادة الجزر إلى إيران، بعد انسحاب القوات البريطانية من منطقة الخليج في ديسمبر/كانون الأول 1971.

وفي 30 نوفمبر/تشرين الثاني 1971، وقبل يوم واحد من إعلان بريطانيا رسميا انتهاء حمايتها للإمارات الخليجية، وبعد 5 أيام من إعلان قيام اتحاد الإمارات العربية، سيطر الجيش الإيراني بالقوة على جزيرتي طنب الكبرى وطنب الصغرى، التابعتين لإمارة رأس الخيمة.

أما إمارة الشارقة، فوقعت مع نظام الشاه اتفاقية لتقاسم السيطرة على جزيرة أبوموسى التي عادت إيران، في ظل نظام الثورة الإسلامية التي أطاحت بالشاه عام 1979، وسيطرت عليها بالكامل وأقامت عليها منشآت عسكرية عام 1992.

وتظهر الوثائق أنه رغم احتجاجات الامارات العربية المتحدة العديدة حول احتلال الشاه للجزر الثلاث، كان رئيس الدولة الشيخ "زايد بن سلطان آل نهيان" ونائبه الشيخ "راشد آل مكتوم" قد أحيطا علما بالقرار البريطاني قبل احتلالها من قبل القوات البحرية الإيرانية.

كما تكشف الوثائق التي أزليت عنها السرية مؤخرا، أن الشيخ "زايد" كان موافقا على القرار البريطاني.

أما اليوم، فما زالت دولة الامارات العربية المتحدة تناقض ادعاء إيران سيادتها على الجزر الثلاث. وما زالت هذه المسألة تشكل مصدرا للتوتر بين إيران من جهة والعالم العربي عموما من جهة أخرى.

المصدر | الخليج الجديد + بي بي سي

  كلمات مفتاحية

الجزر الثلاث الإمارات إيران الخليج بريطانيا

«شيزوفرينيا» العلاقات الإماراتية الإيرانية.. «الأعمق خليجيا» رغم احتلال الجزر الثلاث

وزيرا خارجية الإمارات وإيران يبحثان تعزيز العلاقات وقضايا دولية

خلال 5 أشهر.. الإمارات تستورد سلعا من إيران بـ2.7 مليار دولار

رسميا.. إيران تصدر سندات ملكية في الجزر المتنازع عليها مع الإمارات

الإمارات تجدد المطالبة بحقها في الجزر الثلاث المحتلة من إيران

بسبب الجزر الثلاث.. سجال ومشاحنات بين الإمارات وإيران بالأمم المتحدة

وثائق بريطانية: إسرائيل خططت لسرقة مياه النيل لحل أزمتها المائية

أكبر بنك إسلامي: كرة القدم تعزز الاستثمارات العقارية الخليجية في المملكة المتحدة

بتوجيهات من خامنئي.. إيران تحضر لإنشاء مبان سكنية بالجزر الإماراتية المحتلة