تقرير: أزمة تسليح تهدد الجزائر بسبب الحرب الروسية الأوكرانية

الجمعة 2 سبتمبر 2022 01:55 م

"أزمة تسليح قد تواجه الجزائر، بسبب الحرب الروسية الأوكرانية".. هكذا خلص تقرير لموقع "ميدل إيست آي" البريطاني، الذي قال إن البلد العربي يعتمد وبشكل كبير على صادرات السلاح الروسي إليه، وسيجد صعوبات في البحث عن بديل.

وقال التقرير الذي أعده "بول إيدون"، إن الحرب الروسية- الأوكرانية قد تؤثر على استيراد الجزائر للسلاح من روسيا، في ظل محاولات الصناعات العسكرية الروسية، توفير الأسلحة للحرب التي تخوضها الآن في أوكرانيا.

وأشار إلى أن الجزائر ليست وحدها في هذه الأزمة، وإنما كل المستوردين للسلاح الروسي.

وأجبرت الحرب الدموية التي تقول الولايات المتحدة إن موسكو خسرت فيها ما بين 70.000 – 80.000 جنديا، الجيش الروسي على استخدام الدبابات القديمة.

ولو كانت التقارير صحيحة، فإن موسكو بدأت بمنح الأولوية لجبهات القتال بدلا من توريد الأسلحة، وهو قرار سيترك آثارا كارثية على الجزائر، التي تشتري نسبة 15% من صادرات السلاح الروسية، حسب خدمة الأبحاث في الكونجرس الأمريكي.

وتعد الجزائر ثالث مستورد للسلاح الروسي في العالم، بينما تعتبر روسيا مصدر الأسلحة التاريخي للجزائر، إذ تقتني الجزائر أكثر من 60% من أسلحتها من موسكو، وتمتلك 6 غواصات روسية الصنع.

وتشمل أسلحة القوات الجزائرية كذلك طائرات ميغ-29 ومقاتلات سو-30، كما يستخدم الجيش الجزائري مئات من دبابات تي-90 وتي -72 الروسية.

وطالما اعتمدت الدفاعات الجوية الجزائرية على نظاميْ "أس-300" و"أس- 400" الروسيين.

ويعزو الخبراء الأمنيون أسباب تركيز الجيش الجزائري في ترسانته العسكرية على السلاح الروسي إلى "الرفض الأمريكي ومماطلتها في تزويد الجزائر بأنظمة عسكرية".

وقررت الجزائر في 2010 الاستغناء عن أكثر من 50% من طلبات الأسلحة التي تقدمت بها منذ عدة سنوات للولايات المتحدة.

وترتبط الجزائر وروسيا منذ 2001 بـ"اتفاق شراكة استراتيجية"، يتعلق بالشراكة والتعاون في عدة مجالات أبرزها الاقتصادي والتجاري والطاقوي والعسكري والعلمي والتقني.

كما يعتبر البلدان من كبار منتجي النفط والغاز ويتصدران مزودي أوروبا بالغاز الطبيعي، ولروسيا أيضا استثمارات كبيرة في قطاع الطاقة بالجزائر تقودها شركات "غاز بروم" و"لوك أويل" و"زاروبيج".

يقول الباحث في مركز التحليل البحري "صامويل بينديت"، إنه لا توجد في الوقت الحالي أية إشارات عن إعادة الجزائر النظر في علاقاتها العسكرية مع روسيا.

ويضيف: "هناك إمكانية في ضوء ما لدى الجزائر من معدات عسكرية روسية متقدمة والتجربة المحلية في استخدامها على مدى عقود، أن تلجأ روسيا لنوع من الإنتاج المحلي في هذا البلد بشمال أفريقيا".

أما الباحث غير المقيم بالمجلس الأطلنطي البروفيسور في مركز شار لسياسات الحكومة بجامعة جورج ميسون "مارك كاتز"، فيشير إلى أن "الجزائر ستحاول الاستمرار في شراء السلاح الروسي في المستقبل القريب".

ويتابع: "الأنواع والكميات التي تريدها الجزائر قد لا تكون متوفرة نظرا لمصاعب الإنتاج الروسي وحاجة موسكو للأسلحة في حربها بأوكرانيا (..) ولو كان هذا هو الحال، فقد تبحث الجزائر عن أسلحة من مورّدين آخرين لا يربطون مبيعات السلاح بحقوق الإنسان".

وفي هذا السيناريو، قد تلجأ الجزائر للصين أو تركيا أو قوى أوروبية.

ويضيف "ميسون": "لن أفاجأ لو حاولت إيطاليا أو دولة أوروبية أخرى، تريد تعويض النقص في الغاز من روسيا، ترضية الجزائر بعروض صفقات أسلحة"، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة لن تعارض ذلك في ظل الظروف الحالية.

وسبق أن ناشد وزير الخارجية الأمريكي "أنتوني بلينكن"، الرئيس الجزائري "عبدالمجيد تبون"، بإعادة النظر في العلاقات مع روسيا، بعد غزو أوكرانيا.

وقال: "عانت دول شمال أفريقيا والشرق الأوسط بنفسها من آثار الحملات العسكرية الروسية من قبل"، في إشارة إلى سوريا وليبيا.

وأضاف: "هناك أوقات يظهر فيها موضوع واضح أسود وأبيض، ومن المهم الوقوف مع الضحية ومع المبادئ التي تم خرقها".

وفي الوقت الذي واصلت فيه الولايات المتحدة الضغط على الدول العربية للنظر في علاقاتها مع روسيا، واصل "تبون" استقبال المسؤولين الروس، وأشار إلى روسيا بالدولة الشقيقة.

ويتوقع "كاتز" استخدام روسيا المناورة العسكرية المقبلة "درع الصحراء" بين القوات الروسية والجزائرية المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني، قرب الحدود مع المغرب، من أجل "الحفاظ على الجزائر بجانبها".

ويتابع: "لو أرادت موسكو الحفاظ على ولاء الجزائر، فيجب أن تمد وكيلها بما يريد.. وربما لن تكون روسيا قادرة في الوقت الحالي".

وقررت إدارة الرئيس الأمريكي "جو بايدن"، فرض عقوبات على الصناعة الدفاعية الروسية، وأثّرت هذه العقوبات على موسكو وكذا الدول التي تستورد المعدات العسكرية الروسية.

وأخبر مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية المشرّعين في بداية مارس/آذار، أنه من غير المرجح أن يكون الكرملين قادرا على توقيع اتفاقيات لصفقات جديدة أو توفير الصيانة للأنظمة القائمة لدى الزبائن.

وسبق أن قال مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون جنوب ووسط آسيا "دونالد لو"، أمام لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ: "حسب وجهة نظري، سيكون من الصعب على الجميع شراء أنظمة عسكرية من موسكو في الأشهر أو السنوات المقبلة، في ضوء العقوبات القاسية التي فرضتها الإدارة وبدعم من الكونجرس".

ويرى المحلل الروسي المستقل الزميل غير المقيم في برنامج سوريا بمعهد الشرق الأوسط "أنطون ماردسوف"، أن روسيا قد "اتخذت خطوات لكي تظهر أن الحرب في أوكرانيا لم تؤثر بأي طريقة على وضعها في المنطقة أو صادرات الأسلحة".

ويضيف: "عليه، فسيتم تكثيف المفاوضات مع الجزائر. كما بدا واضحا في تموز/ يوليو، يحضّر الجزائريون والروس لتوقيع وثيقة شراكة إستراتيجية والتي تشمل بالتأكيد موضوعات التعاون العسكري والتقني".

ويتابع أن الجزائر تبنت بالإضافة إلى هذا، موقفا مؤيدا نوعا ما لروسيا في أوكرانيا، وهو ما ظهر في موسكو التي تحضّر لأن تزيد من دورها في منطقة الساحل الأفريقي.

إلا أن "ماردسوف" يعتقد أن "الشيطان يكمن في التفاصيل"، فـ"التجارة الجزائرية- الروسية لم ترتفع، بل على العكس في تناقص.. والشركاء الصينيون والأوروبيون يملأون الفراغ الروسي في إمداد البضائع الصناعية للجزائر".

ويقول "ماردسوف" إن الجزائر اشترت كمّاً واسعاً من الأسلحة التي تحتاجها من روسيا، وهو ما يظهر التعاون القريب في مجال الصيانة وتوريد الذخائر، إلا أن أهم قضية تقلق بال المسؤولين في الجزائر هي الأمن الغذائي.

ويتابع: "الجزائر تدعم وبشكل كبير البضائع الأساسية مثل زيت الطعام والحليب والخبز، ومنعت تصدير البضائع الأساسية خشية حصول النقص".

وعانت الجزائر من نقص في مواد غذائية قبل اندلاع الحرب في أوكرانيا، ويواجه البلد عجزا في الميزانية قد يؤثر على دعم المواد الغذائية، كل هذا رغم ارتفاع موارد النفط والغاز بنسبة 70% خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2022.

يقول "ماردسوف": "في مجال التنافس، أعتقد أنه سيكون هناك تنسيق أقرب في المجالات غير العسكرية.. مثلا، قد تعرض موسكو بناء مفاعل نووي" في الجزائر.

يشار إلى أن بيانات رسمية كشفت تصدر الجزائر، قائمة الدول التي استوردت المنتجات المصنفة تحت بند "سرية" (البند الجمركي SSSS بشكل حاد) في عام 2021.

ووفقا لموقع "أر بي كا" الاقتصادي، فإن الجزائر استوردت "منتجات سرية" من روسيا بقيمة 985 مليون دولار، خلال الـ9 أشهر الأولى من العام الماضي.

وتندرج في البند الجمركي (SSSS) في روسيا، منتجات مثل الأسلحة والمعدات العسكرية والذخيرة وطائرات عسكرية ومنتجات تستخدم في المجال النووي.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

روسيا الجزائر تسليح حرب أوكرانيا أمريكا

روسيا والجزائر: شراكة في الوقت المستقطع؟

مشرع أمريكي يطالب بمعاقبة الجزائر بسبب علاقتها مع روسيا

لعلاقتها مع روسيا.. نواب أمريكيون يطالبون بفرض عقوبات على الجزائر

صحيفة فرنسية: الجزائر أتت بالجيش الروسي بالقرب من حدود المغرب