مفتي لبنان يجمع السنة برعاية خليجية.. هل ينجح في منع نسف اتفاق الطائف؟

الجمعة 9 سبتمبر 2022 01:57 م

في خطوة هي الأولى من نوعها منذ تولي مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ "عبداللطيف دريان" منصبه، دعت دار الفتوى، النواب السنة الـ27 إلى لقاء السبت 24 سبتمبر/أيلول، تحت عنوان "تعزيز الوحدة السنية الإسلامية والوطنية".

وفي حين، تأتي هذه الدعوة مع بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس للجمهورية في موازاة الكباش السياسي حول تأليف الحكومة وصلاحيات رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، ترفض دار الفتوى ربطها بأي استحقاقات وتحديداً الانتخابات الرئاسية.

وتؤكد دار الفتوى، أن الهدف هو "تعزيز الوحدة الإسلامية السنية والوطنية"، مشيرة إلى أنها لم تتلق حتى الآن أي اعتذار من قبل أي نائب.

وبانتظار ما ستكون عليه مواقف النواب السنة المدعوين حيال هذه الدعوة لجهة المشاركة من عدمها، رحب عدد كبير منهم بالخطوة.

فيما يتجه النواب السنة في كتلة "نواب التغيير"، وعددهم 5 ، للاجتماع هذا الأسبوع للبحث بالدعوة لاتخاذ الموقف الموحد بحسب ما يؤكد النائب في الكتلة "رامي فنج"، الذي سبق أن أكد حضوره، في وقت أشارت فيه معلومات إلى أن كلاً من النائبين "حليمة قعقور" و"إبراهيم منيمنة" سيقاطعان الاجتماع، إضافة إلى النائب المستقل "أسامة سعد".

وهؤلاء النواب من ذوي التوجهات المدنية الذين يعتبرون هذا الاجتماع إعادة فرز للخطاب المذهبي والطائفي، والتي تتنافى مع قيم الثورة، على حد وصفهم.

في وقت، قالت مصادر دبلوماسية عربية رفيعة لموقع "عربي بوست"، إن تحرك "دريان" مدفوع بدعم السعودية ودول مجلس التعاون الخليجية، والتي تحفز هذا المشروع استكمالاً لنشاط السفير السعودي في لبنان "وليد البخاري".

وسبق أن أجرى "البخاري" منذ فترة مجموعة من اللقاءات، شملت أكثرية النواب السنة، بمن فيهم أولئك المحسوبون على "حزب الله".

يقول المسؤول الإعلامي في دار الفتوى "خلدون قواص"، إن "الهدف الأساس لهذه الدعوة التي وجهت للنواب الذين وصلوا إلى البرلمان نتيجة الانتخابات النيابية الأخيرة الذين ينتمون إلى أطياف وتوجهات سياسية مختلفة، هو تعزيز الوحدة الإسلامية السنية والوطنية".

ويؤكد أن "ليس هناك من جدول أعمال محدد لهذا اللقاء ولم يقرر ما إذا كان سيصدر عنه بيان أو توصيات أو أي أمر مشابه، رفض ربطه بأي استحقاق".

ويعتبر أن "مجرد انعقاده هو جدول أعمال بحد ذاته"، وواصفاً إياه بـ"لقاء الإخوة تحت مظلة دار الفتوى".

ويشدد على أن "دار الفتوى لا تملي على النواب أي شيء بل سيتم التشاور في الآراء والأفكار، واللقاء سيكون محصوراً بين النواب والمفتي دريان، على خلاف كل المعلومات التي نشرت في بعض وسائل الإعلام، مع التأكيد على أنه ليس هناك أي خلاف مع رؤساء الحكومة السابقين".

وتأتي هذه المبادرة في الوقت الذي تأخذ فيه المواجهة بين رئيس الجمهورية "ميشال عون" ورئيس الحكومة المكلف "نجيب ميقاتي" منعطفاً طائفياً، في إطار حديث "عون" وصهره رئيس التيار الوطني الحر "جبران باسيل" عن رفضهما القبول بإعادة تعويم الحكومة الحالية، بالإضافة لرفضهما أن تتولى حكومة تصريف الأعمال صلاحيات رئيس الجمهورية بعد انتهاء مدته الدستورية.

هذا الأمر يثير غضب القيادات السنية والنواب ورؤساء الحكومات السابقين، الذين يعتبرون تصرف "عون" انتهاكاً لاتفاق الطائف وهجوماً على المركز السني الأول من قبل أعلى منصب رسمي مسيحي.

يذكر أن "اتفاق الطائف"، الذي وُقع في عام 1989، ووضع حداً للحرب الأهلية اللبنانية، نقل جزءاً كبيراً من صلاحيات رئيس الجمهورية إلى مجلس الوزراء المنعقد برئاسة شخصية سنية.

حينها رفض "عون"، الذي عين نفسه رئيس الحكومة الانتقالية، بشدة هذه الوثيقة، التي رعتها السعودية.

ولا يزال "عون" وتياره حتى يومنا هذا يرفضون مخرجات هذا الاتفاق.

ومنذ عودته إلى لبنان بعد 15 عاماً من المنفى في فرنسا، يخوض "عون" معركة سياسية شرسة ضد اللاعبين الأساسيين في دستور الطائف، وتحديداً رئيس مجلس النواب "نبيه بري" ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي "وليد جنبلاط" والقيادات السنية التقليدية، أي "نجيب ميقاتي" و"فؤاد السنيورة".

لذا يؤكد المصدر الدبلوماسي العربي، أن الحراك السعودي والخليجي عبر المفتي والنواب السنة يهدف لمنع أي مسعى يقوده "باسيل"، مدعوماً من "حزب الله"، بهدف طرح تعديل أو نسف اتفاق الطائف.

ويرى أن التزامن بين دعوة المفتي وتغريدة السفير السعودي والتي أشار فيها إلى أن "ميثاق الوِفاق الوطني والذي أقره اللبنانيون برعاية عربية ودوليّة، ليس وهما ولا أُحجِية غامضة؛ فهو مُصوغ بلسان عربي فَصيح"، هي خير تأكيد على وجود السعودية في خلفية الاجتماع.

في هذا الإطار، يشير النائب "أحمد الخير" إلى تفاقم شعور الإحباط لدى الشارع السني منذ انسحاب زعيم تيار المستقبل "سعد الحريري" عن اللعبة السياسية، والذي يعد والده الرئيس الراحل رفيق الحريري أحد أهم الرعاة اللبنانيين الرئيسيين لاتفاق الطائف.

ويشير "الخير" إلى أنه عام 2016، ولولا الشرعية السنية التي مُنحت لـ"عون"، بدعم من "الحريري"، لما تمكّن "عون" من الوصول إلى قصر بعبدا.

ويرى "الخير" أن غياب المكون السني الصلب قد يؤدي إلى تهميش أهل السنة في البلاد، على الأقل خلال هذه الاستحقاقات، وترك الأبواب مشرعة لسيطرة "حزب الله" على قرار كل البلاد.

ويشير "الخير" إلى أن انسحاب "الحريري" ترك فراغاً لا يمكن لأحد أن يملأه، لهذا نقولها بكل جرأة، سنذهب إلى دار الفتوى من أجل ضمان وحدة أهل السنة، "لسنا طائفة بل أمة لطالما ضمنت الاستقرار والتوازن في الدولة الوطنية"، على حد قوله.

بالمقابل يشير النائب "حسن مراد"، وهو مقرب من "حزب الله"، إلى أن الخطوة التي دعا إليها المفتي "دريان" منتصف الشهر الحالي، ليست سابقة؛ لأن مفتي الجمهورية حين انتخابه استطاع أن يجمع الطائفة كلها.

وأضاف: "الاجتماع المقبل هو لقاء نتشاور فيه بيننا كنواب وزملاء مع سماحته، لتبقى هذه الدار سقفنا الذي نجتمع تحت قبته"، مؤكداً في الوقت نفسه، على ضرورة أن يصدر موقف موحد شبه إجماعي.

وتابع: "سنبقى نحافظ على روح اتفاق الطائف الذي ندعو إلى ممارسته وتطبيق بنوده جميعاً، كلٌّ على طريقته. نحن نلتزم باتفاق الطائف كله، بنصه الحرفي، مع الحفاظ على أحسن العلاقات المميزة مع سوريا، وليس آخراً، العمل على وضع قانون انتخابات خارج القيد الطائفي على مستوى المحافظات".

كما ربط النائب عن مدينة طرابلس "أشرف ريفي"، بين اعتكاف "الحريري" الذي أدى إلى عدم تكون كتلة سنية في البرلمان وبين هذا اللقاء.

وقال: "اللقاء الذي يهدف لجمع الصفوف هو أكثر من ضرورة في هذه المرحلة حيث تمر القيادة السنية بمرحلة انتقالية، وبالتالي من شأن هذه الخطوة واللقاء (..)، تسريع انتهاء هذه المرحلة عبر لقاءات عدة في المستقبل لاستكمال التعاون وتوحيد الجهود".

وفي رد على الانتقادات التي طالت هذه الخطوة، حيث يرفض البعض تدخل المراجع الدينية في السياسة أو أن تتحكم بقرارات النواب، قال "ريفي": "هذا الكلام طوباوي وغير واقعي لأننا نحن ترشحنا وانتخبنا عن المقعد السني وفق القانون، وعندما يصبح القانون في لبنان مدنياً عابراً للطوائف عندها يمكن الانتقاد".

في إطار متصل، يؤكد المصدر الدبلوماسي العربي أنه جرى تأسيس خلية خليجية هدفها مناقشة السبل المتاحة لدعم لبنان، وأهمها الحفاظ على اتفاق الطائف.

ويؤكد المصدر أن الخلية تضم السعودية وقطر والكويت والإمارات، وأنها اجتمعت مرتين متتاليتين، وتدرس العديد من الخيارات للعودة بشكل تدريجي للبنان.

ولا يخفي المصدر أن الدول شبه متفقة على خطوط عامة واضحة، منها رفض الإتيان برئيس للجمهورية محسوب على طرف محدد لعدم تكرار تجربة "عون"، والتي، برأيه، أخذت لبنان بالانحياز لطرف دون آخر، وتحديداً لإيران.

ويشدد المصدر أن شروط إعادة دعم لبنان تنطلق من انتخاب رئيس للجمهورية، وتكليف رئيس للحكومة بخلفية إصلاحية واقتصادية.

كذلك أكد المصدر رفض الدول الخليجية لفكرة جرى تداولها وهي "إلزام" السنة لحزب القوات اللبنانية، وهذا الأمر بحد ذاته غير منطقي بكون السنة مكوناً له امتدادات إقليمية كبرى، ولا يمكن إعطاء ورقته إلى حزب مسيحي يميني.

بالمقابل، يشدد مصدر حكومي أن الاجتماع بحد ذاته فكرة جيدة لتوحيد الجهود، لكن التعويل عليه لجمع النواب السنة على كلمة واحدة في استحقاق رئاسة الجمهورية "يبدو أمراً غير وارد لطبيعة انتماء هؤلاء النواب"، فجزء منهم بحسب المصدر يتماهى مع "حزب الله" وجزء من حلفائه، فيما الجزء الآخر مرتبط بعلاقات تجارية مع النظام السوري.

بالمقابل، فإن النواب السنة المنضوين في كتلة قوى التغيير لديهم منطلقاتهم السياسية، والتي لا تلتقي مع طرف المفتي والنواب المحسوبين على تيار المستقبل، لذا فإن الاجتماع بحسب المصدر لن تكون له انعكاسات ما لم تكن كلمة سر واضحة من السعودية أو دول الخليج.

المصدر | الخليج الجديد + مواقع

  كلمات مفتاحية

لبنان أزمة لبنان السنة حزب الله ميشال عون جبران باسيل

وزير خارجية لبنان: العلاقات مع الخليج تحسنت إلى حد بعيد

دعما لأمن واستقرار لبنان.. السعودية تجدد تمسكها باتفاق الطائف

وفاة رئيس البرلمان اللبناني الأسبق حسين الحسيني.. عرّاب اتفاق الطائف