تونس.. شح السلع يدفع المتاجر لتحديد حد أقصى لكميات الشراء

الثلاثاء 13 سبتمبر 2022 09:11 ص

دفع شح السلع الاستهلاكية في أسواق تونس المتاجر إلى تعليق تنبيهات لزبائنها حددت فيها كمية الشراء بالنسبة لبعض المنتجات، ومنها الحليب والقهوة والزبدة، التي حددت التنبيهات الحد الأقصى لها بعلبة أو علبتين على الأكثر.

هذا الواقع الجديد الذي لم يحدث في السوق التونسية سابقا، وينذر بفترة قادمة قد تشتد فيها ندرة عديد السلع على الرغم من عودة انسيابية سلاسل الإمدادات العالمية، حسبما أوردته وكالة "الأناضول".

وتفتقد عديد المتاجر بالعاصمة الزيت النباتي المدعم والسكر والقهوة؛ فيما شوهدت الرفوف خاوية في مساحات تجارية كبرى.

جاء ذلك بعدما أعلنت الرئاسة التونسية، الجمعة، أن الرئيس "قيس سعيّد" جال بمدينة عوسجة في ولاية بنزرت، حيث التقى عددا من الفلاحين الذين يبيعون منتوجاتهم بأسعار تغطي كلفة الإنتاج.

وأضافت الرئاسة أن أسعار المنتجات من جانب المزارعين مقبولة "ولا وجه للمقارنة بينها وبين الأسعار المعمول بها في عدد من الأسواق، بما يقيم الدليل على أن فقدان بعض المواد لا يعود إلى ندرة الإنتاج بل هو نتيجة لممارسات المحتكرين".

لكن أستاذ الاقتصاد وزير التجارة الأسبق "محسن حسن"، يؤكد أن "الأسباب الكامنة وراء عدم انتظام التزويد بالسلع الأساسية، وارتفاع الأسعار، هي الظروف الدولية بعد أزمة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية"، مشيرا إلى نقص "في إمدادات عديد المواد الأساسية وارتفاع الأسعار".

فتونس تستورد جزءا كبيرا من حاجياتها، بما يشكل 90% من مجمل الاستهلاك المحلي لسلع مثل القمح اللين والقهوة والسكر.

واعتبر "حسن" أن "هذا أمر خطير سيؤدي إلى قلاقل اجتماعية وتدني المقدرة الشرائية للمواطن بأكثر من 21.5% بين يناير/كانون الثاني 2020 و30 يوليو/تموز 2022، إضافة لتآكل الطبقة الوسطى".

وأضاف أن "السبب الدولي لا يفسر وحده هذه الندرة للمواد الاستهلاكية الأساسية، بل هناك سبب داخلي يتمثل في ضعف وضعية المالية العمومية التونسية لأن الدولة تعيش ظرفا خطيرا على مستوى التوازنات الكبرى وعلى مستوى المالية العمومية".

وتابع: "هذا الظرف لم يمكنها من الإيفاء بتعهداتها تجاه المؤسسات العمومية المكلفة بالشراء كديوان الزيت وديوان التجارة وديوان الحبوب والشركة التونسية لصناعات التكرير (المؤسسة الحكومية لتكرير النفط)".

وأوضح "حسن" أنه "عندما لا تقوم الدولة بسداد التزاماتها تجاه هذه المؤسسات (العمومية) فإن الأخيرة وجدت نفسها في وضعية خطيرة".

وتابع أن "وضعية المالية العمومية هي السبب الأكبر في نقص المواد الأساسية من الأسواق؛ لأن المواد الأساسية المفقودة هي أساسا مواد تستوردها الدولة وتحتكر توزيعها وتحدد أسعارها".

وإذا كانت وضعية المالية تفسر الندرة، فإن هناك عاملا داخليا آخر، يتمثل في ضعف الإنتاج الوطني، وهناك سوء حوكمة للمنظومات الفلاحية، وسوء خيارات على مستوى السياسات القطاعية، وخاصة تلك التي تتعلق بالأمن الغذائي، وفق "حسن".

وفي المقابل، يرى الأكاديمي والخبير الاقتصادي "عزالدين سعيدان" أن السبب الرئيس في ضعف المالية العمومية هو أن "الدولة لم تسدد مستحقات المؤسسات خاصة تلك المستحقات المتأتية من صندوق التعويض".

وأضاف: "الدولة لم تسدد مستحقات القطاع الخاص في عديد الميادين، سواء كانت من صندوق التعويض أو فواتير أشغال تم إنجازها لفائدة الدولة، وهذا ما جعل المؤسسات العمومية مع الأسف تفقد تماما ثقة المزودين الأجانب وتفقد ثقة البنوك الداخلية والخارجية".

وأردف: "نتيجة ذلك (فقدان الثقة)، نجد اليوم أن المؤسسات العمومية إضافة إلى مشاكل ندرة بعض المواد في السوق العالمية لها مشاكل ثقة ومشاكل دفع".

وبدأ القطاع الخاص أو المزودون الأجانب يشترطون الدفع المسبق مقابل أية عملية استيراد، سواء كانت دواء أو غذاء أو محروقات، ما يزيد الضغط على المالية العمومية.

وقال "سعيدان": "يجب أن نفهم أن الدولة هي التي أوصلت مؤسساتها العمومية إلى هذا الوضع"، مضيفا: "ربما حان الوقت للتفكير في خروج الدولة من هذه الأنشطة الاقتصادية، التي لا تليق بالدولة في القرن 21.. أن تكون الدولة تاجرا في السكر والشاي والقهوة، بينما دورها الأساسي هو في الصحة والتربية والأمن والعدالة والبنية التحتية".

وحول ما إذا كان التصنيف الائتماني الأخير للاقتصاد التونسي من قبل وكالة "فيتش" له دور في نظرة المزودين للدولة، قال وزير التجارة الأسبق: "هذا مؤكد".

وفي مارس/آذار الماضي، خفضت وكالة "فيتش" الدولية للتصنيف الائتماني، تصنيف تونس السيادي من مرتبة B- إلى CCC، مشيرة إلى أن "هذا التصنيف يعكس مخاطر السيولة المالية والخارجية المتزايدة في سياق المزيد من التأخير في الاتفاق على برنامج جديد مع صندوق النقد الدولي".

وتوقعت الوكالة أن يستمر العجز في ميزانية تونس عند مستويات مرتفعة في حدود 8.5% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022، مقارنة بنسبة 7.8% العام الماضي 2021.

المصدر | الخليج الجديد + الأناضول

  كلمات مفتاحية

تونس قيس سعيد السوق التونسية

ن.تايمز: الإهمال الاقتصادي والارتباك السياسي فكك ديمقراطية تونس

مواد غذائية أساسية تختفي من متاجر تونس.. ما السبب؟