حرب أوكرانيا.. الهزائم الأخيرة تهدد تصنيف روسيا كقوة عسكرية عظمى

الأربعاء 14 سبتمبر 2022 10:23 م

أظهرت 6 أشهر من الحرب في أوكرانيا نقاط ضعف خطيرة في الجيش الروسي على عكس دعاية الكرملين. ورغم طموحات "بوتين" الكبيرة، فإن جيشه يعاني من الفساد المستشري وتدني المعنويات وضعف القيادة مع ندرة المبادرات الفردية والتردد في تحمل المسؤولية.

ولن تؤدي هزيمة الأسبوع الماضي الكارثية في شمال شرقي أوكرانيا إلا إلى تفاقم الوضع، حيث يسود الخوف بين الضباط بينما تبحث موسكو عن كبش فداء لما قد يكون أحد أكثر الهزائم العسكرية المخزية في تاريخ روسيا. لقد أذهل حجم انتصار أوكرانيا الأخير العالم بأسره، ولكن ربما لم يفاجأ أحد مثل الروس أنفسهم.

بطبيعة الحال، سعى الكرملين إلى التكتم على أخبار الهجوم المضاد، لكن سرعة الأحداث وحجم الانهيار الهائل جعل إخضاع تفاصيل هذه الكارثة للرقابة الكاملة أمرا شديد الصعوبة بالرغم من الجهود الحثيثة التي تبذلها السلطات.

وكانت النتيجة ضربة نفسية هائلة للجمهور الروسي الذي علم للمرة الأولى أن جنودهم في أوكرانيا أصيبوا بالإحباط. وكانت هزيمة القوات الروسية في منطقة خاركيف بمثابة إنذار للمتعاونين الأوكرانيين مع روسيا الذين أدركوا أنه لا يمكن الاعتماد على روسيا وأنها سوف تتخلى عنهم.

بالإضافة إلى هذه الآثار المباشرة، فإن الهجوم المضاد في أوكرانيا يقول الكثير عن الحالة الأوسع للجيش الروسي ويقدم مؤشرات لما يمكن رؤيته في الأيام المقبلة.

ومن الآن فصاعدًا، سيكون الخوف حاضرا في كل قرار يتخذه القادة الروس في الميدان. لن يكون هذا خوفًا من فقدان الأرواح الغالية أو الإضرار بالمصالح الوطنية لروسيا؛ بل سيكون خوفًا شخصيًا من الانتقام من قبل المستوى القيادي الذي يسعى إلى إلقاء اللوم على المستويات الأدنى.

ومع استمرار البحث عن المسؤولين عن الكارثة الأخيرة، لن يرغب أحد في تحمل مسؤولية قرارات قد تؤدي إلى مزيد من الهزائم. وبدلاً من ذلك، سيسعى الضباط على كل المستويات إلى العمل بمثابة تروس في منظومة ما يجبر المستويات الأعلى على إصدار الأوامر.

وفي حين خضع الجيش الأوكراني لتحول جذري بعيدًا عن التقاليد السوفييتية في السنوات الأخيرة واعتنق إصلاحات على غرار الناتو وأعطى صلاحيات واسعة للوحدات العسكرية المختلفة والقادة في الميدان، لا يزال الجيش الروسي آلة قتالية جامدة يعطلها انتظار القرار من أعلى إلى أسفل، وهو أمر غير مناسب تمامًا مع قسوة الحرب الحديثة.

وكشفت الأحداث الأخيرة في أوكرانيا عن حقيقة المبالغات العديدة التي دفعت الخبراء سابقا إلى تصنيف روسيا باعتبارها الجيش الثاني في العالم. ويمكن فهم هذا الخطأ في التقدير في زمن السلم. وبحسب الأرقام الرسمية، تمتلك روسيا ثالث أكبر ميزانية دفاعية سنوية في العالم، بأكثر من 60 مليار دولار. وكانت موسكو متمرسة في إجراء تدريبات مثيرة للإعجاب، بينما استثمر الكرملين بكثافة في الفعاليات التي عززت الانطباع بوجود جيش قوي.

ومن الواضح الآن أن المراقبين الغربيين ارتكبوا خطأ الخلط بين الكمية والنوعية. وبينما ركزت معظم التحليلات على عدد القوات والدبابات والصواريخ والطائرات، كانت هذه الأرقام مضللة ولم تقدم أي مؤشر حقيقي على الاستعداد القتالي. ولم تكن البيانات الروسية دقيقة تمامًا. وتبين أن آلاف الدبابات الروسية تم تحييدها في حين أخفقت مئات الصواريخ في الوصول إلى أهدافها منذ بداية الحرب. ويبدو أن الممارسات الفاسدة أدت إلى تضخيم حجم الجيش الروسي بشكل مصطنع بينما قوضت بشكل كبير إمكاناته القتالية.

كما أدت الصعوبات التي واجهها الجيش الروسي في أوكرانيا إلى تسليط الضوء على سلبيات الحكم الاستبدادي للرئيس "فلاديمير بوتين"، فقد كانت القوات التي تم تجميعها في أوائل عام 2022 غير مناسبة للمهمة المطروحة، لكن لا أحد كان يجرؤ على تحذيره من المخاطر.

وبدلاً من ذلك، فإن إيمان "بوتين" الأعمى بقوة الجيش الروسي وهوسه بتدمير أوكرانيا جعله يتجاوز القواعد العسكرية الأكثر رصانة. ومثل العديد من الديكتاتوريين من قبله، وقع "بوتين" ضحية دعايته الخاصة. وكان الطاقم المعاون له خائفا من معارضته.

وعندما اصطدمت رؤية "بوتين" الخيالية بالواقع، انغمست روسيا أكثر فأكثر في حالة الإنكار، وتم تصوير الانسحاب الروسي من شمال أوكرانيا في أبريل/نيسان الماضي بعد الهزيمة في معركة كييف والانسحاب اللاحق من جزيرة الأفعى على أنهما "بادرة حسن نية".

وبالمثل، عندما أغرقت أوكرانيا السفينة الروسية الرئيسية في أسطول البحر الأسود، "موسكفا"، نُسب ذلك إلى حريق عرضي على متنها، لذلك ليس من المستغرب أن تصور الدعاية الروسية الانسحاب الأخير من خاركيف باعتباره "إعادة تجميع مخطط لها". لكن هذه الدعاية السخيفة لا تقنع أحداً وتؤكد أن روسيا غير قادرة على الاعتراف بالهزيمة.

ومع استحالة إنكار الحالة الحقيقية للجيش الروسي، يتزايد الإيمان الدولي بانتصار أوكرانيا بشكل واضح. وأثبت هجوم خاركيف بما لا يدع مجالاً للشك أن أوكرانيا قادرة على شن عمليات هجومية واسعة النطاق واستعادة الأراضي التي احتلتها روسيا لفترات طويلة.

وفي حين أن الحرب لم تنته بعد، يرى معظم المراقبين الآن أن المبادرة انتقلت إلى أوكرانيا. وفي الأشهر المقبلة، سيعتمد الأمر على استمرار تدفق الأسلحة إلى أوكرانيا حيث يطلب قادة البلاد دبابات وطائرات مقاتلة بالإضافة إلى المزيد من المدفعية والذخيرة ووسائل النقل المدرعة من أجل إجبار روسيا على الخروج من أوكرانيا بالكامل.

ولا يمكن اعتبار هذا الدعم أمرا مفروغا منه، ولكن في الوقت الحالي من المرجح أن تستمر شحنات الأسلحة في الوصول.

ومع تحطم أسطورة روسيا كقوة عسكرية عظمى، فإن الطريق مفتوح أمام العالم الديمقراطي لتسليح أوكرانيا لتحقيق نصر حاسم يضمن السلام في أوروبا ويقضي على طموحات "بوتين" الإمبريالية.

المصدر |  أندريه زاغورودنيوك | أتلانتك كاونسل - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الجيش الروسي بوتين أوكرانيا خاركيف حرب أوكرانيا

قديروف ينتقد الأخطاء.. قوات أوكرانية تواصل التقدم نحو حدود روسيا

قوات أوكرانيا تواصل تقدمها وقلق دولي من كارثة نووية

حرب أوكرانيا: بوادر تراجع روسي؟

معهد إسرائيلي: تغير جذري في مسار حرب أوكرانيا.. ونظام عالمي جديد يتشكل

أوكرانيا: وجدنا غرف تعذيب ومقابر جماعية بالمناطق المحررة من روسيا

فير أوبزرفر: هزائم روسيا بأوكرانيا ستقلب الموازين في الشرق الأوسط

الجيش البريطاني: بوتين يفشل بجميع أهدافه العسكرية في أوكرانيا

ميدفيديف يهدد بإرسال أعداء روسيا إلى نيران جهنم الأبدية