حماسة الصين لمبادرة الحزام والطريق تتضاءل.. لماذا؟

الأربعاء 28 سبتمبر 2022 09:21 ص

تواجه مبادرة "الحزام والطريق" الصينية أزمات حقيقية، وسط الارتفاع الجنوني في سعر صرف الدولار الأمريكي وتهديده للاقتصادات النامية والناشئة التي كانت المسرح الرئيسي لنشاط مشروعات البني التحتية التي نفذتها الصين، خلال قرابة عقد من الزمان منذ انطلاق المبادرة في 2013، وكلفها نحو تريليون دولار.

ووفق صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، تعيد بكين حالياً النظر في برنامجها الذي أطلقته لتوسيع نفوذها عبر آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية.

وأرجع أشخاص مشاركون في صنع السياسة الصينية، تفكير بلادهم إلى تباطؤ الاقتصاد العالمي، إلى جانب ارتفاع أسعار الفائدة وارتفاع التضخم، ما عطل مسيرة البرنامج الاستراتيجي المبني على إقراض دول العالم الثالث لإقامة مشاريع بنية تحتية.

وأضافوا أنَّه بعد عقد من الضغط على البنوك الصينية لتكون سخية في تقديم القروض، يناقش صانعو السياسة الصينيون الآن برنامجاً أكثر تحفظاً، يُطلَق عليه في المناقشات الداخلية اسم "الحزام والطريق 2.0".

والمشروع الجديد من شأنه تقييم المشروعات الجديدة تقييماً أكثر صرامة للتمويل، بل صاروا منفتحين لقبول بعض الخسائر على القروض وإعادة التفاوض بشأن الديون، وهو أمر لم يكونوا مستعدين لفعله في السابق.

وتعاني معظم الدول التي نفذت فيها الشركات الصينية مشروعات "الحزام والطريق" حالياً أزمات مالية بسبب تداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا، التي ساهمت في رفع أسعار الغذاء والوقود والسلع الرئيسية، وبالتالي أدت إلى ارتفاع معدلات التضخم وما تلاها من معالجة البنوك المركزية بقيادة الفيدرالي الأمريكي لمكافحة التضخم عبر الزيادة الكبيرة والسريعة في سعر الفائدة، حتى باتت الدول الفقيرة والنامية غير قادرة على خدمة ديونها الخارجية.

وكان الرئيس الصيني "شي جين بينج"، الأب لمبادرة "الحزام والطريق" قد أطلق على مشروعه "رؤية القرن" لانطلاقة الصين العالمية.

ومنذ انطلاق المبادرة، نفذت الصين مشروعات بنى تحتية عبر آسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية.

وكانت الصين تأمل تحقيق 3 أهداف من المبادرة، هي: "تعزيز مركزها في النظام العالمي"، و"تعزيز منافستها للولايات المتحدة وزيادة قوتها التصويتية في الجمعية العامة بالأمم المتحدة" في القرارات الاستراتيجية التي تشكل مستقبل العالم عبر كسب حلفاء جدد، بالإضافة إلى "توسيع قاعدة أسواقها العالمية، وإيجاد منافذ للبضائع الصينية في الخارج"، وكذلك تملك موارد السلع الرئيسية والأراضي الزراعية في دول غير قادرة على تطوير هذه الموارد.

ولكن في المقابل، فإنّ مبادرة "الحزام والطريق" واجهت ضغوطاً كثيفة من قبل الولايات المتحدة وأوروبا واليابان التي رأت فيها تهديداً مباشراً لنفوذها التجاري والاقتصادي والسياسي في العالم.

وفقاً لخبراء اقتصاد، فإن ما يقرب من 60% من قروض الصين الخارجية مملوكة الآن لبلدان تعتبر في ضائقة مالية، مقارنة مع 5% في عام 2010.

قد تجبر هذه العملية البنوك الصينية على قبول الخسائر، وهو أمر طالما عارضته.

إذ على مدى سنوات، فضّلت بكين تمديد استحقاق القروض المتعثرة، وهي ممارسة معروفة في صناعة التمويل باسم "التمديد والتظاهر".

وتخاطر هذه الاستراتيجية بإطالة أمد مشكلات ديون البلدان بدلاً من إصلاحها.

ويرى اقتصاديون أنّ فرص تمويل مشروعات جديدة بمبادرة الحزام والطريق تتضاءل في الوقت الراهن وتواجه عقبتان، هي أن "الصين لا تزال تعاني من تداعيات جائحة فيروس كورونا على الاقتصاد الكلي"، وبالتالي فهي بعيدة عن الخروج من الجائحة التي تعوق التبادل التجاري الخارجي الذي يدفع الشركات نحو تمويل مشروعات جديدة في الخارج.

أما العقبة الثانية، فهي الضغوط الأمريكية على الشركات والمصارف الصينية وحرمانها من جمع تمويلات من الأسواق الدولية.

وتعاني الشركات الصينية حالياً من صعوبات في الإدراج في بورصات الأوراق المالية الأجنبية أو إصدار السندات الخارجية.

وأمام ذلك، خفّضت البنوك الصينية بالفعل الإقراض بشكل حاد للمشروعات الجديدة في البلدان منخفضة الدخل، لأنها تركز على تنظيف محافظ قروضها الحالية.

وإضافة إلى ذلك، تعاني الصين حالياً من التغييرات الجيوسياسية التي أدت إلى سقوط حكومات كانت موالية لها في باكستان، كذلك فإنّ بعض دول مشاريع الحزام والطريق تعاني من ضغوط واشنطن التي تطالبها بمواقف واضحة تجاه مناصرة موقفها في الحرب الروسية في أوكرانيا. وبكين تتجه لخسارة الأسواق الأوروبية في حال فشل موسكو في الحرب.

لكن على الرغم من هذه العقبات، لا يتوقع اقتصاديون أن تتخلى بكين عن مشروعات الحزام والطريق كلياً، لكن قد تجمدها لبعض الوقت.

ويرى محللون أنّ مبادرة "الحزام والطريق" ستظلّ واحداً من المشروعات الطموحة التي نفذتها الصين لتعزيز نفوذها الاقتصادي والسياسي في العالم

 

وأسهمت المبادرة فعلياً في زيادة الصادرات الصينية في أوروبا وأمريكا اللاتينية، وباتت تشكل هاجساً للصناعات الغربية بما تملكه من كلفة رخيصة وقدرة على المنافسة.

تعود جذور المبادرة إلى ما يزيد قليلاً على عقد من الزمان، عندما رأت الصين فرصة للمؤسسات المالية المملوكة للدولة لتوسيع نطاق وصولها وكسب عوائد أفضل على ممتلكاتها النقدية من خلال الاستثمارات في الخارج.

وشجعت السلطات المقرضين على تمويل مشروعات مثل المناجم والسكك الحديدية لتمكين البلدان النامية ذات الموارد الطبيعية من تحسين إمداداتها لسوق الصين، وخلق فرص عمل للمقاولين الصينيين.

بعد توليه السلطة في عام 2012، وسع الرئيس الصيني تلك الجهود وعزز المبادرة ضمن خطته لتوسيع نفوذ الصين وبناء أسواق للسلع الصينية.

ووفقاً لوزارة الخارجية الصينية، قدمت الصين في غضون عقد واحد فقط نحو تريليون دولار في شكل قروض وأموال أخرى لمشروعات التنمية في ما يقرب من 150 دولة، وصارت الصين، لأول مرة، أكبر دائن رسمي في العالم.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

الصين أزمة اقتصادية الحزام والطريق الدولار التضخم

صحيفة بريطانية: الصين تستعد لملء الفراغ الأمريكي بأفغانستان عبر الحزام والطريق

تقرير: بكين تستخدم الحزام والطريق لاستهداف إيجور الخارج

ن.تايمز: بايدن يعد خطة لمواجهة مبادرة الحزام والطريق الصينية

موازنة صعبة.. تحديات أمام التعاون الرقمي بين دول الخليج والصين

هل تستطيع الصين إنقاذ العالم من كارثة نووية بسبب حرب أوكرانيا؟

واشنطن تواجه الحزام والطريق الصيني بسكك حديدية تربط الخليج بالهند وإسرائيل

استثمارات مباشرة أصغر.. نهج الصين الجديد في أفريقيا

مشروع أمريكي للسكك الحديدية.. هل يجذب دول الخليج بعيدا عن الحزام والطريق الصيني؟