موازنة صعبة.. تحديات أمام التعاون الرقمي بين دول الخليج والصين

السبت 8 أكتوبر 2022 04:55 م

يمتد التنافس الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والصين إلى الصراع من أجل السيطرة على الاقتصاد الرقمي؛ لا سيما البنية التحتية الرقمية والابتكار التكنولوجي.

ويُعد الاقتصاد الرقمي الصيني من بين أكثر الاقتصادات الرقمية حيوية في العالم، حيث احتل المرتبة الثانية عالميًا في عام 2021 بقيمة 7.1 تريليون دولار، وأصبح جزءًا مهمًا من العلاقات بين الصين ودول الخليج.

ولا يزال قطاع الطاقة أكبر متلقي للاستثمار الصيني في معظم دول الخليج، فيما تأتي معظم واردات الصين من النفط من دول المنطقة.

وتساهم واردات بكين من النفط والغاز واستثمارها في البنية التحتية ومبيعات الأسلحة في منحها نفوذاً إقليمياً مضادًا للولايات المتحدة.

وقد اعتمدت اقتصادات دول الخليج تاريخيًا على صادرات الطاقة، لكن صعود التقنيات الرقمية خلال العقد الماضي شجع دول الخليج لتنويع اقتصاداتها عبر تطوير القطاعات المالية والصناعات القائمة على المعرفة.

ويعني ذلك أن التعاون الرقمي بين الصين ودول الخليج يمكن أن يغير قواعد اللعبة بالنسبة لبكين في تنافسها مع الولايات المتحدة لتحقيق التفوق الاستراتيجي في المنطقة.

التعاون في التطوير الرقمي

هناك مسعى صيني خليجي متكامل نحو التنمية المشتركة للاتصالات والمدن الذكية والذكاء الاصطناعي والأعمال المتمحورة حول التكنولوجيا، مما يعرض شباب الخليج للوجود المتزايد للتكنولوجيا الصينية، بدءًا من تطبيقات الشبكات الاجتماعية إلى منصات الدفع الرقمية.

ويعد طريق الحرير الرقمي هو الذراع التكنولوجي لمبادرة الحزام والطريق الصينية، ويمكن لطريق الحرير الرقمي أن يضيف 255 مليار دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي لدول المنطقة ويخلق 600 ألف فرصة عمل متعلقة بالتكنولوجيا في دول مجلس التعاون الخليجي بحلول عام 2030.

ومع ذلك، لا تزال المشاريع المرتبطة بطريق الحرير الرقمي موزعة بشكل غير متساو بين دول الخليج.

ويلعب عمالقة التكنولوجيا دورًا في تقديم مبادرة طريق الحرير الرقمي الصينية ومواصلة التطوير الرقمي للمنطقة، حيث تعمل "هواوي" مع السعودية لتطوير بنية تحتية رقمية للحج. 

كما دخلت الشركة الصينية في شراكة مع مسؤولين في دبي للمساعدة في تحديث مطارها وتعاونت مع هيئة كهرباء ومياه دبي لبناء الألياف البصرية والمراقبة بالفيديو.

وفي عام 2022، وقعت شركة الإمارات للاتصالات المتكاملة "دو" مذكرة تفاهم مع "هواوي" للتحقق من تطبيقات الحوسبة متعددة الوصول في المنطقة.

يتضمن ذلك الاستفادة من تطبيقات الحوسبة المتطورة ذات الوصول المتعدد والمتعلقة بالجيل الخامس للبث المباشر لكأس رئيس الدولة للدراجات الهوائية في الإمارات.

كما تلقت "هواوي" إذنًا لتقديم خدمات الحوسبة السحابية في الكويت في يوليو/تموز 2022.

ومنذ ذلك الحين، تعهدت "علي بابا" ببناء "مدينة تكنولوجية" مع شركة "مراس" القابضة، وهي شركة تطوير مقرها دبي، تضم أكثر من 3 آلاف شركة ذات تقنية عالية.

ووقعت "علي بابا" أيضًا صفقات لتخزين البيانات السحابية في عُمان ولها بصمة واسعة في التجارة الإلكترونية في السعودية.

وافتتحت شركة "سينس تايم" الصينية للذكاء الاصطناعي مقرًا إقليميًا لها في أبوظبي في عام 2019.

وعمل "سوق أبوظبي العالمي" وهيئة هونغ كونغ للأوراق المالية مؤخرًا معًا لتعزيز الابتكار في الخدمات المالية في هونغ كونغ والإمارات.

وتجري الشركة السعودية "أرامكو آسيا" مفاوضات لتوقيع مذكرة تفاهم مع شركة "أفيك انترناشونال" الصينية بشأن خدمات الطائرات المسيرة وتطوير التكنولوجيا.

وتحاول شركة "هواوي" أيضًا تقديم عطاءات لتوسيع مراكز معالجة البيانات في الدمام والرياض.

الموازنة الصعبة

شارك عمالقة التكنولوجيا الصينيون بشكل ملحوظ في تطوير شبكات الجيل الخامس في دول الخليج، وكانت الإمارات والكويت أول دول الخليج التي بنت شبكات الجيل الخامس.

وبحلول عام 2019، غطت شبكة الجيل الخامس الإماراتية 80% من مدنها، ونشرت "هواوي" أكثر من ألف موقع متعلق بالجيل الخامس في جميع أنحاء الكويت.

ودفع الوجود الإقليمي المتنامي للصين واشنطن إلى الضغط على دول الخليج لاختيار أحد الجانبين.

وترى الولايات المتحدة أن بعض جوانب التعاون الرقمي بين دول الخليج اوالصين تضر بأمنها القومي، كما تدرك دول الخليج مخاوف الولايات المتحدة بشأن الوجود الإقليمي للصين وتريد تجنب الوقوع في الصراع بين قوى عظمى.

ورغم الشكوك حول التزام واشنطن بأمن دول الخليج، تقر هذه الدول بأنه لا بديل للوجود العسكري الأمريكي لصد العدوان الإيراني.

وتحاول دول الخليج تنويع دعمها الاقتصادي والعسكري لتجنب الاعتماد المطلق على واشنطن أو بكين، إذ أن اختيار أحد الجانبين يخاطر بفقدان دول الخليج لشراكتها الأمنية مع الولايات المتحدة أو شراكتها التكنولوجية مع الصين.

ويشير الوجود العسكري الأمريكي في الخليج إلى درجة من الاعتماد العسكري المتبادل بين الولايات المتحدة ودول الخليج، فيما لا تتمتع الصين بنفس القدرة على إبراز القوة العسكرية العالمية لأنها تفتقر إلى الامتداد العالمي ومعاهدات الدفاع الخارجية والقواعد العسكرية الخارجية.

كما أن الصين لا تملك المال لتحل محل واشنطن بصفتها الضامن الأمني ​​للخليج بالرغم أن الولايات المتحدة أثبتت بشكل متزايد كونها شريكًا غير موثوق به.

ويعقّد ذلك التحديات التي تواجهها دول الخليج في محاولتها موازنة شراكتها الأمنية الحيوية مع الولايات المتحدة مع العلاقات الرقمية المزدهرة مع الصين.

لكن المدى الذي يمكن أن تنخرط فيه دول الخليج في التعاون الاقتصادي أو التكنولوجي مع الصين يعتمد على الضغط الأمريكي، إذ أن دعوات واشنطن لإبطاء انتشار التقنيات الصينية تعقد البيئة التجارية للشركات الصينية.

وقد تستخدم الصين رداً على ذلك، الضغط الدبلوماسي والاقتصادي للترويج لنفسها على حساب الولايات المتحدة، مما يجعل من الصعب على دول الخليج الحفاظ على شراكات موازية.

في عصر التنافس الجيوستراتيجي، تتوقع واشنطن من حلفائها الخليجيين اتخاذ خيارات قاسية وحادة. ولهذا، يجب على دول الخليج إدارة علاقاتها الرقمية مع الصين مع الإدراك بأن مخاوف واشنطن تضع قيودًا على شراكاتها التكنولوجية الجديدة.

المصدر | مردخاي شزيزا/ أوراسيا ريفيو - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الخليج الصين العلاقات الصينية الخليجية هواوي الحزام والطريق طريق الحرير الرقمي الولايات المتحدة التنافس الأمريكي الصيني

الصين ترفض انتقادات إيرانية بشأن علاقتها العسكرية مع الخليج

الأمن والاقتصاد وراء الاندماج الخليجي المتزايد بالمنظمات الإقليمية الأسيوية