استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

تحسن الأحداث أم تحسن الأفكار والسلوكيات؟

الأربعاء 6 يناير 2016 11:01 ص

بمناسبة نهاية كل عام وابتداء العام الذي يليه تمتلئ صفحات الصحف بالمقالات وشاشات التلفزيونات بالأحاديث والمناقشات. 

وتقتصر الغالبية الساحقة من تلك الكتابات وتلك الأحاديث على أمرين:

الأول يتناول أحداث السنة المنصرمة، بسردها ومحاولة تحليلها والحكم عليها من وجهة نظر الكاتب أو المتحدث، وهي بالطبع وجهة نظر نسبيه وخاضعة للانتماءات السياسية والدينية والأيديولوجية وللمصالح الشخصية.

والثاني يتناول محاولة استشراف المستقبل وتخمين ما يمكن أن يحدث خلال السنة الجديدة. وهذه السرديات والتخمينات في أغلبيتها الساحقة تعالج بطرق غير علمية وغير موضوعية، وإنما في شكل تمنيات و»ينبغيات» عاطفية وشخصية.

وفي اعتقادي أن كلا الأمرين لا يزيدان عن استرجاع لقصص أحداث قديمة يعرفها الناس، وعن محاولة استنباط لقصص أحداث قد تقع وقد لا تقع في المستقبل القريب. من هنا فإن كل ذلك السرد وكل ذلك الاستشراف هو سرد تاريخي واستشراف مستقبلي عابر مؤقت، يمر في أذهان القراء والمستمعين أثناء فترة الانتقال من عام سابق إلى عام لاحق، فيثير في الإنسان مشاعر القلق أو الفرح أو اليأس، التي هي بدورها عابرة ومؤقتة، ثم لا يلبث أن يطويه النسيان.

ولكن، هل المطلوب في السنة الجديدة تبدل الأحداث وتحسنها في هذه الجزئية أو تلك؟ أم أن المطلوب هو تبدل الأفكار والسلوكيات التي قادت إلى مآسي وآلام أحداث السنة الماضية، التي إذا استمر وجودها، إي الأفكار والسلوكيات، في السنة الجديدة، فإن تمنيات وتخمينات الكتاب والمتحدثين لن تكون أكثر من لغو وتسالٍ وثرثرة؟

والسبب بديهي وواضح وهو أن كل الأحداث الخاطئة هي نتيجة أفكار وسلوكيات خاطئة. من هنا أهمية أن تكون مناسبة الانتقال من سنة مضت إلى سنة مقبلة مناسبة نقد شديد صريح لأفكار وسلوكيات السنة الماضية وعرضا واضحا لأفكار وسلوكيات جديدة أفضل وأكثر عقلانية. فالزمن الجديد الذي لا يأتي بأفكار وسلوكيات جديدة، تساعد في حل مشاكل الماضي، هو زمن لا يستحق الاحتفاء به، وهو زمن لن يحمل احداثا جديدة، بل سيكون استمرارا لما مضى واكتفاء بتغيير قنينة الشراب القديم الرخيص المضر السام نفسه.

دعنا نأخذ مثالا صارخا على ما نعنيه، إنه يتعلق بالدور الكبير الذي لعبته الأفكار والسلوكيات الطائفية الرسمية والفئوية الشعبية في استعمال الخلافات والتباينات فيما بين المذاهب الإسلامية، وعلى الأخص فيما بين المدرسة الفقهية السنية والمدرسة الفقهية الشيعية ، ما لعبته في تأجيج الصراعات والحروب والتهجير القسري للملايين في كل الأرض العربية. ألم تلعب الأفكار والسلوكيات الطائفية دورا أساسيا في الاضطرابات والانقسامات والحروب التي عاشتها ولاتزال تعيشها أقطار مثل، العراق وسوريا واليمن وليبيا، وإلى حد أقل غالبية أقطار الوطن العربي الأخرى؟ تلك الأفكار والسلوكيات أليست مبثوثة في كثير من كتب الفقه وصادرة عن كثير من علماء الفقه، ومنسوبة زورا وبهتانا إلى الأحاديث النبوية والقرآن الكريم، عن طريق قراءات خاطئة وأفهام عرفانية غيبية تتعارض مع روح الإسلام ومقاصده الكبرى؟ ألا تنشر يوميا بين صفوف الملايين من الجهلة البسطاء عن طريق المحطات الفضائية الطائفية؟

إذن إذا لم تتغير تلك الأفكار والسلوكيات الطائفية في ذهن ووجدان الفرد العربي والجماعات العربية فهل ستكون السنة الجديدة حقا أفضل من السنة الماضية؟

إبراز الفكر والسلوك الطائفي مرارا وتكرارا ليس بسبب هوس أو تقليل لأهمية الأفكار والسلوكيات الخاطئة الأخرى في حقول السياسة والاقتصاد والعلاقات الاجتماعية، وإنما بسبب الدور الكبير الذي يلعبه في أحداث الحاضر، من خلال الجنون الجهادي التكفيري الذي ينتشر كالوباء بين صفوف شباب الأمة العربية والشباب المسلمين في أنحاء المعمورة، وإنما أيضا بسبب استعمال ذلك الفكر والسلوك الطائفي استعمالا خبيثا من قبل الكثير من أجهزة الإعلام والأمن العربية، ومن قبل بعض حركات الإسلام السياسي، ومن قبل بعض أجهزة الاستخبارات الأجنبية ومراكز بحوثها.

إذ هناك أيضاَ الأفكار والسلوكيات السياسية الزبونية والبالغة السطحية التي لا ترى في حراكات الربيع العربي إلا فوضى وأحلاما طفولية، وتتجاهل استبداد وفساد من منعوا الإنسان العربي من حقه في التمتع بالحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية، ولأنها أفكار وسلوكيات انتهازية نفعية تنادي بتخلي ارض العرب حتى عن النضالات الشرعية السلمية الجماهيرية، بحجة أنها قد تؤدي إلى هذا المحظور أو ذاك، وهي بذلك تتجاهل حق الناس في الخروج من حياة الظلم والبطش والإقصاء عن المشاركة في الحياة السياسية والتمييز في الفرص الحياتية والبقاء في أسن الفقر والمرض والتخلف.

هناك أمثلة أخرى كثيرة لأفكار وسلوكيات دمرت حياة الماضي، وستدمر حياة المستقبل إن لم تتغير إلى الأصح والأفضل والأنبل.

مناسبات توديع سنة واستقبال سنة جديدة يجب أن تنشغل بالحديث عن التغيير المطلوب في الفكر والسلوكيات، وليس بجرد أحداث السنة التي انتهت والثرثرة عن التمنيات التي نرجو أن تأتي بها السنة الجديدة.

٭ د. علي محمد فخرو مفكر وسياسي بحريني. 

  كلمات مفتاحية

الأفكار السلوكيات استشراف المستقبل السرديات الطائفية السلوكيات الخاطئة المستقبل

فاجعة الحج جذورها أعمق بكثير من مجرد التجاذبات الطائفية

المتغير الإقليمي في المعادلة الطائفية خليجيا

من يطفىء الحريق الذي ينتشر بريح الطائفية؟

الثقافة الوطنية بين العنصرية والطائفية..!!

مئة عام من الخيبة: الأنظمة العسكرية تغتال العروبة بالطائفية!