استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

المتغير الإقليمي في المعادلة الطائفية خليجيا

الأحد 20 سبتمبر 2015 12:09 م

كان تفجير مسجد الإمام الصادق في الكويت، في 26 من يونيو/حزيران الماضي، حدثا مدوياً في سلسلة التطورات على مشهد الحالة الطائفية في الخليج. استهدف المسجد الشيعي الذي قضى فيه 27 من المصلين نحبهم بحزام ناسف، في عملية تبناها تنظيم «الدولة الإسلامية».

ولم يمضِ على الحادثة شهران، إلا ويزداد المشهد تعقيداً بإعلان السلطات الكويتية كشفها خلية «إرهابية»، تخزن كميات كبيرة من الأسلحة، نسبت إلى لاعب طائفي آخر في الإقليم: حزب الله اللبناني.

تعاقب هذه الأحداث في الكويت، التي يشار إليها، عادة، باعتبارها نموذجاً مثالياً للتعايش المذهبي، ينبئ أن دول الخليج لم تنج داخلياً من السؤال الطائفي الذي يعصف بالمنطقة برمتها، وأن شروخ الهوية وإخفاق الحكومات في التعاطي معها أصبحت تطرح نفسها تحديات كبرى. 

ارتبط بروز المكونات المذهبية، كإشكالية سياسية في دول الخليج العربي، تاريخياً بتطورات إقليمية، تدفع الخلل السياسي إلى النور. فقد كانت الثورة الإيرانية لحظة تاريخية موائمة حفزّت الحركات الشيعية حديثة النشأة، آنذاك، على رفع الصوت بالمطالبات. ما يعرف بـ«انتفاضة محرم» في القطيف شرقي السعودية العام 1979، والاحتجاجات التي وازتها في البحرين مثلت بواكير التوتر المفتوح في العلاقة بين المواطنين في المناطق الشيعية والحكومات الخليجية في مرحلة التحديث.

وفي حين كانت ثمانينيات القرن الماضي حقبة للمواجهة بين قيادات الحركة الشيعية في الخليج والأنظمة، فإن عقد التسعينيات والسنوات القليلة التي تلته جاء بانفراجة على مستوى النخب، رافقت التحسن في علاقة النظام الإيراني بدول مجلس التعاون الخليجي.

فقد شهدت تلك الفترة عودة عدد من رموز الحراك الشيعي في السعودية من المهجر، وانفتاحاً سياسياً نسبياً في البحرين، استفادت منه قوى سياسية في تنظيم نفسها ممثلاً للشيعة. الأهم من ذلك، من مناورات النخب السياسية وصفقاتها، كان ظهور بوادر حسن نية من القيادات السياسية، فيما يتعلق بالتمييز الطائفي وبالاعتراف الرمزي بالتنوع المذهبي. 

ما لبث هذا الصفو أن تلبد بالغيوم مرة أخرى في تطور إقليمي ضخم آخر، هو الاحتلال الأمريكي للعراق العام 2003، والصراع الطائفي الدموي الذي خلفته لاحقاً حرب تموز في لبنان العام 2006. شحنت هذه الأحداث الإقليمية الخطاب السياسي في الخليج بلغة طائفية، انعكست بشكل واضح في الحياة البرلمانية، في كل من الكويت والبحرين، وأفرزت مواجهة بين قوات الأمن وزوار للمدينة المنورة ينتمون للمذهب الشيعي في السعودية العام 2009. 

ظل هذا الاحتقان على مستوى الخطاب كامناً يلامس السطح، حتى انفجاره في العام 2011، 

حيث انتقل تأزم الحالة الطائفية خليجياً إلى مستوى آخر، فقد فتحت احتجاجات الرابع عشر من فبراير/شباط في البحرين وتعامل الحكومة البحرينية معها الباب لاصطفاف طائفي حاد، تجاوز البحرين. ومنح دخول قوات درع الجزيرة، بقيادة سعودية، الأزمة بعداً إقليمياً، فيما أجج الخطاب الإعلامي والديني المدعوم رسمياً التوتر، باختزاله الحدث بكل تعقيداته، في إطار مواجهة إقليمية طائفية، لا يمثل فيها المحتجون إلا طابوراً خامساً. تجاوز التعاطف على أساس مذهبي الحدود في فرز فئوي، خرجت، على أساسه، احتجاجات شيعية في بعض دول المجلس، تندد بتعامل حكوماتها مع الحدث، كما ظهر في المقابل التعاطف والتأييد لتلك الحكومات مرتدياً جبة سنية. 

يختلف السياق الحالي الذي تعيشه الحالة الطائفية في دول الخليج عما سبقته كماً ونوعاً. فلا تكاد تتوقف المواجهات بين ناشطين في الأحياء ذات الأغلبية الشيعية والسلطات المحلية في كل من السعودية والبحرين، في السنوات القليلة الماضية. كانت المسيرات والمناوشات مع الشرطة تظهر بشكل متناثر ومتقطع، بينما تحكم الأخيرة قبضة أمنية مشددة، وتقوم باعتقالاتٍ كان أبرزها اعتقال رجل الدين الشيعي، نمر النمر، في السعودية، وعلي سلمان، الأمين العام لجمعية الوفاق أهم كيان سياسي شيعي في البحرين. هذا الجو من التوتر يفوق ما سبقه في وضوح المواجهات في الشارع، وفي استمراريتها، على الرغم من محدوديتها وتناثرها، وربما على الرغم من تخلي الحركات الشيعية الرئيسة عنها، الأمر الذي يعبر عن مدى الاحتقان الأهلي الذي تعيشه علاقة هذه الشريحة من المجتمع مع السلطة. 

جاء جنوح الأزمة السورية إلى العنف، وصعود تنظيم «الدولة الإسلامية» في العراق مقابل المليشيا الشيعية في حرب أهلية ممتدة، تطحن الهلال الخصيب، ليضيفا إلى التصعيد الكمي خليجياً تحولاً نوعياً. ففي سلسلة عمليات العنف التي يتبناها تنظيم الدولة، والتي كان تفجير مسجد الكويت من حلقاتها، وضرب مسجد الإمام علي في بلدة القديح في تفجير أودى بحياة 21 مصلّياً، العملية التي أتبعت بعد اسبوع بعملية في مسجد شيعي آخر، كلّفت محاولة إحباطها الناجحة حياة أربعة من الأهالي.

كانت هذه العمليات ذات الاستهداف الطائفي قد استفتحت بإطلاق نار في قرية الدالوة في محافظة الأحساء خلّف ثمانية قتلى. 

ما تضيفه هذه الانعطافة للحالة الطائفية أن الأزمة لم تعد محصورة في العلاقة بين المنتمين إلى المذهب الشيعي وأنظمة الحكم، فقد أخذت تتوسع في اتجاهين: صعود احتمالية الصدام الأهلي وتدخل العامل الإقليمي بشكل مباشر. ففي أحداث الأشهر الماضية، لم يكن العامل الإقليمي مجرد محفز لأزمة كامنة، بل أصبح فاعلا بحد ذاته.

عمليات تنظيم الدولة في كل من السعودية والكويت وقدرته على استقطاب وتجنيد منفذين محليين يضيفان أطرافاً خارجية في خانات المعادلة الطائفية الخليجية الصعبة. وتأتي ذراع حزب الله التي امتدت إلى الكويت على هيئة خلية معسكرة لتؤكد على الاتجاه نفسه الذي تأخذه الأحداث، والذي تصبح فيه الحدود أقل أهمية في مرحلة تاريخيةٍ، تتشكل فيها مجالات عامة، شيعية أو سنية، تشق الحدود وتدمج الإقليم في أزمة واحدة، من العسير تجزئتها. 

يطرح هذا العامل الخارجي المباشر أسئلة ومآزق وفرصاً جديدة أمام صانع القرار في الخليج، فهو من ناحية يورّط سياسات هذه الدول الخارجية في مواجهات مع فاعلين (دول أو تنظيمات) بشكل أكثر إلحاحاً، فضربات تنظيم الدولة تعكس سياق المواجهات العسكرية التي بدأت منذ انضمام هذه الدول للتحالف الذي يقصف مواقع التنظيم في العراق. كما وضع الكشف عن الخلية الحكومة الكويتية أمام تصعيد محتمل مع حزب الله، حاولت تجنبه تحسباً لأعمال انتقامية، تقوم بها مليشيات الحزب ذي السوابق غير المحمودة مع الكويت. 

يظل السؤال الأهم، بعيداً عن السياسات الخارجية وحساباتها، هو المتعلق برأب الصدع المجتمعي ذي الكلفة السياسية العالية على الواقع الخليجي. وقد أظهرت الأحداث التي بثت الرعب في المناطق الشيعية عجز الدول عن حماية مواطنيها. وقد عزز تاريخ من عدم الثقة هذا الإحساس لدى المواطنين المنتسبين إلى المذهب الشيعي. ويحمل هذا التحدي الذي يضع الحكومات في مأزق، في الوقت نفسه، بذور فرصة لتجنب الانزلاق إلى المزيد من التأزم الهوياتي.

فقد عكس النقاش العام الذي تلا الأحداث استعداداً لتنحية الاستقطاب الطائفي داخلياً، عندما يتعلق الأمر بتهديد خارجي. مثل هذه المناخ والاتجاه العام التي ساد في أثناء التفاعل مع التفجيرات، ربما بدافع من الخوف من سيناريوهات الحرب في العراق والشام أكثر من أي شيء آخر، بالإمكان استثماره لعبور الأزمة الطائفية بأقل قدر من الاحتراب الأهلي.

ولا يمكن أن تقف هذه الفرصة إلا على أساس من إعادة الثقة التي لا تتأتى إلا بحماية مزيد من الحريات وفتح مساحات أوسع للمشاركة السياسية.

  كلمات مفتاحية

الخليج الكويت السعودية البحرين احتجاجات 14 فبراير حزب الله خلية العبدلي الطائفية الشيعة السنة

«خلية العبدلي» تعصف بالعلاقات الكويتية الإيرانية

من يطفىء الحريق الذي ينتشر بريح الطائفية؟

من يريد إشعال حرب طائفية في الكويت؟

الكويت.. أزمات تتجاوز الطائفية

الثقافة الوطنية بين العنصرية والطائفية..!!

عن التحريض الطائفي

سقوط العروبة يأخذ العرب إلى التيه..

تحسن الأحداث أم تحسن الأفكار والسلوكيات؟

عن الطائفية والنص .. والطائفية كأقلياتية