غضب حكومي ونيابي في الكويت بسبب تقرير لفضائية سعودية.. ما القصة؟

الأحد 9 أكتوبر 2022 06:27 ص

حالة غضب انتابت الكويتيين، على خلفية تقرير لفضائية "العربية"، انتقد فيه مجلس الأمة (البرلمان) الكويتي، زاعما أنه كبد البلاد خسائر بالمليارات وعطل الكثير من المشاريع الاستثمارية والتنموية، وهو ما رفضه كويتيون واعتبروه تدخلا في الشأن الداخلي لبلادهم.

التقرير الذي بثته "العربية"، في 27 سبتمبر/أيلول الماضي، قال إن "الأزمات المتكررة في الكويت بين مجلس الأمة والحكومة عطّلت مشاريع تنموية واستثمارية كانت ستدّر أرباحاً بملايين الدولارت خلال السنوات المقبلة، والخسائر كانت بالمليارات".

ولفت التقرير إلى "إفشال مجلس الأمة تحت ضغط المعارضة شراكة تاريخية مع شركة داو كيميكال، ما كلّف الكويت خسارة بـ2.5 مليار دولار، وإفشاله لمشروع مدينة الحرير باستثمارات تعود للبلاد بقيمة تقدر بنحو 100 مليار دولار".

وأضافت "العربية" أن "تقريراً حكومياً صدر أخيراً كشف وجود تأخر بنسبة 87% في تنفيذ المشاريع، وانخفاض الإنفاق عليها بنسبة 3.9%، مقارنة بالعام الماضي".

هذا التقرير، تسبب في موجة غضب كويتية، حكومية ونيابية، اعتبروا ما ورد فيه إهانة لمجلس الأمة، وهو البرلمان الوحيد المنتخب في دول الخليج العربية.

كما رأى الكويتيون في التقرير إساءة للتجربة الديمقراطية الكويتية، ووصفوه بأنه تدخل في شؤون البلاد الداخلية، وتضليلاً متعمداً وتشويهاً لصورة المجلس.

وتدخلت وزارة الإعلام الكويتية وأبلغت القناة السعودية احتجاجها على التقرير الذي قالت إنه "أصاب الكويتيين بالغضب".

وقالت المتحدثة الرسمية باسم وزارة الإعلام الكويتية "أنوار مراد" إن الوزارة "خاطبت مدير مكتب قناة العربية في الكويت، بخصوص مخالفة القناة لقوانين الإعلام الكويتي ورسالة الإعلام الخليجي".

وأكدت المتحدثة الحكومية في تصريحات نقلتها جريدة "الرأي" الكويتية، أن "التقرير الذي عرضته القناة احتوى على معلومات مغلوطة، ويخالف القرار الوزاري رقم 134 لسنة 2013".

وأوضحت أنه "يتنافى مع ما تم إقراره في القمم الخليجية والمجلس الوزاري، ومجلس وزراء الإعلام الخليجي، في شأن طبيعة التعامل الإعلامي بين دول مجلس التعاون الخليجي".

فيما طالبت الوزيرة السابقة والعضوة في مجلس الأمة المنتخب الجديد "جنان بوشهري"، عبر حسابها في "تويتر" وزارة الإعلام الكويتية بالرد على مثل هذه التقارير "بتقارير تبين أهمية الدستور والديمقراطية ومجلس الأمة".

وقالت إن "كان للبعض مصالح تفوق مصلحة الكويت، يبقى مجلس الأمة السلطة التي تُشرك المواطنين في إدارة الدولة، وتحمي أموال الشعب وتحفظ كراماتهم. نفتخر بهذه المؤسسة وحمايتها واجب علينا".

وغرّد عضو مجلس الأمة "عبدالكريم الكندري": "كل تجربة لها إيجابيات وسلبيات، لكن الجميل أن بعض الأشقاء بدول الجوار، يشاركوننا ديمقراطيتنا التي لا يرغبون بها على حد قولهم، فتجدهم يغضون النظر مجبرين عما يحصل لديهم، ويمارسون حرية التعبير والانتقاد لتجربتنا الديمقراطية وممارساتنا النيابية، ويناقشون قضايانا اليومية معنا بكل أريحية".

ووصف النائب "ثامر السويط" التقرير بأنه "رأي خاطئ وغير مهني وليس خبرا، ويدلّ على موقف خاص ومرفوض في تجربة عريقة ومحترمة".

وأضاف: "من يريد معرفة أهمية مجلس الأمة بإمكانه إجراء عمل صحافي (محترم) ومهني، لفهم أثر الديمقراطية الكويتية بإرساء الاستقرار وحماية الشرعية وحقوق المواطنين في البلد. الانتقائية وتزييف الحقائق لا يليق بالإعلام".

وغرّد النائب "عبدالعزيز الصقعبي"، المنتمي لـ"الحركة الدستورية الإسلامية" (حدس)، وهي الجناح السياسي للإخوان المسلمين في الكويت، قائلاً: "إعلام موجّه منزوع الإرادة مقيّد لا يملك النقد أو التعليق على أي حدث في بلده حتى همساً، يعالج عجزه بالتشويه والإساءة للتجارب الديمقراطية حوله!".

وأضاف: "فكرة نجاح النموذج الكويتي في الأمن والاستقرار والتنمية اليوم في ظل الإطار الديمقراطي تؤرقهم، وتُفشل حملاتهم لإقناع الشعوب بالحكم الفردي".

وكتب النائب السابق "جمعان الحربش": "لو علمت قناة العربية أن وزير النفط الذي دافع عن مشروع الشراكة مع الداو كيميكال من الحركة الدستورية، و(بأن) النواب الذين استجوبوا رئيس الحكومة إثر هذا الإلغاء، الذي فوّت على الدولة كثيرا من الأرباح، هم أعضاء الحركة، لربما غيّرت رأيها".

بينما غرّد أستاذ القانون الدستوري "فواز الجدعي": "أرى أن هذا النوع من التقارير يثبت كيف أن الإعلام بسطحية يثير قضايا لا تستحق، ويتغاضى عن قضايا أولى بالاهتمام".

وتابع: "لكن هذه السطحية تعد تأليبا على النظام الكويتي، الذي يعتمد على ثلاث سلطات، ويُخالف القانون في مسألة ازدراء الدستور، ويجب أن يكون هناك موقف رسمي من هذا الأمر".

فيما قال الكاتب "فالح بن حجري": "نعم الخطأ أو الخسارة من اختيارنا، والصواب والأرباح إن أتت (فـ)من اختيارنا أيضاً، ونحن هنا نمارس سيادة الإرادة كاملة، ضمن حدود وطننا ومواد دستورنا".

وتابع: "الديمقراطية ليست جنة موعودة، أو جهنم مرعبة، ولكنها دنيا الحرية وتحمل المسؤولية كاملة عن النتائج مهما كانت".

وأفضت النتائج النهائية الرسمية لانتخابات مجلس الأمة (البرلمان) الكويتي، نهاية الشهر الماضي، عن تغيير بنسبة 54% عن المجلس السابق، إثر سقوط مدو لمن كانوا يعرفون بالنواب الحكوميين في البرلمان السابق، مع صعود جديد للإسلاميين والشيعة، وفوز المرأة بمقعدين، وكذلك نائبين من داخل السجن.

وجاءت هذه الانتخابات إثر مرسوم أميري في 2 أغسطس/آب الماضي، تم بموجبه حل مجلس الأمة نظرا لعدم التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية (الحكومة).

وبدأت الحياة البرلمانية في الكويت منذ استقلالها عام 1961، عندما انتخب مجلس تأسيسي عمل على إصدار دستور للبلاد، صدر في نوفمبر/تشرين الثاني 1962.

وتأسس مجلس الأمة الكويتي في 23 يناير/كانون الثاني 1963، ولا يصدر قانون في الكويت إلا إذا أقره المجلس وصدّق عليه أمير البلاد.

ويتمتع البرلمان الكويتي بسلطات واسعة، ويشمل ذلك سلطة إقرار القوانين ومنع صدورها، واستجواب رئيس الحكومة والوزراء، والاقتراع على حجب الثقة عن كبار مسؤولي الحكومة.

ولا توجد في الكويت أحزاب سياسية رسمية، لكن السلطة تتعامل مع الجماعات السياسية القائمة ولا تسعى لتقويضها أو التضييق عليها.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الكويت مجلس الأمة قناة العربية برلمان الكويت

796 ألف كويتي يحق لهم التصويت في انتخابات مجلس الأمة