بارقة أمل وسط غيوم المشهد السياسي في العراق

الجمعة 14 أكتوبر 2022 06:18 ص

بعد مرور عام تقريبًا على آخر انتخابات برلمانية في العراق في أكتوبر/تشرين الأول 2021، لم يتم تشكيل حكومة جديدة نتيجة الخلاف الحاد بين التيار الصدري وتحالف الإطار التنسيقي.

وبعد فشله في تشكيل حكومة أغلبية، طلب "الصدر" في يونيو/حزيران الماضي من نواب التيار الصدري الاستقالة من البرلمان، فيما نظم مؤيدوه اعتصاما لمدة شهر تقريبًا انتهى بأحداث دامية في المنطقة الخضراء، وأعلن "الصدر" بعدها "انسحابه" من السياسة.

وبالرغم من الحوار الوطني المستمر (الذي رفض "الصدر" حتى الآن الانضمام إليه)، يستمر الجمود ويخشى الكثيرون استئناف دوامة العنف إذا لم يتمكن كلا المعسكرين من الاتفاق على تنازلات مقبولة بشكل متبادل.

ولكن حاليا يظهر بصيص أمل من داخل غيوم المشهد السياسي في العراق. حيث عقدت أخيراً جلسة إيجابية للبرلمان، واحتفظ الرئيس السابق "محمد الحلبوسي" بمنصبه بعد رفض استقالته فيما تم انتخاب النائب المستقل الكردي "محسن المندلاوي" كنائب أول لرئيس البرلمان.

وقبل بدء الجلسة، تدفق مؤيدو "الصدر" إلى شوارع بغداد في محاولة لمنع عقد البرلمان، لكن تم منعهم هذه المرة من قبل قوات الأمن المسؤولة عن المنطقة الخضراء.

وتعد الدورة الحالية للبرلمان هي الأولى منذ 23 يونيو/حزيران الماضي بعد تعليق الجلسات بسبب الاحتجاجات في بغداد، عندما اقتحم مؤيدو "الصدر" البرلمان وطالبوا بحله وإجراء انتخابات مبكرة وسط الاضطرابات السياسية التي تعيشها في البلاد.

ومع ذلك، قال رئيس البرلمان المنتخب حديثًا "محمد الحلبوسي" إنه لا توجد تعليقات سلبية حول مرشح الإطار التنسيقي لرئاسة الوزراء "محمد شياع السوداني". وقال لوسائل الإعلام العراقية إن المفاوضات لتشكيل حكومة جديدة بدأت قبل أيام. وأضاف "الحلبوسي" أن الأطراف لها الحق في انتقاد أو الموافقة على الطريقة التي يتم بها اختيار المرشح لرئيس الوزراء، لكن البرلمان هو المكان المناسب لمناقشة وإدارة اختلافات السياسة.

وحرص الإطار التنسيقي على الإعلان بسرعة عن "السوداني" كمرشح لرئاسة الوزراء بعد أن أدى النواب الجدد اليمين الدستورية وهو الأمر الذي تسبب في مفاجأة لـ"الصدريين". ويعتقد مؤيدو "الصدر" أن "السوداني" ينفذ أوامر رئيس الوزراء السابق والسياسي الشيعي البارز "نوري المالكي".

وفي محاولة لتعزيز المبادرة، يسعى مسؤولو الإطار التنسيقي إلى توضيح الظروف المحيطة بترشيح "السوداني" والدفاع عنها. وقد أعلنوا في بيان إنه كان هناك لجنة موسعة ووقع الاختيار عليه كأفضل مرشح من قبل الحاضرين.

وقال البيان إن العراق لا يتوقف على "الصدر"، وستتواصل جهود تشكيل الحكومة. ومع ذلك، عندما ضغط الصحفيون على مسؤولي الإطار التنسيقي، اعترفوا بأنه إذا كانت هناك اعتراضات خطيرة على مرشحهم، فإن العراق لن يتوقف عند "السوداني" أيضًا.

في الوقت الحالي، يبدو أن الإطار التنسيقي يتحرك بقوة في خطط تشكيل الحكومة مع "السوداني"، حتى لو قيل إن بعض "المعتدلين" يرون هذه الخطوة على أنها "استفزازية تجاه الصدر".

وقد حذر عدد من أعضاء الإطار نفسه من العمل المتسرع، معتقدين أنه بدون محادثات مع نظرائهم الأكراد والسنة، لاسيما زعيم الحزب الكردستاني الديمقراطي "مسعود البارزاني" ورئيس البرلماني السني، يمكن أن يتسبب ذلك في رد فعل عنيف، كما أن أي حكومة سيتم تشكيلها بهذه الطريقة ستكون ضعيفة.

وتظهر الحقائق أن الإطار التنسيقي نفسه يعاني من انقسامات، وقد تزايدت بعد انتخاب رئيس البرلمان. وينقسم "الإطار التنسيقي، وهو تحالف فضفاض للأحزاب الشيعية، بين "المتشددين" و"المعتدلين" فيما يخص عملية تشكيل الحكومة ونهج حل "مشكلة الصدر" سياسيًا.

وهذا هو السبب في أنه من الصعب للغاية إدارة المناورات السياسية ككل موحد، ويتسبب ذلك في ضغوط على إيران التي تفضل "بيتا شيعيا" موحدا.

وفي نهاية المطاف نجح البرلمان العراقي في اختيار "عبداللطيف رشيد" (78 عاماً) رئيساً للجمهورية، في خطوة من شأنها حلحلة الوضع المتأزم في الباد، فيما كلف الرئيس الجديد "السوداني" بتشكيل حكومة جديدة.

ومن المتوقع أن تُمرر حكومة "السوداني" في مجلس النواب دون عقبات تُذكر في ظل غياب نواب الكتلة الصدرية الـ73 الذين أعلنوا استقالتهم من المجلس في 12 يونيو/حزيران الماضي. لكن مراقبين يرون أن "السوداني" لم ينجح في إدارة وزارات في حكومات سابقة وربما لا ينجح في مواجهة التحديات الراهنة، ما قد يدفع التيار الصدري إلى إسقاط الحكومة عبر تحشيد الشارع.

ويعتبر أعضاء الإطار التنسيقي عمومًا الأحداث في المنطقة الخضراء على أنها "خسارة" للصدرين و"نصرا" لهم، ويروجون في كل مكان الآن لأنفسهم ومؤيديهم كممثلين عقلانيين يعملون وفقًا للقانون.

لكن الأمر ليس بسيطًا وسهلًا في السياق السياسي المضطرب في العراق. ويتجلى ذلك في أحداث 1 أكتوبر/تشرين الأول عندما أصيب أكثر من 150 شخصًا خلال الاحتفال بالذكرى الثالثة لـ"ثورة تشرين" في بغداد ومحافظة البصرة. وقد طالبت "ثورة تشرين"، التي وقعت في بغداد في أكتوبر/تشرين الأول 2019 واستمرت لعدة أشهر، بإنهاء نظام الحكم الذي كان موجودًا منذ الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003، وانهاء الفساد وتحسين الخدمات الأساسية والقضاء على البطالة.

وقال مصدر طبي إن أكثر من 40 من أفراد الأمن أصيبوا عندما ألقى المتظاهرون الحجارة والمولووتوف عليهم. واستخدمت قوات الأمن بدورها الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع، والتي خنقت وجرحت العديد من المتظاهرين.

ومع استمرار الأجواء المشحونة في العراق، يجب على السياسيين التحلي بالصبر والحكمة لوقف انهيار البلاد وخلق آلية جديدة وفعالة للحكم في العراق.

المصدر | فيكتور ميخين | نيو إيسترن أوتلوك -ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العراق الصدر الحلبوسي السياسة العراقية السوداني البرلمان العراقي

البرلمان العراقي يلتئم الخميس لانتخاب رئيس للبلاد

العراق.. محكمة تستمع لأقوال المالكي بقضية التسريبات وتخلي سبيله

تعهدات بالجملة في الكلمة الأولى لرئيس الحكومة العراقية المكلف.. ماذا قال؟

قادة الخليج يهنئون رشيد برئاسة العراق

عقب توليه مهامه.. رئيس العراق الجديد يأمل بتسريع تشكيل الحكومة