جورج فريدمان: تغيير القيادة العسكرية الروسية يتعلق بخطة جديدة في أوكرانيا

السبت 15 أكتوبر 2022 01:06 م

قبل بضعة أيام، قرر الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" استبدال القائد العسكري المسؤول عن حرب أوكرانيا وتعيين الجنرال "سيرجي سوروفيكين" بدلا منه، فيما يغير الثقافة العسكرية للنزاع نفسه.

وكانت هذه خطوة مهمة ولكن ليس بالضرورة للأسباب التي تقدمها معظم وسائل الإعلام، فقد جاءات بعد امتلاك أوكرانيا زمام المبادرة في ساحة المعركة بدعم من الولايات المتحدة في المقام الأول، وأصبحت مصداقية "بوتين" على المحك حتى بين العناصر المؤيدة للحرب ظاهريًا، والذين بدؤوا الآن في انتقاد أدائه.

ويعد مصدر الانتقادات مهما، فقد كان أحد أبرز منتقدي استراتيجية روسيا في أوكرانيا هو "رمضان قاديروف"، وهو تابع "بوتين" القديم الذي استخدم الوحشية الشديدة بناءً على طلب "بوتين" للسيطرة على الانتفاضة في الشيشان. والتزم كل من "قاديروف" و"بوتين" بمنع تقسيم روسيا واستعادة ما يمكن استرداده.

ودعم "قاديروف" غزو أوكرانيا، ولكنه صُدم بالضعف الذي أظهره الجيش الروسي، وخاصة قيادته العليا.

ومن وجهة نظره، كانت هناك حاجة إلى عملية قاسية ضد الشعب والجيش الأوكراني، وبعبارة أخرى، حرب قريبة من تلك التي حدثت في الشيشان. لذا، نجد أن لدينا هنا حليفًا راسخًا لـ"بوتين"  ينتقد علنًا عدم كفاءة وضعف الجيش الروسي.

وأحيانًا يفشل في المعركة القادة الذين يبدون جيدين في التدريبات العسكرية واجتماعات الأركان. وفي بعض الأحيان، يكون استبدال القائد أمرًا بالغ الأهمية بغض النظر عن الظروف، ويحدث ذلك دائمًا.

وبعد وقت قصير من اندلاع الحرب، تبين أن الخطة الروسية كانت معيبة منذ البداية، وتتطلب خطة الحرب الجديدة قائدًا جديدًا، وقد أمر القائد الجديد على الفور فعلًا بوابل من الصواريخ التي تستهدف أوكرانيا.

تتعلق الحرب بكسر إرادة العدو؛ وأول خطوة هي هجوم عديم الرحمة ينظر إلى كل شيء على أنه هدف محتمل، أما الخطوة الثانية فهي إقناع الجنود الروس أنهم سيواجهون خطرًا شديدًا إذا فشلوا في الأداء في ساحة المعركة. وتعتبر الروح المعنوية والتحفيز أمور مهمة، لكنها لن تنجح إذا كان الجيش غير مجهز أو كان الجنود غير مدربين بشكل جيد.

ويشير إطلاق الصواريخ الأخيرة إلى ما يخبؤه المستقبل، لكن هذا المستقبل لن يأتي إذا كانت القوات خائفة من قادتها فحسب، بل يأتي مع تدريب جيد على جميع المستويات، مع أسلحة مناسبة وأدوات أخرى للحرب الحديثة، إلا إن القيام بأحد الشيئين أو كليهما يستغرق وقتًا.

ولشراء المزيد من الوقت، قد يكون تنفيذ هجمات من الأطراف أمرا مهما. وهناك تقارير عن القوات الروسية في بيلاروسيا، على سبيل المثال، وشائعات بأن الجيش البيلاروسي يستعد للحرب. وإذا كان هذا صحيحًا ، فقد يكون الهجوم من بيلاروسيا مفيدا بالفعل لشراء الوقت.

وسيجبر ذلك أوكرانيا على الدفاع على جبهة أخرى، وسيهدد خط الإمداد الأوكراني من بولندا، لكن من غير الواضح ما إذا كانت بيلاروسيا قادرة على خوض حرب عالية الكثافة، كما إن مجرد وصول القوات الروسية هناك أمر صعب.

وربما كان الهجوم من الأطراف ممكنًا قبل أن تقوّي المعارك الجيش الأوكراني وقبل أن تبدأ الولايات المتحدة في تزويد كييف بالأسلحة. وبالمثل، ربما كانت معاهدة السلام ممكنة أيضًا، لو كان هناك أي طرف مهتمًا بجدية.

لكن لا هذا ولا ذاك يُعد ممكنًا في ظل ظهور روسيا بمظهر ضعيف، وبهذا يمكن للوابل الصاروخي، إلى جانب الجيش الروسي المعاد بناؤه، أن يخلق أفضلية لم تكن موجودة لروسيا. ويمكن أن تخلق الضراوة المدروسة للقائد الجديد أساسًا للتسوية من الناحية النظرية.

في نهاية المطاف، تسيطر الولايات المتحدة على مسار الحرب في أوكرانيا، وبالتالي فإن أوكرانيا رهينة للمصالح الأمريكية. ولكن نظرًا لأن أوكرانيا لديها أرواح على المحك، فإن لديها حدًا أقصى يمكنها تحمله خلال الحرب.

ويتمثل الهدف الأمريكي في إبقاء القوات الروسية في أقصى الشرق قدر الإمكان (بعيدًا عن الناتو). أما الهدف الروسي فهو استعادة كل أوكرانيا. لذا فإن التقدم بطريقة أو بأخرى في هذا الصراع يعتمد على مدى كفاءة القيادة الروسية الجديدة وقدرتها على تحفيز القوات القائمة مع بناء قوة جديدة تدخل الحرب في الربيع.

وحتى ذلك الحين، يجب على القيادة الروسية إثبات أن الجنود المنخرطين في الحرب بالفعل قادررون علي أداد مهماتهم بنجاح وأن الأسوأ لم يأت بعد، بمعنى آخر يجب أن يخيفوا الأوكرانيين والأمريكيين من أي تصعيد من جانبهم.

وفي المرة القادمة، قد لا ينجح انتقاد شخص مثل "قاديروف". وتتعلق مفاتيح الحرب بعملية إنتاج الأسلحة، وحاليا تتفوق الولايات المتحدة في هذه العملية بفارق كبير، وإذا لم تتمكن روسيا من مضاهاة ذلك بسرعة، فيجب عليها تقديم بعض التنازلات، وربما التنازلات الكبرى، وهذه هي المشكلة التي تواجه القائد الجديد.

المصدر | جورج فريدمان/جيوبوليتيكال فيوتشرز - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

حرب أوكرانيا الجيش الروسي بوتين تسوية سياسية

لأول مرة.. بريطانيا تزود أوكرانيا بذخيرة قادرة على إسقاط صواريخ كروز

جورج فريدمان: العالم ما يزال أحادي القطب .. وهذه هي الأدلة

حرب أوكرانيا.. جورج فريدمان: روسيا تبحث عن لحظة حاسمة