ضغوط دولية للإفراج عن علاء عبدالفتاح.. هل يستجيب السيسي؟

السبت 12 نوفمبر 2022 07:02 م

"على مدى يومين التقى رئيس الجمهورية 4 رؤساء هم بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا.. والأربعة خرجوا يقولوا إنهم تحدثوا معه عن السجناء السياسيين، وطالبوه بالإفراج عنهم، وخصوصا علاء.. فهل ينتصر صوت العقل لأجل إنقاذ باقي المؤتمر؟".

هكذا قال الحقوقي البارز "حسام بهجت"، في تغريدة له عبر "تويتر"، متحدثا عن حوار الرؤساء الذين حضروا قمة المناخ في مدينة شرم الشيخ مع الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي"، حول المعتقلين السياسيين وعلى رأسهم "علاء عبدالفتاح"، قبل أن يعلن البيت الأبيض أن الرئيس "جو بايدن" تحدث في الأمر ذاته.

وهنا يكمن التساؤل حول مدى أن تؤثر هذه الضغوط على النظام المصري، وإجباره على الإفراج عن "عبدالفتاح".

ومن قضية كونية تهدد البشرية إلى أخرى فردية يقول مثيروها إنها تعكس "واقعا لتدهور وضع حقوق الإنسان" في مصر، تركزت عدسات الكاميرات وكتابات الصحفيين القادمين إلى شرم الشيخ لتغطية فاعليات "كوب 27"، على قضية "عبدالفتاح" المضرب عن الطعام منذ شهور عدة داخل محبسه.

ودخل "عبدالفتاح" في إضراب عن الماء بالتزامن مع انطلاق "الشق الرئاسي من قمة القادة" الأحد الماضي، وباتت أزمته مثار اهتمام من الوفود الرسمية الغربية المشاركة، الأمر الذي اعتبرته القاهرة على لسان وزير خارجيتها "سامح شكري" أنه يهدف إلى "تشتيت الانتباه عن قضية وجودية مرتبطة بمصير العالم".

وتتوالى على مدار الأيام الأخيرة دعوات من قادة دول فرنسا وبريطانيا وألمانيا وحتى أمريكا، بضرورة "الإفراج الفوري عن "عبدالفتاح" الذي سجن بسبب التظاهر وباتت حياته في خطر"، بالتزامن مع تكثيف لدعوات أممية ومن قبل منظمات حقوقية دولية بمزيد من التحرك.

والإثنين، أفاد مكتب رئيس الوزراء البريطاني "ريشي سوناك"، في بيان عن اجتماعه مع "السيسي"، بأن "رئيس الوزراء أثار قضية عبدالفتاح"، مشددا على "مخاوف الحكومة البريطانية العميقة بهذا الخصوص".

والثلاثاء، وجه المستشار الألماني "أولاف شولتس" نداء للإفراج عن "عبدالفتاح"، قائلا: "ينبغي أن يكون هناك قرار، لا بد أن يكون الإفراج عنه ممكنا حتى لا ينتهي إضرابه عن الطعام بالموت".

واعتبر أن "الموقف بالغ التوتر، وينبغي أن نخشى من أن يقود ذلك إلى نتائج مروعة".

وفي اليوم ذاته، أعلنت الرئاسة الفرنسية "الإليزيه" أن الرئيس "إيمانويل ماكرون" طلب من "السيسي" بشكل صريح "الإفراج عن عبدالفتاح".

قبل أن يقول "ماكرون"، في تصريحات صحفية، إن "السيسي تعهد بالحفاظ على صحة عبدالفتاح".

والسبت، قال مستشار الأمن القومي الأمريكي "جيك سوليفان" إن الولايات المتحدة تبذل "كل ما في وسعها" لضمان الإفراج عن "عبدالفتاح"، لافتا إلى أن "بايدن" أثار القضية مع نظيره المصري.

وأوضح أن "بايدن"، الذي شارك الجمعة في قمة المناخ، أجرى "نقاشا مستفيضا بشأن حقوق الإنسان" مع "السيسي".

وأضاف: "أجرينا مشاورات مكثفة حول هذه القضية خلال تواجدنا في شرم الشيخ"، وأشار إلى أن "بايدن" أصدر توجيهات لمسؤوليه للعمل مع الجانب المصري بشأن عدة قضايا من بينها قضية "عبدالفتاح".

ولم يقتصر الضغط على المستوى الرسمي؛ إذ دعا مقرر الأمم المتحدة لحرية التجمع "كليمان فول" إلى الإفراج عن "عبدالفتاح".

وكذلك طالبت الناشطة البيئية السويدية "جريتا تونبرج" بالأمر ذاته، وذلك بعد أن أعرب المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة "فولكر تورك" عن "أسفه لعدم إفراج السلطات المصرية بعد عن المدون والناشط المعرضة حياته لخطر كبير".

وأوضح أنه ناقش تلك القضية مع السلطات المصرية الجمعة، وهو الأمر ذاته الذي أعلنه الأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو جوتيرش".

في المقابل، تتمسك مصر بموقفها الرافض لـ"التدخل في شؤونها الداخلية".

وشددت القاهرة على أن "عبدالفتاح سجين جنائي وليس سياسيا"، وأن مثل هذه التحركات "تقوض عمدا استقلال القضاء وسيادة القانون كحجر زاوية لا غنى عنه لحماية حقوق الإنسان وتعزيزها، ووصف قرار قضائي بأنه غير عادل هو إهانة غير مقبولة"، حسب ما جاء في نص رد البعثة الدبلوماسية المصرية في جنيف على المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة.

بينما شكك وزير الخارجية المصري "سامح شكري" في تمتع "عبدالفتاح"، بالجنسية البريطانية، مشيرا إلى عدم إتمام الأخير إجراءات حصوله عليها.

واعتبر "شكري" أن "عبدالفتاح" تلقى "محاكمة عادلة" بوجود "تمثيل قانوني" وأن "هذه مسألة قضائية".

وردا على مزاعم تدهور حال "عبدالفتاح" في السجن وانتهاك حقوقه، قال "شكري": "إضراب هذا السجين (دون ذكر اسمه) قرار شخصي، وضمن قانون العقوبات، هناك مراجعة مستمرة للأوضاع الصحية لجميع السجناء، والتأكد من تقديم الرعاية الطبية اللازمة لهم؛ لذلك أعتقد أن هناك تصوراً خاطئا لحقيقة وضعه".

وكانت النيابة العامة في مصر أصدرت بيانا الخميس قالت فيه إن "حالة النزيل علاء عبدالفتاح لا تستدعي نقله إلى المركز الطبي"، وأوصت بالمتابعة الدورية له.

لكن أسرة "عبدالفتاح" شككت في بيان النيابة، وقالت "منى سيف" شقيقته عبر "فيسبوك" إن البيان الرسمي "كذب بيّن"، مضيفة أن السلطات ستتدخل بالقوة لوقف إضرابه "حتى لا يموت بين أيديهم"، فيما قالت والدته "ليلي سويف" إن البيان ملئ بالمغالطات.

من ناحية أخرى، أعلنت "منى" أنها طلبت رسميا، الجمعة، عفوا رئاسيا للإفراج عن شقيقها.

وقالت عبر "تويتر": "سبق أن قدمت طلبا في يونيو/حزيران، واليوم قدمت طلبا جديدا لتكرار التزامي سلوك أي طريق قانوني لإيجاد حل لأزمة شقيقي".

من جانبه، قال عضو لجنة العفو الرئاسي "طارق العوضي"، في تصريحات لبرنامج "آخر النهار" التلفزيوني على قناة "النهار" المحلية، إن اللجنة تلقت طلبا رسميا من أسرة "عبدالفتاح"، مضيفا أن "الأسرة لم يسبق لها أن تقدمت بطلب للجنة العفو، لكن اسم علاء كان مدرجا على القوائم التي تبحثها لجنة بناءً على طلب من الحركة المدنية".

وذكر أن "شروط العفو الرئاسي تنطبق على عبدالفتاح في القضية المحبوس فيها".

بينما علق النائب بالبرلمان المصري "مصطفى بكري"، عبر حسابه على "تويتر"، على طلب العفو، بقوله: "المذلة، بعد الإفتراءات علي مصر وقياداتها، والاستقواء بالخارج، تحيا مصر".

في المقابل، وحسب الناشط الحقوقي "نجاد البرعي"، فإنه و"باختصار أيا كان تصنيف الحكومة ووزارة الداخلية لعلاء عبدالفتاح، سواء أكان سجين رأي أم سجينا جنائيا، فإنه مواطن مصري يمر بظروف صحية صعبة للغاية ويستحق أن يشمله عفو رئاسي".

وأضاف: "هذا العفو هو من صميم سلطات رئيس الجمهورية الذي استخدمه مرات عدة في حالات سابقة سياسية وجنائية مشابهة".

وتعقيبا على سؤال بشأن الضغوط الدولية المطالبة بإطلاق سراح "عبدالفتاح"، يرى نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية (رسمي) "عمرو هاشم ربيع"، أنها "تدخل في الشأن المصري".

ويشدد "ربيع" على أن هذه الضغوط والمطالبات، و"إن كانت مرفوضة، فإنه يجب مناقشة الأسباب التي أوصلت إليها".

ويتابع "ربيع"، وهو عضو بمجلس أمناء الحوار الوطني (المعني بإدارة مبادرة الحوار السياسي التي أطلقها السيسي قبل أشهر)، أن هذه الأسباب تتمثل في الأمور الخاصة بمحاكمات قضايا الرأي وتجاوز الحبس الاحتياطي المدد القانونية والدستورية، إضافة إلى انسداد الأوضاع في المجال العام بمصر.

ويطالب نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات، لتجاوز هذه الأمور، أن تكون سياسات الإفراجات أكثر اتساعا وأفق رحب، على أن تشمل الجميع وليس شخصا مشهورا موصى عليه بشكل أو بآخر فحسب، محذرا من تداعيات خنق الرأي العام في بلاده.

ومتفقا مع الطرح السابق، يتوقع السياسي "مجدي حمدان"، القيادي بالحركة المدنية (أكبر تجمع معارض داخل مصر) أن يتم الإفراج عن "عبدالفتاح" خلال ساعات، مستنكرا التهاون الشديد في عدم الإفراج عنه قبيل انعقاد القمة.

ويشيد "حمدان" بأسرة "عبدالفتاح"، قائلا إنها كانت من الذكاء والدهاء بانتظار هذه اللحظة (قمة المناخ) في وضع مخططها لتسليط الضوء على قضيته وحبسه، مشيرا إلى أن "جنسيته وأسرته البريطانية قد تدفع (رئيس الوزراء البريطاني) سوناك بتهيئة الإفراج عنه ومغادرته مصر".

وحول انعكاسات الزخم الراهن على الملف الحقوقي، يقول "حمدان" إنه كان يجب على لجنة العفو الرئاسي أن تسرع برفع ملفات معتقلي الرأي، خاصة وأن عدد المفرج عنهم (عبر اللجنة) لا يزيد على 700 شخص، بينما رصدت الحركة المدنية أكثر من ألفي اسم كانت قد رفعت للجنة لتقديمها لرئيس الجمهورية لإصدار عفو عن أصحابها.

ويحذر "حمدان" من الآثار السلبية على التمويلات التي تنتظرها بلاده من القمة، قائلا إن لغة الدولة المصرية لا تتفق مع لغة الديمقراطية، وما ينص عليه الدستور فيما يخص بحماية أصحاب الرأي.

وظهر "عبدالفتاح"، وهو ناشط بارز مؤيد للديمقراطية ومدون، لأول مرة خلال انتفاضة 2011 في مصر التي أجبرت الرئيس السابق "حسني مبارك" على الاستقالة.

ومنذ وصول "السيسي" إلى السلطة في عام 2014، بعد أن أطاح الجيش بالرئيس "محمد مرسي" المنتخب ديمقراطيا، أمضى "عبدالفتاح" معظم الوقت في السجن أو لدى الشرطة.

وفي أبريل/نيسان الماضي، حصل "عبدالفتاح" على الجنسية البريطانية من خلال أمه المولودة في لندن، ضمن مساعي عائلته للبحث عن أي وسيلة "قد تبدو مستحيلة" لتحريره، كما ورد في بيانٍ سابق لها.

وقد أدين العام الماضي "بنشر أخبار كاذبة" في منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، وحكم عليه بالسجن 5 سنوات.

ووصفت جماعات حقوق الإنسان التهمة بأنها "باطلة والمحاكمة بأنها صورية".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر علاء عبدالفتاح ضغوط دولية السيسي عفو رئاسي

مصر.. منع محامي علاء عبدالفتاح من زيارته للمرة الثانية

أسرة علاء عبدالفتاح: تلقينا رسالة تثبت أنه حي

ميدل إيست آي: هكذا أصبحت سلطة الجيش فوق السيسي في مصر