انتخابات الرئاسة التركية.. 2023 عام محوري لفرص أردوغان بالمنافسة

الأحد 4 ديسمبر 2022 08:35 ص

تتجه تركيا نحو انتخابات رئاسية وبرلمانية حاسمة في عام محوري من تاريخها، وقبل أشهر قليلة من الذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية (أكتوبر 2023)، حيث ستقرر أصوات الاقتراع إما تعزيز سلطة الرئيس "رجب طيب أردوغان" أو تشكل تحولًا مزلزلًا، بعد عقدين من حكم حزب العدالة والتنمية.

وقبل 8 أشهر من التصويت، لا تزال نتيجة الانتخابات بعيدة عن ترجيح الحسم، فمن المؤكد أن "أردوغان" سيلعب بكل أوراقه للحفاظ على رئاسته، بينما تبدو أحزاب المعارضة أكثر توحدا مما كانت عليه في السباقات الانتخابية السابقة، حسبما ترى رئيسة قسم الشرق الأوسط في المعهد الإيطالي للدراسات السياسة الدولية، "فاليريا تالبوت".

وذكرت "فاليريا"، في تحليل نشرته بموقع المعهد وترجمه "الخليج الجديد"، أن "هزيمة أردوغان هي بلا شك المادة اللاصقة الرئيسية لكتلة المعارضة غير المتجانسة"، في إشارة إلى التحالف الوطني، الذي يضم 6 أحزاب، على رأسها حزب الشعب الجمهوري.

وأضافت أن استعادة النظام البرلماني، الذي كان ساري المفعول قبل التعديل الدستوري لعام 2017 الذي حوّل تركيا إلى جمهورية رئاسية، هو النقطة الرئيسية بأجندة الأحزاب الستة في حالة الفوز في الانتخابات، ومع ذلك لا يزال مجهولاً حتى الآن من سيكون مرشح المعارضة في السباق الرئاسي.

وأشارت "فاليريا" إلى 3 شخصيات من حزب الشعب الجمهوري قد يقود أحدهم صف المعارضة كمرشح محتمل في مواجهة "أردوغان"، وهم زعيم الحزب "كمال كيليجدار أوغلو"، ورئيس بلدية أنقرة "منصور يافاش"، ورئيس بلدية اسطنبول "أكرم إمام أوغلو".

ووفقًا لاستطلاع متروبول، في يوليو/تموز 2022، فإن "أردوغان" سيتخلف عن جميع مرشحي المعارضة المحتملين في الجولة الثانية. كما تظهر استطلاعات الرأي أيضًا أن تأييد "أردوغان" قد انخفضت خلال الـ 30 شهرا الماضية.

لكن رئيسة قسم الشرق الأوسط بالمهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية تشير إلى أن "أردوغان" استعاد جزءا من شعبيته في الآونة الأخيرة، رغم أنه لا يزال أقل من 50% في بلد من المرجح أن يشتد فيه الاستقطاب السياسي خلال الأشهر المقبلة.

ونوهت إلى أن الوضع الاقتصادي الكئيب لتركيا هو السبب الرئيسي في خيبة الأمل من "أردوغان" وحزبه، فعلى مدار العام الماضي عانت تركيا من أزمة انخفاض قيمة العملة ومعدل تضخم مرتفع، بعد أن طبق البنك المركزي خفضًا كبيرًا في أسعار الفائدة بنهاية عام 2021، في أعقاب سياسة الرئيس "أردوغان" غير التقليدية للسيطرة على التضخم عن طريق خفض سعر الفائدة.

وأشارت أحدث أرقام معهد الإحصاء التركي إلى أن معدل التضخم بلغ 85.5% في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ومع ذلك لا يبدو أنه يعكس الوضع الحقيقي في بلد قد يتجاوز فيه ارتفاع أسعار المستهلك 185%، وفقًا لاقتصاديين مستقلين.

وبالنظر إلى التخفيضات المتكررة في أسعار الفائدة، لا ترجح "فاليريا" تحولا في السياسة النقدية للحكومة التركية قبل الانتخابات، مشيرة إلى أن استراتيجية "أردوغان" تركز بشكل أساسي على النمو الاقتصادي، إلى جانب زيادة الإنفاق العام، من أجل إعادة كسب قلوب وعقول الشعب التركي قبل التصويت.

ولفت التحليل إلى أن الضرورات الاقتصادية كانت محركًا رئيسيًا لجهود تركيا لإعادة العلاقات مع خصومها الإقليميين خلال العام الماضي، خاصة بعد اضطراب جائحة كورونا والتحولات الجيوسياسية في الشرق الأوسط.

وأوضحت "فاليريا" أن نشاط أنقرة الدبلوماسي الجديد يعتمد على اعتبارين رئيسيين: الأول هو حاجة البلاد إلى كسر عزلتها، حيث لم تعد قادرة على تحمل تكلفة سياستها الخارجية الحازمة والمنافسة الجيوسياسية الشرسة في المنطقة، والثاني هو الحاجة إلى استثمارات أجنبية وضخ نقدي لتخفيف اقتصادها.

وفي هذا الصدد، جاء اتجاه أنقرة لتخفيف التوترات وإصلاح العلاقات مع الجيران، بيما في ذلك إسرائيل ودول الخليج الغنية.

وأدى التقارب التركي مع دولة الإمارات العربية المتحدة، العام الماضي، إلى صفقة مقايضة عملات بقيمة 5 مليارات دولار في يناير/كانون الثاني، فيما تتوقع أنقرة مكاسب من تعزيز التعاون الاقتصادي مع السعودية أيضا، عبر زيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي والتجارة.

لكن فوائد هكذا توجه لن تأتي على الفور، ما يعني أن "أردوغان" لن يتمكن من جني ثمارها قبل الانتخابات بالضرورة.

ومع ذلك، ترى "فاليريا" أن النهج المعتدل للسياسة الخارجية التركية مؤخرا كان مفيدًا لزيادة مكانة "أردوغان" على الصعيدين الدولي والمحلي.

فمن خلال جهود الوساطة بين روسيا وأوكرانيا، استعادت تركيا مركز الصدارة الدولية، وهو ما تحاول أنقرة الاستفادة منه لزيادة نفوذها في بعض القضايا الحاسمة المتعلقة بمصالحها الوطنية، من التوترات في شرق البحر المتوسط ​​إلى التهديدات الأمنية المتعلقة بالأنشطة الإرهابية لحزب العمال الكردستاني.

وفي هذا الإطار، ظهرت آفاق لإعادة العلاقات التركية مع مصر وحتى مع سوريا، إذ صافح "أردوغان" نظيره المصري "عبدالفتاح السيسي"، خلال الجلسة الافتتاحية لكأس العالم لكرة القدم في قطر، وصرح بأنه "إذا عادت العلاقات مع مصر إلى مسارها ، فيمكننا فعل الشيء نفسه مع سوريا"، دون استبعاد إمكانية لقاء الرئيس السوري "بشار الأسد" في المستقبل.

ومع ذلك، ترى "فاليريا" أن تأثير ذلك سريعا على الانتخابات في تركيا لا يبدو مؤكدا، خاصة في ظل تعثر مسار المحادثات الاستكشافية على مستوى وزارتي الخارجية في تركيا ومصر.

واختتمت "فاليريا" تحليلها بخلاصة مفادها أن الآثار المترتبة على صورة تركيا الدولية وعلاقاتها مع الشركاء الإقليميين، واعتزامها الاستمرار في لعب دور خارجي بارز العام المقبل من عدمه، سيكون عنصرا مؤثرا في انتخابات الرئاسة المقبلة.

المصدر | المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية - ترجمة وتحرير: الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تركيا أنقرة رجب طيب أردوغان حزب الشعب الجمهوري كمال كيليجدار أوغلو أكرم إمام أوغلو منصور يافاش

تركيا.. تحالف جديد من 4 أحزاب استعدادا للانتخابات البرلمانية

أردوغان: ترشحي للرئاسة في 2023 سيكون الأخير

منهيا جدل ترشحه للرئاسة.. رئيس بلدية إسطنبول: كيليتشدار أوغلو مرشح حزب الشعب

لتحقيق مشاركة أوسع.. مناقشات جادة لتقديم الانتخابات التركية

مئوية تركيا.. بصمة أردوغان باقية حتى لو خسر انتخابات الرئاسة