هل سيجد بايدن ونتنياهو أرضية مشتركة بشأن إيران في عام 2023؟

الاثنين 2 يناير 2023 11:58 ص

إذا كانت الاتفاقية النووية الإيرانية "ميتة" كما قال الرئيس الأمريكي "جو بايدن" في تصريح مرتجل الشهر الماضي، فإن هذا سيصب في مصلحة رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو"، لكن أمامه تحديات كبيرة تتعلق بمخاوف واشنطن والمنطقة بشأن حكومة إسرائيل اليمينية المتطرفة الجديدة.

وسيسافر مستشار الأمن القومي الأمريكي "جيك سوليفان" إلى إسرائيل في الأسابيع المقبلة لكي يستبق الاحتكاك المحتمل مع واشنطن بشأن نهج الحكومة الجديدة تجاه الفلسطينيين وتوسيع المستوطنات وحقوق العرب في إسرائيل ومجتمع "LGBTQ"، حسبما ذكر موقع "أكسيوس"، ومن المتوقع أن تكون زيارة "نتنياهو" إلى واشنطن في أوائل عام 2023.

ومع ذلك، فإن إيران ليست واحدة من نقاط الاحتكاك هذه، وليس من المرجح أن تكون كذلك طالما أن الولايات المتحدة لا تضغط من أجل حل وسط بشأن البرنامج النووي الإيراني، وطالما أن "نتنياهو" لا يضغط بشدة من أجل عمل عسكري لمنع إيران من الحصول على أسلحة نووية.

الرياح تجري بما يشتهي "نتنياهو"

باعتباره ناقدًا قويًا للاتفاق النووي، فقد حصل "نتنياهو" على مكسب مفاجئ فيما يتعلق بإيران، على الأقل في الوقت الحالي. فقد أصبحت إدارة "بايدن" تميل إلى تنحية الاتفاقية النووية عن الأجندة، واستبدالها بـ "جولات متعددة من العقوبات" التي تستهدف القيادات الإيرانية المسؤولة عن حملة القمع الوحشية تجاه الاحتجاجات المستمرة منذ سبتمبر/أيلول الماضي.

وتبدو خطة "بايدن" الاحتياطية (مواصلة العقوبات والضغط على إيران بسبب انتهاكها لحقوق الإنسان وتنسيقها مع روسيا في الحرب على أوكرانيا) مثل حملة "دونالد ترامب" المعروفة بـ"أقصى ضغط"، وهو أمر يروق لـ "نتنياهو".

كما إن زيادة التوترات بين الولايات المتحدة وإيران تقدم فرصًا أخرى لـ"نتنياهو"، فمن المتوقع أن يشجع "بايدن" على تعزيز ردع إقليمي تجاه إيران، مما يدفع إسرائيل والسعودية للتقارب في خضم هذه العملية، ويقول الكاتب الصحفي "جاريد سزوبا" إن المسؤولين العسكريين في القيادة المركزية الأمريكية كانوا يؤيدون إقامة تحالف دفاعي إقليمي غير رسمي ضد إيران.

وبالنسبة لـ"بايدن"، فإن فكرة إحياء الاتفاقية النووية التي كات جذابة أصبحت ذات عوائد سياسية متناقصة بسرعة، مهما كانت الفوائد التي قد تقدمها للأمن القومي. 

وكانت الاتفاقية هي الإنجاز الخارجي البارز للرئيس "باراك أوباما" وليس "بايدن"، ومع أن الأخير دعم العودة إلى الاتفاقية النووية منذ توليه منصبه، إلا إنه نادراً ما جعلها من أولوياته أو محط نقاشاته. كما إن الأمريكيين لا يطالبون بالاتفاقية، خاصة مع حملة إيران القمعية ضد المتظاهرين ودعمها لروسيا. 

ومن شأن مجلس النواب الذي يقوده الجمهوريون أن يهاجم أي اتفاق بضراوة، ويعني ذلك أنه لن يكون هناك دعم من الحزبين، فضلا عن معارضة عدد من الديمقراطيين للاتفاق.

ولدى "نتنياهو" العديد من الأصدقاء في الكونجرس، وخاصة الجمهوريين، وسيستغل صداقته التي دامت لمدة 40 عامًا مع "بايدن" لإبقاء الاتفاقية النووية خارج الأجندة. ولا يمكن الاستهانة بعمق هذه العلاقة، فكلا الرجلين من السياسيين المتمرسين الذين يقدرون الكيمياء الشخصية في الدبلوماسية. 

وخلال زيارة "بايدن" لإسرائيل في يوليو/تموز من هذا العام، حيا "نتنياهو" (الذي كان بين المسؤولين الإسرائيليين في الوفد الترحيبي بالمطار) بمصافحة دافئة بشكل لافت مع قول: "أنت تعرف أنني أحبك".

وبالنسبة لـ"نتنياهو"، فإن "بايدن" لم يجعل علاقات الولايات المتحدة بإسرائيل أفضل من أيام "ترامب"، لكن علاقة "نتنياهو" مع "بايدن" قد تتمكن في نهاية المطاف من أن تصل لمستوى "ترامب".

ويشار إلى أن "بايدن" لم يكن يعرف سلفي "نتنياهو" (نافتالي بينيت ويائير لابيد) لذلك لم يكن هناك كيمياء شخصية مع أي منهما،

وقد حارب "نتنياهو" الاتفاقية النووية في عام 2015؛ مما وتر العلاقة المتوترة بالفعل مع "أوباما"، وألقت هذه التوترات بظلالها على "بايدن"، وستكون هناك نقاط احتكاك أخرى مع واشنطن في العام المقبل، لكن "بايدن" و"نتنياهو" قد يجدان أرضهما المشتركة في صداقة عمرها عقود والقلق المشترك بشأن إيران.

مصير الاتفاقية النووية

كانت الاتفاقية النووية ستفرض قيودا وتفتيشا على البرنامج النووي الإيراني (لمنع تطوير قنبلة) مقابل تخفيف العقوبات وإلغاء تجميد الأصول الإيرانية.

وكتب وزير خارجية الاتحاد الأوروبي ونائب رئيس المفوضية الأوروبية "جوزيب بوريل" في 23 ديسمبر/كانون الأول، أنه لا يوجد بديل عن الاتفاقية النووية، مضيفًا: "أولئك الذين يفكرون في خلاف ذلك يخدعون أنفسهم".

ولدى الاتحاد الأوروبي سياسة تجاه إيران تتضمن مسارين متوازيين. فمن ناحية، هناك العقوبات والضغط المتعلق بالاحتجاجات وروسيا، وعلى الجانب الآخر، هناك الدبلوماسية المتعلقة بالاتفاقية النووية. وقد التقى "بوريل" ووزير الخارجية الإيراني "حسين أمير عبداللهيان" بقمة بغداد 2 التي عقدت في عمّان يوم 20 ديسمبر/كانون الأول لمحاولة إعادة ضبط المحادثات النووية المتوقفة.

ولا يزال المسؤولون الإيرانيون يشيرون إلى أنهم يريدون إبرام اتفاق، بالرغم أنهم يماطلون في المحادثات منذ عدة أشهر عبر إضافة مطالب تتجاوز نطاق الاتفاقية النووية. 

لكن ربما ترغب طهران في أخذ الاتفاقية إلى طاولة المفاوضات ليس لشئ إلا لاختبار إدارة "بايدن" ووحدة أوروبا والولايات المتحدة في الوقت الذي يركز فيه الغرب على الاحتجاجات في إيران، أما إذا لم تتم الاتفاقية النووية وبالتالي تخفيف العقوبات عن الشعب الإيراني، فإن الخطأ سيكون من طهران.

ماذا ينتظر إيران في 2023؟

بالنسبة لعام 2023، قد تكون هناك تداعيات لعدم إبرام الاتفاقية النووية وشعور إيران بالحصار من الاحتجاجات، والتي تلقي باللوم فيها على الأعداء في الخارج.

أولاً، قد تتقدم إيران في مستوى التخصيب لتقترب من السلاح النووي، مما قد يحفز سباق تسلح نووي أو صاروخي في المنطقة، وقد وصلت إيران بالفعل في تخصيب اليورانيوم إلى 60%، ولا يفصلها إلا خطوة تقنية واحدة عن مستوى تخصيب 90% اللازم للأسلحة النووية.

وقد يجبر هذا التقدم المحتمل إسرائيل على التفكير في ضربة عسكرية، سيكون لها تداعيات على الاستقرار الإقليمي، بالنظر إلى وكلاء وشبكات إيران في الخليج ولبنان واليمن والعراق والضفة الغربية وغزة وأماكن أخرى.

ثانياً، من المحتمل أن تثبط العقوبات والحصار إيران عن دعم عملية السلام في اليمن (برعاية الأمم المتحدة) أو المحادثات مع السعودية؛ حيث تتهم إيران المملكة بدعم الاحتجاجات من خلال قناة "إيران انترناشونال"، وهي وسيلة إعلامية مدعومة من السعودية.

وثالثًا، رغم الضغط المتزايد من الغرب، من غير المرجح أن تتراجع إيران عن دعمها لروسيا في حرب أوكرانيا.

ورابعًا، بالنسبة للعراق، حيث يقود حلفاء إيران ووكلاؤها الائتلاف الحاكم، فإن التصعيد في الأعمال العدائية بين الولايات المتحدة وإيران يمكن أن يعيد العراق إلى ساحة المعركة. 

وتجبر إيران الحكومة العراقية على استيراد غازها الإيراني لدعم شبكة الكهرباء، وبالتالي من المحتمل أن تكون خطوات العراق نحو التكامل الإقليمي -وخاصة مع الخليج- في خطر؛ وليس من المتوقع حدوث تقدم في الاتفاق المتعلق بمشروع الكهرباء العراقي الخليجي الذي تم توقيعه في وقت سابق من عام 2022.

خامسًا، على الرغم من عاصفة العقوبات وشجاعة ومرونة المتظاهرين، من غير المرجح أن تخفف الحكومة الإيرانية الحصار؛ فتغيير النظام هدف مبالغ فيه، والدول الاستبدادية الهشة سياسيا نادراً ما تخفف قبضتها، أو تنتهي إلى تحول ديمقراطي، وهناك العديد من الحالات المشابهة مثل العراق وسوريا وأفغانستان وليبيا ومصر.

ويبقى السيناريو المحتمل -إن لم يكن الأكثر ترجيحًا- لعام 2023 هو حكومة إيرانية أكثر قمعية، بلا قيود على برنامجها النووي، تتجه نحو امتلاك ونشر مزيد من الأسلحة.

**لقراءة النص الأصلي Will Biden, Netanyahu find common ground on Iran in 2023?

المصدر | المونيتور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

بايدن نتنياهو إسرائيل إيران الاتفاقية النووية احتجاجات إيران

بلينكن ونظيره الإسرائيلي يبحثان المصالح المشتركة وتوسيع دائرة التطبيع

5 ملفات تهيمن على الشرق الأوسط في 2023.. تعرف عليها

واشنطن تدعو إسرائيل لوقف خطوات تغيير الوضع الراهن بالضفة

سياسة نتنياهو تجاه إيران.. النهج القديم مستمر والفشل سيناريو متوقع

ربما يصبح من الماضي.. واشنطن بوست: اليمين الديني بإسرائيل يهدد الدعم الأمريكي