أكبر من المسيرات.. تحالف روسي إيراني حقيقي يتشكل

السبت 31 ديسمبر 2022 07:36 م

سلط تحليل نشرته مؤسسة "جيمس تاون" الضوء على التعاون الثنائي الناشئ بين روسيا وإيران، والذي كان أبرز مظاهره مؤخرا تزويد طهران لموسكو بطائرات دون طيار.

وأوضح التحليل أن التعاون بين الجانبين لا يقف عند هذا الحد، بل يتوسع ليشمل شحنات الأسلحة المنتظمة من قبل طهران إلى موسكو، ونقل الأسلحة الروسية إلى إيران وأجندة متنامية لتعميق التعاون الأمني.

وقال التحليل إنه بعبارة أخرى، فإن ثمة "تحالف حقيقي آخذ في التشكل على مرأى ومسمع من الجميع".

ولفت إلى تقارير تحدثت عن طلب روسيا الشهر الماضي شحنة ثانية كبيرة من المسيرات الإيرانية، وكذلك صواريخ (أرض-أرض).

في مقابل ذلك، من الواضح أن موسكو زودت طهران بأسلحة مسروقة من الغرب بالإضافة إلى أموال؛ وبالتالي، ستكون إيران قادرة على دراسة هذه الأسلحة ومعرفة كيفية صنعها من خلال الهندسة العكسية للأنظمة التي حصلت عليها.

تعاون دفاعي واسع

وفي غضون ذلك، من الممكن أن تكون التعديلات التي أدخلتها القوات الروسية على الطائرة "شاهد -136" لتحسين دقتها قد تم إبلاغ إيران بها في وقت مبكر، كما يتضح من هجوم شنته الطائرة على ناقلة نفط مملوكة لإسرائيل في 15 نوفمبر/تشرين ثان.

في هذه الحالة، يمكن أن تشكل هذه المسيرات الإيرانية التي أعيد تصميمها من قبل روسيا تهديدًا وجوديًا كبيرًا لطرق الشحن ليس فقط في الخليج العربي ولكن أيضًا في منطقة البحر الأسود، وبحر البلطيق والبحر الأبيض المتوسط، وكذلك المحيط الهندي.

بالنظر إلى طموحات إيران البحرية الواسعة في البحر الأبيض المتوسط والخليج والمحيط الهندي، يمكن أن تكون هذه الأسلحة جزءًا من استراتيجية "منع الوصول البحري" التي ستكون في الخطوة الأولى في تحقيق بعض طموحات طهران على الأقل.

ويعني مصطلح "منع الوصول" إعاقة قدرة العدو على استخدام البحر دون الحاجة بالضرورة إلى محاولة السيطرة على البحر.

في أمثلة أخرى للتعاون الدفاعي، أفاد موقع "آسيا تايمز أونلاين" في أغسطس/آب 2022 أن إيران أطلقت قمرها الصناعي "خيام" باستخدام صاروخ "سايوز" روسي من قاعدة بايكونور الفضائية.

أفادت مصادر إيرانية، أنه يمكن استخدام هذا القمر الصناعي في "مراقبة الحدود للزراعة، ومراقبة التغيرات في استخدام الأراضي مثل البناء غير المصرح به، وإزالة الغابات والمخاطر البيئية والبحث عن الرواسب المعدنية، من بين أمور أخرى."

لكن في المقابل يمكن أيضا استخدام القمر الصناعي لإجراء استطلاع للتجمعات وأنظمة الأسلحة الأوكرانية.

ومنذ عام 2018، تتفاوض روسيا وإيران أيضًا على تسليم قمر صناعي روسي "Kanopus-V" مزود بـ "كاميرات عالية الدقة" إلى طهران، مما سيزيد بشكل كبير من قدرات التجسس الفضائية الإيرانية في الشرق الأوسط.

وفاق متعدد الأبعاد

كما يعتقد مسؤولو المخابرات الأمريكية أن إيران تسعى للحصول على مساعدة روسيا في تعزيز برنامجها النووي، وتحديداً بالمواد النووية وتصنيع الوقود.

إذا كانت طهران تتلقى مثل هذه المساعدة، فإن البرنامج النووي الإيراني يمكن أن يتقدم بسرعة أكبر إلى "الكمون النووي" حيث لا تمتلك إيران في الواقع سلاحًا نوويًا صالحًا للاستخدام ولكن يمكنها تجميع واحد في فترة زمنية قصيرة نسبيًا

بالإضافة إلى ذلك، تتعزز العلاقات السياسية والاقتصادية الروسية الإيرانية. يعكس هذا المشاعر المشتركة المعادية لأمريكا التي تحرك سياسات موسكو وطهران إلى حد كبير.

في المحادثات الأخيرة، حددت إيران وروسيا أطرًا وآليات جديدة لتعميق علاقتهما التي تتجاوز سوريا والتحويلات العسكرية لتشمل القوقاز، حيث تقوم إيران بالفعل بتوسيع نفوذها إلى حد تصاعد التوتر بشكل خطير مع أذربيجان وتركيا.

وتشمل هذه الآليات أيضا الارتقاء بالعلاقات الاقتصادية الثنائية. وقد سبق هذا الشكل المعين من تعزيز العلاقات في الواقع حرب روسيا ضد أوكرانيا، وسوف يتعمق الآن بشكل واضح مع التقارب بين الدولتين المنبوذتين.

وهكذا، يبدو أن العمل جار على مقايضة الغاز التي ستسمح لإيران باستيراد الغاز الروسي ومن ثم تصديره إلى دول ثالثة.

في الآونة الأخيرة، في محادثات بين بوتين والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، تطرق الزعيمان إلى بعض القضايا الثنائية الملحة مع التركيز على كيفية بناء التعاون في المجالات السياسية والتجارية والاقتصادية، بما في ذلك في مجال النقل والخدمات اللوجستية.

كما اقترحت إيران مجموعة عمل مشتركة للتحايل على العقوبات الغربية. وأخيرًا، ورد أن إيران طلبت من روسيا المساعدة في قمع المظاهرات الطويلة في جميع أنحاء البلاد عن طريق نقل المعدات الروسية لمكافحة الشغب والتدريب إلى طهران

وهكذا، يتضح أن الوفاق الروسي الإيراني متعدد الأبعاد ومتزايد، ويشمل المعاملات الاقتصادية والسياسية والعسكرية التي تهدف إلى التأثير على السياسة في الشرق الأوسط والقوقاز، وكذلك الحرب في أوكرانيا.

أصداء واسعة

من الواضح أيضًا أن هذه العلاقة لها بالفعل أصداء بين الأطراف المعنية الأخرى. في إسرائيل، على سبيل المثال، وصفت حكومة يائير لابيد المنتهية ولايتها العلاقات الثنائية الروسية الإيرانية بأنها "خطيرة" ويعتقد البعض أن حكومة "نتنياهو" القادمة قد ترى الأمور بمنظور أكثر خطورة.

وبصرف النظر عن القلق المستمر بشأن برنامج إيران النووي، تخشى إسرائيل أن يمنح هذا الوفاق الجديد غطاء لطهران في سوريا لتوسيع أنشطتها حتى الحدود الإسرائيلية، حيث قد تتدخل روسيا للحد من الضربات الجوية الإسرائيلية ضد المنشآت والمواقع الإيرانية هناك.

وفي الوقت نفسه، وعبر الاستفادة من القطيعة الواضحة بشكل متزايد بين الرياض وواشنطن، تحاول موسكو تسهيل وسيلة يمكن من خلالها لإيران والمملكة العربية السعودية إصلاح خلافاتهما، وهو تطور من شأنه، إذا حدث، أن يرسل موجات صادمة في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

ونتيجة لهذه الأسباب، يرى تحليل "جيمس تاون" أن العلاقة المتنامية الحالية بين روسيا وإيران هي ببساطة "علاقة لا يمكن السكوت أو التغاضي عنها" لأنها تؤثر على صراعات متعددة من سوريا إلى القوقاز إلى أوكرانيا، بخلاف أنها يمكن أن تعوق جهود واشنطن لمنع طهران من امتلاك السلاح النووي.

المصدر | مؤسسة جيمس تاون - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

إيران روسيا التعاون الروسي الإيراني

هل سيجد بايدن ونتنياهو أرضية مشتركة بشأن إيران في عام 2023؟

الدعم الروسي لإيران يقلق الولايات المتحدة والغرب.. ما دور السعودية والإمارات؟

عقوبات أمريكية على 7 كيانات إيرانية بتهمة دعم روسيا عسكريا

وول ستريت جورنال: خطط لإنتاج آلاف المسيّرات الإيرانية في روسيا

الجارديان: إيران استخدمت قوارب وشركة طيران لتهريب مسيرات إلى روسيا

"ممر النقل الدولي".. جيوبوليتكال: لهذا تحتاج روسيا وإيران لمساعدة الهند

بينها مساعدة نووية.. مكاسب عديدة لإيران من الحرب الروسية الأوكرانية

ممر "شمال-جنوب".. أداة روسيا وإيران لتجاوز العقوبات الغربية و5 عقبات تمنع ازدهاره

تحذير إسرائيلي من عدد الدول المهتمة بشراء المسيرات الإيرانية