ممر "شمال-جنوب".. أداة روسيا وإيران لتجاوز العقوبات الغربية و5 عقبات تمنع ازدهاره

السبت 8 أبريل 2023 10:01 ص

رصد تقرير نشره موقع "أوراسيا ريفيو" العقبات التي تقف في طريق مشروع ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب، والذي تتطلع روسيا وإيران إلى أن يكون أداة فعالة لتخفيف العقوبات الأمريكية والغربية عليهما، عبر تحوله إلى ممر فعال لنقل التجارة بين البلدين وربطهما بالهند سريعة النمو.

ما هو ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب (INSTC)؟

وفقا للتقرير الذي ترجمه "الخليج الجديد"، فهو ممر بري يتضمن شبكة طرق وسكك حديدية ووصلة بحرية بطول 7200 كم، يمتد من سان بطرسبرج عبر جنوب روسيا، وأذربيجان، وإيران، ثم إلى مومباي بالهند.

الممر الذي يتضمن قسمًا عبر بحر قزوين وطريقًا إضافيًا عبر كازاخستان وتركمانستان، تم الحديث عنه لعدد من السنوات، لكنه اكتسب زخمًا فقط منذ حرب أوكرانيا.

وترى موسكو في الممر وسيلة لاستبدال التجارة الأوروبية التي خسرتها بسبب العقوبات.

وبالنسبة لجميع المعنيين، يقلل المشروع بشكل كبير من تكاليف النقل عن طريق تجاوز قناة السويس.

ودفع تصعيد العقوبات الأمريكية والاتحاد الأوروبي في أعقاب غزو روسيا لأوكرانيا إلى تعزيز الروابط التجارية مع إيران وتكثيف التواصل مع الهند، التي تضاعفت وارداتها الروسية 4 مرات.

لقد تحدت نيودلهي الغرب من خلال الحفاظ على العلاقات الاقتصادية مع موسكو ولديها طموحات لاستخدام الممر لتعزيز المشاركة التجارية مع آسيا الوسطى وأوروبا.

ويوضح التقرير أن دول الممر تستثمر بكثافة في المشروع، لا سيما روسيا وإيران بتكلفة تبلغ 25 مليار دولار.

وقد بدأت الشحنات الأولى بالعبور في الممر خلال العام الماضي، وهناك طموحات بالوصول إلى 30 مليون طن من البضائع سنويا عبر الممر بحلول عام 2030، لكن هناك عقبات كبيرة تحول دون تحقيق ذلك.

ما هي العقبات أمام ممر (INSTC)؟

أولا: البنية التحتية

ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب غير مكتمل بسبب البنية التحتية، وهي حقيقة أعلنتها بيلاروسيا، حليفة روسيا الوثيقة، والتي ترغب في الانضمام للمشروع.

واحدة من الثغرات الرئيسية هي خط سكة حديد "رشت - آستارا" الذي تأخر طويلاً بطول 164 كم في إيران، حيث أعاقت قضايا التمويل استكماله، على الرغم من أن روسيا وافقت الآن على ما يبدو على تمويل العمل.

ثانيا: اللوجيستيات

وينقل التقرير عن صحيفة "فايننشال تريبيون" الاقتصادية الإيرانية حديثها عن معوقات لوجيستية أخرى تتعلق بذلك الخط، مثل النقص الكبير في عربات الشحن بالسكك الحديدية وقدرة النقل البري، فضلاً عن العوائق البيروقراطية التي تبطئ حركة المرور العابر.

كما تشير الصحيفة إلى صغر حجم الأسطول الإيراني في بحر قزوين، فهناك عدد محدود من سفن الدحرجة (سفن تنقل البضائع ذات العجلات، كالقطارات والسيارات بمختلف أنواعها) التي يتم تداولها بين إيران وروسيا على طول الممر المائي.

هناك أزمة أخرى حقيقة أن ميناء استراخان الجنوبي الروسي يتجمد في الشتاء، ما يقيد الوصول بشدة؛ كما أدى عدم وجود توسيع في مجرى نهر الفولجا وقناة الفولجا إلى انخفاض قدرة تحميل السفن عبرهما.

ثالثا: البيروقراطية

يقول بنك التنمية الأوروبي الآسيوي إن أكثر من 40 حواجز جمركية وغير جمركية تعرقل التشغيل الفعال للممر.

ويقول محللو البنك إن قدرته التنافسية عبر الممر تتأثر بشكل كبير بالروابط المفقودة واختناقات البنية التحتية جنبًا إلى جنب مع الافتقار إلى إجراءات عبور الحدود المنسقة ووثائق النقل الورقية وعدم وجود آلية تنسيق فعالة لإدارة المشروع (بما في ذلك التعريفات وكذلك الشحن والمركبات والتأمين).

رابعا: العقوبات الأمريكية نفسها

يقول التقرير إنه في حين أن البعض ينظر إليه على أنه ممر لتجنب العقوبات بالنسبة لروسيا وإيران، فإن القيود الاقتصادية للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يمكن أن تكبح بشدة الاستثمار غير الروسي وغير الإيراني في INSTC ووصولها إلى أوروبا.

أعيد فرض العقوبات الثانوية الأمريكية - التي تنطبق على الأفراد غير الأمريكيين - على طهران بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني ويمكن تفعيل إجراءات أخرى من هذا القبيل ضد موسكو.

وقد تسببت تلك العقوبات بالفعل ضد إيران في تعطيل تمويل أذربيجان لخط سكة حديد (رشت – آستارا).

تأثرت الهند أيضًا بالعقوبات الثانوية المفروضة على إيران، على الرغم من الإعفاءات الممنوحة لتطوير ميناء تشابهار الإيراني الذي تريد تحويله إلى مركز ممر رئيسي، لكن شراء المعدات من شركات البنية التحتية الخاصة كان أمرًا صعبًا ، وفقًا لورقة نشرتها مؤسسة Observer Research Foundation.

خامسا: الاحتكاكات السياسية

يمكن القول إن تلك  العقبة هي الأكبر أمام تطور الممر، يقول التقرير، مستشهدا بالاحتكاك السياسي الحالي بين أذربيجان وإيران، والذي تصاعد منذ انتهاء الحرب الأخيرة بين أذربيجان وأرمينيا حول ناجورنو كاراباخ في 2020، والأخيرة حليفة وثيقة لإيران، حيث تنظر طهران بريبة إلى العلاقات المتنامية بين أذربيجان وإسرائيل، ومساعي باكو لإنشاء ممر عبر أراضي أرمينيا للأرض الآذرية المعزولة في ناختشيفان، والذي يمكن أن يعزل إيران عن أرمينيا.

أدى انعدام الثقة إلى مبادرة جيشي البلدين لإجراء مناورات استعراضية قرب الحدود، وكادت حوادث أخرى أن تسبب ما هو أكبر من ذلك، مثل حادث الهجوم على السفارة الإيرانية في أذربيجان في يناير/كانون الثاني الماضي.

ورغم أن أيا من الطرفين لا يرغب في تصعيد الصراع - ومن الواضح أن لديهم الكثير للاستفادة من عمل INSTC، حيث أعادوا الالتزام بذلك في قمة في باكو في سبتمبر/أيلول الماضي - لكن التوترات الجيوسياسية لا تبشر بالخير، لا سيما أن أرمينيا تتطلع إلى جذب اهتمام الهند بممر منافس يتجاوز أذربيجان.

ويخلص التقرير في النهاية إلى أن ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب (INSTC) يكتسب فقط قيمة دعائية باعتباره وسيلة للرد على العقوبات الأمريكية والغربية، وهي قيمة أكبر من منفعته الاقتصادية الحقيقية، فتنفيذ المشروع محفوف بالمخاطر والتحديات لدرجة أنه قد يكافح لتحقيق هدفه الطموح لنقل البضائع، خاصة إذا كان تشديد أنظمة العقوبات ضد روسيا وإيران يتركهما بأموال أقل للاستثمار في الطريق.

المصدر | أوراسيا ريفيو - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العلاقات الروسية الإيرانية ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب العقوبات الغربية حرب أوكرانيا تجارة

تحرك أمريكي لمنع الالتفاف على العقوبات ضد روسيا عبر دول ثالثة.. ما القصة؟

ممر شمال-جنوب.. سكك حديدية جديدة وسيلة إيران وروسيا للالتفاف على العقوبات

إيكونوميست: من بحر قزوين للمحيط الهندي.. روسيا تتحدي العقوبات بشرايين نقل جديدة مع إيران

صندوق باندورا.. خطة روسية لتأميم أصول الشركات الغربية في موسكو

مسؤول إيراني: ممر شمال-جنوب يختصر وقت نقل البضائع من الشرق للغرب 22 يوما