الكويت.. ملف إسقاط القروض يضع الحكومة ومجلس الأمة على مسار تصادمي

الجمعة 13 يناير 2023 09:54 ص

تترقب الأوساط في الكويت تطورات الأزمة السياسية التي نشأت بين السلطتين التنفيذية والتشريعية في البلاد، والتي تأججت عقب امتناع الحكومة عن حضور جلسة مجلس الأمة (البرلمان) الثلاثاء، اعتراضاً على إصرار المجلس على مناقشة ملف إسقاط القروض عن المواطنين.

تبدو الأزمة مرشحة للاستمرار والتصاعد، في ظل تأكيد مصدر حكومي أن "الخيارات المتاحة محدودة". ففي أعقاب امتناع الحكومة عن الحضور، تقدم النائب "مبارك الحجرف" باستجواب لوزير المالية وزير الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار "عبدالوهاب الرشيد".

ووفق المصدر الحكومي، فإن الخيارين المتاحين لحل الأزمة هما "إما تعطيل ملف إسقاط القروض، الذي يتمسك به أعضاء المجلس، وبالتالي التوافق بين السلطتين وفتح باب التعاون مجدداً بينهما، وإما تقديم الحكومة لاستقالتها، في حال تمسك المجلس بموقفه من القوانين والمطالب الشعبوية".

يأتي ذلك في وقت لا يزال إسقاط القروض أو فوائدها حديث الشارع الكويتي، منذ سنوات.

وزاد الأمر في هذه الفترة كثيرا نظرا للظروف الاقتصادية السيئة التي يعيشها الكويتيون والعالم كله، ما يستدعي موقفا تاريخيا سواء من البرلمان الذي يعول عليه الكويتيون كثيرا، أو من رئيس الوزراء الشيخ "أحمد نواف الأحمد الصباح" لإعلان إسقاط كل ما لحق قروض المواطنين منذ بداية الاقتراض.

وكانت لجنة الشؤون التشريعية والقانونية البرلمانية، أقرت الشهر الماضي، الاقتراح بقانون يقضي بشراء الدولة القروض الاستهلاكية والمقسّطة والشخصية المستحقة على المواطنين، على أن يتم سداد ما قامت الدولة بشرائه من خلال "علاوة غلاء المعيشة" التي يتم تقديمها شهرياً لكل مواطن لحين الانتهاء من سداد قيمة القرض.

وينص مشروع القانون أن يكون السداد بحد أقصى 120 ديناراً (349 دولارا)، بحيث يستمر صرف علاوة غلاء المعيشة لكل مواطن لا يوجد قرض عليه.

كما ناقش المجلس اقتراح مشروع قانون بشأن إسقاط الديون عن المواطنين حين وفاتهم، وإعفاء الورثة من تحمل أي التزامات مالية كانت على المتوفى.

وقال النواب، في مذكرتهم الإيضاحية، إن "الكويت لا يصعب عليها أن تتكفل بتحمل الديون الحكومية التي على مواطنيها عند وفاتهم تخفيفا عن ورثتهم وحتى لا تزيد الأعباء المالية الملقاة على كاهلهم".

والمستحقات الحكومية المقصودة هي جميع الديون المستحقة للحكومة على المواطنين، سواء كان الدين عبارة عن قروض، كقروض إسكانية أو زواج، أو استقطاعات من المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية أو الجهات الحكومية الأخرى، وكذلك مستحقات أملاك الدولة وغيرها من الديون.

كما سبق أن قدم نواب اقتراحا بقيام البنوك وشركات التمويل بجدولة القروض الاستهلاكية للمواطنين، على أن تسدد على 12 عاما، مع جواز تنازل البنوك الإسلامية عن الأرباح المحققة لدى جدولة أصل القرض.

وفي الكويت أكثر من 515 ألف مقترض حسب بنك الكويت المركزي، وفق بيانات رسمية.

وقيمة القروض الممنوحة للكويتيين بفوائدها 15.1 مليار دينار (49.48 مليار دولار)، وإجمالي المقترضين الكويتيين المتخذ بشأنهم إجراءات قانونية نحو 11.48 ألف مقترض يشكلون 2.44% من إجمالي المقترضين.

وأمام ذلك، يمنع الآلاف من الكويتيين من السفر حتى سداد هذه المديونية، وذلك من خلال مكتب وزارة العدل في مطار الكويت.

وكثيرا ما يظهر بين وقت وآخر دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي لإسقاط الديون، وسط اختلف حول مطلب إسقاط الديون، أو على الأقل فوائدها، باعتبارها ربا.

ويقول الكوتيون إن إسقاط الديون هي القضية الوحيدة التي تنهي جميع مشاكل المواطنين، مطالبين أمير البلاد ورئيس الحكومة باتخاذ قرار في هذا الشأن، في الوقت الذي يضغطون على نواب مجلس الأمة بوضع قضية إسقاط الديون على رأس أولوياتهم.

ويكرر الكويتيون في حملاتهم إلى أن تأجيل الأقساط لا يعتبر إعفاءً من الديون؛ حيث سيظل العميل مديناً للجهة الدائنة بذات رصيد القرض عند بداية التأجيل.

في المقابل، تقول الحكومة على لسان وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة "عمار العجمي"، إن "مقترح قانون شراء القروض (الاستهلاكية والمقسطة من بعض المواطنين) يخل بمبدأ العدالة والمساواة".

ويشدد على أن "الحكومة حريصة على التعاون الإيجابي والالتزام بالحدود الدستورية دون تدخل أو تنازل"، مؤكدا أن "الاقتصاد الوطني أساسه العدالة الاجتماعية وتحقيق الرخاء في حدود القانون".

وتشير تقديرات حكومية، إلى أن الدولة لا تملك السيولة المالية الكافية لتغطية مبلغ إسقاط القروض وفوائدها، وبالتالي ستتجه الدولة للاقتراض لتغطيته.

وتضيف في الوقت ذاته، أن الفوائد التي ستترتب على اقتراض الدولة ستبلغ 8.6 مليار دينار (28.18 مليار دولار) تمتد لـ25 عاماً، ما يعني أن الكلفة الإجمالية للاقتراح بقانون في إسقاط القروض ستبلغ أكثر من 23 مليار دينار (75.38 مليار دولار).

كما يحذر اقتصاديون من أن إسقاط القروض الاستهلاكية عن الكويتيين سيلحق الضرر بالاقتصاد الوطني، وسيؤدي إلى زيادة معدل التضخم وارتفاع الأسعار وشيوع النمط الاستهلاكي داخل المجتمع الكويتي وضياع فرص التنمية.

وسبق أن نقلت وكالة الأنباء الكوتية "كونا" (رسمية) عن الخبراء قولهم إن دعوات إسقاط القروض تتعارض مع جميع القواعد المالية والأساس المنطقي.

وأشاروا إلى أن الفكرة يكتنفها العديد من أوجه عدم العدالة، متسائلين: "كيف يمكن معاقبة الملتزمين بسداد قروضهم ومكافأة غير الملتزمين؟".

كما دعا الخبراء إلى إيجاد بدائل للمتعثرين عن السداد، لأسباب خارجة عن إرادتهم.

يشار إلى أن الكويت ألغت في وقت سابق القروض الشخصية بعد التحرير من الغزو العراقي، لكن تلك كانت ظروفا استثنائية، تطلبت منها ذلك؛ حيث فقَدَ معظم الكويتيين أصولهم ومدخراتهم ومصادر دخلهم.

وفي أبريل/نيسان 2021، وافقت الحكومة على مقترح برلماني بتأجيل سداد أقساط القروض الاستهلاكية، والمقسطة في البنوك المحلية وشركات الاستثمار، لمدة 6 أشهر، بسبب تداعيات فيروس "كورونا".

وتعيش الكويت واحدة من أسوأ أزماتها الاقتصادية، بسبب تأثيرات جائحة "كورونا"، وتذبذب أسعار النفط، المصدر الرئيس لأكثر من 90% من الإيرادات الحكومية.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

إسقاط القروض يون الكويت حكومة الكويت صدام مجلس الأمة برلمان

رفض نيابي كويتي لطلب صندوق النقد تمويل مصر (فيديو)

الرواتب الاستثنائية تشعل الكويت.. وناشطون بتويتر: امتحان لمجلس الأمة

بعد خلافات مع مجلس الأمة.. الحكومة الكويتية تدرس تقديم استقالتها

"البديل الاستراتيجي" يشغل مواقع التواصل بالكويت.. عدالة للموظفين أم خدعة حكومية؟

بسبب الخلافات مع البرلمان.. صحيفة: استقالة الحكومة الكويتية خلال ساعات

بين الصدمة والقلق والغضب.. هكذا استقبل الكويتيون حكم إبطال مجلس الأمة

المركزي الكويتي يمد أجل القرض الاستهلاكي للمتقاعدين سنتين إضافيتين