اتفاق الغاز بين ليبيا وإيطاليا.. تنازلات اقتصادية لحصد مكاسب سياسية

الثلاثاء 31 يناير 2023 09:46 ص

رغم الانتقادات الموجهة لها حتى من أطراف داخل حكومة الوحدة الوطنية، لكن اتفاقية الغاز الموقعة بين مؤسسة النفط الليبية وشركة "إيني" الإيطالية تعود بمكاسب سياسية جمّة لصالح حكومة "عبدالحميد الدبيبة".

والاتفاق الموقع في 28 يناير/كانون الثاني، باستثمار 8 مليارات دولار يهدف إلى تطوير حقلين بحريين للغاز في ليبيا ورفع الإنتاج فيهما إلى 750 مليون قدم مكعبة يوميا، بداية من 2026، وتخصيص ثلث الإنتاج لتصديره إلى إيطاليا، وفق شركة إيني ومؤسسة النفط.

وحسب تقرير لوكالة "الأناضول" تكمن أهمية الاتفاق في أنه الأول من نوعه منذ 20 عاما، رغم أن الحقلين لم يتم اكتشافهما حديثا، بل تم الاتفاق على تطويرهما في 2008، لكنه تم تحديث الاتفاق بزيادة حصة إيني في المشروع من 30 إلى نحو 37%، وهو الأمر الذي اعترض عليه وزير النفط "محمد عون".

وما يجعل هذا الاتفاق "تاريخيا"، أن الحكومات الليبية المتتالية لم تتمكن طوال السنوات العشرين الأخيرة حتى في زمن "معمر القذافي" (1969 ـ 2011)  في استقطاب أي استثمارات كبيرة لشركات الطاقة العالمية منذ إنجاز مجمع مليتة بالشراكة مع "إيني" التي تستحوذ على 80% من إنتاج الغاز الليبي.

والاتفاق الجديد مع "إيني"، من شأنه تحديث قطاع الغاز في ليبيا وزيادة الإنتاج وتغطية الطلب الداخلي ورفع حجم الصادرات، بل إن رئيس مؤسسة النفط "فرحات بن قدارة"، تحدث عن مداخيل سنوية تصل إلى 8 مليارات دولار.

وتقدر الاستثمارات في الحقلين البحريين ما بين 7 و9 مليارات دولار، ويمكن أن يحقق صافي إيرادات للدولة يصل إلى 13 مليار دولار، وفق "بن قدارة".

ويمكن أن يصل الإنتاج في الحقلين إلى نحو 850 مليون قدم مكعبة في اليوم، خاصة أن احتياطياته المؤكدة تبلغ 6 تريليونات قدم مكعبة، أي خمس حقل الظهر المصري.

مكاسب سياسية

رغم أن الاتفاق تعرض لانتقادات شديدة من "فتحي باشاغا" رئيس الحكومة المعينة من مجلس النواب في الشرق، وحتى من وزير النفط في حكومة الوحدة نفسها، بعد زيادته حصة الشريك الأجنبي لكنه حقق لحكومة "الدبيبة" عدة أهداف سياسية.

فـ"الدبيبة"، ومن خلال هذا الاتفاق كسب حليفا دوليا له ثقله في صراعه على الشرعية مع حكومة "باشاغا".

فزيارة رئيسة الوزراء الإيطالية "جورجيا ميلوني"، إلى العاصمة طرابلس، وتوقيع حكومتها عدة اتفاقيات مع حكومة "الدبيبة"، يبعثان أكثر من رسالة إلى الخارج.

وأهم هذه الرسائل أن طرابلس في عهد حكومة "الدبيبة"، أصبحت آمنة وبإمكانها استقبال شخصيات لها ثقلها الدولي على غرار رئيسة الوزراء الإيطالية، ومدير الاستخبارات الأمريكية "وليام بيرنز"، ما سيشجع زعماء دوليين لزيارة طرابلس، ويعزز شرعية حكومة "الدبيبة".

ويشير التقرير إلى أن شرعية حكومة "الدبيبة"، واستقرار العاصمة الليبية تعرضا لامتحان قاس من وزراء الخارجية العرب، عندما غاب أغلبهم عن الاجتماع الذي عقد في طرابلس برئاسة "نجلاء المنقوش"، وزيرة الخارجية الليبية.

وإشراف حكومة الوحدة على توقيع اتفاقية غازية مع إيطاليا تكون بذلك ردت على كل من اليونان ومصر اللتين رفضتا توقيعها اتفاقية مع تركيا بشأن التنقيب عن النفط والغاز، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

ومن شأن ذلك، أن يشجع دولا أوروبية أخرى مثل فرنسا وألمانيا لتوقيع اتفاقيات مماثلة، في ظل سعيها لتأمين احتياجاتها من الغاز بعيدا عن روسيا.

انتقادات

ورغم أنه أحد أعضاء حكومة الوحدة، فإن وزير النفط "محمد عون" اعترض على الاتفاق، وساق لذلك عدة مبررات من بينها أن "مناصفة التكلفة الاستثمارية في هذا المشروع من خرينة الدولة وبين الجانب الإيطالي أمر مجحف".

ورفض أيضا زيادة حصة إيني في المشروع من 30% في الاتفاق الموقع في 2008، إلى 37% في الاتفاق الجديد، واعتبر أن الاتفاق يفتقد إلى "الندية" بين الجانبين.

كما أثار وزير النفط الذي لم يحضر مراسم التوقيع، تمرير الاتفاق عبر مجلس الطاقة بدل وزارة النفط، ما اعتبره سلبا لصلاحياتها.

وقد يكون "عون"، محقا من الناحية الاقتصادية وربما القانونية، لكن إذا نُظر إلى الموضوع من زاوية سياسية أو كلية، فإن مؤسسة النفط كانت مضطرة لتقديم تنازلات لإقناع إيني للعودة لتطوير الحقلين الغازيين، فمع اشتداد المنافسة لم تعد الشركات العالمية تهتم بالنشاط في الدول التي لا تملك قوانين أكثر جاذبية للاستثمار، خاصة بعد تحويل هذه الشركات استثمارات أكثر نحو الطاقات النظيفة.

كما أن "الدبيبة" بحاجة إلى حليف أوروبي قوي لموازنة الدعم الروسي والمصري لحكومة "باشاغا"، خاصة بعد مقاطعة دول عربية مثل مصر والسعودية والإمارات والأردن والمغرب لاجتماع وزراء الخارجية العرب في طرابلس.

ولم يحضر الاجتماع سوى وزيري خارجية الجزائر وتونس بالإضافة إلى وزير الدولة للشؤون الخارجية القطري، بينما شاركت سلطنة عمان وفلسطين وجزر القمر بتمثيل دبلوماسي أقل.

المصدر | الخليج الجديد + وكالات

  كلمات مفتاحية

ليبيا إيطالية اتفاق الغاز حكومة الدبيبة حكومة الوحدة الوطنية الليبية

طموح عابر للبحر المتوسط.. هل تصبح إيطاليا ممرا للطاقة بين أفريقيا وأوروبا؟

خطوة تعزز الانقسام.. البرلمان الليبي يعدل منفردا "الإعلان الدستوري" لإجراء انتخابات

ناشونال إنترست: ليبيا أصبحت "ثمرة معلقة".. وبوتين يتحرك لقطفها

عبر البحر المتوسط.. أتلانتك كاونسل: شراكة إيطالية جزائرية تمهد لجسر جيو-اقتصادي

بعد حظر 10 سنوات.. انطلاق أول رحلة جوية من ليبيا إلى إيطاليا