ميدل إيست آي: أطباء مصر يستقيلون بأعداد مخيفة.. ومستشفيات الدولة على شفا الانهيار

الخميس 2 فبراير 2023 07:55 ص

رصد تقرير نشره موقع "ميدل إيست آي"، المعدلات التي باتت خطيرة لظاهرة هجرة الأطباء في مصر، بسبب تدني رواتبهم وتدهور بيئة عملهم، لاسيما في المستشفيات الحكومية، محذرا من انهيار محتمل للقطاع الطبي الحكومي في مصر، والذي يخدم أكثر من 60 مليون مواطن بالبلاد جراء هذه الأزمة.

وقال التقرير، الذي ترجمه "الخليج الجديد"، إن استقالات الأطباء من المستشفيات الحكومية باتت جماعية، ففي عام 2022 وحده، استقال 4261 طبيبًا من وظائفهم في المستشفيات الحكومية في مصر، وفقًا لتقرير نشر هذا الشهر من قبل نقابة الأطباء.

وقالت النقابة إن هذه الأرقام هي الأعلى في السنوات السبع الماضية، حيث انسحب ما مجموعه 21068 طبيباً من القطاع الحكومي.

ووفقا للدكتور "أحمد حسين"، رئيس اللجنة الإعلامية في النقابة، قد يكون العدد الفعلي للأطباء المستقيلين العام الماضي أكبر من المقدّر .

ومن بين 212 ألفا و853 طبيبًا مسجلين في نقابة الأطباء، غادر أكثر من نصفهم، 120 ألفا، مصر بالفعل إلى بلدان أخرى في السنوات القليلة الماضية.

ووفقًا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (حكومي)، كان هناك ما مجموعه 91 ألفا و500 طبيب يعملون في مصر في عام 2020.

وأشار التقرير إلى أن عمليات الهجرة تسببت في نقص حاد في الكوادر بمستشفيات الدولة في البلاد وتمثل نسبة منخفضة جدًا من الأشخاص إلى الأطباء.

ففي عام 2019، كان هناك 0.7 طبيب لكل ألف شخص في مصر، وفقًا للبنك الدولي، مقارنة بالنسبة في ليبيا المجاورة، على سبيل المثال، حيث كان هناك 2.1 طبيب لكل 10 آلاف شخص في عام 2017، أو الجزائر حيث كان هناك 1.7 طبيب لكل 10 آلاف شخص في عام 2018.

وقد تعرضت حكومة الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي"، والذي يتولى السلطة منذ 2014، لانتقادات لفشلها في إعطاء الأولوية للرعاية الصحية في ميزانيتها السنوية، وفضلت بدلاً من ذلك الإنفاق على مشاريع البناء الضخمة وسداد الديون، كما يقول التقرير.

ويضيف: "على الرغم من زيادة الإنفاق على الرعاية الصحية في الميزانية في السنوات الأخيرة، لكن الحكومة ظلت أقل من الحد الأدنى المنصوص عليه دستوريًا للإنفاق على الصحة (3% من إجمالي الدخل القومي)".

ويقول الدكتور "أحمد حسين" إن حوالي 2000 من خريجي كليات الطب رفضوا التدرب في القطاع الصحي الذي تديره الدولة في عام 2022.

ويتعين على خريجي كليات الطب البالغ عددها 27 في البلاد الحصول على تدريب داخلي في مستشفى أو عيادة تديرها الدولة لمدة عامين قبل منحهم ترخيصًا لممارسة تخصص طبي.

ومع ذلك، فإن فترة التدريب والسنوات اللاحقة أصبحت كابوسية بالنسبة لبعض الأطباء، ما يدفعهم إلى الاستقالات الجماعية، بسبب تدني الرواتب، حيث يحصل الطبيب المتدرب على راتب يتراوح بين 60 و70 دولارا شهريا، وهو مبلغ لا يكفي متطلباتهم الأساسية، عوضا عن تكاليف دراسة الطب الكبيرة.

وحتى الأطباء الكبار، يسخرون من رواتبهم، حيث ينقل "ميدل إيست آي" عن طبيب قلب كبير في مستشفى حكومي قوله متندرا إن راتبه بعد خدمة 20 عاما بالقطاع "يكفي بالكاد لشراء سروال وقميص وبعض الجوارب".

وقال ذلك الطبيب إن إدارات المستشفيات تعاقب الأطباء على ارتكابهم أخطاء بإرغامهم على العمل أكثر، وأن جميع الأقسام في مستشفاه تقريبًا تعاني من نقص في الموظفين، ولهذا قد يعمل طبيب واحد أو طبيبين في أقسام يجب أن يعمل فيها 6 أو 7 أطباء.

وينذر ما سبق بتهاوي العمل في المستشفيات التي تديرها الدولة، والتي تعد العمود الفقري للقطاع الصحي في مصر، حيث تقدم العلاج والخدمات لمئات الآلاف من الأشخاص يوميًا، مجانًا تقريبًا، وفق التقرير.

وفي عام 2020، كان هناك 662 مستشفى مملوكًا وتديره الدولة في مصر، وفقًا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ذراع الإحصاء في الحكومة المصرية.

وقال الجهاز إن 57 مليون مصري لديهم تأمين صحي وطني في نفس العام أي ما يقرب من نصف سكان مصر.

وعلى الرغم من تدهور أوضاع هذه المستشفيات، فإنها تظل الملاذ الأخير لذوي الدخل المنخفض. يقدر أن 60 مليون شخص يعيشون تحت خط الفقر أو فوقه بقليل (3.20 دولار في اليوم) في مصر.

ويحتاج المرضى ثروة إذا طلبوا العلاج في أي من المؤسسات الصحية الخاصة في البلاد، مع ارتفاع أسعار الأدوية بشكل كبير ورفع المستشفيات أسعار خدماتها.

ويقول التقرير: "ينتهي الأمر بالأطباء الذين تركوا المستشفيات التي تديرها الدولة إما للعمل في إحدى المؤسسات الصحية الخاصة في البلاد التي تغري الأطباء العاملين في الدولة بالمال والامتيازات الأخرى، أو مغادرة مصر تمامًا إلى دول الخليج الغنية أو أوروبا".

وبدأ نواب برلمانيون بمطالبة الحكومة بالعمل على إجراءات لوقف هجرة الأطباء، فقد شعروا بالقلق من تنامي الظاهرة.

وتعليقًا على استقالات الأطباء، قال وزير الصحة "خالد عبدالغفار"، في ديسمبر/كانون الأول الماضي إن وزارته تعمل جاهدة لتحسين الأوضاع المالية للأطباء وإقناعهم بعدم المغادرة. وفي أغسطس/آب 2022، أصدر "السيسي" تعليمات إلى الحكومة بزيادة رواتب الأطباء العاملين في المستشفيات الحكومية.

ومع ذلك، قال مسؤولو نقابة الأطباء إن هذا لم يفعل شيئًا لإرضاء الأطباء ماليًا. وقال "إبراهيم الزيات"، عضو مجلس النقابة: "الزيادة بعيدة عن أن تكون كافية خاصة بسبب ارتفاع أسعار السلع الأساسية، والحكومة في حاجة ماسة إلى إقرار رواتب الأطباء بشكل جيد، أو أنها لن تنجح في وقف موجة الاستقالات".

المصدر | ميدل إيست آي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

هجرة الأطباء الأطباء في مصر استقالات رواتب الأطباء نقابة الأطباء المسشفيات الحكومية السيسي

هجرة جماعية.. نزيف الأطباء يهدد صحة المصريين