المسافة بين البحرين وإيران: استنشاق التوتر

الثلاثاء 9 سبتمبر 2014 11:09 ص

منذ ما يقارب 35 عامًا، والاتهامات المتواترة بين البحرين وإيران لا تهدأ، وخصوصًا من قبل الطرف البحريني الذي دأب على اتهام إيران بالتدخل في شؤونه الداخلية، مرة عبر تجنيدها لعناصر بحرينية من أجل زعزعة الأمن، وتقويض نظام الحكم، ومرة عبر الدعاية الإيرانية بادّعائها الحق في السيطرة على أرخبيل الجزر متناهي الصغر الواقع في أحضان الضفة الغربية من الخليج العربي.

ولكن عمر هذا التوتر الذي يعيشه البلدان، غير المتساويين في أي من تفاصيلهما، يعود إلى ما هو أبعد أكثر من العقود الثلاثة الماضية. فمع تغير شكل الحُكم، وتعاقب الحكّام والساسة، وتبدّل الشخوص؛ ظلت المسألة الأساسية التي تجعل من "التوتر" العنوان الأعرض للعلاقة بين البلدين، على ما هي عليه.

تميل البحرين إلى الاستقواء بمحيطها الخليجي الذي يشكّل عمقها الاستراتيجي، وهو عمق متعدد الجوانب من نواحيه الجغرافية، والقبائلية، والقومية، والمذهبية، وهي جميعها على النقيض من الطرف الإيراني. وإذا كانت إيران ما قبل الثورة تطالب بالبحرين كنوع من "الكبرياء" الذي لم يكن ليقبل أن تنتقل هذه الجزيرة من تبعيتها المباشرة وغير المباشرة إلى الاستقلال؛ فقد أضيف إليها بعد الثورة عاملان على الأقل، وهما: "تصدير الثورة"، والدفاع عن "المستضعفين في الأرض"، أي: الشيعة.

وقد استثمرت إيران الحجّة الثانية سياسيًا عندما كانت بهلوية كما سبقت الإشارة، وبقيت تستثمرها عندما تحولت إلى جمهورية إسلامية مضافًا إليها البعد الثوري.

بقيت المسافة بين إيران والدول العربية الخليجية متوترة لأسباب تتعلق بالتاريخ الممتد من الهيمنة والنفوذ والحروب، وكذلك بالانشقاق المذهبي بين الطرفين. وتوِّجت هذه العلاقة سلبيًا بقيام الثورة لتتأسس دولة شيعية على الشاطئ الشرقي للخليج في قبالة القطب السني الذي تمثله المملكة العربية السعودية؛ مما أجّج الخلاف، وقسّم الخليجيين إلى قسمين وجدانيًا: سني مع السعودية وبقية الدول، وشيعي مع إيران.

أدخل قيام الثورة الإيرانية وتأسيس الجمهورية الإسلامية تلك الجمهورية الوليدة في عزلة جديدة مضاعفة؛ إذ إنها باتت أكثر غربة من ذي قبل عن جاراتها، وبات من مصلحتها تصدير الثورة لتضمن بيئة متوافقة معها تقوّي مواقفها التي اتخذتها تجاه الغرب والولايات المتحدة بشكل خاص، وهي "علاقات يتحكم فيها إلى حد كبير رجال الدين المتشددون ذوو السلطة، وهؤلاء يرون في التقرب من دول الخليج استسلامًا للأجندة الأميركية في المنطقة، وأن هذه الدول هي دول عميلة لها، تنفذ استراتيجيتها وبالتالي التآمر على إيران بهدف إضعاف دورها. وأيضًا هناك قطب إصلاحي معتدل يدعو إلى نهج سياسة خارجية أكثر انفتاحًا حتى تتمكن إيران من إنعاش اقتصادها وسط هذه العقوبات الدولية". 

لذلك لم تتنازل إيران الثورة عن أية مكاسب حققتها إيران الشاه؛ فهي لم تسْعَ إلى حل مشكلة الجزر الإماراتية الثلاث، بل اتخذت عدة مواقف على مدى السنوات الثلاثين الماضية من شأنها توتير العلاقات، كون هذه الجزر قادرة على التحكم في مضيق هرمز. كما أن مطالباتها بالبحرين أضافت إلى الشكل الكلاسيكي أشكالاً أخرى من التغذية الإعلامية، وهو ما يمكن الجزم به، إضافة إلى الكثير من التقارير البحرينية والخليجية التي تشير إلى التدخل اللوجستي استثمارًا لتبرّم طائفة من الشيعة من أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وتزعزع الثقة بينها وبين الحكم خصوصًا بعد قيام الثورة.

من المرجح أن العلاقات البحرينية -الإيرانية ستبقى على حال متراوحة بين التوتر والانسجام بحسب طبيعة من يتولى السلطة في إيران؛ إذ تخفت هذه التوترات مع وصول رؤساء إصلاحيين أو معتدلين، وتزداد في حال تسلم السلطة من قبل متشددين، ولكنها علاقات لا تصل، وليس متوقعا لها الوصول، إلى درجة عالية من الثقة ما دامت على الضفتين ثغرات يمكن أن تتسلل منها رغبات إذكاء الصراع والاستفادة من التوترات.

 

المصدر | مختصرة من ورقة بحثية: غسان الشهابي، المسافة بين البحرين وإيران: استنشاق التوتر، مركز الجزيرة للدراسات

  كلمات مفتاحية

إيران الشيعة

البحرين تتلقى الخطة السياسية الأخيرة بتظاهرات منددة

لماذا ينبغي على «أوباما» أن يضغط على البحرين بدلا من منحها الشرعية؟

طهران تتمسك بسيادتها على الجزر الإماراتية وترفض تصريحات «بن زايد» في الأمم المتحدة

التوتر يُغلّف التحالف الأمريكي - البحريني

إصابة شرطيين في إنفجار قنبلة شمال البحرين

إيران ودول الخليج العربي: علاقات متنوعة تتجاذبها الشكوك والضرورة

المركزي البحريني يضع بنك المستقبل وشركة التأمين الإيرانية تحت إدارته

إيران والبحرين... إرث مديد من التوتر

مصرف البحرين المركزي: لم نتخذ قرارا بشأن مصير بنك المستقبل الإيراني

«ظريف»: إيران ترفض المساس بحقوق شعب البحرين من قبل «مجموعة»