جورج فريدمان: تكرار مؤلم للحرب الباردة حال هزيمة أوكرانيا أمام الكماشة الروسية

الثلاثاء 21 فبراير 2023 07:26 ص

هل يمكن لأوكرانيا صد هجوم روسي كبير من الشمال والجنوب، من المحتمل حدوثه خلال الأشهر المقبلة؟ وماذا لو سقطت في هكذا هجوم؟ حول إجابة هذا السؤال دار تحليل للخبير الدولي في الشؤون الجيوسياسية والاستراتيجية "جورج فريدمان"، مشيرا إلى أن احتمال شن هجوم "الكماشة الروسية" أصبح مثار نقاش عام في روسيا، وهو الاحتمال الذي سبق أن نوه إليه في مقالاته.

وذكر "فريدمان" في تحليله الذي نشره موقع مركز "جيوبوليتيكال فيوتشرز" الأمريكي وترجمه "الخليج الجديد"، أن أداء أوكرانيا العسكري، خلال العام الماضي، كان أفضل بكثير مما كان متوقعا، بينما كان أداء روسيا أسوأ بكثير، لكن حجم القوى الكبرى "يمنحها الموارد اللازمة للتعافي من الهزائم المبكرة" حسب تعبيره.

وأضاف: "رغم أن روسيا يمكنها، من الناحية النظرية، التمسك بأوكرانيا ووضعها على حافة الانهيار، إلا أن القيام بذلك سيكون بمثابة خطوة الملاذ الأخير".

ما هي الخطوات السابقة على ذلك إذن؟ يشير "فريدمان"، في معرض الإجابة، إلى مؤشرات على أن بيلاروسيا تفكر في دخول الحرب، موضحا: "رغم أن فائدتها محدودة، إلا أن معرفتها بتوازن القوى في أوكرانيا قد تكون مفيدة لموسكو". وإزاء ذلك، دعت فرنسا ودول أوروبية أخرى رعاياها إلى مغادرة بيلاروسيا.

وإذا لم يعد الأوكرانيون قادرين على المقاومة بشكل فعال، سيكون الطريق مفتوحا لروسيا وحليفتها بيلاروسيا إلى بولندا ورومانيا، عضوي حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ما ينذر بالسيناريو الأسوأ، وهو الحرب المباشرة بين الحلف، الذي تقوده الولايات المتحدة، وروسيا.

أما السيناريو الثاني فهو تكرار حالة الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي السابق، وهو ما يرجحه "فريدمان"، قائلا: "لم تحدث تلك الحرب أبدًا لأن روسيا لم يكن لديها القوة للتدخل وهزيمة الناتو والجهات الداعمة له من الولايات المتحدة. لم يكن الروس مستعدين للهجوم نظرًا لخطر الفشل وإمكانية حدوث تبادل نووي".

ومع ذلك، يرى "فريدمان" ضرورة نظر الولايات المتحدة في مخاطر التدخل العسكري إذا احتلت روسيا أوكرانيا، مضيفا: "ليس سراً أن الرئيس "فلاديمير بوتين"، وهو عميل سابق في المخابرات السوفيتية، يعتبر انهيار الاتحاد السوفيتي كارثة جيوسياسية، ما يعني أنه قد يرى انهيار القوة الروسية في وسط أوروبا أمرًا مؤسفًا بنفس القدر.

ويصيف "فريدمان": "لذا، فإن العودة إلى حدود الحرب الباردة بعد هزيمة أوكرانيا من شأنها أن تقطع شوطاً طويلاً في استعادة الموقف الجيوسياسي لروسيا".

وسيثير ذلك تساؤلًا حول ما إذا كانت روسيا ستضغط أكثر باتجاه الغرب ومتى سيحدث ذلك، ما سيضع أوروبا في موقف لم تتخيله أبدًا، وهو العيش مع عدو قوي على حدودها.

ومن شأن احتلال روسي لأوروبا أن يهدد سيطرة الولايات المتحدة على المحيط الأطلسي، وهو الشيء الذي خاضت واشنطن من أجله حربين عالميتين.

الأسهل من هذا السيناريو، حسبما يرى "فريدمان" أن يتدخل الجيش الأمريكي بشكل مباشر في أوكرانيا حال سقوطها أمام هجوم "الكماشة الروسية" الكبير، لأنه "سيكون قادرا على المناورة بسهولة أكبر في أوكرانيا، وسيكون لديه شبكة من الحلفاء القريبين".

ويضيف الخبير الاستراتيجي: "إذا انهارت دفاعات أوكرانيا، فسيتعين على الولايات المتحدة اتخاذ بعض القرارات السريعة، أو التنفيذ السريع للقرارات التي تم اتخاذها بالفعل، إذ يمكن أن ترسل قوات إلى أوكرانيا لمحاولة إجبار روسيا على الانسحاب".

ويؤكد "فريدمان" أن الاشتباك المباشر مع القوات الروسية بقوة محدودة يمكن أن يكون عملية طويلة ومؤلمة "لكن قبول هزيمة أوكرانيا عسكريا سيفتح الباب أمام روسيا لإعادة ترتيب أوروبا مرة أخرى".

ستكون الحرب الباردة الثانية، في هذه الحالة "النتيجة الضرورية غير مرغوب فيها"، وبالتالي، فإن "تعزيز أوكرانيا قبل انهيارها سيكون خيارًا أقل خطورة وتكلفة" حسبما يؤكد "فريدمان". 

ويتابع موضحا: "إذا سقطت أوكرانيا، ستضطر الولايات المتحدة إلى الاشتباك مع روسيا. وسيكون القتال المباشر في أوكرانيا خيارًا، والقيام بذلك سيكون مؤلمًا من الناحية السياسية. ونادرا ما يُكافأ الرؤساء على تجنب تهديد لم يتحقق بعد، حتى لو كان لا مفر منه".

ويختم "فريدمان" تحليله بالتأكيد على أنه لا يتوقع سقوطا وشيكا لأوكرانيا، لكنه يناقش الخيارات الواجب اتخاذها إذا سقطت، مشرا إلى أن "الحكمة ومؤشرات الهجوم الروسي القادم، تتطلب ذلك".

المصدر | جيوبوليتيكال فيوتشرز - ترجمة وتحرير: الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

جورج فريدمان أوكرانيا روسيا الحرب الباردة بيلاروسيا الاتحاد السوفيتي

كيف تدير الحكومة الأوكرانية ماكينة الدولة والحرب بعد عام من بدء الغزو؟

محاولة لتطبيع الحرب والعزلة.. قراءة في خطاب بوتين للروس

حرب روسيا وأوكرانيا في ذكراها الأولى.. ضجيج المعارك يتواصل وتمترس حول المواقف بلا تنازلات