ندد ناشطون ومنظمات حقوقية بالأحكام التي أصدرتها محكمة طوارئ مصرية، في القضية المعروفة إعلاميا باسم "التنسيقية المصرية"، لافتين إلى أن هذه الأحكام تمثل "نموذجا للظلم وللعدالة الغائبة في مصر".
والأحد، قضت محكمة أمن الدولة العليا (طوارئ)، بالسجن لفترات ما بين 5 إلى 25 عاما على ناشطي التنسيقية المصرية للحقوق والحريات، في قضية تعود لسنة 2018.
طال الحكم بالسجن بالمؤبد (25 عاما)، 17 شخصا بينهم 3 نساء، بينما طالت أحكام السجن المشدد لمدة 15 عاما، 7 أشخاص، بينهم المحاميان عزت غنيم ومحمد أبوهريرة.
وجاء الحكم ضد عائشة خيرت الشاطر بالسجن لمدة 10 سنوات، بينما قضت المحكمة بسجن المحامية هدى عبد المنعم (العضوة السابقة بالمجلس القومي لحقوق الإنسان) لمدة 5 سنوات.
وأمرت المحكمة بوضع المحكوم عليهم تحت مراقبة الشرطة لمدة 5 سنوات تبدأ بعد انقضاء مدة العقوبة المُقضي بها لكل منهم، كما وجهت بإدراج المحكوم عليهم على قوائم الكيانات الارهابية والكيان التابعين له.
وأدانت المحكمة المتهمين بالعديد من التهم منها، الانضمام لخلية إرهابية، والتخطيط لارتكاب جرائم عدائية، ووجه لبعضهم تهم تمويل الإرهاب، وحيازة أسلحة نارية، والتخطيط لارتكاب علميات عدائية، واستخدام مواقع التواصل لتبادل المعلومات بين أعضاء الخلية.
وتعد أحكام محكمة أمن الدولة العليا (طوارئ) نهائية، بعد تصديق رئيس الجمهورية عليها، إذ لا توجد مراحل تقاض أخرى بعدها.
الأسماء والأحكام كاملة في قضية التنسيقية المصرية الصادرة اليوم من محكمة أمن الدولة العليا طوارئ..
— Abdelrahman.Fares (@abdofares) March 5, 2023
وقررت المحكمة إدراجهم جميعا على قوائم الكيانات الإرهابية، وغلق موقع التنسيقية المصرية للحقوق والحريات، ومصادرة المضبوطات، ووضعهم تحت المراقبة لمدة خمس سنوات بعد انتهاء مدة العقوبة. pic.twitter.com/gyyxagNFG8
وفي أول رد فعل لها، وصفت "التنسيقية المصرية للحقوق والحريات"، الحكم عبر بيان بأنه "نموذج للظلم والعدالة الغائبة في مصر"، مؤكدة أن "هذه المحاكمة تمثل نموذجا لما تقوم به الحكومة المصرية من التنكيل والانتقام من الحقوقيين المصريين".
وأضافت: "ودليل إضافي على كذب ادعاءات جدية الحوار الوطني، وما يطلق عليه الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، ورفع حالة الطوارئ، التي ما زالت مستمرة بقوانين قمعية أخرى، حيث تقوم محاكمها الاستثنائية (محاكم أمن الدولة طوارئ) بإهدار جميع ضمانات المحاكمة العادلة".
وفي تعليقه، قال الحقوقي المصري خلف بيومي: إن "الحكم صادم جدا، وغير متوقع على الإطلاق، نظرا لكون القضية ما كان لها من البداية أن تحال لمنصة قضاء، وما كان لمن صدر عليهم أحكام أن يتم القبض عليهم من البداية".
وأضاف مدير مركز "الشهاب لحقوق الإنسان": "لكننا أمام تفكير ورؤية العسكر في التعامل مع معارضيه ومنتقديه، خاصة لو كانوا ممن ساهموا في كشف حجم الانتهاكات المرتكبة من النظام".
ولفت إلى أن "دلالات الحكم كثيرة، منها أن القضاء المصري وسمعته قد واراها التراب، فلم يعد بمصر إلا القضاء العسكري والاستثنائي، وهي دوائر وبيانات تنفذ رغبة النظام".
بينما قال الحقوقي هيثم أبوخليل، إن هذا الحكم يمثل تنكيلا بمجموعة من المحامين والحقوقيين ومجموعة من الرهائن تربطهم صلة القرابة، مؤكدا أن "هذه جريمة كبيرة، وتُسقط مزاعم العفو الرئاسي، والحوار الوطني، فكل هذا عبث وتهريج".
من جانبها، قالت هبة حسن المديرة التنفيذية للتنسيقية المصرية، إن هناك مبالغة شديدة في الأحكام، موضحة أن الأحكام لا تتناسب مع التهم الموجهة إلى المتهمين، مشيرة إلى أن التهم تتعلق بالأفكار وليست تهمًا جنائية.
وذكرت أن المتهمين في القضية لم يحصلوا على محاكمة عادلة، وأن بعض المتهمين تعرضوا لإخفاء قسري وبعضهم تعرض للتعذيب.
المديرة التنفيذية للتنسيقية المصرية للحقوق والحريات: الأحكام في قضية "التنسيقية" كانت صادمة للجميع #المسائية #مصر pic.twitter.com/9XnG6YlueS
— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) March 5, 2023
بدورها، قالت جهاد خالد، ابنة الناشطة الحقوقية المحكومة عليها هدى عبدالمنعم، إن العائلة لم تتمكن من زيارة والدتها سوى مرة واحدة فقط طوال السنوات الماضية.
وأضافت أن والدتها ظلت محبوسة احتياطيًا بدون توجيه أي تهمة لثلاث سنوات كاملة.
وأكدت جهاد أنه لم يتم تطبيق القانون خلال كل مراحل القضية، سواء عند عملية القبض على والدتها أو خلال المحاكمة أو حصولها على محاكمة عادلة.
وأشارت إلى أن والدتها مسنة ولا تحصل على الرعاية الطبية التي تحتاجها، كما لم تتمكن الأسرة من الاطلاع على التقارير الطبية الخاصة بوالدتها.
ابنة الناشطة الحقوقية المعتقلة هدى عبد المنعم: أكثر من أربع سنوات ونحن ممنوعون من زيارة والدتي #المسائية #مصر pic.twitter.com/ClOIpnqpdD
— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) March 5, 2023
وطوال فترة التحقيق والمحاكمة، التي بدأت في 11 سبتمبر/أيلول، مُنع المتهمون من التحدث إلى محاميهم على انفراد، كما تم استجواب العديد منهم من قبل وكلاء نيابة أمن الدولة العليا بدون حضور محاميهم.
وعُقدت جلسات المحكمة سرًا في مجمع سجون بدر، على بعد نحو 70 كيلومترًا شرق القاهرة، ومُنع المراقبون وأفراد الجمهور وأقارب المتهمين من حضور الجلسات.
وأشار المحامون أيضًا إلى عدم السماح لهم بالوصول إلى ملفات قضايا موكليهم أثناء التحقيق.
وقالوا أيضًا إنَّ المحكمة اعتمدت على شهادات شهود العيان من ضباط قطاع الأمن الوطني، والتي تم قبولها بدون استجواب كافٍ، ولم تسمح لجميع المتهمين بالتحدث في المحكمة.
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، جاءت ردود الفعل بشأن الحكم حزينة من الكثيرين، الذين نددوا بالحكم وعبروا عن صدمتهم منها.
هدى عبد المنعم اللي اتحكم عليها ب ٥ سنين النهاردة
— Mona Seif (@Monasosh) March 5, 2023
عائشة الشاطر اللي اتحكم عليها ب ١٠ سنين النهاردة
الاثنين بيتنقلوا كل جلساتهم من السجن للمحكمة بقالهم شهور في عربيات اسعاف
ده بس يبينلك قد ايه حالتهم الصحية هشة والنظام عارف لكن ما فرقش في مستوى التنكيل والانتقام!
العدل و الحرية ، أسس تبنى عليها الدول و تستقر بها النظم ، أحكام جزافية بالسجن على مصريين شرفاء " فقط لكونهم يدافعون عن حقوق الانسان المصري "#التنسيقية_المصرية #هدى_عبدالمنعم #عائشة_خيرت_الشاطر #عزت_غنيم #محمد_ابوهريرة pic.twitter.com/Gnmoatr5Mc
— د.حلمي الجزار (@Helmy_Elgazar) March 5, 2023
Sentences between 5 and 15 years for rights defenders after nearly 5 years of pretrial detention
— Yousuf Abdelfatah (@yaabdelfatah) March 5, 2023
In a decision by an Emergency State Security Court that can’t be appealed despite the state of emergency being lifted a 1.5 years ago
Injustice to the highest degree #FreeThemAll https://t.co/0Q2bldpCIg
اللهم ارفع الظلم عن #هدي_عبدالمنعم #عائشة_الشاطر #عزت_غنيم #محمد_ابوهريرة وجميع معتقلي التنسيقيه اللي جلسة النطق بالحكم عليهم بعت ساعات. معروف ان الدعاء بيغير القدر فأكثروا من الدعاء لان ربنا رزقنا بقضاء زي القدر عمره مكان عادل ولا منصف.
— HalemHenish (@HenishHalem) March 5, 2023
وكانت الصدمة الأكبر بين الناشطين، هي الأحكام الصادرة ضد النساء، لافتين إلى أن ما جرى بحقهن لا علاقة له بالمروءة ولا الإنسانية.
ابنة #عائشة_خيرت_الشاطر بعد الحكم عليها: "عايزين يحرموني منك يا ماما 10 سنين!" #التنسيقية_المصرية #مصر@ajmhashtag pic.twitter.com/wR4IRamCUH
— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) March 5, 2023
The sentences have been handed down after 5 years of pretrial detention https://t.co/UOWFKXz3V7
— Sara Khorshid سارة خورشيد (she/her) (@SaraKhorshid) March 5, 2023
وندد الناشطون بالعقوبات على أشخاص تربطهم ببعض صلة قرابة، كأحمد ومحمد الهضيبي، حفيدي مرشد الإخوان الثاني حسن الهضيبي، وعائشة خيرت الشاطر وزوجها محمد أبوهريرة.
Today, 3 lawyers in Egypt were sentenced to between 5 and 15 years by an emergency state security court--the verdicts of which cannot be appealed.
— Mai El-Sadany (@maitelsadany) March 5, 2023
A harrowing example of lawyers being sentenced for their legal defense work. @L4L_INT @LSHumanRights @BarHumanRights @CCBEinfo pic.twitter.com/hGlf25NWp6
القاضي محمد سعيد الشربيني اللي اصدر الأحكام الظالمة النهاردة في قضية التنسيقية المصرية، هو نفسه اللي اصدر الأحكام في قضية الجوكر اللي معظمهم اتقبض عليهم وهم قصر وبرضو اخدوا احكام مرعبة من ٥-١٥ سنة ومافيش اي اتهامات عنف فيها
— Mona Seif (@Monasosh) March 6, 2023
ظلم بين!
ربنا يرد له كل حكم ظلم قاله في صحته وراحة باله
وتساءل الناشطون عن دور لجنة العفو والحوار الوطني وما أشيع مؤخرا عن مصالحات خلال هذه الفترة في ظل هذه الأحكام.
قبل الجلوس مع أرجوزات النظام فيما يدعي أنه حوار وطني، طالبوا بوقف المحاكمات الاستثنائية واطلاق سراح معتقلي الراي. اليوم #عزت_غنيم حكم علية ب ١٥ سنة سجن لان محامي يدافع عن المظلومين pic.twitter.com/hnC36RVet7
— Shaimaa Aboelkhir (@ShaimaAboElkhir) March 5, 2023
شوفوا #الحوار_الوطني على حقيقته
— Mona Seif (@Monasosh) March 5, 2023
امبارح محمد عادل اتحال لمحاكمة
النهاردة احكام مرعبة في قضية التنسيقية المصرية من ٥ سنين ل ١٥ سنة، كلها احكام من محكمة استثنائية لا يجوز الطعن عليها
مافيش حاجة اسمها هيخرجولكم الناس "بتاعتكم" وتبدأوا حوار وهم متمسكين بمكنة العنف والجنون والظلم دي pic.twitter.com/5BZshms8Nw
الاحكام الاجرامية الغاشمة من محكمة استثنائية احكامها نهائية على نشطاء حقوقيين في #التنسيقية_المصرية_لحقوق_الانسان بالسجن المؤبد
— أسامة رشدي (@OsamaRushdi) March 5, 2023
مرفوضة وهي الإرهاب بعينه
وتعكس حقد المجرم #السيسي على الحركة الحقوقية المصرية التي فضحته وكشفت عوراته للعالم كله
عمر السجن ما قتل فكرة
والطغيان إلى زوال pic.twitter.com/tb6dZYsxzL
الدكتور جمال: حشمت عبر حسابة فيس بوك.
— الإخوان المسلمون ⚔️ أمل الأمة (@ekhwan1928) March 6, 2023
بعد أحكام اليوم علي المحامين والابرياء رجالا ونساءا في قضية التنسيقية يتأكد لي يوما بعد يوم أن السيسي (شخصا ومنظومة ) هو المشكلة وأنه لن يكون جزءا من أي حل قادم وحسبنا الله ونعم الوكيل واللهم الطف بنا فيما جرت به المقادير@dr_gamalheshmat pic.twitter.com/SRPBRETEEh
في مصر.. المحامي مسجون لممارسته مهنته، والباحث مسجون لممارسته مهنته، والصحفي مسجون لممارسته مهنته، ومن يسجن هؤلاء جميعا هو الشخص الوحيد الذي يمارس مهنة غير مهنته.
— Mohamed Tolba Redwan (@Tolba_Radwan) March 5, 2023
النهاردة يوم عنوانه الظلم
— Mona Seif (@Monasosh) March 5, 2023
مافيش ولا حد في الدولة دي بيراجع نفسه ولا مخضوض بجد من الحال اللي مصر وصلتله: لا عدالة ولا اقتصاد ولا اعلام كله اتدمر واتشوه وبقى نسخ مختلفة من "عبد المأمور" والمأمور بتاعهم غاوي خراب وظلم
مصر بلا كرامة لأي مواطن فيها
حزن بس
وعشية النطق بالحكم كتبت مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بوضع المدافعين عن حقوق الإنسان ماري لولور، على موقع "تويتر"، أنها ستتابع الحكم المرتقب، لافتة إلى "4 محامين بارزين في القضية تم احتجازهم تعسفيا في 2018، واختفوا قسريا، وعذبوا، وحُرموا من الزيارات العائلية، واتُهموا في محاكمة جائرة بالانضمام إلى جماعة إرهابية".
سأتابع عن كثب الحكم المتوقع لمحكمة أمن الدولة طوارئي في مصر غدًا في قضية 4 مدافعين ومدافعات عن حقوق الإنسان تم احتجازهم تعسفيًا في 2018 ، واختفوا قسريًا ، وعذبوا ، وحُرموا من الزيارات العائلية ، واتُهموا في محاكمة جائرة بالانضمام إلى جماعة إرهابية.@PMEgypt_Geneva
— Mary Lawlor UN Special Rapporteur HRDs (@MaryLawlorhrds) March 4, 2023
وقبل أيام، دعت منظمة العفو الدولية "أمنستي" السلطات المصرية بالإفراج فورًا عن الناشطين الذين يحاكَمون جميعًا بـ"تهم هزيلة نابعة من عملهم في مجال حقوق الإنسان أو معارضتهم السلمية".
وقالت المنظمة إن المتهمين تعرضوا لسلسلة من انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك الإخفاء القسري والتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة السيئة.
وقال فيليب لوثر مدير البحوث وأنشطة كسب التأييد في برنامج الشرق الأوسط وشمال بأفريقيا بالمنظمة إنَّ "هذه المحاكمة ذات الدوافع السياسية أمام محكمة طوارئ ما هي إلّا أحدث محاولة من جانب السلطات المصرية لإسكات هذه المجموعة من المدافعين عن حقوق الإنسان والمحامين ومنتقدي الدولة الفعليين أو المفترضين".
#مصر: لم تكتفِ السلطات المصرية بسحق التنسيقية المصرية للحقوق والحريات، التي أعلنت إغلاقها في أعقاب اعتقال مؤسسها وشركائها. بل شرعت في موجة انتقامية تستهدف أي شخص يُعتبر على صلة بالمجموعة. أسقطوا هذه القضية الملفقة! https://t.co/Xoa9MWKD2A
— منظمة العفو الدولية (@AmnestyAR) March 1, 2023
وتتهم منظمات حقوقية دولية ومحلية السلطات المصرية بقمع كافة أشكال المعارضة وتقدر عدد السجناء السياسيين بـ60 ألفا، ما تنفيه القاهرة.
ومنذ أبريل/نيسان الماضي، حين قرر الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إعادة تشكيل لجنة العفو الرئاسية تشهد مصر موجة من الإفراجات عن العشرات من سجناء الرأي، لكن منظمات حقوقية تطالب بالمزيد.
وكانت التنسيقية المصرية للحقوق والحريات، وهي مجموعة وثّقت حالات الإخفاء القسري واستخدام عقوبة الإعدام، وقدّمت المساعدة القانونية لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان، قد أعلنت عن تعليق عملها في مجال حقوق الإنسان في 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2018.