يوم دامٍ بالسودان.. مقتل 56 مدنيا وإصابة 595 ومناشدات لوقف القتال (محصلة)

السبت 15 أبريل 2023 10:00 م

ياسين مهداوي- الخليج الجديد

في تطور كان متوقعا لكثيرين منذ فترة، شهد السودان السبت يوما دامٍ جراء قتال اندلع بين الجيش وقوات "الدعم السريع" شبه العسكرية وخلَّف عشرات القتلى من المدنيين ومئات الجرحى بينهم عسكريون، مما يعَّقد الأزمات السياسية والاقتصادية والإنسانية في إحدى أفقر دول العالم.

ومع اتساع رقعة الاشتباكات وسقوط ضحايا، تصاعدت مناشدات عواصم ومؤسسات إقليمية ودولية لوقف القتال على الفور، فيما اتهمت واشنطن "لاعبين" لم تسمهم بعرقلة عملية تشكيل حكومة مدنية لحل الأزمة في البلاد.

واندلعت الاشتباكات قبل ساعات من لقاء كان مرتقبا بين قائد الجيش رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقائد قوات "الدعم السريع"، حليفه السابق الذي بات ألد أعدائه، محمد حمدان دقلو (حميدتي).

وثمة خلاف بين البرهان وحميدتي بشأن دمج مقترح لقوات "الدعم السريع" في الجيش، حيث يريد البرهان اتمام العملية خلال عامين هي مدة مرحلة انتقالية مأمولة، بينما يتمسك حميدتي بعشر سنوات، وهو خلاف يرى مراقبون أنه يخفي أطماعا من الطرفين في الحكم.

وجراء خلافهما، تأجل مرتين التوقيع على اتفاق بين العسكريين والمدنيين لإنهاء الأزمة التي يعيشها السودان منذ انقلاب البرهان على الحكومة المدنية في 2021 عبر حزمة إجراءات استثنائية.

اشتباكات متفرقة

صباحا، استيقظ السودانيون على اشتباكات بين الطرفين كان الميدان الرئيسي لها منطقة مروي (شمال)، قبل أن تمتد إلى العاصمة الخرطوم، حيث دارت اشتباكات شرسة بأسلحة ثقيلة وخفيفة، وتدخلت خلالها مقاتلات تابعة للجيش وقصفت مواقع.

وشملت الاشتباكات مناطق استراتيجية في الخرطوم بينها: المطار ومقر التلفزيون ومحيط القصر الرئاسي ومقر القيادة العامة للجيش ومقري إقامة البرهان وحميدتي.

وجراء احتراق طائرتين في مطار الخرطوم الدولي تصاعدت أعمدة الدخان وتوقفت حركة الطيران، وفقا لوسائل إعلام محلية. وأصيب السكان بالهلع ما دفع كثيرين إلى الفرار من وسط المدينة وجنوبها.

وأعلنت قوات "الدعم السريع" أن كتيبة من الجيش السوداني والقوات المصرية سلمت نفسها في قاعدة مروي، فيما أعرب حميدتي عن أسفه لبث مقطع مصور يظهر الجنود المصريين المستسلمين.

ومعلقا على المقطع، قال المتحدث باسم الجيش المصري العقيد غريب عبد الحافظ، في بيان، إن قواتا مصرية تتواجد بالسودان في تدريبات مشتركة مع نظيرتها السودانية، و"جار التنسيق مع الجهات السودانية المعنية لتأمينهم".

اتهامات متبادلة

وفي ظل غموض الموقف على الأرض، تبادل الجيش و"الدعم السريع" اتهامات بالمسؤولية عن بدء القتال بالإضافة إلى ادعاءات بسيطرة كل منهما على معسكرات ومواقع تابعة للآخر.

ونقلا عن مسؤول عسكري سوداني، قالت قناة "الجزيرة" القطرية إن هناك "قرار بحل قوات الدعم السريع وإنهاء انتداب جميع ضباط وأفراد الجيش لديها".

فيما شدد الجيش، عبر بيان مقتضب في صفحته بـ"فيسبوك"، على أنه لن يتفاوض مع قوات "الدعم السريع" قبل حلها، واصفا إياها بـ"المتمردة".

وفي 2013 جرى تشكيل تلك القوات لمساندة القوات الحكومية في قتالها ضد الحركات المسلحة المتمردة في إقليم دارفور (غرب)، ثم تولت مهاما منها مكافحة الهجرة غير النظامية على الحدود وحفظ الأمن.

وقال البرهان إن الجيش لم يبدأ القتال وقد يُضطر لاستدعاء قوات الجيش من قواعده خارج الخرطوم إذا استمرت المعارك.

بينما اعتبر حميدتي أن ما يحدث حاليا سيؤدي إلى حل سلمي وأي مجرم سيُقدم إلى العدالة، مضيفا أن "المعركة ستُحسم خلال الأيام المقبلة".

وفجر الأحد، أعلنت لجنة أطباء السودان المركزية (غير حكومية)، في بيان، مقتل 56 مدنيا، بالإضافة إلى إصابة 595، بينهم عسكريون، ومنهم عشرات من الحالات الحرجة.

وكانت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان أفادت، في حصيلة سابقة مساء السبت، بمقتل 25 شخصا على الأقل وإصابة 183 في المواجهات الدائرة في أنحاء البلاد.

تحذيرات ومناشدات

محليا، دعت القوى المدنية الموقعة على "الاتفاق الإطاري" لحل الأزمة السياسية بالسودان، في 5 ديسمبر/ كانون الأول 2022، إلى "وقف العدائيات فورا، وتجنيب البلاد شر الانزلاق لهاوية الانهيار الشامل".

وناشدت تلك القوى، عبر بيان، "الأسرة الدولية والإقليمية، المساعدة عاجلا في وقف هذه المواجهات الدموية، والامتناع عن أي فعل يؤجج الصراع ويزيد اشتعاله".

خارجيا، حذرت دول مجلس التعاون الخليجي وبقية الدول العربية وعواصم أخرى ومؤسسات إقليمية ودولية من خطورة  الوضع في السودان، ودعت إلى وقف القتال على الفور.

ودون أن يسميهم، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن "ربما يكون هناك لاعبون آخرون يحاولون عرقلة التقدم الذي تحقق باتجاه الحكومة المدنية في السودان"، وفقا لوسائل إعلام أمريكية.

وفي 8 يناير/ كانون الثاني 2023، انطلقت في السودان عملية سياسية بين الموقعين على "الاتفاق الإطاري"، وهم مجلس السيادة العسكري الحاكم وقوى مدنية أبرزها "الحرية والتغيير- المجلس المركزي"، بهدف التوصل إلى اتفاق يحل الأزمة السياسية.

وتهدف العملية لمعالجة أزمة ممتدة منذ 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، حين فرض البرهان إجراءات استثنائية منها حل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين وإعلان حالة الطوارئ.

واعتبر الرافضون تلك الإجراءات "انقلابا عسكريا"، بينما قال البرهان إنها تهدف إلى "تصحيح مسار المرحلة الانتقالية"، متعهدا بتسليم السلطة عبر انتخابات أو توافق وطني.

وقبل تلك الإجراءات بدأت بالسودان، في 21 أغسطس/ آب 2019 مرحلة انتقالية كان مقررا أن تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024 وأن يتقاسم السلطة خلالها كل من الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة وقَّعت مع الحكومة اتفاق سلام في 2020.

ويعاني السودان من اضطرابات سياسية وفوضى أمنية ونزاعات قبلية منذ أن عزل قادة الجيش في 11 أبريل/ نيسان 2019 عمر البشير من الرئاسة (1989-2019)، تحت ضغط احتجاجات شعبية منددة بتردي الأوضاع الاقتصادية.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السودان اشتباكات الجيش قوات الدعم السريع البرهان حميدتي

اشتباكات السودان تتواصل لليوم الثاني وسط روايات متضاربة.. ودعوات التهدئة تتصاعد

الفوضى تعم السودان وسط صراع الجيش وقوات الدعم السريع على السلطة

اجتماعان طارئان للجامعة العربية ومجلس الأمن لبحث الوضع في السودان