كيف وضعت الصين الشرق الأوسط جبهة في الحرب الباردة الجديدة مع أمريكا؟

السبت 22 أبريل 2023 07:01 م

"تسعى الصين لجعل منطقة الشرق الأوسط جبهة رئيسية في الحرب الباردة الجديدةمع الولايات المتحدة"..  هكذا يخلص تحليل لوكالة "بلومبرج" الأمريكية مع تفاقم الخلافات بين أكبر اقتصادين في العالم على أكثر من صعيد.

يقول التحليل، إن الصين وضعت بصمتها في المنطقة بطريقة لم يكن من الممكن التكهن قبل 6 أشهر، لاسيما من خلال توسطها في الاتفاق بين إيران والسعودية والذي حمل في طياته الكثير من المتغيرات التي وصفت بـ"الدراماتيكية".

بصمات الصين للمنطقة بدأت تتسع، حيث أطلق وزير الخارجية الصيني تشين غانغ هذا الأسبوع، جهوداً لتشجيع استئناف المحادثات الإسرائيلية الفلسطينية.

وأشار تشين، خلال محادثات هاتفية منفصلة مع نظيريه الإسرائيلي إيلي كوهين والفلسطيني رياض المالكي، إلى أن "بلاده مستعدة لتسهيل محادثات سلام"، بحسب وكالة "شينخوا" الرسمية، موضحاً أنه شجع على اتخاذ خطوات لاستئناف محادثات السلام، وأن بلاده مستعدة لتسهيل هذا الأمر.

كما شدد تشين خلال المحادثات الهاتفية على أن بلاده تسعى للدفع باتجاه محادثات سلام على أساس  حل "يتضمن إقامة دولتين".

أما على  الصعيد المالي، فافتتح البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية ومقره بكين، أول مكتب خارجي له في العالم، في العاصمة الإماراتية أبوظبي.

ووفقاً للوكالة، فإن مقر المكتب التشغيلي للبنك في سوق أبوظبي العالمي، يهدف إلى "العمل كوجهة استراتيجية" لدعم أجندته.

والبنك الآسيوي للاستثمار، هو مصرف تنمية متعدد الأطراف جرى إنشاؤه منذ ما يقرب عقداً من الزمان باعتباره رد الصين على المؤسسات المالية التي أنشأتها الدول الغربية.

وتأتي هذه التطورات ذلك في أعقاب ما وصفته الوكالة بـ"الصدمة" التي حدثت في واشنطن، فالسعودية لم ترفض مع تحالف "أوبك+" عدم خفض الإنتاج في وقت سابق، بل إنها عمدت مع ذلك التحالف إلى إقرار خفض جديد خلال الشهر الجاري.

ومع ذلك، يظل ربط أسعار الصرف في الشرق الأوسط بالدولار رابطاً قوياً للولايات المتحدة، كما هو الحال بالنسبة لعلاقاتها العسكرية القوية والاستراتيجية، ولذلك فإن واشنطن لم تخسر الكثير حتى الآن في الجبهة الجديدة مع الصين.

وحسب خبراء، فإن قوة الدولار هي العامل الأساسي في استخدام دول مجلس التعاون الخليجي للورقة الخضراء كعملة رئيسية للتبادل عبر الحدود، وبالتالي فإن التغيير المفاجئ من شأنه أن يزعزع استقرار البلدان نفسها، ولذا فإن أي تحول يجب أن يكون تدريجياً.

لكن التحليل أشار إلى أن هناك مؤشرات على تغيرات في هذا المجال، ففي مارس/آذار الماضي، أجرت الإمارات أول تسوية لصادرات الغاز الطبيعي إلى الصين مقومة باليوان الصيني.

وتعد هذه سابقة مثيرة للاهتمام، خاصة بعد عقد الصين صفقة تاريخية بقيمة 60 مليار دولار لتوريد الطبيعي المسال من قطر لمدة 27 عاما.

وتعد تلك الصفقة التي تسري اعتبار من العام 2026 أطول اتفاقية لتوريد الغاز الطبيعي المسال للصين حتى الآن، وفقاً لبيانات بلومبيرغ، ناهيك عن أنها واحدة من أكبر صفقات الدوحة من حيث الحجم.

وجاءت تلك الصفقة بعد اتفاقيات عقدها مشترون أوروبيون مع الدوحة للتخلص من الاعتماد على الغاز الروسي.

يقول جاستن دارغين المتخصص في الشرق الأوسط بمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي: "لم تكن شركات الطاقة الصينية المملوكة للدولة على مر التاريخ تتمتع بالخبرة اللازمة للتنافس على قدم المساواة مع شركات الطاقة الغربية".

ويضيف: "تسلط تلك الصفقة الضوء على كيفية تطور الأحداث بسرعة".

من جانب آخر،  قالت السعودية، التي كانت أكبر مورد للنفط الخام إلى الصين حتى حلت محلها روسيا في وقت سابق من هذا العام، إنها قد أبلغت بكين في يناير/كانون الثاني الماضي، أنها منفتحة على المناقشات بشأن استخدام عملات أخرى غير الدولار في المبادلات التجارية.

وتعتمد السعودية الدولار في تسوية أكثر من 80% من صادراتها النفطية السنوية البالغة 326 مليار دولار.

وبالإضافة إلى أن بكين أصبحت الزبون الرئيسي للطاقة في الشرق الأوسط، فإن العديد من دول المنطقة سعت إلى جلب المزيد من الاستثمارات الصينية.

والأسبوع الماضي، كان وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الإماراتي سلطان  الجابر، في زيارة إلى بكين؛ سعياً لتعزيز تعاون بلاده مع الصين في مجال الطاقة النظيفة.

وجاءت الزيارة بعد أن وقَّعت الصين والسعودية عدداً من الاتفاقيات بشأن التعاون في قطاع الطاقة المتجددة وفي مجال الهيدروجين الأخضر خلال زيارة الرئيس الصيني، شي جين بينغ، إلى الرياض في ديسمبر/كانون الأول الماضي.

ويأتي هذا قبل استضافة دولة الإمارات لقمة المناخ للأمم المتحدة "كوب 28" (التي يشرف عليها الجابر )، وذلك على الرغم من تلك الدولة الخليجية تعتبر مصدرا رئيسيا وضخما للوقود الأحفوري.

وأوضح محللون أن تلك" الصفقات الخضراء" سوف تمكن شركات التكنولوجيا النظيفة الصينية من "التوسع في الأسواق الخارجية المربحة وتقوية العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية مع دول الخليج الرئيسية".

وفي حين يجب أن يُنظر إلى جهود بكين الدبلوماسية على أنها أقل أهمية من اعتبارات العملة، فإن هناك ساحة أخرى قد تود فيها واشنطن أن تظل أكثر يقظة إذا كانت ترغب في منع إضعاف نفوذها في الشرق الأوسط.

ووفقاً للوكالة، فإن الصين حتى الآن لم تصبح عنواناً رئيسياً كبيراً فيما يتعلق بالتعاون العسكري وتوريد الأسلحة إلى الخليج العربي الذي تخضع ممراته البحرية لإشراف الولايات المتحدة منذ أمد طويل، وعليها بالتالي الحذر في هذا الأمر.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الصين الشرق الأوسط إسرائيل السعودية الطاقة الإمارات الولايات المتحدة الحرب الباردة

من الخليج إلى المحيط.. الصين تعزز تعاونها مع شركاء الهند العرب

الصين تستهجن "البلطجة الأمريكية" ضدها في مجال التكنولوجيا

تحد وفرصة.. هل تستطيع الصين تخفيف حدة التصعيد في منطقة الخليج؟

مليارديران أمريكيان يدعوان الولايات المتحدة للتوافق مع الصين

ما دور الشرق الأوسط في أي صراع محتمل بين الولايات المتحدة والصين؟

تقدير صيني: على الغرب أن يعتاد دور بكين في الشرق الأوسط

و.ستريت جورنال: الحرب الأوكرانية والصين تدفعان أمريكا لإنتاج الأسلحة في الخارج