قبيل اعتقاله.. القيادي السوداني الجزولي لـ"الخليج الجديد": الجيش سيهزم حميدتي والإمارات تقف وراء الحرب

الخميس 18 مايو 2023 12:19 م

أعلن حزب "دولة القانون والتنمية" السوداني، مساء الأربعاء، اعتقال رئيسه الدكتور محمد علي الجزولي، من قِبل قوات "الدعم السريع"، وذلك بعدما جرى اختطافه مع الأمين العام و3 آخرين من قيادات الحزب ثم اقتيادهم إلى جهة غير معلومة.

فيما جرت خطوة الاعتقال بعد ساعات قليلة من إجراء "الخليج الجديد" مقابلة حصرية ومطولة مع الجزولي الذي اتهم دولة الإمارات بأنها المسؤول الأول عما يحدث داخل السودان من اقتتال وحرب لا تزال دائرة حتى الآن.

والجزولي مؤيد للجيش السوداني، ووصف قوات الدعم السريع بـ"المتمردين".

وطالب الجزولي القوى المدنية بأن تُعد من الآن ملفا كاملا لتحميل أبوظبي كل الجرائم التي تحدث في السودان، وتقديم دعاوى ضد البلد الخليجي في المحاكم لتدفع تعويضا عن كل ما تم ارتكابه في البلاد من "خراب وتدمير وقتل وسحل واغتصاب ونهب وتعطيل للحياة وتدمير للاقتصاد"، على حد قوله.

الجزولي، الذي يشغل منصب المنسق العام لـ"تيار الأمة الواحدة"، قال إن "السيناريو الذي يرجحه هو انتصار الإرادة الوطنية على المشروع الأجنبي"، وأن ينتصر الجيش على "مخلب قط" قوات الدعم السريع، وفق وصفه، وأن "ينجح شعبنا وجيشنا في تحطيم وتدمير ميليشيات التمرد، وأن يقدم نموذجا لشعوب المنطقة في الوعي السياسي والإرادة الصلبة والنفير العام لمواجهة هذا التمرد".

وتاليا نص المقابلة الخاصة التي ينفرد "الخليج الجديد" بنشرها بعد ساعات قليلة من اعتقال الجزولي:

الحالة "السبساوية والحفترية"

كيف تبدو تطورات المشهد السوداني اليوم بعد مرور شهر على الحرب التي لا تزال جارية؟

ما يحدث في السودان الآن هو إحدى غارات مشروع هدم الدول وصناعة الفوضى في المنطقة التي انتظمت في دول الربيع العربي فأحالت ثورتها إلى فوضى وضُربت بموجبها الدولة المركزية تمهيدا لمشروع التقسيم.

وقد شاهدنا نماذج الفوضى في المنطقة ونماذج هدم الدول سواءً كان في لبنان أو سوريا أو العراق أو اليمن أو ليبيا أو حتى في تونس.

والنموذج الذي يُراد تنزيله في السودان هو نموذج "الحالة السبساوية" (نسبةً للرئيس التونسي الراحل الباجي قائد السبسي)، وهو أن تصل إلى السلطة مجموعة يسارية أو علمانية متطرفة تتولى هدم المجتمع وهدم المنظومة الأمنية والعسكرية ومنظومة الأمن القومي وتمكن الدول الأجنبية من معلومات الدولة ومن السيطرة على اقتصادها وعلى مقدراتها وإمكانياتها.

هذا النموذج في السودان سقط يوم 25 أكتوبر/تشرين الأول بالقرارات التي اتخذها قائد الجيش عبدالفتاح البرهان، تحت ضغط حاضنته القوات المسلحة؛ إذ اتخذ هذه القرارات بُعيد المحاولة الانقلابية التي قام بها القائد اللواء عبدالباقي حسن بكراوي، وقد اتخذها بعد ذلك استجابةً لحالة الاحتقان الموجودة داخل الجيش.

قطع البرهان، بهذا التحرك، الطريق على هذه المجموعة المدنية التي كانت تريد عملية إحلال وإبدال لثقافة بثقافة، ولقوى سياسية بأخرى، ولقوى اقتصادية بأخرى، ونحن الآن دخلنا نموذجا آخر بعد النموذج المدني إلى نموذج حربي ذي طبيعة عسكرية.

وكان يُراد استنساخ الحالة اليمنية بالسودان بسيطرة ميليشيات على العاصمة وتوليها للسلطة، ومن ثم يتحول الجيش إلى خارج العاصمة ويقاتل لكي يستعيد هذه العاصمة، وندخل في حرب طويلة يتم خلالها إيجاد ثغرات في جدارنا الوطني لتدخلات أجنبية تفرض حلولا ليس بالضرورة تعبر عن تطلعات الشعب.

هذا النموذج أيضا سقط، ولم يستطع محمد حمدان دقلو أن يستولى على العاصمة في 15 أبريل/نيسان 2023 فانتقلوا إلى "النموذج الحفتري"، حيث يبحث له الآن عن "بنغازي سودانية"؛ فحاول احتلال مدينة مروي التي بها مطار مهم حتى يمكنه من استقبال المدد الخارجي من الإمارات، لكنه عجز أيضا عن هذا الموضوع.

وحميدتي يحاول الاستيلاء على مدينة الأبيض أو نيالا، ويبحث له عن بنغازي أخرى لديها مطار يستقبل به المدد لكي يطيل أمد الحرب وإتاحة الفرصة لتدخلات أجنبية تحوّل الحالة في السودان إلى "الفصل السابع"، ويتم فرض حلول تقسيم السودان إلى 5 دول.

وأنا أرى أن جيشنا على وعي كامل بهذه المؤامرة، وكذلك الكتلة السياسية التي تُعبّر عن التيار الوطني العريض في السودان أيضا على وعي بهذا المشروع، وهي تلتحم مع الجيش في مواجهة هذا المشروع.

بالنسبة للموقف العسكري استطاعت القوات المسلحة أن تقوم بثلاث خطوات مهمة جدا في إطار إدارة معركتها العسكرية مع مليشيات الدعم السريع.

الأولى: هي الاستيلاء على جميع مقرات الدعم السريع في 17 ولاية من ولايات السودان.

أما الخطوة الثانية فتمثلت في أن للدعم السريع ما يزيد على 18 مقرا داخل ولاية الخرطوم العاصمة تم ضربها جميعا، وهذا يعتبر إنجازا.

والخطوة الثالثة أن الجيش بالخطوات السابقة قد فصل ما بين هذه القوات الهائمة الآن في شوارع الخرطوم وما بين طرق الإمداد وسلاسل الإمداد الثلاثة، وهي إمداد بالوقود والمؤن وإمداد بالذخيرة.

الآن حتما هذه القوات سينضب وقودها وستنضب ذخيرتها وستنضب مؤونتها ومن ثم ليس أمامها إلا الهروب أو الاستسلام.

الوضع العسكري متقدم جدا، وإن كان الرأي العام يزعجه وجود هذه القوات في الشوارع هنا وهناك لكن هذا طبيعي في إطار حرب الشوارع والمدن.

"حرب البرغوث والكلب" هذه لابد أن تُدار بطريقة تحقق انتصارا بأقل الخسائر، لأن القتال داخل المساحات المبنية والأماكن المكتظة بالجماهير والسكان يجب أن يتم بحكمة لكي لا يقع ضحايا كثر من المدنيين.

وهل الجيش يقترب من حسم معركته مع قوات الدعم السريع قريبا؟

بالتأكيد يستطيع الجيش حسم هذه المعركة، وقد قطع شوطا كبيرا في حسمها كما ذكرت آنفا.

وليس من المتوقع أن تمتد هذه الحرب في الولايات الأخرى، وذلك أصلا لأن "الدعم السريع" نفسه بالتكبر الذي كان يتصف به قائداه محمد حمدان دقلو وعبدالرحيم دقلو، واستحواذهما على كل موارد الدعم السريع، وبالتمييز الذي أقاموه لعائلتهم في الترقيات، صنعوا حالة من الحقد داخل القبائل والمجتمعات القبلية وداخل القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى ومثلها داخل قوات الدعم السريع نفسها.

هذان الرجلان ليس لديهما صديق لتمتد الحرب لباقي الولايات، لأنه ليست لديهم حواضن هناك، بل المجتمعات الأهلية كلها تتمنى أن يُهزموا بسرعة وتتمنى أن تقتص منهم بسبب ما ألحقوه بها من الأذى والاضطهاد والإذلال.

محمد حمدان دقلو كان أحيانا يعتقل كبارات قيادات الإدارة الأهلية إذا لم يستجب له الناظر أو العمدة يقوم بشق القبيلة وصناعة ناظر آخر غير معروف أصلا وغير مرتبط بتاريخ القبيلة ويقوم بدعمه لكي يجعله "ناظر ضرار" في مواجهة الناظر الآخر والعمدة الآخر؛ فهم لديهم كثير من المظالم والجرائم الخطيرة التي ارتكبوها بحق المجتمعات الأهلية وبحق حتى المجتمعات السياسية وشباب الثورة، ولذلك ليس لديهم بواكي والناس كلهم ينتظرون التدمير الشامل أو التسليم الكامل.

دور الإمارات

مَن يتحمل بالأساس مسؤولة ما يجري من اقتتال في السودان؟

المسؤول الأول عما يحدث داخل السودان من اقتتال هي دولة الإمارات.

الشعب السوداني كانت له ثورة من قبل عام 1964 وثورة تلتها عام 1980، وشهد 3 ثورات شعبية و3 انقلابات عسكرية ولم يحدث فيه فوضى على نحو ما يحدث الآن.

ويجب على القوى المدنية أن تُعد من الآن ملفا كاملا لتحميل أبوظبي كل هذه الجرائم، وتقديم دعاوى ضد الأسرة الحاكمة في المحاكم التعويض ليدفعوا تعويضا عن كل ما تسببوا به في السودان من خراب وتدمير وقتل وسحل واغتصاب ونهب وتعطيل للحياة وتدمير للاقتصاد.

كيف تنظرون لفرار بعض السجناء المحسوبين على النظام السابق من عدد من سجون العاصمة الخرطوم؟

أنا لا أعتقد أن رموز النظام السابق قد فروا من السجون؛ فالذي يقرأ الوقائع التي حدثت يعلم أن قوات الدعم السريع كانت تهاجم السجون وتقوم بإطلاق المساجين وهم موجودون في داخل سجن كوبر، وفي ظل الاضطرابات الأمنية انقطعت عن السجن كل المؤن ولمدة 9 أيام لم تصلهم أي مؤن داخل السجن، وتظاهر المساجين، وجاءت قوات الدعم السريع أطلقت كذلك سراح منسوبيها من المحكوم عليهم بالإعدام وفي قضايا المخدرات وهربت المساجين.

هنا قامت إدارة السجن بصورة مبكرة بأخذ رموز النظام السابق إلى مكان آمن، ومن ثمّ أوكلت إليهم حماية أنفسهم ريثما تستقر الأمور ثم يعودون بعد ذلك إلى السجن وإلى المثول أمام القاضي .هذا ما قالوه في بيانهم وهذه هي الوقائع التي حدثت.

ما أثر إطلاق سراح هؤلاء السجناء على القتال والاشتباكات واحتمال انضمامهم إلى أحد الفرقاء؟

في البيان الذي تلاه المتحدث باسم رموز النظام السابق المعتقلين أنه يؤيد الجيش في حربه ضد التمرد، وأنهم في صف القوات المسلحة في مواجهته؛ فموقف المؤتمر الوطني أو موقف الحركة الإسلامية التي ينتسبون إليها واضح في البيان الذي أصدروه في مساندة القوات المسلحة في مواجهة هذه الميليشيات.

الأمين السياسي لـ"حزب المؤتمر الشعبي"، كمال عمر، قال -في تصريحات صحفية- إن "تدخل النظام السابق كان سببا في التعبئة لهذه الحرب، ونتيجة لإسقاط النظام السابق من المعادلة السياسية، وبعدما بات ليس له محل من الإعراب السياسي بدأ في دق طبول الحرب".. ما تعقيبكم؟

هذا الكلام عبارة عن هُراء هو يردد العبارات التي يقولها حلفاؤه في "قحت (قوى الحرية والتغيير)- المجلس المركزي".

كمال عمر نفسه قال إذا لم يتم تنفيذ الإطاري فالبلد ستذهب إلى حرب، وكذلك قال شوقي عبدالعظيم، وهو أحد قيادات "قحت" الإعلامية، إنه إذا لم يتم التوقيع على الإطاري فالبلد ستذهب إلى حرب، ونفس هذا المعنى أكده القيادي بـ"قحت"، بابكر فيصل.

هم أرادوا عن طريق "الدعم السريع" أن يضغطوا على القوات المسلحة لكي توقع الاتفاق الإطاري بعلّاته، وهم الذين حرّضوا محمد حمدان دقلو وزيّنوا له أن حربه مع الجيش ستكون عبارة عن نُزهة وسيتمكن من الاستيلاء على القيادة العامة وهم سيقومون بملء الشوارع بالمظاهرات لتأييده ومساندته إلى غير ذلك من الوهم الكبير الذي أغرقوه فيه فجعلوه يقوم بهذه المغامرة؛ فالذي يقف خلف التحريض هم قيادات "قحت – المجلس المركزي" وليست أي جهة أخرى.

الاتفاق الإطاري

هل ترى أن الجيش مستفيد من الحرب الدائرة الآن من أجل إسقاط الاتفاق الإطاري؟

صرف الجيش عن التوقيع على الاتفاق الإطاري أو حتى إسقاط الاتفاق الإطاري إذا تم توقيعه وإسقاط الحكومة التي تنشأ عنه بعد التوقيع، هذا الأمر كله بالنسبة لنا كقوى سياسية مدنية لم يكن بحاجة للدخول إلى حرب.

نحن قلنا إذا أردتم أن تمضوا في التوقيع على "الإطاري" فتفضلوا ووقعوا "الإطاري" ونحن نتعهد بإسقاط الحكومة التي يمكن أن تنشأ عنه.

من قبلها أسقطنا حكومة حمدوك من غير أن ندخل في حرب، وبالتالي فلم نكن بحاجة مطلقا لهذه الحرب لكي نمنع الاتفاق الإطاري، ومثل هذا الكلام مجانب للحقيقة وليس له أي سند من حيثيات الواقع.

فإسقاط الإطاري بعد تكوين حكومته ليس بحاجة للدخول إلى حرب، لأنه كان يمكننا إسقاط أي حكومة بالعمل المدني السياسي والاعتصامات والتظاهرات وإغلاق الطرق، وقد فعلناها من قبل.

هل يمكن القول إن العملية السياسية فشلت تماما في السودان؟

العملية السياسية التي تم تحديد أفرادها مسبقا بأنهم هم فقط الجيش، والدعم السريع، وإعلان قوى الحرية والتغيير- المجلس المركزي، بالإضافة إلى حركتي أركو مناوي وجبريل إبراهيم، سقطت بلا عودة.

لا يمكن للجيش -إذا كان فيه أحرار وشرفاء- أن يقوموا بإعادة "قحت المركزي" للمشهد السياسي مرة أخرى، وهم يتهمونها علنا بأنها عبارة جيش مدني للتمرد، وهي عبارة عن حركة خائنة وغادرة بالجيش، وعبارة عن محرّض للمجتمع الدولي للتدخل بالبندقية لإيقاف انتصارات الجيش والهزائم التي لحقت بحليفهم العسكري محمد حمدان دقلو، إلا إذا كان الجيش ليس فيه مَن يعقل.

لكن إذا كان الجيش فيه شرفاء وعقلاء وأحرار لا يمكن أن يعودوا إلى مائدة الإطاري مرة ثانية، وهو السبب الرئيس في إشعال هذه الحرب.

لكن البعض يرى أن "العملية السياسية الحالية ستسير وستتطور وفقا للمستجدات الأخيرة"

العودة إلى منصة الاتفاق الإطاري مرة ثانية بذات أطرافه المُتمثلة في "الدعم السريع" و"المجلس المركزي" والجيش، هي أمنية فولكر بيرتس (رئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان)، وأمنية اللجنة الرباعية الدولية، وكأن شيئا لم يحدث في 15 أبريل/نيسان.

هم يريدون إعادة الوضع إلى ما قبل 15 أبريل/نيسان بعد أن فشلت مغامرتهم في الاستيلاء على السلطة وخسر رهانهم على محمد حمدان دقلو.

لكن في تقديري ليس هناك أي منطق يسند هذا الحلم في أن يتحقق، لأن محمد حمدان دقلو لن يعود بعد الآن نائبا لرئيس مجلس السيادة ولا قائدا للدعم السريع بعد هذا الخراب والدمار الذي أوقعه بالبلاد، وكذلك شرعت مجموعات مدنية في فتح بلاغات ضد قيادات المجلس المركزي باعتبارهم عملاء وأثاروا الحرب وباعتبارهم أعانوا العدو ودعموا التمرد.

أكثر من 7 أو 8 مواد موجودة بالقانون الجنائي السوداني تدين قوى إعلان الحرية والتغيير؛ فالوضع الآن بالنسبة لهم بات في غاية التعقيد وليس بهذه السهولة يمكنهم العودة إلى منصة الاتفاق الإطاري كما يتمنون.

عودة الإسلاميين في السودان

وهل عودة الإسلاميين إلى المشهد السوداني باتت قريبة؟

الإسلاميون لم يغيبوا عن المشهد السياسي حتى يعودوا إليه مرة أخرى. الإسلاميون حاضرون في المشهد السياسي منذ 11 أبريل/نيسان.

كان هنالك تيار "نصرة الشريعة"، وكذلك "الحراك الشعبي المتحد"، وتحالف سودان العدالة (تسع)، وصولا إلى "نداء أهل السودان" والتيار الإسلامي العريض؛ فالإسلاميون طيلة هذه الـ4 سنوات التي مضت لم يغيبوا عن المشهد السياسي، بل كانوا حاضرين وفاعلين رئيسيين فيه.

حميدتي طالب بإبعاد من وصفهم بـ"الضباط الإسلاميين" و"الحركة الإسلامية" من السلطة والجيش.. ما تعقيبكم؟

حميدتي وهو يقول لابد من إبعاد الضباط الإسلاميين أو العناصر الإسلامية يردد عبارات ومصطلحات مستشاره السياسي ياسر عرمان، وإلا فحميدتي نفسه في قوات الدعم السريع لديه مستشارون إسلاميون، ولديه ضباط إسلاميون وانحازوا جميعهم إلى قوات الشعب المسلحة.

هو قال: أنا كان عندي 480 ضابطا جمعيهم رجعوا القوات المسلحة ولم يتبقِ معه إلا 3 ضباط؛ فإذن حتى جيشه باعترافه كان به 477 ضابطا انحازوا للجيش ولم يذهبوا معه في مغامرته هذه.

لذا، فمثل هذا الكلام الذي يردده هو للاستهلاك السياسي ومخاطبة الخارج أكثر من كونه مخاطبة لحقائق الواقع في الداخل.

هل حميدتي يؤمن حقا بضرورة إخراج الجيش من السياسة وسيادة الديمقراطية في البلاد؟

محمد حمدان دقلو وشقيقه عبدالرحيم دقلو لا يؤمنان حقا بالديمقراطية، وكل الجهد الذي يقومان به الآن لكي يصلا إلى السلطة وفقط.

لم يكتفيا بأنها نالا منصب نائب رئيس الدولة بلا أي مؤهلات أخلاقية ولا فكرية، ولا خبرة سياسية، ولا مؤهلات مهنية، لكنهما أرادا أن يصلا إلى منصب الرئيس ويحوّلا "قحت – المركزي" إلى دمية بأيديهما يشتريانها بالمال وبالعصا والجزرة ويقودانهم حيث شاءا.

حمديتي وإسرائيل

كيف تنظرون لعلاقة حميدتي بإسرائيل؟ وهل هناك دور لتل أبيب داخل السودان؟

المحور الأساسي الذي يقف خلف حميدتي هو المحور الصهيوإماراتي؛ فحميدتي مدعوم من تل أبيب وأبوظبي لكي يُنجَز على يديه مشروع تفتيت السودان وتقسيمه؛ وكانت بينهم زيارات سرية؛ فحميدتي عندما يذهب إلى المغرب كان يلتقي الموساد وأيضا شقيقه عندما يذهب إلى الأردن يلتقي الموساد، بل زار عبدالرحيم الكيان الصهيوني ما يزيد على 3 مرات، وبالتالي فهما عملاء للكيان الصهيوني وينفذان مخططه في هدم منظومة الأمن القومي السوداني وهدم الجيش والمجتمع.

ما الذي وصلت إليه الوساطات الدولية لتسوية النزاع بين الجيش وقوات الدعم السريع؟

استطاعت الوساطة الأمريكية السعودية أن تُفلح في جمع الطرفين ووصل الحوار بينهما إلى ما عُرف بالهدنة الإنسانية لحماية المدنيين، والذي ألزم قوات الدعم السريع بجملة أمور.

لأنه عندما يتكلم هذا الحوار عن الخروج من المستشفيات هو لا يعني الجيش، لأنه غير موجود بالمستشفيات والخروج من الأحياء السكنية لا يعني الجيش، وعدم قصف المرافق المدنية أيضا لا يعني الجيش، وعدم احتلال محطات المياه والكهرباء أيضا لا يعني الجيش، وعدم اتخاذ المواطنين والمدنيين دروع بشرية فهو لا يعني الجيش.

فهذه جملة أمور تم إلزام الدعم السريع بها، وقد مضت على هذه الاتفاقية الآن بضعة أيام، والحال أشد سوءا لأن "الدعم السريع" بالأمس القريب هاجم كنيسة للأقباط وقام بضربهم بالرصاص داخل الكنيسة، ويوم الأحد والإثنين الماضيين قام بمهاجمة كنيسة أخرى وأجبر المصلين على إخلائها واتخذها ثكنة عسكرية؛ فهو في كل يوم تزداد جرائمه وانتهاكاته ومخالفاته الصريحة لاتفاق جدة.

شعبنا ينتظر ماذا سيفعل الوسيطان الأمريكي والسعودي تجاه هذه الخروقات الواضحة لقوات الدعم السريع لاتفاقية جدة لحماية المدنيين.

وكيف استقبلت إجلاء الرعايا الأجانب من السودان؟ وهل هذا يعني أن الحرب ستطول؟

هذا إجراء طبيعي على وقع الحرب الدائرة حاليا. دعك من الأجانب، حتى السودانيين أنفسهم، سافروا إلى مصر وبعض الدول خوفا من نيران الحرب. وليس ثمة دلالة بأن الحرب ستطول بعد إجلائهم.

إذا بدأت حرب في دولة ما فالدول تجلي رعاياها، بل بعض الدول يخرج سكانها الأصليون خوفا من الحرب وآثارها لو استمرت لمدة أسبوعين أو شهر.

الذي يقرر هل ستطول الحرب أم ستقصر هو قيادة الجيش، ومن خلفها الشعب السوداني كحاضنة مدنية واجتماعية، وظهير مدني مناصر لها في معركة الكرامة؛ إذ يطالب الشعب بوضوح بالتدمير والتحطيم الكامل والتام لقوات التمرد.

هذا الأمر له حساباته العسكرية العملياتية المحضة التي تقوم قيادة الجيش بحسابها بدقة ومهنية لكي تُنجز عملية تدمير قوات التمرد في الوقت الذي تتيحه تلك الخطة.

الجبهة الوطنية لتحرير السودان

هل من جديد بخصوص تدشين "الجبهة الوطنية لتحرير السودان"؟ وأين هي من المشهد الحالي؟

نحن في الجبهة الوطنية للتغيير من وقت مبكر قمنا بتوصيف الحالة في السودان بأنها حالة استعمار جديد وتدخل أجنبي سافر لفرض رؤية سياسية لا تعبّر عن تطلعات أغلبية الشعب، وإنما تعبر عن أقلية ليست لها حاضنة شعبية معتبرة.

ونحن الآن أعلنا كذلك دعمنا الكامل لقوات الشعب المسلحة في تدمير "الدعم السريع"، باعتباره "مخلب قط" المشروع الأجنبي الاستعماري؛ فحرب الجيش الآن مع الدعم السريع هي أحد حروب الأمة وحروب الشعب في إطار تحرير الإرادة السودانية وتحرير القرار السياسي السوداني واستقلاله بعيدا عن الوصايا الدولية وبعيدا عن التدخل الأجنبي.

ونحن نعتبر معركة الجيش اليوم هي معركتنا، ولسنا رديفين للجيش، بل نحن أصيلون فيها.

وقد استبقنا الجيش في توصيف الحالة السودانية بهذا التوصيف، وندعو جميع جماهيرنا في العاصمة والولايات أن يكونوا على أهبة الاستعداد كقوات احتياط للجيش إذا ما طُلب منهم المشاركة في المجهود الحربي العملياتي، وإذا لم يطمئنهم ذلك فليس أقل من أن يقوموا بكل واجبات المجهود المدني من تطبيب الجرحى وإغاثة الأسر المتعففة، وإيواء النازحين واللاجئين، وتخفيف المعاناة للفقراء من شعبنا الذين طحنت الحرب عظامهم، وكذلك أيضا القيام بالعمل الإعلامي في تفكيك الدعاية السالبة للمتمردين والدول الحليفة لهم ومناصرة الجيش ورفع معنوياته، والقيام بحملات التبرعات للجيش نفسه، وتقديم كل المساعدة للجنود المرابطين في الطرقات والارتكزات والشوارع والكباري.

دول عربية تدعم  الجيش

كيف تنظرون إلى دور الدول العربية في ما يجري في السودان؟

هنالك كثير من الدول العربية موقفها مشرف مثل دولة الجزائر وموريتانيا وتشاد ومصر، التي آوت مَن لجأ إليها واستقبلهم أشقاؤهم في دولة مصر استقبالا جيدا.

ومصر أيضا مع استقرار بوابتها الجنوبية، ومع وجود جيش واحد مهني وليس ميليشيات؛ فهنالك مواقف كثيرة لبعض الدول العربية تعتبر مواقف معززة لصمود الشعب السوداني ومساندة له في محنته.

وأشكر كذلك الأشقاء في دولة الكويت عل مبادرتهم بتقديم يد العون للشعب السوداني، وهم أرسلوا أول طائرة إغاثة نزلت في مطار بورتسودان قادمة بعشرات الأطنان من الأدوية والمعينات.

هذه كلها أدوار إيجابية يتلقاها الشعب السوداني وهو يشعر بكل الامتنان لهذه الدول وشعوبها.

هل من المحتمل أن تتدخل مستقبلا قوى إقليمية ودولية في الأزمة الراهنة بشكل مباشر لحسم وإنهاء الصراع؟

بالتأكيد هنالك أطماع لبعض الدول الإقليمية والعالمية في أن تتدخل وتتخذ من هذه الأزمة ثغرة للتدخل في السودان ولفرض الأجندة التي يريدون.

لكنني دائما ما أقول إن المجتمع الدولي يستثمر في ضعفنا فهو ليس قويا وليس قاهرا وليس فعالا لما يريد، وإنما يستثمر في ضعفنا فإذا كانت الإرادة الوطنية صلبة والقرار السياسي السوداني مستقل واللُّحمة السودانية مجتمعة والجيش ملتحم مع شعبه والرؤية لديهم واضحة والموقف لديهم قوي، لا تستطيع أي دولة - مهما كانت قوتها - أن تفرض أي أجندة على الشعب السوداني.

ولذلك، نحن ندعو إلى إصلاح البيت الداخلي حول رؤية وطنية صلبة وواضحة حول تكوين أعرض جبهة داخلية لمواجهة الأطماع الخارجية.

عندئذ يمكن أن نهزم هذا المشروع الخارجي المتربص ببلادنا الذي يريد أن يستثمر في هذه الأزمة.

هل تتوقعون أن يواجه السودان مصيرا يشبه ما تعيشه ليبيا حاليا؟

مازال التمرد يحاول استنساخ الحالة الليبية في السودان، كما ذكرت في أول اللقاء، بأنه يسعى لصناعة "بنغازي سودانية"، لكن الجيش واع لهذا الموضوع، والشعب كذلك يعمل على تحطيم هذا السيناريو للحيلولة دون سيطرة "الدعم السريع" على أي مدينة أو ولاية من ولايات السودان.

لكن الجهود لا تزال مبذولة من قِبل التمرد للسيطرة على مدينة لكي يستنسخ الحالة الليبية.

كيف يمكن تجنيب المدنيين تكلفة الصراع الدائر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع؟

هذه حرب، والحرب لها ضريبتها، وهي ليست مباراة كرة قدم، وهي ضريبة تُدفع من مالنا وأمننا واستقرارنا، وإذا تمت تعبئة الشعب تجاه هذا المعركة وأبعادها وحجم المؤامرة الحقيقية وأهمية قيامه بالأدوار المدنية وإسناد المجهود الحربي العسكري في مواجهة هذا المخطط في تقديري يستطيع شعبنا أن يدفع ضريبة النصر العزيز والمستحق، لكي يدفع عن نفسه مصائر دول الجوار مثل ليبيا وسوريا واليمن.

ولذلك ليس ثمة طريقة لتجنيب المدنيين من دفع شيء من ضريبة هذا النضال، إلا بالتوعية السياسية والأمنية حول خطورة المؤامرة حول السودان ووجوب منازلة العدو وهزيمته.

وكذلك على القوات المسلحة أن تعجل بتحقيق النصر، وأن تُسرع الخطى في تدمير التمرد وإبعاد شبح خطره على أمن البلد حتى نستطيع أن نصل بشعبنا إلى مرحلة الأمان.

ما هو السيناريو الأرجح الذي ستمضي له التطورات في السودان برأيكم؟

السيناريو الذي أرجحه أن تنتصر الإرادة الوطنية على المشروع الأجنبي، وأن ينتصر جيشنا على "مخلب قط" قوات الدعم السريع، وأن ينجح شعبنا وجيشنا في تحطيم وتدمير وسحل ميليشيات التمرد، وأن يقدم نموذجا لشعوب المنطقة في الوعي السياسي والإرادة الصلبة والنفير العام لمواجهة هذا التمرد.

هذا ما أتوقعه وحيثياته في الواقع كثيرة.

عقوبات أمريكية محتملة

الرئيس الأمريكي، جو بايدن، أعلن، قبل أيام، أمرا تنفيذيا يوسع من سلطات إدارته في إصدار عقوبات ضد المسؤولين عن تهديد السلام والأمن والاستقرار في السودان، ومن يقوّضون الانتقال الديمقراطي في البلاد.. فهل العقوبات الأمريكية ستطال أطراف الحرب في السودان بالفعل؟

سياسية العقوبات المفروضة على السودان، حتى يعلم المتابع العربي، هي سياسة قديمة، والسودان مفروضة عليه عقوبات منذ عام 1983؛ فهي غير مرتبطة بحكومة الإنقاذ، لأن الولايات المتحدة فرضت عقوبات على السودان منذ أن أعلن الرئيس الراحل جعفر نميري تطبيق الشريعة الإسلامية، وواشنطن لم ترفع تلك العقوبات زمن نميري ولا زمن سوار الدهب ولا حتى حكومة الصادق المهدي المنتخبة.

ثم جاء البشير بعد ذلك فزادت العقوبات.

لذا، فهي قضية لا تخيف السودان الذي استطاع في ظل العقوبات أن يستخرج النفط، واستطاع أن يحقق نموا اقتصاديا لدرجة أن الدولار أصبح يساوي 2 جنيه سوداني في زمن البشير، والذي تم اتهام حكومته بدعم الإرهاب وتدمير المدمرة كول وإلى غير ذلك من الترهات.

ولذلك أكذوبة قضية المجتمع الدولي، وأن لديه إكسير الحياة، وهو بوابة النهضة أكذوبة كبرى.

الآن الشعب السوداني قارن بين حمدوك المنفتح على المجتمع الدولي الذي أصبحت في زمنه قطعة الخبز بخمسين جنيه وجالون النفط بألفي جنيه بينما كان في زمن البشير بـ28 جنيها.

الشعب وجد أن حضن المجتمع الدولي مليء بالشوك وليس حضنا حنونا ولا دافئا.

ونحن لا نعول كثيرا على ماذا يريد الغرب منا أو ماذا سيوقع علينا من عقوبات، إنما تعويلنا على ماذا نريد نحن وقدرتنا في استجماع الإرادة الوطنية والصف الوطني شعبا وجيشا في تحقيق ما نريد وفي مواجهة كل الغارات التي يمكن أن يتربى بها المتربصون على بلادنا.

ما تقييمكم لموقف الولايات المتحدة منذ بدء الحرب الجارية؟ ولماذا تهتم واشنطن بالأزمة السودانية؟

الذي يشغل الولايات المتحدة في السودان هو تقاربه المحتمل مع روسيا، ومحاولة موسكو إقامة قاعدة عسكرية في البحر الأحمر وتدخل "فاجنر" في السودان.

هذه هي الملفات التي تشغل الولايات المتحدة في تقديري، وهي تحاول أن تجعل السودان في المحور الأمريكي وتُبعده عن المحور الروسي، وهذا هو مقصد السياسة الخارجية الأمريكية في بلادنا.

على السودان أن ينظر إلى مصلحته ومصلحة شعبه ومن ثم لا بأس في إقامة علاقات مع هذه الدولة أو تلك على قاعدة المصالح المشتركة وقاعدة الندية بما يحقق للشعب السوداني مصلحته.

مصر عرضت الدعم العسكري

مديرة الاستخبارات الوطنية الأمريكية، أفريل هينز، صرّحت خلال إفادتها أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأمريكي، بأن طرفي الصراع في السودان يسعيان إلى الدعم الخارجي، في سياق رهان كل منهما على إلحاق الهزيمة بالآخر.. إلى أي مدى تتفق معها؟

بالنسبة للجيش السوداني عرضت عليه الشقيقة مصر أن تقدم له معونات من أسلحة وطيران إلى غير ذلك، لكنه شكرهم وبيّن أنه ليس بحاجة إلى معونات الآن.

فهذا شيء طبيعي إذا كانت لديك دول صديقة وفي إطار تعزيز قرارك السياسي دون أن تكون عليك أيّة املاءات مثلما فعلت تركيا مع قطر ومثلما تفعل الدول الصديقة مع بعضها هذا ليس فيه مشكلة.

أما بالنسبة إلى "الدعم السريع"، فكما أسلفت، يبحث عن دعم خارجي عبر محاولة سيطرته على مطار لكي يأتيه دعم من حفتر في ليبيا ومن الإمارات في شكل معدات عسكرية وأسلحة؛ فهو يلهث وراء هذا الأمر، لأن هناك اختلالا كبيرا في ميزان القوة بينه وبين الجيش، ولذلك فهو يريد دعما خارجيا بدبابات وطائرات مسيرة حتى يستطيع أن يوازي الجيش في القوة.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الجيش السوداني قوات الدعم السريع معارك السودان الحرب في السودان محمد علي الجزولي عبدالفتاح البرهان

اقتتال السودان يشتعل بدارفور.. وجبهات إقليمية تدعم قوات البرهان وحميدتي

النظام المصرفي السوداني دمّرته الحرب ومواطنون يسألون: "أين أموالنا؟"

تداعياتها كارثية على السودان ودول الجوار.. الحرب الأهلية تلوح في الأفق

و.س.جورنال: الإمارات زودت "الدعم السريع" السودانية بأسلحة تحت غطاء المساعدات

نيويورك تايمز: الإمارات تغذي الحرب في السودان سرا وتدعو علنا لتسوية سلمية

لماذا يجب على الإمارات أن تتوقف عن تأجيج الحرب في السودان؟

اتهام أمريكي جديد للإمارات بتسليح قوات الدعم السريع في السودان.. ماذا حدث؟

ن.تايمز: هكذا تهرب الإمارات الأسلحة لحميدتي