قامت الدنيا ولم تقعد في المملكة العربية السعودية بعد انتشار مقطع فيديو يظهر فيه عدداً من رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (الشرطة الدينية) يعتدون لفظياً وجسدياً على رجل بريطاني متزوج من سعودية!

من يعايش المجتمع السعودي ويخالطه يعرف تماماً دور رجالات تلك «الهيئة»، وتدخلاتها السافرة أحياناً بحرية ”بني آدم“ التي قد تصل أحياناً إلى التدخل في أبسط حقوقه المتعلقة بشكله وملبسه تحت عنوان تطبيق الشريعة الإسلامية، والحد من ”صرعات“ الغرب وتقليدهم، بالرغم أن سياسات السعودية الخارجية تقوم على ”الاعتدال“، وبناء أواصر الود والمحبة ونبذ العنف للقضاء على التشدد والتطرف الذي يحيط بها من كل جانب هذه الأيام، وكان آخر سياسات الانفتاح هذه على الغرب بحسب صحيفة إسرائيلية تلك الطائرات (الإسرائيلية) التي ستنقل فلسطينيي الـ48 الحجاج مباشرة إلى جدة، وهذا بالطبع إشارة فقط للموضوع وليس حديثي هنا!!

في فيديو البريطاني هذا وغيره من المواقف المتسلطة الكثيرة للهيئة التي لم تلتقطها عدسات الكاميرا والممتدة على طول الأراضي السعودية، أقف بكل ثقة مع المظلوم مهما كانت ديانته أو جنسيته، وأطالب أو دعوني أتحدث باسم الشعب من على هذا المنبر كوني شقيقهم بالعروبة بمحاسبة رجالات تلك الهيئة، وكف أيديهم عنهم فهناك الكثير من السعوديين الذين ضاقوا ذرعاً من تصرفاتهم الغير محسوبة ومطارداتهم الطائشة التي قامت على شكوك واهية واتهامات باطلة بخلوة محرمة أو تعاطي الممنوعات وغيرها من التهم التي أودت بحياة الكثيرين الذين كان ذنبهم فقط أنهم دخلوا دائرة الشك لرجالات ”المعروف والمنكر“!!

بعد كل هذا الجدل الذي أحدثه مقطع الاعتداء، كان لافتاً ومستغرباً لي مسارعة الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والمنكر بالاعتذار رسمياً عن تصرفات رجالاتها المعتدية على ”البريطاني“ أو الأجنبي كما يسمى بالأعراف السعودية ، كما زادتني تعجباً عندما أعلنت عن إبعادهم عن الرياض، وتسليمهم مهام إدارية كعقاب على تصرفاتهم، شعرت حقاً وأنا لست ابن الجزيرة العربية بالمهانة والذل وازدواجية المعايير في التعامل، فماذا عن السعودي إذاً الذي سيشعر بأن هيبة مؤسسته الدينية تناثرت مع رياح ”البريطاني“ وتهاوت إكراما لعيونه، في مقابل أنها لم تكترث ”بشماغه وعقاله وثوبه“؟!