استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

مرجعية النجف شريك غير معلن في الخراب العراقي!

الاثنين 1 فبراير 2016 05:02 ص

لا لبس ولاغموض ولا شك في تحمل المرجعية الشيعية العليا في النجف الاشرف حجما لا يستهان به من المسؤولية التاريخية المادية والمعنوية عما يجري في العراق منذ احتلاله وحتى الآن، من خراب ودمار وفساد وانهيار وجودي، سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي ونفسي، مثلها مثل القيادات الكردية ومنهجها اللاوطني والتقسيمي، وكذلك مثلها مثل ما يسمى بالقيادات السنية التي تهافتت على مشروع تفصيص العراق وفدرلته وتحاصصه تمهيدا لتقسيمه، فالمرجعيات الشيعية العليا الممثلة بالسيد علي السيستاني، والسيد بشير النجفي، والسيد اسحاق الفياض، والسيد محمد سعيد الحكيم، وحاشياتها المكونة من ابنائهم واقاربهم وخدمهم، والناطقين باسم الاكبر بينهم « الشيخ عبد المهدي الكربلائي، واحمد الصافي «اضافة إلى مراجع شيعية اخرى تقلدها وتتبعها بعض الواجهات السياسية الشيعية المتنفذة بالمشهد السوداوي الذي يلف كل صغيرة وكبيرة في عراق اليوم، كآية الله كاظم الحائري المقيم في حوزة قم، والذي يعتبره حزب الدعوة مرجعا له، مضافا لهم مراجع الصف الثاني والثالث والرابع من مراجع الدين والسياسة من الشيعة، كمحمد بحر العلوم وجلال الصغير، وصدر الدين القبانجي وحسين الصدر وعمار الحكيم، ومن كان على قيد الحياة منهم اثناء فترة غزو واحتلال العراق ومن ثم اعادة تخليقه وبحسب المصالح الأمريكية والإيرانية، كمحمد باقر الحكيم وعبد العزيز الحكيم.

مرجعية السيستاني ومن معه لم تكتف بالصمت ازاء غزو العراق بل تماهت مع مواقف الولي الفقيه في إيران، علي خامنئي، والذي كان يردد بالعلن عدم موافقته على احتلال العراق لكنه في السر كان يضع قواعد صارمة لتقاسم النفوذ عليه مع الأمريكان، وقد اوعز للمجلس الاعلى للثورة الإسلامية بقيادة آية الله محمد باقر الحكيم للالتحاق بركب القطار الأمريكي الداخل للعراق ونفس الشيء مع حزب الدعوة الذي دخل بيت الطاعة متأخرا ولحسابات تكتيكية لا علاقة لها باي واعز وطني او اخلاقي، برغم رفض هذا الدخول من قبل كل الشرعيات «الشرعية الدولية، الشرعية الإسلامية، الشرعية العربية، الشرعية الوطنية»، ومن هنا كان تصادم حوزة السيستاني مع تيار مقتدى الصدر الذي كان يدعو للمقاومة، فالسيستاني لم يكن صامتا وكذلك حوزته انها كانت على تفاهم سري غير مكتوب مع المحتلين، لا مقاومة ولا فتوى جهاد ولا هم يحزنون مقابل وعد بتسليم سلطة بغداد لاعوانهم، فكان تركيب مجلس الحكم منسجما مع هذه الرؤية وكذا الحال بالنسبة لكل المجريات الاخرى من قانون ادارة الدولة إلى تشكيل الحكومة المؤقتة إلى كتابة الدستور إلى قرارات الاجتثاث وحل الجيش ورهن النفط، وبالمختصر تفاهم وتماهي لاسقاط وتدمير كل ما له علاقة بالدولة الوطنية وتحويل البلاد إلى دولة مكونات محمية بجيوشها الميليشياوية، الشواهد والحقائق التي تؤكد ذلك كثيرة منها سفر السيستاني اثناء اشتعال المواجهة مع التيار الصدري للعلاج في لندن ومع عودته جرى معالجة الموقف وجرى اقناع الصدر بايقاف مقاومته ولو جزئيا، ومنها حركة الوسطاء بين المرجعية وبريمر « جواد مهري قبل احتلال العراق، وبعده كان عماد ضياء الخرسان وموفق الربيعي « الاشارات المتسقة في مذكرات رامسفيلد وبول بريمر، ومجريات الاحداث اثبتت حقيقة التناغم القائم بين رؤية إيران مع شيعة الأمريكان في خارج العراق ومع المرجعية العليا وكافة مراجعها الدنيا داخل العراق، عدا بعض الاصوات القليلة كالصدر والصرخي !

الحقائق لا تتجزأ، والانتقائية والتبريرية والنظرة الاحادية والتبسيطية والانفعالية والمنحازة سلفا ولاي سبب كان ستشل حتما اي بصيرة نافذة اليها، خاصة عند السواد الاعظم من المتدينين الشيعة الذين ينساقون للمتاجرين، بالمظلومية التاريخية، ومردود ذلك يعود لجيوب المتنفذين الذين يستقتلون لبقاء الحال على ما هو عليه لما يعود عليهم بالمغانم والمكاسب حتى لو كانت معطيات الفشل مبرهنة ومسلم بها ماديا وروحيا، ان خروج مراجع النجف على تقاليد الفقه المرجعي المعروف تاريخيا باعتزاله السلطة المسبب بالاستغراق المنتظر لظهور صاحب الزمان «المهدي المنتظر»، يؤكد حقيقة تماهيها مع مشروع ملالي إيران، الساعي لاقامة امبراطورية فارسية جديدة بغلاف طائفي يجعل من الولي الفقيه وكيلا حصريا للامام الموعود الذي لا اجل لظهوره، ومن هنا يأتي اصرار مرجعية النجف على لعب دور البوصلة والوصاية غير المباشرة على الواقع الانحداري والخراب القائم والذي ساهمت هي بتشكيله منذ 2003، وما انتقادها لبعض سلبياته الفاقعة، كما في خطب الجمعة لممثليها، إلا محاولة منها لمنع خروج الوضع عن السيطرة، فهي تدعو لامتصاص نقمة الناس، مستبقية سقف مطالبهم بالترقيع وليس التغيير الجذري الذي يعظم دور الوطنية العراقية ويقزم دور الهويات الطائفية، ومن هنا لا تقوم لأي ثورة شعبية عراقية حقيقية قائمة إلا بمراجع وطنية اصيلة عروتها الوثقى، العراق العظيم، كوطن جامع وليس تابعا، الشامخ بوجه شرور كل الطامعين من روم وعجم !

لم تكتف المرجعية بلعب دور الساكت عن الحق، اثناء فترة الاحتلال، وانما ذهبت إلى ابعد من ذلك عندما جيرت التصويت الشيعي في الانتخابات الصورية لمصلحة محصورة طائفيا بدائرة نفوذها، وعملت على تشجيع قيام تحالف شيعي يقبض على السلطة ويجعلها خاتما باصبعه، وذهبت للافتاء بحرمة عدم التصويت بنعم للاستفتاء على الدستور الذي شرعن نهاية العراق، وبعد انكشاف حقيقة ما يجري، وفساد ليس اشخاص العملية السياسية التي باركتها المرجعية عرفيا وليس تحريريا، انما فساد العملية السياسية برمتها منهجا ودستورا وعقلية وغاية ووسيلة، راحت المرجعية تتبرأ من الوضع القائم وتحمل بعض الاحزاب والشخصيات مسؤولية التدهور الحاصل، ليس لأنها مهتمة بالاصلاح الحقيقي والتغيير الوطني وانما خوفا من انهدام المعبد على الجميع بما فيها المرجعية ذاتها فهي تخشى ان يخرج الناس مطالبين باسقاط الوضع الفاسد برمته، اي اسقاط العملية السياسية التي لا غنى للمرجعية عنها، لأنها ضمانتها لولاية الفقيه المعنوية والتي يستفيد منها كل مهتم برفع راية الطائفية الشيعية حتى ولو على حساب الوطن، وهي تحصر كل المشكلة بوجود بعض الفاسدين على رأس السلطة، وتدعو لاستبدالهم املا بالنزاهة المفقودة، متغاضية عن حقيقة فاقعة مفادها بان الوضع بمجمله غير نزيه، بما فيه دور المرجعية، هي لم تكن نزيهة في تعاطيها السياسي ناهيك عن الطبيعة اللاوطنية لهذا التعاطي، هي تتدخل حتى النخاع بالسياسة وتدعي غير ذلك، وعندما يجدر بها التدخل لا تفعل وان فعلت فان الطائفية المبطنة والمغلفة بالتعميم الذي يغطي على حقيقة منطوقها حفاظا على مكاسبها وخموسها الذي يمول ميزانيات دول !

لقد اعلنت المرجعية عن الجهاد الكفائي ليس ضمن قوات الجيش العراقي وانما ضمن فرق تطوعية ميليشياوية وليس هناك تفسير آخر للاعلان، بدليل عدم حصول غير ذلك، ولم تكن بحاجة لتجعله حصرا شيعيا، لتفادي الاقرار الطائفي لفتواها، لكن الامر مفهوم، انه جهاد شيعي ضد داعش السني وحاضنته، وما تعنيه كلمة حاضنة، الامر ليس مفاجئا فإيران كانت على دراية بالامر من قبل اعلانه بل هي من حفز المرجعية على المبادرة، لتكون الفتوى غطاء شرعيا لحراك ميليشياوي تقوده إيران ممثلة بالحرس الثوري وفيلق القدس وقائده قاسم سليماني ليدخل الحدود ومن دون حدود لتكريس الاضطهاد الطائفي وجعل كامل العراق ورقة ضغط على الأمريكان لانتزاع المزيد من المكاسب لحساب امبراطورية الملالي الذين لا يترددون من ذكر بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء كأمصار لها، ما حصل في المقدادية وعموم محافظة ديالى وصلاح الدين وابو غريب وحزام بغداد من جرائم طائفية تقوم بها ميليشيات الحشد الطائفي انما تتحمل وزره المرجعية، حتى لو انكرت ذلك، فما جرى في النخيب من عمليات تهجير طائفي وقتل واختطاف على الهوية، وعلى يد حشود العتبات المقدسة التي يقود احداها الناطق باسم المرجعية الشيخ مهدي الكربلائي دليل آخر على ان المرجعية هي ذاتها احدى ادوات الفعل الطائفي في العراق، والمناخ الذي تترعرع فيه لا يؤدي إلا إلى هذه النتيجة حتى لو لم تكن تقصد ذلك، خاصة إذا عرفنا بان المراجع الاربعة لا يظهرون للعلن لأنهم ببساطة لا يستطيعون التعبير عن انفسهم بانفسهم فالجميع لكنات اعجمية وسترها سيعطي اصحابها هالة غامضة!

الثورة الشعبية بحسها الوطني الجامع، وليس غيرها هي العلاج الناجع لما يعانيه العراق وشعبه من حالة الضياع والافلاس والتشظي والتبعية والتخلف السائدة منذ 2003 وحتى الآن، وان من اهم عوامل انفجارها، تجاوز الاستكانة امام الخطاب المرجعي الذي لا يخلو من النفاق، والذي ليس فيه غير الترقيع والتغطية والتخدير، خطاب لا يخدم إلا مصالح الطائفيين والمتنفذين في السلطة من السراق والمزورين !

 

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

العراق مرجعية النجف النجف الاشرف الاحتلال الأمريكي للعراق الفساد الطائفية كردستان

«الأعرجي»: السياسيون هم من صنعوا الطائفية في العراق

312 مليار دولار حصيلة فساد حكومات ما بعدالاحتلال الأمريكي في العراق

العراق: الاحتلال الأمريكي الثاني وإغراء السلطة (2)

"مناطق القتل" في العراق .. تطهير طائفي وإحراق منازل وإعدامات ميدانية

بشير نافع: لماذا فعلا ينهار عراق ما بعد الغزو والاحتلال؟

رسم مستقبل العراق بالنقاط الملونة