قال الباحثان ليوناردو مازوكو وكريستيان ألكسندر إنه يجب على الإمارات أن تعمل العمل على "بناء توافق في الآراء بشأن أولويات مكافحة تغير المناخ"، خلال استضافتها الدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ "كوب 28" (COP28) في دبي بين 30 نوفمبر/ تشرين الثاني و12 ديسمبر/ كانون الأول المقبلين.

مازوكو وألكسندر أضافا، في تحليل بـ"منتدى الخليج الدولي" (Gulf International Forum) ترجمه "الخليج الجديد"، أن المؤتمر المقبل "يضع جهود إزالة انبعاثات الغازات المسببة للاحترار العالمي، ولاسيما ثاني أوكسيد الكربون، كأولوية عالمية وسط زيادة الطلب على الوقود الأحفوري (النفط والغاز الطبيعي والفحم) بسبب أزمة الطاقة العالمية"، جراء الحرب الروسية المتواصلة في أوكرانيا منذ 24 فبراير/ شباط 2022.

وتابعا أنه "إدراكا للحاجة الملحة للانتقال من كونها مصدرا رئيسيا للمواد الهيدروكربونية (النفط والغاز الطبيعي) إلى اقتصاد ما بعد النفط المستدام، تستثمر الإمارات بكثافة في مبادرات الطاقة المتجددة، وتدعو إلى نموذج انتقال عادل للطاقة، وتدفع لاتخاذ إجراءات عملية وزيادة التمويل للحلول المناخية في المؤتمر المقبل، كجسر بين الدول المتقدمة والنامية".

و"بصفتها البلد المضيف للمؤتمر، تهدف الإمارات إلى الاستفادة من موقعها الفريد كمنتج مهم للوقود الأحفوري ومدافع طموح عن إزالة الكربون لتوحيد المصالح المنقسمة وتعزيز المسؤولية المناخية العادلة واتخاذ تدابير عملية نحو الهدف العالمي المتمثل في انبعاثات صافية صفرية بحلول 2050"، وفقا لمازوكو وألكسندر.

ولفتا إلى أن "الجدل حول الاحتباس الحراري بين الاقتصادات الناشئة فيما يسمى "الجنوب العالمي" والدول المتقدمة في نصفي الكرة الأرضية الشمالي والغربي، أدى إلى تأخير العمل الفعال ضد تغير المناخ لفترة طويلة، وتعتبر الإمارات المؤتمر فرصة لإنهاء لعبة إلقاء اللوم والترويج لنموذج انتقال عادل للطاقة يأخذ في الاعتبار الاهتمامات المحددة لجميع الأطراف".

مسؤوليات متعددة

و"وبصفتها البلد المضيف للمؤتمر، فإن الإمارات مسؤولة عن تسوية الخلافات بين المعسكرين المتعارضين بشأن ملفات منها التخلص التام من الوقود الأحفوي وصندوق "الخسائر والأضرار"، "ويمكنها توفير جو يفضي إلى مفاوضات حتى يمكن الوصول إلى إجماع عام، وبصفتها منتجا للوقود الأحفوري مع أهداف طموحة لحياد الكربون، فإن الدولة الخليجية في وضع مناسب للعمل كقوة جَسر للفجوات"، بحسب مازوكو وألكسندر.

ولفتا إلى إعلان الإمارات في وقت سابق أنها تريد إبراز أصوات "الجنوب العالمي" في المؤتمر المقبل، وهي ترفض لعبة اللوم التي لطالما حرضت الدول الغنية ضد الدول النامية بشأن إعادة توزيع المسؤولية عن انبعاثات الكربون الناتجة عن استخدام الوقود الأحفوري.

وزادا بأن "الإمارات تؤيد نهجا أكثر توازنا يسلط الضوء على القيود المالية للبلدان النامية في التكيف مع المناخ، وسياسات البلدان الأكثر ثراء وهي الأكثر قدرة على تنفيذ تدابير التكيف مع المناخ والتخفيف من حدته والتعامل مع العبء الاقتصادي المتزايد للتأثيرات الضارة لتغير المناخ".

وقال الدكتور يوسي ميكيلبيرج، زميل مشارك في معد "تشاتام هاوس" البريطاني (Chatham House)، لمنتدى الخليج الدولي، إن "الإمارات ترى نفسها على أنها منشئ الجسور في تعزيز الجهود العالمية لدعم الجنوب العالمي والبلدان الأكثر ضعفا في مكافحة تغير المناخ ودول أخرى".

و"في المؤتمر المقبل، تريد الإمارات الاعتراف بأن الدول لديها مسؤوليات مشتركة عندما يتعلق الأمر بتحقيق أهداف طموحة لإزالة الكربون، ولكن لديها أيضا أولويات مختلفة"، وفقا مازوكو وألكسندر.

وقد أدت القمم المناخية السابقة إلى "مبادرات وتعهدات كبرى لم تؤت ثمارها أبدا"، كما أشار ميكلبيرج، لكن الإمارات تعطي الأولوية للسرعة والتأثير في صنع السياسات، ومن المرجح أن تستخدم المؤتمر لتسريع إيجاد الحلول المناخية وتنفيذها.

تمثيل متساوٍ وشامل

وقال مازوكو وألكسندر إنه "من المتوقع أن تستقبل الإمارات أكثر من 140 من القادة الحكوميين البارزين، و80 ألف مندوب، وأزيد من 5 آلاف إعلامي في دبي".

وشددا على أن "الحضور يجب أن يكون أكثر من مجرد حيلة دبلوماسية عامة، ويجب أن ينقل بدلا من ذلك إحساسا بالتساوي والشمول في التمثيل لبناء توافق في الآراء بشأن أولويات مكافحة تغير المناخ".

و"بدلا من الضغط من أجل تعهدات جديدة طموحة بخفض الانبعاثات أو اقتراحات شديدة الانقسام، من المرجح أن تركز الإمارات طاقاتها الدبلوماسية على الخطط التي تجمع بين الإجراءات والنتائج الملموسة والمزايا العادلة"، وفقا لمازوكو وألكسندر.

وأضافا أن "الإمارات كدولة حريصة على الابتعاد عن الاقتصاد القائم على النفط، تنظر أيضا إلى المؤتمر المقبل كفرصة للدعوة إلى المزيد من الاستثمارات في التقنيات المتقدمة".

وأردفا أنه "من خلال تحفيز تعبئة أكثر اتساقا للموارد المالية لمشاريع الطاقة المتجددة، تهدف الإمارات إلى المساهمة في جهود إزالة الكربون وتوفير وظائف جديدة مع السعي لتحقيق النمو المستدام على المدى الطويل، وستقدم حوافز ضريبية وإعانات ومنحا لجذب المستثمرين والشركات المنخرطة في المشاريع المتعلقة بالمناخ".