أعلنت الولايات المتحدة، الجمعة، إرسال مساعدات دفاعية جديدة إلى أوكرانيا تتضمن "ذخائر عنقودية" تعرف باسم الذخائر التقليدية المحسنة ثنائية الغرض، والتي تطلبها كييف منذ فترة طويلة، وسط تنديد روسي وتحذيرات من حرب عالمية.
وجاء القرار الذي أكد الرئيس الأمريكي جو بايدن، أن اتخاذه كان "صعباً للغاية"، في وقت تسعى قوات كييف في للتقدم ميدانياً في هجوم مضاد أطلقته قبل شهر لاستعادة أراضٍ تُسيطر عليها روسيا في شرق أوكرانيا وجنوبها.
فيما قال البيت الأبيض، إن واشنطن أجلت إمداد كييف بهذه الذخيرة "قدر المستطاع"، مشيراً إلى أن كييف قدمت "ضمانات مكتوبة" بالحد من تأثيرها على المدنيين.
ودافع مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان بشدة عن قرار البيت الأبيض تزويد أوكرانيا بهذه الأسلحة، واعتبر أن "المدفعية هي في صلب النزاع" في أوكرانيا.
ولفت إلى أن روسيا تستخدم هذا النوع من الأسلحة منذ بدء غزوها أراضي جارتها مطلع عام 2022.
وستندرج الذخائر العنقودية ضمن حزمة مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا بقيمة 800 مليون دولار، ما يرفع إجمالي المساعدات العسكرية التي قدمتها واشنطن إلى كييف منذ بدء الغزو الروسي إلى أكثر من 41 مليار دولار.
إلا أن تنديدا روسيا بالقرار الأمريكي تصاعد، وسط تحذيرات من حرب عالمية ثالثة، واصفة هذه الخطوة بالتحريض غير المسبوق.
ففي الوقت الذي لم يصدر بيانا رسميا من الكرملين حول الخطوة الأمريكية، علق سفير روسيا في الولايات المتحدة أناتولي أنطونوف، على القرار معتبرًا أن مستوى التحريض الأمريكي "يتجاوز الحدود" ويقرب البشرية من حرب عالمية جديدة.
وقال أنطونوف للصحفيين: "باستمرار وبعزم يستحق التطبيق الأفضل، تستمر واشنطن في رفع الرهانات في الصراع. لم يكن لدى أحد شك في التورط العميق للولايات المتحدة في المواجهة في أوكرانيا، ولكن مستوى التحريض الأمريكي الحالي يتجاوز حقًا الحدود ويقرب البشرية من حرب عالمية جديدة".
وأعرب الدبلوماسي الروسي عن ثقته في أن "تجهيز" أوكرانيا بالأسلحة الغربية لن يؤثر على تحقيق أهداف العملية العسكرية الخاصة.
وأضاف: "الذخائر العنقودية هي إجراء يعكس اليأس.. هذا الإجراء يشير إلى إدراك الولايات المتحدة وحلفائها لعجزهم.. ومع ذلك، فإنهم لا يرغبون في الاعتراف بفشلهم الذاتي وفشل محاولات القوات الأوكرانية في شن هجوم على المناطق الروسية. لذلك يقومون بأعمال جنونية جديدة".
وتابع أنطونوف: "الوحشية والسفالة التي تعاملت بها واشنطن مع قضية تسليم أسلحة قاتلة إلى كييف تثير الدهشة. تجاهلت الإدارة تمامًا الأطروحات المتعلقة بخطورة هذه الخطوة على الإنسانية، التي تم تبنيها من قبل الخبراء والمدافعين عن حقوق الإنسان والتشريعيين".
ولفت أنطونوف إلى أن واشنطن "أغلقت عينيها أمام ضحايا المدنيين.. الآن، بفضل الولايات المتحدة، سيكون هناك خطر لسنوات عديدة على أن الأشخاص الآمنين الأبرياء سيتعرضون لانفجار الذخائر العنقودية التي لم تنفجر".
بينما قال رئيس لجنة الدفاع في مجلس الاتحاد الروسي فيكتور بونداريف، فقال إن "استخدام الذخائر العنقودية هو أسلوب إرهابي في القتال"، متوعدا أن روسيا سترد على هذه الخطوة بناء على الضرورة العسكرية.
وأشار النائب الروسي، حسبما أوردت الناطقة باسمه: "القنابل العنقودية محظورة بموجب القانون الدولي.. سيعاني السكان المدنيون من استخدامها".
وحسب تصريحات بونداريف، فإن هذا هو "أسلوب إرهابي في القتال"، مضيفا: "حماية مواطني روسيا تعد أولوية للسلطات الحكومية الروسية، وعند استخدام القنابل العنقودية من قبل أوكرانيا، يمكن أن يناقش مجلس الاتحاد الروسي هذا الموضوع".
فيما وصف عضو مجلس الدوما (البرلمان) عن إقليم القرم ميخائيل شيريميت، قرار الولايات المتحدة بتسليم الأسلحة العنقودية لأوكرانيا بأنه "قرار ضد الإنسانية".
وصرح شيريميت لوكالة "سبوتنيك": "في رغبته الجامحة في تدمير العالم السلافي الذي يخيفه، بالأيدي القذرة لربيبه (فلاديمير) زيلينسكي، يتجاوز بايدن كل الحدود المسموح بها وغير المسموح بها".
وأَضاف: "إنه لأمر مخيف حتى التفكير في المكان الذي يمكن أن تطلق فيه هذه الأسلحة لاحقًا، إذ تم توثيق العديد من الحوادث حين يطلق السلاح المورَّد لأوكرانيا في أوروبا.. والأمريكيون سيدفعون ثمن قرارهم".
يشار إلى أن القرار الأمريكي لقي كذلك انتقادات دولية، إذ أبدى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش رغبته في عدم رؤية هذه الأسلحة تستخدم ميدانياً.
وقال متحدث باسمه، إنه "لا يرغب في استخدام الذخائر العنقودية بشكل متواصل في ميدان المعركة".
كما لفتت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية، إلى أن "نقل هذه الأسلحة (إلى أوكرانيا) سيتسبب بشكل لا مفرّ منه بمعاناة للمدنيين على المدى الطويل".
فيما اعتبرت منظمة العفو الدولية، أنه على إدارة بايدن "أن تُدرك أن أي قرار يتيح الاستخدام الواسع للقنابل العنقودية في هذه الحرب سيؤدي إلى نتيجة واحدة متوقعة: القتل الإضافي للمدنيين".
وأضافت "الذخائر العنقودية سلاح عشوائي يُمثل خطراً كبيراً على حياة المدنيين حتى بعد فترة طويلة من انتهاء النزاع"، مؤكدة أن استخدامها "لا يتوافق مع القانون الدولي".
ويُشير مصطلح "الذخائر العنقودية" إلى أي نظام من نظم أسلحة تطلق بمجموعة من الذخائر المتفجرة الأصغر حجماً على هدف معيّن، وهي مصممة للانفجار قبل الارتطام أو عنده أو بعده. ويمكن إطلاق هذه الذخائر بواسطة القذائف أو المدفعية وحتى من قنابل من الطائرات.
ويُمكن أن يراوح عدد القنابل في هذه الذخائر بين العشرات والمئات.
وحظرت دول عدة استخدام هذه الذخائر بموجب اتفاقية أوسلو 2008، لكن العديد من الدول، مثل الولايات المتحدة وأوكرانيا، لم تصادق عليها.
