ياسين مهداوي- الخليج الجديد
يوم جميل.. خطوة تاريخية.. مزيد من القوة والترابط والأمن لدول الحلف.. ندعم إحياء مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي..
بتلك العبارات وغيرها علق قادة غربيون على موافقة أنقرة على إحالة طلب السويد للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) إلى البرلمان التركي للمصادقة عليه، وهي خطوة شبه محسومة نظرا لامتلاك حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم وحلفائه أغلبية برلمانية، وفقا لبيانات وتغريدات وتصريحات رصدها "الخليج الجديد".
وبينما وافقت على طلب فنلندا، رفضت تركيا على مدار أشهر التجاوب مع طلب السويد، مطالبةً إياها بضرورة وقف ما تعتبره أنقرة تساهلا من جانب ستوكهولم مع جماعات كردية معادية لتركيا، لاسيما حزب "بي كا كا"، تنشط في السويد، فيما ترى الأخيرة أنها أوفت بالتزاماتها في هذا الشأن.
وعشية قمة "الناتو" في فيلنيوس عاصمة ليتوانيا، التقى كل من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون والأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ مساء الإثنين، ثم أصدروا بيانا أعلنوا فيه أن أنقرة ستحيل بروتوكول انضمام السويد لـ"الناتو" إلى البرلمان في أسرع وقت ممكن للتصديق عليه، وأن ستوكهولم ستدعم جهود إحياء عملية انضمام أنقرة إلى الاتحاد الأوروبي.
رئيس الجمهورية السيد رجب طيب أردوغان، يعقد لقاء ثلاثيا مع أمين عام حلف شمال الأطلسي "ناتو" ينس ستولتنبرغ ورئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون، على هامش قمة زعماء ورؤساء حكومات دول الناتو في العاصمة الليتوانية فيلنيوس. pic.twitter.com/wC3rnaQ4A0
— الرئاسة التركية (@tcbestepe_ar) July 10, 2023
وضغطت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي و"الناتو" نحو موافقة أنقرة على طلب عضوية ستوكهولم، في ظل مخاوف سويدية من "سلوك عدواني" محتمل من روسيا التي تشن منذ 24 فبراير/ شباط 2022 حربا على أوكرانيا تبررها بأن خطط جارتها للانضمام إلى "الناتو"، بقيادة الولايات المتحدة، تهدد الأمن القومي الروسي.
ومنذ الغزو الروسي لأوكرانيا، لعب أردوغان دورا فريدا كزعيم لـ"الناتو" له تأثير على موسكو عبر "حياد إيجابي"، مكَّنه من لعب أدوار وساطة ناجحة في ملفات منها تبادل أسرى وصفقة لإخراج الحبوب الأوكرانية من موانئ البحر الأسود.
ويبدو أن أردوغان نجح في ربط إحياء مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي بعضوية السويد في "الناتو"، فقبل إعلان قراره بشأن طلب ستوكهولم دعا الغرب إلى إيلاء أولوية لانضمام بلاده إلى الاتحاد، ومن ثم الحديث عن انضمام السويد إلى الحلف.
الحليف الـ32
وعقب قرار أنقرة، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن، في بيان: "مستعد للعمل مع تركيا والرئيس أردوغان لتطوير الدفاع والردع في المنطقة الأوروبية – الأطلسية".
وتابع: "أتطلع إلى الترحيب برئيس الوزراء السويدي والسويد كحليفنا الثاني والثلاثين في الناتو"، فيما شكر الأمين العام للحلف على قيادته تلك الجهود. وأُسس "الناتو" عام 1949، ويتخذ من بروكسل مقرا له، في مواجهة الاتحاد السوفيتي السابق وحلفائه.
وأعلن المتحدث باسم الخارجية الأمريكية ماثيو ميلل أن واشنطن تدعم بيع مقاتلات "إف-16" (F-16) لتركيا، بجانب دعم أهداف أنقرة بشأن الحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي.
ولأول مرة، تقدمت تركيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في 1987، ومنذ سنوات تعثرت مفاوضات العضوية جراء خلافات بشأن ملفات مطلوب من أنقرة إدخال تعديلات وإصلاحات فيها.
ميلل أردف أنه لمعالجة مخاوف تركيا، عدلت السويد دستورها وسنت قانونا جديدا واعتقلت الإرهابيين المشتبه بهم، معتبرا أن تلك الإجراءات كافية وأن عضوية السويد في الحلف "ذات أولوية قصوى".
آلية ثنائية
ومشيدا بقرار أنقرة، قال أمين عام "الناتو" إن هذا "يوم تاريخي.. وهو يوم تاريخي أيضا لأن السويد قطعت تعهدا واضحا بالعمل عن كثب مع تركيا لزيادة محاربة الإرهاب".
Glad to announce that after the meeting I hosted with @RTErdogan & @SwedishPM, President Erdogan has agreed to forward #Sweden's accession protocol to the Grand National Assembly ASAP & ensure ratification. This is an historic step which makes all #NATO Allies stronger & safer. pic.twitter.com/D7OeR5Vgba
— Jens Stoltenberg (@jensstoltenberg) July 10, 2023
وشدد ستولتنبرغ على أن السويد ستدعم انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي ومساعي تحديث اتفاقية الاتحاد الجمركي وتحرير التأشيرات بين الجانبين.
وأعلن أنه سيتم تأسيس آلية أمنية ثنائية بين تركيا والسويد ستعقد اجتماعا رفيع المستوى سنويا لتنفيذ القضايا المتفق عليها سابقا، و"ستتم محاربة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره".
أخبار جيدة
اعتبر الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل أن "طريق السويد إلى الناتو مفتوح بعد اتخاذ (تركيا) الخطوة التاريخية".
بوريل قال إن "هذه أخبار جيدة للشعب السويدي ولسياسة الأمن والدفاع المشتركة. إن قوة الناتو تجعل أوروبا أكثر أمنا".
كما قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، عبر تغريدة: "أرحب بالخطوة المهمة التي وعدت تركيا باتخاذها".
A historic step in Vilnius.
— Ursula von der Leyen (@vonderleyen) July 10, 2023
I welcome the important step that Türkiye has promised to take, to ratify Sweden’s accession to NATO.@jensstoltenberg @RTErdogan https://t.co/pwh5TtOR2b
فيما أعلن رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل، عبر تغريدة، أنه بحث مع أردوغان في فيلنيوس فرص إحياء العلاقات بين الطرفين، وكشف عن أن "مجلس الاتحاد الأوروبي طلب من المفوضية والممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل، إعداد تقرير استراتيجي وتطلعي حول العلاقات مع تركيا".
Good meeting with President @RTErdogan at #NATOsummit.
— Charles Michel (@CharlesMichel) July 10, 2023
Explored opportunities ahead to bring 🇪🇺-🇹🇷 cooperation back to the forefront & re-energise our relations.
EUCO has invited HRVP & @EU_Commission to submit report with a view to proceed in strategic & forward-looking manner pic.twitter.com/sIvOfXnfws
خطوة كبيرة
أما رئيس الوزراء السويدي فوصف قرار أنقرة بأنه "يوم جميل للسويد"، معتبرا أنه تم "اتخاذ خطوة كبيرة جدا" في طريق الموافقة على عضوية السويد في "الناتو".
كريسترسون شدد على أن السويد ستواصل الالتزام بتعهداتها التي قدمتها لتركيا في مدريد (المذكرة الثلاثية)، مضيفا أن "هذا التزام السويد على المدى الطويل، ولم نقم به من أجل العضوية في الناتو".
وفي قمة الحلف بالعاصمة الإسبانية مدريد، يوم 28 يونيو/ حزيران 2022، وقَّعت تركيا والسويد وفنلندا مذكرة ثلاثية بخصوص مكافحة الإرهاب.
واضاف كريسترسون أن اللقاء مع أردوغان تناول علاقات تركيا والاتحاد الأوروبي، مؤكدا أن بلاده تدعم انضمام تركيا للاتحاد، وستواصل دعمها حول تحديث الاتحاد الجمركي وتحرير التأشيرات.
ومتطرقا إلى واقعة حرق نسخة من القرآن الكريم في السويد مؤخرا على يد طالب لجوء عراقي، قال إن "هذه الاستفزازات نُفذت لمنع انضمام السويد إلى الناتو وللإساءة لتركيا والمسلمين".
و"مع عضوية "الناتو" ستنتهي سياسة الحياد التي اتبعتها ستوكهولم لمدة 200 عام"، وفقا للتلفزيون السويدي الرسمي "إس في تي" (SVT).
وبعد إعلان تركيا دعمها لطلب انضمام السويد، تظل المجر الدولة الوحيدة التي لم توافق بعد على الطلب.
أكثر أمانا
وعبر تغريدة، قال رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، إن "هذه لحظة تاريخية لحلف الناتو تجعلنا جميعا أكثر أمانا. السويد، نتطلع إلى الترحيب بك في التحالف".
This is an historic moment for NATO that makes us all safer.
— Rishi Sunak (@RishiSunak) July 10, 2023
Sweden, we look forward to welcoming you into the Alliance. https://t.co/6dIvgoxbfZ
كما رحبت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك بقرار تركيا، واصفة إياه بأنه "خطوة تاريخية ومهمة وعدت أنقرة باتخاذها.. آتت جهودنا المشتركة ثمارها. نحن جميعا أكثر أمانا معا. مبارك للسويد".
Gute Nachrichten aus Vilnius: Der Weg für die Ratifizierung von Schwedens #NATO-Mitgliedschaft durch die Türkei ist endlich frei. Unsere gemeinsamen Anstrengungen haben sich gelohnt. Zu 32 sind wir alle zusammen sicherer. Herzlichen Glückwunsch, Schweden!
— Außenministerin Annalena Baerbock (@ABaerbock) July 10, 2023
وحتى الساعة 09:00 بتوقيت جرينتش لم يصدر تعقيب رسمي من موسكو بشأن موافقة أنقرة على إحالة الطلب السويدي إلى البرلمان، ومن المنتظر أن يلتقي أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين قريبا لبحث مصير تمديد "صفقة الحبوب" التي تنتهي في 17 يوليو/ تموز الجاري.
وسبق وأن أعلن بوتين أن انضمام فنلندا (جارة روسيا) والسويد إلى التحالف العسكري (الناتو) لا يهدد موسكو بشكل مباشر، لكنه توعد برد في حال أي توسيع في البنية التحتية العسكرية للحلف.