بوليتيكو: عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي لا تزال صعبة.. وهذه خيارات الأوروبيين لعدم إغضاب أنقرة

السبت 15 يوليو 2023 07:24 ص

اعتبر تحليل نشرته صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية أن عملية انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي لا تزال أمرا بعيد المنال، رغم ربط الرئيس التركي رجب طيب أردغان بين هذا الأمر وموافقته على قبول عضوية السويد في حلف الناتو، مشيرا إلى أن قادة الاتحاد سينخرطون في بدائل مع أنقرة لمحاولة استرضائها، بينما لا يريدون التفريط في حليف بأهمية تركيا، لا سيما خلال هذه الفترة الحساسة.

وقال التحليل، الذي ترجمه "الخليج الجديد"، إن قادة ومسؤولي الاتحاد الأوروبي فوجئوا بطلب أردوغان إعادة فتح ملف انضمام بلاده للاتحاد مقابل الموافقة على عضوية السويد في الناتو، وهم يستكشفون الخيارات حول الأمر، لكن بالتأكيد لن يكون من بينها انضماما لأنقرة، على الأقل حاليا وفي المستقبل المنظور.

ويرى التقرير أن أردوغان يعرف أن نفوذه في الناتو، ومكانته كوسيط بين روسيا وأوكرانيا يمنحانه نفوذا إضافيا في الغرب، لا سيما بعد تأكيد هيمنته على السياسة التركية بفوزه الأخير في الانتخابات.

وبادر مسؤولون آخرون إلى التحدث علنا حول رفضهم الربط بين ملف انضمام أنقرة للاتحاد وعضوية ستوكهولم في الناتو، مثل المستشار الألماني أولاف شولتس، والذي قال باقتضاب قبل مغادرته القمة السنوية لحلف الناتو في ليتوانيا: "هذه قضية وتلك قضية أخرى، وبالتالي أعتقد أنه لا ينبغي النظر إلى هذا على أنه مسألة ذات صلة".

مبررات الرفض

ويستعرض التقرير مزاعم الاتحاد الأوروبي لرفض عضوية تركيا، حيث يتهم القادة الأوروبيون الرئيس التركي باتخاذ منعطف استبدادي، لا سيما خلال السنوات الأخيرة، وهو الأمر الذي يزعمون أنه تكرس بعد محاولة الانقلاب الفاشلة منتصف 2016، بينما تقول أنقرة إن قيم الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان لم تمس في البلاد، وأن التحركات ضد قادة الانقلاب ومموليه داخل البلاد تم عبر أدوات قضائية وبعد تحقيقات شفافة.

وبحلول عام 2018، قال المجلس الأوروبي، في بيان، إن مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد "وصلت إلى طريق مسدود".

ومع ذلك، يعرف الاتحاد الأوروبي أنه يتعين عليه العمل مع تركيا، وهي جار حيوي وجسر مع روسيا وآسيا والشرق الأوسط.

وفي حين أن العضوية لا تزال غير مطروحة على الطاولة، يفكر المسؤولون الأوروبيون في الطريقة التي يمكن أن يتعاونوا فيها بشكل أكبر مع تركيا، يقول التقرير.

تركيا والاتحاد الأوروبي

تمتد محاولة تركيا للانضمام إلى النادي الأوروبي لما يقرب من 60 عامًا، وبالتحديد منذ عام 1959 عندما تقدمت بطلب للانضمام إلى المجموعة الاقتصادية الأوروبية، التي كانت مقدمة للاتحاد الأوروبي.

وفي عام 1999 تم منحها أخيرًا وضع "مرشح الاتحاد الأوروبي"، بعد فترة وجيزة من وصول أردوغان إلى السلطة.

ويرى مسؤول تركي أنه لولا الانقلابات العسكرية التي ضربت البلاد، لكانت أنقرة الآن  عضوا في الاتحاد الأوروبي.

مشكلة اليونان

ويقول التقرير إن أزمة تركيا مع اليونان، والأخيرة عضو في الاتحاد الأوروبي، كانت إحدى الأزمات المحورية التي حالت دون انضمام أنقرة للكتلة الأوروبية.

فاليونان لديها مشكلات مع تركيا في شرق المتوسط وقبرص.

وتعترف الصحيفة الأمريكية بأن هناك نقصا في الإرادة السياسية لبعض القادة الأوروبيين حيال مسألة انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، مثل فرنسا.

فعلى سبيل المثال، اعترف الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي عام 2011، بأن عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي كانت أمرًا محظورًا بالنسبة لفرنسا.

شراكة بحكم الأمر الواقع

ويلفت التقرير إلى "شراكة الأمر الواقع" التي جمعت بين أنقرة والاتحاد الأوروبي، حينما استضافت الأولى آلاف اللاجئين مقابل تمويل أوروبي بمليارات اليوروهات، لكن هذا التعاون فشل في تغيير المضمون العام للعلاقة بين الجانبين.

ويشير التقرير إلى تحرك أوروبي يتمثل في عقد محادثات، الأسبوع المقبل،  على مستوى وزراء الخارجية، لمناقشة علاقات الكتلة مع تركيا وآفاقها المستقبلية.

وتقول "بوليتيكو" إنها حصلت على وثيقة دبلوماسية من الاتحاد الأوروبي، سيتم عرضها على الوزراء الأوروبيين، تقول إن محاولة انضمام أنقرة للاتحاد "تظل بلا حياة"، لكنها أقرت بأهمية أن يسعى الاتحاد لتأكيد مصالحه الاستراتيجية عبر علاقات جيدة مع تركيا.

وترى الوثيقة أنه على الرغم من الابتعاد التركي الأخير عن أوروبا وتوتر العلاقات، فإن أنقرة لا تزال تصر على أن الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي هو "هدف استراتيجي".

وتقترح الوثيقة، على وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي النظر في كيفية "المساهمة بنشاط في الاستئناف السريع لمحادثات التسوية القبرصية" والتفكير في كيفية تعامل الاتحاد الأوروبي بشكل أفضل مع مصالح تركيا.

خيارات أوروبية أخرى

ويقول التقرير إن أحد الخيارات التي يجري النظر فيها مبدئيًا هو تجديد الاتحاد الجمركي بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، والذي كان قائمًا منذ عام 1995، كما صرح بذلك مسؤولان مشاركان بشكل مركزي في سياسة الاتحاد الأوروبي وتركيا لـ "بوليتيكو"، دون الكشف عن هويتهما.

ويسهل الاتحاد الجمركي التجارة بين الشريكين ولكنه في حاجة ماسة إلى التحديث ليعكس التغيرات في التكنولوجيا وسلاسل التوريد العالمية.

ويظل أحد أهم الأهداف لتركيا هو تحرير التأشيرة لمنح مواطنيها حرية السفر إلى دول الاتحاد الأوروبي بدون تأشيرات لفترات طويلة.

السويد تتحرك

ويبدو أن السويد قررت التحرك لدعم تركيا بفعالية في هذين الملفين (الاتحاد الجمركي وتحرير التأشيرة) بعد أن وافقت أنقرة على عضويتها في الناتو.

ويقول أعضاء في البرلمان الأوروبي إنهم منفتحون على تحديث حالة الاتحاد الجمركي التركي وفتح ملف تحرير التأشيرة - إذا قامت تركيا بدورها بالتزامات في ملف حقوق الإنسان.

الخيار الثاني لأوروبا هو التحرك لإحياء الحوار بين تركيا والاتحاد الأوروبي والذي توقف تماما عام 2021، بعد الغضب الأوروبي مما اعتبروه تجاهلا من أردوغان لرئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بعدم تخصيص مقعد لها بجوار رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل، حيث شعرت بالإحراج وجلست على أريكة جانبية، ما أشعل اتهامات لأردوغان بالتحيز الجنسي ضد أورسولا فون دير لاين.

ويخلص التحليل إلى أن إعادة بدء مثل هذه الحوارات رفيعة المستوى قد تكون عملية بيع سهلة لقادة الاتحاد الأوروبي، مما يسمح لهم بفتح قنوات مع أردوغان دون المساس باحتمالية عضوية أنقرة في الاتحاد الأوروبي.

المصدر | سوزان لينش وجاكوبو باريجازي / بوليتيكو - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العلاقات التركية الأوروبية رجب طيب أردوغان الاتحاد الأوروبي الناتو عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي

وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يجتمعون لبحث تقديم "هدية تقارب" لتركيا

الاتحاد الجمركي ضمن سبل التقارب بين أوروبا وتركيا.. حان وقت التغيير

مع تقارب تركيا والاتحاد الأوروبي.. ما مصير النزاع في جزيرة قبرص؟