«تركي الفيصل»: إيران نمر من ورق.. والتصعيد معها ليس في صالح أحد

الخميس 4 فبراير 2016 04:02 ص

وصف الأمير «تركي الفيصل»، المدير العام السابق للاستخبارات العامة في السعودية، دولة إيران بأنها «نمر من ورق» حيث تواجه حالة من  عدم الاستقرار الداخلي، معتبرا في الوقت ذاته أن قطع العلاقات بين المملكة وطهران ليس في صالح البلدين.

وفي مقابلة أجرتها معه صحيفة «لوموند» الفرنسية قبل أيام، وأعاد موقع السفارة السعودية في فرنسا نشرها، أمس الأربعاء، رأي «الفيصل» أن القوى الكبرى يمكنها وقف المجازر في سوريا فورا، لكن لا أحد يريد القيام بذلك.

وفي المقابلة، لفت  الأمير السعودي إلى أنه خلال فترة ممارسته لعمله، ظهر تطور وَضَع العالم نحو السلام بعد عام 1967، والاحتلال الإسرائيلي لسيناء والضفة الغربية وقطاع غزة وهضبة الجولان؛ حيث صوّت مجلس الأمن في الأمم المتحدة على القرار الشهير رقم 242 الذي حدّد أهداف السلام، و«أصبحنا ندور حول عملية السلام 50 سنة».

 وأضاف: «آمل أن العملية التي أُطلِقت بشأن سوريا لا تستمر خمسين عاماً؛ فالقوى التي تُشرِف عليها لديها الوسائل السياسية والاقتصادية والعسكرية لوضع حد للمجازر في سوريا».

 وتابع: «يمكن لجميع القوى اللاعبة في سوريا أن تقول اليوم؛ بدءاً من منتصف الليل، لن نسمح بأن يكون هناك قتيل واحد في سوريا، وسنتخذ إجراءات ضد أي شخص يستمر بالعمل على القتل ونطبقها؛ لكن المشكلة الرئيسة في الأزمة السورية أن الجميع لديه القدرات لوضع حد للمجازر؛ ولكن لا أحد يريد القيام بذلك».

 وعن خطوات حل الأزمة السورية من وجهة نظره، قال: «وضع حد للقتال هو الأمر الأول، ويجب وضع المسؤولين عن المذبحة أمام مسؤولياتهم، مَن هو أكبر إرهابي في سورية؟ إنه بشار الأسد؛ فهو مسؤول عن أكثر من 300 ألف قتيل، وأكثر من 50 ألف سجين دون محاكمة، كذلك جبهة النصرة (الفرع السوري للقاعدة)، وما يُدعى بالدولة الإسلامية، الذي أفضّل أن أدعوها فاحش» في إشارة إلى لقب «داعش» الذي يطلقه البعض على التنظيم.

واستنكر مشاركة حكومة «الأسد» في مفاوضات حل الأزمة السورية في جنيف مؤخرا، وتساءل: «لِمَ لا يُستبعد بشار الأسد؟ فلقد ألحق الضرر بسوريا أكثر من (فاحش) وجبهة النصرة، ومع الأسف تَعَزّز وضعه مع التدخل الروسي، وهذا التدخل لا يمكن تفسيره، وهو غير مقبول؛ لأن بشار يستحق المصير ذاته الذي يستحقه (أبو بكر) البغدادي (زعيم تنظيم الدولة الإسلامية)».

سوريا بين السعودية وإيران

وحول الاختلاف بين موقف بلاده وموقف إيران مما يحدث في سوريا، أوضح «الفيصل» قائلا: «نحن نساعد السوريين للتخلص من جزار قتلهم بوحشية على مدى خمسة أعوام، والشعب يعارض الجماعات المسلحة، و(فاحش) الذين يُريدون تدمير المجتمع السوري، وإيران تدعم من جهتها بشار الأسد ليس بمواردها الخاصة فحسب؛ بل من خلال جلب ميليشيات من لبنان ومن العراق ومتطوعين من باكستان وأفغانستان».

وتابع: «أدت عملية فيينا المزعومة إلى اتفاق على بعض المبادئ؛ أولاً: العودة إلى (جنيف1) وحكومة انتقالية لديها كامل السلطات، ثانياً: المحافظة على مؤسسات الدولة؛ وهذا الأمر تدعمه السعودية، وثالثاً: تسليم المجرمين الذين ارتكبوا المذابح إلى العدالة.. وقدمت إيران مخطط سلام مزعوم من أربع نقاط لا يذكر لا الحكومة الانتقالية، ولا تسليم الأشخاص إلى العدالة، ولا المحافظة على مؤسسات الدولة، والشيء الوحيد الذي قالته هو أنه يجب على الشعب السوري الاختيار؛ ولكن إيران لا تتيح الاختيار للشعب السوري؛ فحرس الثورة الإيرانيون ينحازون لمعسكر على حساب الآخر ويقتلون السوريين».

ونفى المدير العام السابق للاستخبارات العامة في السعودية الاتهامات الإيرانية لبلاده بدعم تنظيم «الدولة الإسلامية».

وقال: «هؤلاء الإرهابيون الذين تتهمنا إيران بدعمهم يفجّرون مساجد في السعودية، ويقتلون ليس الشيعة فحسب؛ ولكن السنة أيضاً. وأطلقوا حملة على (يوتيوب) تقول: (السعودية، نحن قادمون وسنقتل آل سعود ونحرر الأماكن المقدسة في مكة والمدينة).. هل هؤلاء هم الأشخاص الذين ندعمهم؟ إنهم أعداؤنا».

وعن طريقة هزيمة هذا التنظيم، قال «الفيصل»: «للقضاء على (فاحش) يجب العمل على تقديم العلاج لبغداد ودمشق للشفاء من المرض الذي ينخرهما، المرض هو بشار الأسد في سوريا، ونتائج سياسة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي في العراق».

 قطع العلاقات مع إيران

وتناول «الفيصل» رؤيته لقرار بلاده قطع العلاقات مع طهران عقب قيام محتجين إيرانيين غاضبين على إعدام السلطات السعودية لرجل الدين الشيعي «نمر باقر النمر» بالاعتداء على مقرات دبلوماسية للمملكة في إيران.

 وقال: «أعدمت إيران العام الماضي آلاف الأشخاص ومن بينهم رجال دين سنة، ولم تعلّق السعودية قط على هذه الإعدامات؛ لأنه ليس لنا حق التدخل في الشؤون الإيرانية، وإيران لم تعلّق وحسب على إعدام سعودي صدر حكم بحقه من المحكمة ونُفّذ بعد استنفاذ جميع الطعون بالحكم؛ بل سمحت أيضاً لبعض الزعران بالاعتداء بطريقة مدبرة على القنصلية السعودية في مشهد والسفارة في طهران وحرقهما».

 وأضاف: «إنها ليست المرة الأولى التي يحرق فيها زعران إيرانيون السفارة السعودية؛ فلقد سَبَق أن حدث ذلك في الثمانينيات، وهذه المرة لم تقدم إيران اعتذارها للسعودية».

وأكد الأمير السعودي على ضرورة أن توقف إيران تدخلاتها في الشؤون العربية، وقال: «يجب وقف تدخلاتها في شؤون العالم العربي، يريدون السيطرة وصولاً إلى البحر الأبيض المتوسط ويقومون بذلك من خلال دعم ميليشيات وإضعاف الحكومات المركزية مثل بغداد ودمشق وبيروت؛ هذه السياسة لا تتغير؛ سواء إن كان الرئيس الإيراني معتدلاً أم لا؛ لأن المرشد الأعلى هو مَن يقرر».

واعتبر أن تصعيد بين الرياض وطهران«ليس في مصلحة أي من المعسكرين»، وقال: «طالما مدت السعودية يداً صديقة لإيران، المرة الأخيرة التي قطعنا فيها علاقاتنا في الثمانينات، لَزِمنا تقريباً خمس سنوات لإعادتها؛ آمل أن تكون المدة هذه المرة أقل، ويجب على الإيرانيين أن يتوجهوا أولاً إلينا ويقدموا لنا اعتذارهم عن حرق السفارة وعواقبها».

ورداً على سؤال عن الخشية من العواقب السلبية لاتفاق القوى الكبرى مع طهران حول برنامجها النووي، قال «الفيصل»: «لم يكن لدى مملكتنا أي تحفظ على الاتفاق، وفي سبتمبر (أيلول الماضي) خلال زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، عبّر الملك سلمان عن رضاه بخصوص الضمان الذي أعطاه إياه الرئيس بأن إيران لن يكون لديها أي وسيلة لتطوير سلاح نووي خلال فترة تنفيذ الاتفاق، وخلال زيارته للرياض في 23 يناير (كانون الثاني الماضي)، عبّر وزير الخارجية الأمريكية جون كيري عن تفهّمه لضرورة مكافحة أفعال إيران الضارة».

ورأى  أن الوضع الداخلي الإيراني «تعمه فوضى عارمة مع مراكز سلطة تريد كلها حصتها من رفع العقوبات (بعد توقيع الاتفاق النووي)؛ لدرجة لا يمكن لأي أحد أن يحتكر السلطات كلها».

واعتبر إيران «نمر من ورق في ثوب من حديد، مكوّن من ميليشيات في لبنان أو في العراق»، وقال: «لقد أنشأوا حتى حزب الله في الحجاز، في السعودية، وحاولوا قتل أمير الكويت؛ ولكن في الداخل إيران غير مستقرة».

التدخل في اليمن

وعن التدخل السعودي في اليمن، عبر التحالف العربي، الذي تقوده المملكة، قال الأمير السعودي: «دون شك إن لم تتدخل السعودية؛ لكان الوضع في اليمن أسوأ، لم أفكر قط بأنه إذا اندلعت حرب في اليمن فمن الممكن أن تنتهي بسرعة؛ فالقرار صحيح ويجب الاستمرار؛ لأن أهداف التحالف شرعية، ولا يمكنك القبول بأن تستولي على السلطة عسكرياً ميليشيا مثل الحوثيين مع رئيس سابق اضطر للاستقالة (في إشارة إلى الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح)».

 وأضاف: «يدعم تدخلنا (في اليمن) القرار (الأممي) 2216».

واعتبر خارطة الطريق بالنسبة لليمن «واضحة»، مشيرا إلى أنه تتضمن «قيام الحوثيين بتحرير السجناء، وإرجاع الأسلحة المسروقة، والانسحاب من المدن التي يحتلونها بالقوة، واستئناف الحوار السياسي الذي كان قائماً قبل بداية الحرب».

وأكد أن بلاده «تريد حلاً سياسياً (في اليمن)، لكن الحوثيين رفضوا خطة السلام».

وتحدث عن اتهام بلاده بقصف المدنيين والبنى الطبية في اليمن، مؤكدا أن «هذا ليس صحيحاً؛ فلا نسعى إلى قتل المدنيين، وإن حدث ذلك سنتخذ الإجراءات الضرورية.. الحوثيون يقصفون عشوائياً، هم من يجب مُساءلتهم».

  كلمات مفتاحية

السعودية سوريا تركي الفيصل الدولة الإسلامية العلاقات السعودية الإيرانية بشار الأسد الحرب في اليمن

«تركي الفيصل»: «في المملكة لا شيء اسمه وهابية»

«تركي الفيصل»: على إيران أن تعتذر عن حرق السفارة السعودية

فيديو.. «تركي الفيصل»: على إيران تحسين سلوكها وسحب قواتها من الدول العربية

«تركي الفيصل»: نصف سكان العالم يعيشون تحت خط الفقر

«تركي الفيصل» يحذر «بوتين» من عواقب التدخل العسكري في سوريا

السعودية تجدد ترحيبها بالحجاج الإيرانيين رغم الأزمة مع طهران

وزير سعودي: لن يكون لإيران موطئ قدم في المنطقة العربية

وفد إيراني يسافر إلى السعودية لبحث ترتيبات الحج والعمرة

«تركي الفيصل»: بالعقل العربي والمال اليهودي يمكننا المضي قدما لمواجهة إيران