أثار هدم السلطات العراقية مئذنة مسجد في مدينة البصرة جنوبي البلاد يعود تاريخ إنشائه إلى قبل نحو 300 عام؛ بحجة توسعة طريق عام، غضبا حادا واحتجاجات في صفوف المواطنين والأوساط الدينية.
وهدمت جرافة فجر يوم الجمعة مئذنة جامع السراجي التي كان يبلغ ارتفاعها 11 مترا، وبُني الجامع عام 1727 ميلادية.
وانتشرت عدّة مقاطع فيديو توثق هدم مئذنة وجامع السراجي الذي يعتبر من مساجد العراق التاريخية القديمة، فيما يقف محافظ البصرة أسعد العيداني مع مسؤولين محليين آخرين على مقربة منه.
يمكن تشبيه هدم جامع #السراجى التراثي في #البصرة بفقدان الذاكرة…
— Omar Habeeb | عمر حبيب (@TheOmarHabeeb) July 14, 2023
لاننا لم نفقد مجرد منارة او مسجد هناك ، بل فقدنا تاريخاً كاملاً، وفقدنا حضارة و فقدنا شاهد على عمق اتصالنا بالارض.. pic.twitter.com/W2aVBYdIE5
جريمة بحق التراث الوطني حيث قامت محافظة البصرة بهدم منارة جامع السراجي التاريخية ثاني أقدم منارة في البصرة و واحدة من أقدم المنارات الأثرية على مستوى العراق بعد ان بقيت قائمة 3 قرون (1727)
— صفحة بغداد (@BaghdadPage) July 14, 2023
هذه هي اكبر خسارة يتكبدها التراث العراقي منذ هدم قبة الكعبري سنة 2021 و نسف داعش للمنارة… pic.twitter.com/NutrRMiNM8
وتسبب هدم المئذنة في تطاير كمية غبار كثيف؛ إذ أنها مبنية من الطوب اللبن وكان عليها زخارف.
وكانت السلطات الدينية والثقافية، ومنها الوقف السُني ومسؤولو الآثار، على علم باعتزام محافظ البصرة إزالة المئذنة لإنهاء الاختناق المروري في المدينة، لكنها قالت إنه كان من المفترض الحفاظ عليها ونقلها بدلا من هدمها.
كما استنكر وزير الثقافة العراقي أحمد فكاك البدراني قرار محافظ البصرة هدم مسجد السراجي ومئذنته بدعوى أنها أصبحت تعوق حركة المرور.
وقال البدراني -في بيان نشره على فيسبوك- إنه سيتم اتخاذ إجراءات قانونية ضد هدم المسجد الذي تم رغم تقديم الهيئة العامة للآثار والتراث عدة مقترحات للحفاظ عليه وتجزئته ونقله إلى مكان آخر.
وشدّد البدراني على أن الحكومة العراقية ترفض وتمنع المساس بأي بناء يحمل سمةً تراثية أو أثرية، سواء كانت دينية أو مدنية، إذ إنها لا تُعد ملكاً لديوان أوقاف أو وزارة أو هيئة أو محافظة، وإنما هي ملك للتاريخ الحضاري والتراثي للعراق.
من جهته، دافع محافظ البصرة، الذي أشرف بنفسه على هدم المئذنة، عن هذه الخطوة، قائلا إن الوقف السُني وسلطات الآثار لم تفكك المئذنة وتنقلها لمكان آخر رغم أنه طُلب منها ذلك منذ أكثر من عام.
وأضاف في تصريحات نقلتها وكالة "رويترز"، أن السلطات تلقت إخطارا في الآونة الأخيرة يفيد باقتراب موعد هدمها ولم تعترض على ذلك، مشيرا إلى أنه يعتزم بناء جامع جديد بدلا منه.
اسعد العيداني: مدير الوقف السني د مشعان الخزرجي خولني بهدم المسجد كونه يقطع طريق المسلمين.#جامع_السراجي pic.twitter.com/6fEWspHHWK
— عبداللطيف الهجول (@Alhajwel1) July 15, 2023
لكن مدير الوقف السُني في البصرة محمد الملا، قال لوكالة "رويترز" إن دائرته لم توافق على هدم المئذنة ولم يتم إبلاغ مسؤوليها بخطط الهدم، مضيفا أنها اتفقت مع المحافظ على البحث عن شركة لنقل المئذنة.
وأُعفي الملا من منصبه بعد وقت قصير من تلك التصريحات، لكن قبل نشر هذه المقابلة، بحسب "رويترز".
وكان جامع السراجي بُني من اللبن عام 1140 للهجرة/ 1727 للميلاد في مدينة البصرة، وكان آخر تجديد له عام 2002، ويعد من مساجد العراق التاريخية القديمة، ويتميز بعمارته الأثرية والتراثية.
وتبلغ مساحة الجامع نحو 1900 متر مربع، ويقع في محلة السراجي في قضاء أبي الخصيب، وجُدد بناؤه من قبل متبرعين خلال ثمانينيات القرن العشرين.
وأدى الإهمال والصراع الذي دام لسنوات مع تنظيم "الدولة الإسلامية" إلى تدمير كثير من التراث الثقافي الذي كان يزخر به العراق ويعود تاريخه لآلاف السنين، وتحديدا لبعض أقدم الإمبراطوريات في العالم بحضارة بلاد الرافدين القديمة، فضلا عن تراث التاريخ الإسلامي الحديث.
وتخشى جماعات الحفاظ على التراث من أن يؤدي ازدهار البناء في بغداد وخطط توسعة الطرق والجسور والبنية التحتية الأخرى في أنحاء البلاد إلى تدمير الجزء المتبقي من هذا التراث.
وستسعى الوزارة الآن لاستعادة الجزء المتبقي منها والحفاظ عليه وإعادة بناء نموذج على غرار ما قامت به السلطات بجامع النوري في الموصل الذي فجره مقاتلو "الدولة الإسلامية" في عام 2017.