توازن محفوف بالمخاطر.. تركيا على حبل مشدود بين الغرب وروسيا

الاثنين 17 يوليو 2023 06:25 ص

تساءل موقع "ستراتفور" (Strator) الأمريكي للأبحاث بشأن قدرة تركيا على الحفاظ على توازنها بين الغرب وروسيا لتحقيق أكبر قدر من المصالح، وهي عملية محفوفة بالمخاطر تسلطت عليها الأضواء إثر تغيير أنقرة موقفها من طلب السويد الحصول على عضوية حلف شمال الأطلسي (الناتو).

"سترتفور" أضاف، في تحليل ترجمه "الخليج الجديد"، أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أعلن، في 12 يوليو/ تموز الجاري، أن برلمان بلاده لن يصوت على طلب السويد قبل نهاية العطلة الصيفية في أكتوبر/ تشرين الثاني المقبل، "مما يشير إلى أنه قد لا تزال هناك مفاوضات في اللحظة الأخيرة بين أنقرة وشركائها الغربيين".

وتابع أنه "بعد عام من تأخير انضمام السويد إلى الناتو، قال أردوغان عشية قمة الحلف في ليتوانيا، يومي 11 و 12 يوليو / تموز الجاري، إنه سيدعم انضمام ستوكهولم إلى الحلف".

واعتبر "ستراتفور" قرار تركيا يعكس عمل أنقرة المتوازن بين الشرق والغرب، وكان مدفوعا برغبة تركيا في الحصول على مساعدات اقتصادية ودفاعية من الغرب".

وأضاف أن "تركيا تسعى إلى تحسين علاقاتها مع الغرب على أمل جذب الاستثمار الأجنبي الذي تشتد الحاجة إليه (...)، ففي السنوات الأخيرة، تباطأت تدفقات الاستثمار الأجنبي إليها ويرجع ذلك جزئيا إلى عدم اليقين بشأن ما إذا كان أردوغان يريد تعميق علاقات بلاده مع الغرب أو تجنبها مقابل علاقات أفضل مع (الشرق) روسيا والصين".

واستدرك: "لكن تركيا بحاجة ماسة إلى العملة الصعبة والاستثمار للتخفيف من أزمتها الاقتصادية المستمرة، وهو أمر يعد شركاؤها الأوروبيون أفضل تجهيزا لتقديمه من شركائها الشرقيين الذين يعانون من ضائقة العقوبات، مثل روسيا"، على خلفية حربها المستمرة في جارتها أوكرانيا منذ 24 فبراير/ شباط 2022.

و"لا يزال الاقتصاد التركي موجها بشكل كبير نحو الغرب، حيث ذهبت 40.5٪ من صادرات البلاد إلى الأسواق الأوروبية في 2022"، وفقا لـ"ستراتفور".

حزمة تنازلات غربية

ويمكن للعلاقات الأكثر ودية مع الغرب أيضا، بحسب "ستراتفور"، أن "تمكن تركيا من الحصول على تنازلات بشأن قضايا الأمن القومي، بما في ذلك إضعاف حظر الأسلحة الحالي الذي يفرضه شركاؤها الأوروبيون".

وأردف: "كما أن قرار دعم انضمام السويد إلى الناتو يعكس رغبة تركيا في حماية علاقاتها مع الحلف، الذي لطالما استفادته منه لخدمة مصالحها الأمنية".

واستطرد: "تلقت تركيا خلال العام الماضي تنازلات خلال المفاوضات مع شركائها الغربيين بشأن السويد، ووعدت الولايات المتحدة ببيع طائرات "إف-16" (F-16) ومعدات التحديث إلى تركيا بعد تأخير دام عامين".

وأضاف "ستراتفور"أنه "في مقابل الموافقة على عضويتها في الناتو، عرضت ستوكهولم أيضا تعديل قوانين مكافحة الإرهاب بما يتماشى مع تفضيلات تركيا"، في إشارة إلى اتهام أنقرة للسويد بالتساهل مع ما تقول إنها جماعات كردية، لاسيما حزب "العمال الكردستاني" (بي كا كا)، معادية لتركيا.

و"في السنوات الأخيرة، رفضت كندا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وألمانيا ودول غربية أخرى طلبات تركيا المتكررة للحصول على معدات عسكرية عالية التقنية، جزئيا خشية جمع روسيا معلومات استخباراتية حول هذه الأنظمة بالنظر إلى العلاقات الوثيقة بين أنقرة وموسكو، وكذلك احتمال نشرها في العمليات العسكرية ضد الأكراد"، كما أضاف "ستراتفور".

واستدرك: "لكن في حين تتجه تركيا مؤقتا تجاه الغرب على أمل تأمين صفقات تمويل وأسلحة جديدة، فإنها ولتجنب الاعتماد المفرط على الغرب، ستستمر أيضا في إقامة علاقات سياسية واقتصادية قوية مع روسيا".

واعتبر أن "هذا يعني أن تركيا لن تنضم أبدا بإخلاص إلى حملة العقوبات الغربية ضد روسيا، والتي ستظل مصدر توتر في علاقة أنقرة بشركائها في الاتحاد الأوروبي والناتو".

وتبرر موسكو حربها في أوكرانيا بأن خطط جارتها للانضمام إلى "الناتو"، بقيادة الولايات المتحدة، تمثل تهديدا للأمن القومي الروسي.

إعادة ضبط التوازن

وهناك أنشطة عديدة يمكن أن تعطل علاقات تركيا الدافئة مع الغرب، وإجبارها على إعادة ضبط توازنها تجاه روسيا، بحسب "ستراتفور".

ولفت في هذا السياق إلى الأنشطة والخلافات مع اليونان (عضو الناتو أيضا) في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط، وتدخل أنقرة في (جارتها الجنوبية) سوريا (لمكافحة الإرهاب كما تقول أنقرة)، فربما يأتي العمل العسكري التركي بنتائج عكسية عبر إرسال المزيد من المهاجرين إلى أوروبا و/ أو استهداف الأكراد المتحالفين مع الولايات المتحدة.

وأفاد بأن "شراكة تركيا، التي استمرت لعقود مع روسيا، تعمقت في عهد أردوغان بفضل علاقته الشخصية الوثيقة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، الذي تفاوض معه حول أزمات متعددة في سوريا والقوقاز ومؤخرا أوكرانيا، وعلى الرغم من أن تركيا لا تزال حذرة بشأن انتهاك العقوبات الغربية، إلا أنها رحبت تاريخيا بالاستثمارات والنشاط التجاري الروسي، بما في ذلك طوال حرب أوكرانيا".

وتابع: "ولأن تركيا تتمتع بعلاقات وظيفية مع الجانبين، فقد عملت كوسيط رئيسي في النزاعات التي تشمل روسيا والغرب، إذ لعبت دورا حاسما في التوسط في صفقة الحبوب بين روسيا وأوكرانيا في يوليو/ تموز 2022 (تنتهي في 17 يوليو/ تموز الجاري وتحتاج إلى التمديد)، كما ساعدت في تسهيل تبادل الأسرى طوال الصراع في أوكرانيا".

واستدرك "ستراتفور"، "لكن الحفاظ على هذا التوازن قد يكون خادعا، كما يتضح من رد الكرملين الغاضب" على الإعلان الأخير بأن تركيا وافقت على إعادة 5 من قادة من قادة كتيبة آزوف إلى أوكرانيا، على الرغم من اتفاق سابق لتبادل أسرى يقضي بأن يظلوا في تركيا حتى انتهاء الحرب.

المصدر | ستراتفور- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تركيا السويد عضوية الناتو الغرب روسيا أردوغان

إجراءات تركية للتقارب مع الغرب دون التأثير على العلاقات مع روسيا.. كيف؟

قوة الأمر الواقع.. درس القرن لتركيا في مئوية معاهدة لوزان

100 عام على معاهدة لوزان.. بنود وشائعات ودرس دائم لتركيا

جيوبوليتيكال فيوتشرز: لماذا تنعطف تركيا نحو الغرب؟