استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

لماذا تفشل مفاوضات السلام العربية؟

السبت 6 فبراير 2016 05:02 ص

تُعقد هذه الأيام مفاوضات سلام، هي الثالثة من نوعها، بين المعارضة السورية وحكومة «بشار الأسد» في دمشق، حيث انطلقت الحلقة الأولى من هذه المفاوضات في جنيف في 30 يونيو (حزيران)  2012، وكان الهدف الرئيسي لها هو إنهاء الحرب الأهلية، وتأسيس حكومة سورية جديدة بدون وجود الديكتاتور السوري «بشار الأسد»، غير أنّ تلك الحلقة والحلقات التي تلتها سواءً في جنيف أو في فيينا، وصولاً إلى الاجتماع الثالث الحالي بين الطرفين، لم تنجح في تحقيق وقف لإطلاق النار أو إزاحة نظام الأسد من السلطة.

وكان من المفترض أن تنجح مفاوضات جنيف الأولى، حيث كان النظام السوري يعاني من حروب مشتعلة ضدّه في عدّة مناطق من البلاد، إلا أنّ الدعم الروسي والإيراني في الماضي قد عضّد من موقف مفاوضي «الأسد».

وينذر التحالف الذي تقوده كل من روسيا وإيران اليوم بفشل الدورة الثالثة من هذه المحادثات، برغم الاتفاق المسبق بين كل من وزيري خارجية الولايات المتحدة وروسيا حول جدول زمني لحلّ سياسي يبدأ بالمحافظة على وحدة التراب السوري، واستمرار مؤسسات الدولة وحماية المدنيين وتسريع الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب، وصولاً إلى وقف لإطلاق النار، وتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2118 لعام 2015.

ووفقاً لذلك الاتفاق، فإنّ المرحلة الانتقالية في سوريا ستستمر لمدة ثمانية عشر شهراً تنتهي برحيل الأسد عن السلطة، وبقاء جزء من النخبة السياسية الحاكمة في دمشق.

غير أنّ الدعم الروسي غير المنقطع، والعمليات العسكرية الجوية والبرية التي تقوم بها روسيا في سوريا، تهدف في المقام الأول إلى القضاء على المعارضة السورية المسلّحة بكل الطرق الممكنة، ويسمح الوقت المسمّى بـ«المرحلة الانتقالية»، بإعطاء نافذة زمنية (ثمانية عشر شهراً)، كافية لسحق المقاومة السورية عسكرياً من قِبل كلٍ من روسيا وإيران ومرتزقتهم في لبنان، وإنقاذ الأسد من الوقوع في مزبلة التاريخ.

ولذلك، فإنّ التنبؤ بفشل هذه الحلقة من المفاوضات لن يكون عسيراً، فقد تعوّدنا أن تكون مثل هذه المفاوضات غطاءً دبلوماسياً لعمليات حربية تهدف إلى تركيع الشعب السوري بقوة السلاح لحكم الطاغية في دمشق.

ولقد استُخدمت المفاوضات منذ أمدٍ طويل كوسيلة لتهدئة الرأي العام، ولنا مثال في المفاوضات حول نزع السلاح بين الاتحاد السوفييتي السابق والولايات المتحدة في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، والتي استمرت زهاء ثلاثة عقود دون أن تنجح في تحقيق مبتغاها.

ولأنّ العمليات العسكرية الروسية في سوريا بحاجة إلى غطاء دبلوماسي، فإنّ القيادة الروسية لن تتوانى عن الظهور بمظهر المطالب بالسلام، بينما هي في الحقيقة لا تؤمن إلا بإنهاء جميع مطالب الشعب السوري بالانعتاق من ربقة نظام ظالم، قتل شعبه، وشرّد أكثر من ثلثه خارج البلاد.

ولن تنجح أية مفاوضات سلام إذا شعر أحد الطرفين بأنه قادر على انتزاع الكعكة بأكملها، وفي الوقت ذاته، فإنّ أي طرف يشعر بأنه لن يحصل على أي عائد من مفاوضات السلام، فلن يتوجه إليها، أو يشارك فيها.

وربما كانت هذه من أبجديات فن المفاوضات، غير أنّ ما يلفت النظر هو أنّ فشل مفاوضات السلام السورية- السورية، لن يكون أول أو آخر مفاوضات سلام فاشلة في المنطقة، فقد استمرت مفاوضات السلام ما بين توقّف وتحرّك وتجميد بين الفلسطينيين و(الإسرائيليين) لأكثر من عقدين من الزمن دون أن تصل إلى حلٍّ سلمي حقيقي، ومثل ذلك محادثات السلام المجمّدة بين طرفي النزاع في اليمن.

وكل هذه الأمثلة تُرينا أنّ هناك مشكلة حقيقية في مفاوضات السلام في منطقتنا العربية، وهي أنّ أطراف النزاع في هذه المنطقة من العالم تنظر إلى الصراعات في شكل معادلة صفرية، بمعنى أنّ أي كسب لطرف هو خسارة فعلية للطرف الآخر، وبهذا، تفقد الأطراف المتفاوضة القدرة على تقديم التنازلات المحدودة، طمعاً في الكعكة كاملة ويبدو أنّ خلف هذا التحليل يكمن شعور عميق بعدم الثقة بين الجانبين.

لذلك، فإنّ من واجب الوسطاء الدوليين في هذه المفاوضات العمل على حثّ الأطراف المتصارعة على تقديم بعض التنازلات الخاصة بفتح طرق إغاثة لوصول المساعدات إلى المدنيين، ورفع الحصار عن المدن المحاصرة، التي يتم تجويعها من قِبل النظام السوري.

مثل هذه الإجراءات التي تُسمّى بإجراءات بناء الثقة، هي من الأهمية بمكان لخلق جو من الهدوء النسبي الذي قد يساعد على إنجاح المفاوضات، كما أن حكومة دمشق تأمل في رفع الحصار الاقتصادي المفروض عليها من قبل المجتمع الدولي، وهي تستخدم المماطلة في المفاوضات كوسيلة للضغط لتحقيق أهدافها.

وإذا لم يتحقق حتى الآن إنهاك أحد الطرفين المتقاتلين، فإن من واجب الوسطاء الدوليين الضغط على حلفائهم المحليين لتقديم المزيد من التنازلات، وتشعر المعارضة السورية بأنّ الحكومة الروسية ليست وسيطاً نزيهاً يمكن الثقة به لحل الأزمة السورية.

أما الوسيط الأمريكي، فاهتمامه الرئيسي القضاء على «داعش»، وهو اهتمام أمني في الدرجة الأولى، وهو لا ينظر إلى النظام السوري بوصفه نظاماً إرهابياً يماثل «داعش» في الوحشية والقتل، وخاصةً أنه يقتل المدنيين ويدمّر المدن السورية بالبراميل المتفجرة.

أما الأوروبيون، فإنّ سوريا بالنسبة لهم هي مشكلة لاجئين، وإذا ما تمّ إقناع الدول المجاورة والمستضيفة لهؤلاء اللاجئين بزيادة استيعابهم، وتقديم المعونة المالية لتلك الدول، فإنّ مشكلة اللاجئين السوريين المتدفقين إلى أوروبا ستكون أقلّ حدة.

وينتهي ذلك كلّه إلى عدم توافر حسن النوايا سواءً من قبل الطرفين المتقاتلين في سوريا، أو الدول الوسيطة التي تقوم بدورها بأعمال قتالية على الأراضي السورية.

والحرب في سوريا لن تنتهي بالأماني، بل بوجود قوى دولية صادقة وقرارات صارمة بحق النظام السوري الذي فقد شرعيته، ولم يتبقَّ إلا اعتراف الدول الكبرى بضرورة إزالته من المسرح السياسي. وللأسف، فإنّ مثل هذه النوايا الضرورية لإنهاء الأزمة لم تتوافر بعد على طاولة المفاوضات.

* د. «صالح عبد الرحمن المانع» أستاذ العلوم السياسية - جامعة الملك سعود بالرياض

  كلمات مفتاحية

مفاوضات السلام العربية المعارضة السورية نظام الأسد مفاوضات جنيف إجراءات بناء الثقة إنهاء الحرب الأهلية حكومة سورية جديدة بشار الأسد مفاوضات فيينا محادثات اليمن المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية

خدعة «بوتين»: كيف تم استخدام جنيف كغطاء سياسي للحل العسكري الروسي في سوريا؟

السعودية تلقي اللوم على حكومة «الأسد» في تعليق محادثات جنيف

‏روسيا: محاولات «معارضة الرياض» إفشال مفاوضات جنيف غير مقبولة

واشنطن: استمرار القصف الروسي على سوريا من أسباب تعليق مفاوضات جنيف

الأمم المتحدة تعلن تعليق المفاوضات السورية في جنيف حتى 25 فبراير

لأن العالم العربي فقد مناعته

«الجبير»: من المبكر الحديث عن سلام مع (إسرائيل)

«هادي» يلتقي «ولد الشيخ» في الرياض لإحياء مشاورات السلام اليمنية