ستراتفور: فاجنر وتداعيات اتفاقية الحبوب أبرز ما يجب مراقبته بالقمة الأفريقية الروسية

الأربعاء 26 يوليو 2023 09:41 م

تتجه الأنظار غدا الخميس إلى مدينة سانت بطرسبرج التي تستضيف القمة الروسية الأفريقية الثانية، والتي تأتي في ظل توترات جيوسياسية عالية مقارنة بالقمة الأولي التي عقدت في مدينة سوتشي عام 2019.

ووفق تحليل نشره مركز ستراتفور الأمريكي للدراسات الاستراتيجية والأمنية، وترجمه الخليج الجديد، فمن من المحتمل أن يطغي على اجتماع هذا العام الأحداث الأخيرة، بما في ذلك انسحاب روسيا الأخير من اتفاقية الحبوب في البحر الأسود.

وإضافة لذلك، الغموض الذي يلف مستقبل مجموعة فاجنر شبه العسكرية والتعاون العسكري الروسي في القارة السمراء، إلى جانب المعركة الدبلوماسية المستمرة حول ردود الفعل العالمية على الغزو الروسي لأوكرانيا، وفقا للمركز الأمريكي.

في حين أن الاستجابات الأفريقية للقمة ستتباين على نطاق واسع، فمن المرجح أن تهيمن القضايا السابقة على مسار علاقات روسيا مع القارة على المدى القريب إلى المتوسط، مما يهدد قدرة موسكو على تحقيق تقدم مؤثر أو دائم مع شركائها الأفارقة.

وقبل أيام أكدت موسكو أن القمة ستكون الحدث الأبرز والأكبر في العلاقات الروسية الأفريقية، وسيكون هدفه هو "تحقيق مستوى جديد جوهري من الشراكة" من خلال توسيع التعاون بين الجميع. مجالات المجتمع، بما في ذلك السياسة والأمن والعلاقات الاقتصادية والتكنولوجيا والمجالات الثقافية والإنسانية.

توقع المركز الأمريكي أن تسفر قمة سان بطرسبرج عن وعود جديدة بتسليم الحبوب الروسية والمساعدات العسكرية للدول الأفريقية، لكنه استبعد أن تؤدي تلك الوعود إلى توجه أفريقي حاسم نحو روسيا. 

تمثيل متدني

في 25 يوليو/ تموز الجاري، أشار مساعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى أنه من بين 49 دولة أفريقية من المقرر أن تحضر قمة 2023 في سانت بطرسبرج، سيتم تمثيل 27 دولة فقط من قبل رؤساء دولهم أو حكوماتهم، والباقي يمثلهم الوزراء أو سفراءهم.

وبحسب ستراتفور فإن هذا التمثيل يمثل انخفاضًا كبيرًا عن القمة الروسية الأفريقية الأولى التي عقدت في سوتشي في عام 2019، والتي حضرها 43 رئيس دولة أو حكومة أفريقية.

وبحسب تقارير متداولة فإن الضغوط الغربية لإدانة خروج روسيا الأخير من اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية دفعت العديد من الحكومات الأفريقية إلى إرسال مسؤولين على مستوى أدنى إلى قمة هذا العام، مما دفع موسكو إلى الادعاء بأن الولايات المتحدة كانت تحاول تخريب الحدث.

في 26 يونيو/ حزيران، قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إن الموضوعات الرئيسية في جدول أعمال القمة ستشمل نقل التكنولوجيا، وتطوير الصناعة والبنية التحتية الحيوية في القارة، ومشاريع رقمنة الدول الأفريقية، وتطوير مشاريع الطاقة والزراعة والتعدين، وضمان الأمن الغذائي وأمن الطاقة، من بين أمور أخرى.

اتفاقية الحبوب

بينما من المحتمل أن تقدم روسيا حبوبًا مجانية لشركائها الأفارقة، إلا أن هذا لن يكون كافيًا للحد بشكل كبير من انعدام الأمن الغذائي في المنطقة.

 سمحت صفقة الحبوب في البحر الأسود التي أبرمتها روسيا مؤخرًا بتصدير 32 مليون طن من الحبوب من ثلاثة موانئ أوكرانية إلى 45 دولة اعتبارًا من يوليو/تموز 2022.

على الرغم من أن الحجم الإجمالي لصادرات الحبوب الأوكرانية المتجهة إلى البلدان الأفريقية بموجب الاتفاق كان منخفضًا نسبيًا، إلا أن إلغائها تسبب بالفعل في ارتفاع الأسعار في الأسواق الأفريقية استجابةً للمخاوف من حدوث نقص.

بالنظر إلى خيبة أمل القادة الأفارقة من إلغاء الصفقة، إلى جانب مخاوفهم الأكبر بشأن الحبوب والأمن الغذائي والزراعة، فمن المحتمل أن تظهر بقوة خلال القمة.

من المحتمل أن تحاول موسكو تهدئة الزعماء الأفارقة بخطط "الحبوب المجانية"، التي اقترحها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في البداية في 20 مارس/آذار، قائلا"أريد أن أطمئن أن بلدنا قادر على تعويض الحبوب الأوكرانية على أساس تجاري أو مجاني، خصوصا أننا نتوقع مجددا محصولا قياسيا هذا العام".

ولكن في حين أن تفاصيل وموثوقية التأكيد الروسي لا تزال غير واضحة، فمن غير المرجح أن يؤثر الحجم الذي تمت مناقشته لشحنات "الحبوب المجانية" بشكل كبير على انعدام الأمن الغذائي في أفريقيا لأن البلدان ستظل تواجه عواقب صدمات الأسعار العالمية.

تناقش روسيا تصدير ما بين مليون إلى أربعة ملايين طن إضافي من الحبوب "المجانية" إلى الدول الأفريقية، ولكن من غير المرجح أن يعوض ذلك بشكل كافٍ تأثير انهيار صفقة الحبوب في البحر الأسود.

إذ إن هذه الكمية ليست سوى جزء صغير من الكثير، فقد تمت إزالة ملايين الأطنان من الحبوب الأوكرانية فعليًا من السوق العالمية والتي غالبًا ما كان يتم إعادة تصديرها أو تحريرها من قبل دول أخرى لزيادة الشحنات إلى الدول الأفريقية.

علاوة على ذلك، كان انعدام الأمن الغذائي متفشيا في جميع أنحاء أفريقيا قبل وأثناء صفقة الحبوب؛ في حين أن الحبوب الأوكرانية خففت بشكل طفيف من حدة الجوع في بعض البلدان، إلا أنها كانت مجرد قطرة في بحر من حيث حجم المساعدة الغذائية التي تحتاجها القارة.

مستقبل فاجنر

مع تزايد التكهنات حول الوجود المستقبلي لمجموعة فاجنر في أفريقيا، ستستخدم روسيا القمة لتقديم اتفاقيات تعاون عسكري ومبيعات أسلحة لتعزيز العلاقات مع شركائها في القارة.

في أعقاب التمرد المسلح الأخير للمجموعة ضد موسكو والجيش الروسي، زعمت مصادر تابعة لفاجنر أنها سيكون لديها عدة آلاف من جنود المرتزقة في بيلاروسيا دون مهمة عاجلة.

بينما يبدو استمرار وجود قوات فاجنر عبر أفريقيا جنوب الصحراء مؤكدًا في الوقت الحالي، فإن وصول قوات المجموعة إلى بيلاروسيا يثير تساؤلات حول حجم وقدرات عملياتها الأفريقية على المدى المتوسط إلى الطويل.

من ناحية، قد تكون بعض الحكومات الأفريقية مترددة في استكشاف تعاون جديد مع المنظمة، حيث يبدو أن تأثير فاجنر في تراجع ومن المرجح أن يظل تحت المراقبة داخل روسيا في أعقاب انتفاضة المجموعة الشهر الماضي.

ولكن من ناحية أخرى، فإن إمكانية استخدام القوة البشرية لفاجنر لتعميق العلاقات مع روسيا وتعزيز قوات الأمن الشخصي من المرجح أن تروق لبعض القادة الأفارقة - وعلى الأخص في مالي وجمهورية أفريقيا الوسطى وليبيا وربما بوركينا فاسو والسودان، حيث يمكن أن تهيمن الضرورات قصيرة المدى على عملية صنع القرار.

في هذا السياق، سيكون من المهم مراقبة إعادة التأكيد أو الإعلان عن اتفاقيات تعاون عسكري رسمية جديدة، حيث يمكن أن تكون مثل هذه الصفقات بمثابة بديل لتعاون أعمق مع فاجنر، أو بدلاً من ذلك، كنقطة انطلاق لبصمة روسية أكبر، الطريق إلى فاجنر أو أنشطة الشركات العسكرية الروسية الخاصة الأخرى.

تتضمن اتفاقيات التعاون العسكري تقليديًا دعمًا تقنيًا في شكل مبيعات أسلحة، كانت روسيا تاريخياً المزود الأول لها في إفريقيا.

ومع ذلك، من المحتمل أن تكون مثل هذه الصفقات صغيرة نسبيًا ورمزية بشكل أساسي بسبب قدرة روسيا المحدودة للغاية على الترتيبات الأمنية المهمة، حيث تشتعل الحرب في أوكرانيا وتخصص صادرات الأسلحة الروسية المتراجعة لشركاء أكثر أهمية من الناحية الاستراتيجية مثل الهند.

 

 

المصدر | ستراتفور -ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

اتفاقية الحبوب فاجنر القمة الروسية الأفريقية

المزيد من قوات فاجنر في أفريقيا.. خريطة التداعيات المحتملة في 5 دول

بالإضافة إلى تصدير الحبوب.. بوتين يتعهد بمشاريع طاقة وتعليم في أفريقيا

روسيا تلغي 23 مليار دولار من ديون الدول الأفريقية

خسائر توقف صفقة الحبوب تتفاقم.. هل حان الوقت للضغط على الكرملين؟

اتهمت بيلاروسيا بانتهاك أجوائها.. بولندا تدفع بقوات إلى حدودها

بعد إبعاد الغرب.. كيف تقترب روسيا أكثر من دول الساحل الأفريقي؟

استبدال بريغوجين صعب.. تحديات تواجه عملاء فاجنر في أفريقيا