الخليج رائد مرتقب لإنتاج الهيدروجين في المستقبل.. كيف؟

الخميس 7 سبتمبر 2023 08:49 م

وفرة الهيدروكربونات ومصادر الطاقة المتجددة في دول مجلس التعاون الخليجي، تجعلها في وضع جيد لتصبح رائدة على مستوى العالم في إنتاج الهيدروجين.

هكذا يتحدث تقرير "معهد الشرق الأوسط"، وترجمه "الخليج الجديد"، الذي ينقل عن البنك الدولي إشارته إلى "إمكانية أن تصبح المنطقة منتجا رائدا للهيدروجين الأخضر والأزرق".

يأتي ذلك في وقت تشير التوقعات أن تصل الإيرادات السنوية لدول مجلس التعاون الخليجي من الهيدروجين إلى 200 مليار دولار بحلول عام 2050.

وعلاوة على هذه المزايا الجيولوجية، فمن المتوقع أن الدول النفطية ستكون قادرة على الاستفادة من البنية التحتية الحالية للطاقة، والمعرفة التكنولوجية، والعلاقات التجارية الدولية أيضًا.

وتم وصف الهيدروجين كحل للطاقة في المستقبل وتقنية رائدة للتخفيف من آثار تغير المناخ.

فعلى سبيل المثال، تحدد وكالة الطاقة الدولية الهيدروجين الأخضر باعتباره أحد "الركائز الأساسية لإزالة الكربون من نظام الطاقة العالمي"، في حين وصفته منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية بأنه "وقود المستقبل".

وبات ينظر إلى الهيدروجين، في دول الخليج، على أنه عنصر أساسي في استراتيجية تحول الطاقة ووسيلة للحفاظ على مكانة المنطقة المهيمنة في علاقات الطاقة العالمية.

وفي هذا السياق، لا يعد الهيدروجين مصدرًا أساسيًا للطاقة، بل هو وسيلة لتخزين الطاقة ونقلها.

وعلى هذا النحو، فإن ما إذا كان الهيدروجين "نظيفًا" يعتمد على مصدر الطاقة الذي دخل في إنتاجه.

ويتطلب إنتاج الهيدروجين باستخدام الطرق الحالية ما يقرب من 9 لترات من الماء النقي أو منزوع الأيونات لإنتاج كيلوغرام واحد من الهيدروجين.

وفي دول مجلس التعاون الخليجي، حيث تعتمد الدول بشكل كبير على تحلية المياه لتلبية احتياجاتها من المياه العذبة، قد يساهم إنتاج الهيدروجين في التأثيرات البيئية المرتبطة بتحلية المياه ومشتقاتها الثانوية من المياه المالحة.

وفي محاولة للاستحواذ على أسواق وأرباح الطاقة المحتملة في المستقبل، أصدرت دول مجلس التعاون الخليجي سلسلة من الإعلانات في السنوات الأخيرة فيما يتعلق باستراتيجياتها للهيدروجين الأزرق والأخضر.

وأطلقت هيئة كهرباء ومياه دبي، أول مشروع للهيدروجين الأخضر على نطاق صناعي في المنطقة عام 2021.

كما أوضحت الورقة البيضاء للكويت لعام 2021 بعنوان "نحو استراتيجية وطنية للهيدروجين"، كيف يمكن أن "تحتل مكانة تنافسية لنفسها في تحول الطاقة باستخدام الطاقة المنخفضة".

ومن المرجح كذلك أن يحدث هذا في المقام الأول من خلال الهيدروجين الأخضر، حيث أن الكويت حاليا مستورد صافي للغاز الطبيعي.

وفي عام 2022، أعلنت شركة قطر للطاقة عن خطط لبناء أكبر مصنع للأمونيا الزرقاء في العالم بتكلفة تزيد عن مليار دولار.

ويؤكد إطار اقتصاد الكربون الدائري في السعودية على أهمية الهيدروجين كتقنية للتحول الأخضر، حيث يتوقع المشروع الرائد في البلاد "نيوم" إنتاج 1.2 مليون طن من الهيدروجين الأخضر عندما تدخل مرافق الإنتاج الخاصة به حيز التنفيذ في عام 2026.

وأخيرا، تهدف عمان إلى إنتاج ما يصل إلى 1.2 مليون طن من الهيدروجين الأخضر، وما لا يقل عن مليون طن من الهيدروجين الأخضر سنويًا بحلول عام 2030.

وفي يونيو/حزيران 2023، وقعت شركة الهيدروجين العمانية "هيدروم" 3 اتفاقيات لتطوير مشاريع الهيدروجين في السلطنة بقيمة 20 مليار دولار، ومن المتوقع أن تنتج نصف مليون طن سنويًا.

وأمام ذلك، يشير التقرير إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي تتمتع بميزة نسبية في إنتاج الهيدروجين الأزرق والأخضر.

وفي حين يمكن للهيدروجين الأزرق أن يستفيد من قطاع الهيدروكربونات في المنطقة، فإن الهيدروجين الأخضر سيعتمد على تطوير صناعات الطاقة الخضراء في الخليج.

ويبدو أن الهدف من استراتيجيات الهيدروجين لدول الخليج هو الحفاظ على الهيمنة التقنية والسياسية للكتلة على أسواق الطاقة العالمية.

كما أن الهيدروجين جذاب للغاية ليس فقط بسبب مؤهلاته الخضراء، ولكن أيضًا بسبب قدرته على عكس أنماط تصدير الطاقة العالمية السابقة والحفاظ عليها.

وبعبارة أخرى، فإن جاذبية الهيدروجين لدول الخليج، تأتي من التشابه المادي والاجتماعي والاقتصادي مع الهيدروكربونات.

وعلى الرغم من أن الهيدروجين يميل إلى تعزيز الجغرافيا السياسية التاريخية للطاقة بدلاً من تحويلها، فإن هذا لا يعني أن دبلوماسية الهيدروجين والعلاقات الثنائية لن تنتج أشكالًا جديدة من الجغرافيا السياسية للطاقة في الخليج والعالم.

وفي الواقع، يبدو أن تشابها مع الهيدروكربونات يجعلها أكثر حساسية للضغوط والتحولات الجيوسياسية.

فعلى سبيل المثال، هناك دلائل تشير إلى أن أوروبا سوف تتجه إلى الهيدروجين في دول الخليج كبديل طويل الأجل للنفط والغاز الروسي.

وأجرى مؤخرا بين الاتحاد الأوروبي ودول الخليج، مناقشات رفيعة المستوى، حول إمكانية ربط استراتيجيات الهيدروجين لدول مجلس التعاون والصفقة الخضراء للاتحاد.

وفي الوقت نفسه، ناقشت دراسة جدوى مشتركة أجرتها شركة (RINA)، وهي شركة متعددة الجنسيات مقرها في جنوة، والشركة السويدية الفنلندية (AFRY)، إمكانية نقل الهيدروجين إلى أوروبا عبر خطوط الأنابيب، بدلا من الناقلات.

وحددت الدراسة "ممرًا مستقرًا محتملًا للجمع بين العرض والطلب" يربط الخليج وشرق البحر الأبيض المتوسط وأوروبا.

وإذا كانت علاقات الهيدروجين بين دول مجلس الخليج وأوروبا قد حفزها الحرب الروسية الأوكرانية، فإن الهيدروجين في دول مجلس التعاون يُنظر إليه في شرق آسيا على أنه وقود قد يتدفق على طول، ويدعم الروابط الاقتصادية التي أنشأتها مبادرة الحزام والطريق.

فعلى سبيل المثال، خلال عام 2022، وقعت أرامكو السعودية مذكرة تفاهم مع شركة الصين للبترول والكيماويات (سينوبيك) التي التزمت بالتعاون في سلاسل توريد الهيدروجين المتكاملة.

وفي الوقت نفسه، أجرى وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان، محادثات رفيعة المستوى مع نظيره الصيني حول إمدادات الطاقة والتعاون، بما في ذلك الهيدروجين النظيف.

وبالتالي، يبدو من المرجح أن الوجهات الرئيسية للنفط السعودي والإماراتي، هي اليابان والصين وكوريا الجنوبية، ستصبح مستوردًا رئيسيًا للهيدروجين.

وتأتي جاذبية الهيدروجين بالنسبة لمنتجي الهيدروكربونات الحاليين من ميله إلى تعزيز الجغرافيا السياسية التاريخية للطاقة بدلاً من إعادة ترتيبها.

وحددت دول مجلس التعاون الهيدروجين باعتباره ناقلًا للوقود يسمح لها بالحفاظ على مكانتها المهيمنة في مشهد الطاقة العالمي.

ومع ذلك، فإن هذا لا يعني أن الهيدروجين سيؤدي بالضرورة إلى أمن الطاقة العالمي، فعندما يتعلق الأمر بالطاقة، فإن الاستمرارية ليست استقرارًا.

وفي الواقع، يبدو أن تشابهها مع الهيدروكربونات، وافتقارها إلى القيود التكنولوجية والجيولوجية والجغرافية، قد يجعلها أكثر حساسية للضغوط والتحولات الجيوسياسية، سواء كان ذلك العدوان الروسي في أوروبا أو رؤية الصين لعالم متعدد الأقطاب.

ويعلق التقرير على ذلك بالقول إن "الطريقة التي تختار بها دول مجلس التعاون التعامل مع مثل هذه الديناميكيات الجيوسياسية وتقاطعاتها مع سياسات الطاقة ستلعب دورًا لا يستهان به فيما إذا كان الهيدروجين سيصبح حل الوقود العالمي الذي وعد به المدافعون عنه منذ فترة طويلة".

ويضيف: "هناك دلائل تشير إلى أن الإرادة السياسية موجودة الآن لزيادة إنتاج الهيدروجين ولعب دور مركزي في أجندة التخفيف من آثار تغير المناخ في دول مجلس التعاون الخليجي والعالم".

يشار إلى أن الإمارات وضعت مضاعفة إنتاج الهيدروجين بحلول عام 2030 على رأس جدول أعمالها عندما تستضيف مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (كوب-28) في وقت لاحق من هذا العام.

ويختتم التقرير: "مع ذلك، فإن تحقيق الهيدروجين بشكل كامل كتكنولوجيا مخففة يتطلب سياسات بيئية تربطه بشكل حاسم بالتكنولوجيات الخضراء - طاقة الرياح، والطاقة الشمسية، وطاقة المد والجزر، واحتجاز وتخزين الكربون".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الخليج دول الخليج الهيدروجين الأخضر طاقة نظيفة