المصريون غاضبون لبطء تحرك السيسي إزاء كارثة غزة.. والرئيس يخاطر بغضب الجيش بسبب سيناء

السبت 4 نوفمبر 2023 11:10 ص

يخاطر الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي هذه المرة بمواجهة غضب الملايين من المصريين وجنرالات داخل الجيش نفسه، إذا صح ما يتردد عن اقترابه من الموافقة على مطالب دولة الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة بتوطين مئات الآلاف من أهالي قطاع غزة في سيناء.

ما سبق كان خلاصة تحليل نشره "المركز الأطلسي" عن الضغوط التي تواجهها مصر للتحرك إزاء ما يحدث في قطاع غزة منذ نحو شهر، حيث بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانا واسعا أدى إلى استشهاد ما قرب من 10 آلاف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال.

ومنذ بداية الحرب، طالبت الولايات المتحدة وإسرائيل مصر بفتح حدودها مع غزة للسماح بإجلاء مئات الآلاف من الفلسطينيين وتهجيرهم لاحقا في سيناء، لكن القاهرة رفضت الخطة بشكل قاطع، وأصرت على أن أمنها القومي "خط أحمر" وأن "التهجير القسري للفلسطينيين من شأنه أن يعرض حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم للخطر".

ضغوط أمريكية

وبدلاً من ذلك، دعت القاهرة إلى وقف إطلاق النار والعودة إلى المفاوضات التي من شأنها أن تؤدي إلى حل عادل للصراع الفلسطيني مع الاحتلال المستمر منذ عقود.

ويقول التحليل إن التعنت المصري بشأن اللاجئين الفلسطينيين أثار غضب الولايات المتحدة، التي كانت تأمل أن تتمكن من استخدام مبلغ 1.3 مليار دولار الذي تمنحه لمصر في الجيش السنوي كوسيلة للتأثير على القيادة المصرية.

ويؤكد التحليل أن مخاطر إذعان القاهرة للرغبات الأمريكية والإسرائيلية مرتفعة، فالمصريون قلقون من تأثيرات تدفق مقاتلي "حماس" على سيناء وشنهم هجمات على دولة الاحتلال من هناك، ما يدد بنسف اتفاقية السلام بين القاهرة وتل أبيب.

علاوة على ذلك، فإن التدفق الهائل للاجئين الفلسطينيين من شأنه أن يشكل تحديات اقتصادية وإنسانية كبيرة في وقت تتصارع فيه مصر مع أزمة اقتصادية حادة.

تشديد الخناق على غزة

ويؤكد التحليل أن السيسي لا يريد التقارب مع "حماس"، على عكس سلفه محمد مرسي، الذي ينحدر من جماعة الإخوان التي أسس فرعها في فلسطين حركة "حماس".

وقبل اندلاع الأزمة الأخيرة، لم يسمح السيسي للفلسطينيين الذين يدرسون في مصر، أو الذين يسعون للعلاج الطبي بدخول البلاد عبر المعبر إلا بعد حصولهم على التصاريح اللازمة من سلطات الاحتلال الإسرائيلي.

ومنذ اندلاع الحرب، أبقت مصر على معبر رفح الحدودي ــ البوابة الرئيسية للفلسطينيين إلى مصر والعالم الخارجي ــ مغلقاً إلى حد كبير، وفتحته بشكل متقطع للسماح بتدفق المساعدات الإنسانية إلى جنوب غزة.

ومنذ 21 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عندما وافقت إسرائيل أخيراً على السماح بمرور المساعدات الإنسانية، عبرت أقل من مائة شاحنة من المساعدات إلى جنوب غزة – وهي مجرد قطرة في محيط مقارنة بالاحتياجات الهائلة للفلسطينيين المتراكمة بالقرب من الحدود.

وتضمنت المساعدات الغذاء والإمدادات الطبية والمياه، لكن دولة الاحتلال منعت دخول الوقود – الذي يعاني بالفعل من نقص في غزة – خوفاً من وقوعه في أيدي "حماس"، كما يقول التحليل.

غضب الشعب المصري

ويقول التحليل إن الدور الذي لعبته مصر في السماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة ودخول الجرحى الفلسطينيين إلى البلاد يُنظر إليه باعتباره دوراً ضئيلاً ومتأخراً للغاية في نظر العديد من المصريين، الذين يشعرون بالغضب الشديد إزاء مشاهد الموت والدمار التي تظهر على شاشات التلفزيون.

ويستشهد التحليل بالمظاهرات التي خرجت في 20 أكتوبر الماضي "بضوء أخضر من السيسي"، للتنديد بما يجري في غزة ورفض تهجير أهالي القطاع إلى سيناء، لكن معظمها تحول إلى مظاهرات عفوية هتفت ضد السلطات والسيسي نفسه، وأكدت رفضها لأي تفويض له فيما يخص تطورات غزة، لتواجهها الشرطة وتعتقل العشرات.

وتشير الاحتجاجات الأخيرة إلى تزايد السخط العام بشأن فشل الحكومة في معالجة محنة الفلسطينيين والظروف الاقتصادية الصعبة في البلاد.

ويشكل هذا الاستياء العام مصدر قلق كبير للسيسي، بالنظر إلى أن الانتخابات الرئاسية لا تفصلنا عنها سوى أسابيع قليلة (المقرر إجراؤها في 10 كانون الأول/ديسمبر).

وتغمر منصات وسائل التواصل الاجتماعي المصرية انتقادات للحكومة لعدم قيامها بما يكفي لوقف "التطهير العرقي" للفلسطينيين.

رفض شعبي للتهجير

ويقول التحليل إنه على الرغم من غضب أغلبية المصريين إزاء الهجوم الوحشي الذي تشنه إسرائيل على قطاع غزة، فإنهم يعارضون مخطط نقل الفلسطينيين إلى مصر.

وعليه، فإذا استسلم السيسي  للضغوط الدولية وفتح الباب أمام الفلسطينيين المحاصرين، فإنه يخاطر بمواجهة غضب ملايين المصريين وربما حتى المعارضة من داخل صفوف الجيش حيث خاض بعض كبار الجنرالات في القوات المسلحة المصرية حربًا واحدة على الأقل مع إسرائيل تطالب باستعادة الأراضي المصرية التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967، يضيف التحليل.

استغلال الوضع

وفي حين أنه من الصعب أن نتصور أن السيسي سوف يستسلم للمطالب الغربية، فإنه قد يسعى إلى تحويل الاضطرابات في غزة لصالحه، كما يقول التحليل، حيث يمكنه أن يفعل ذلك من خلال محاولة تأمين تخفيف عبء الديون و/أو المساعدات الخارجية مقابل السماح للمواطنين الأجانب بالإخلاء من غزة عبر معبر رفح أو فتح ممرات إنسانية إلى غزة.

وربما يغتنم السيسي الفرصة أيضاً للتصالح مع الولايات المتحدة بعد تدهور العلاقات بين الولايات المتحدة ومصر بسبب الاتهامات الأخيرة بأن مسؤولين مصريين قدموا رشوة للسيناتور بوب مينينديز (ديمقراطي من ولاية نيوجيرسي).

وقد ترد إدارة جو بايدن بالمثل من خلال منح السيسي الدعم والاعتراف الذي يحتاجه، وربما تغض الطرف مرة أخرى عن سجل حقوق الإنسان السيئ في مصر، وتعطي الأولوية لمصالح الأمن القومي الأمريكي بدلاً من ذلك.

تحذير لواشنطن

لكن التحليل يحذر أنه إذا فعلت الإدارة الأمريكية ذلك، فإن ذلك لن يؤدي إلا إلى حرمان الشعب المصري من حقوقه، حيث حول الكثير منهم، في الأسابيع الأخيرة، غضبهم واستيائهم تجاه الولايات المتحدة، معتبرين أنها متواطئة في المذبحة الوحشية للفلسطينيين بعد أن أعرب بايدن عن دعمه لإسرائيل.

ويختتم التحليل قائلا إن الأمر يتطلب تحولاً ملحوظاً في سياسة الولايات المتحدة في التعامل مع مصر والمنطقة. إن المرارة التي تكنها الجماهير العربية تجاه الولايات المتحدة قد تصبح مع مرور الوقت بمثابة راية حمراء تهدد الاستقرار ليس في بلدانها فحسب، بل في الولايات المتحدة أيضًا.

المصدر | المجلس الأطلسي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

غزة مصر السيسي تهجير أهالي غزة الجيش المصري معبر رفح سيناء

خلاف عربي أمريكي.. بلينكن من الأردن: نرفض وقف القتال في غزة

بيان للواء أحمد وصفي يحذر إسرائيل: جيوشنا وشعوبنا عاشقون للموت

ميدل إيست آي: مصر أبلغت أمريكا بعدم قدرة إسرائيل على هزيمة حماس

بين مصالح وطنية وضغوط شعبية.. 3 دول تنتقد إسرائيل دون قطيعة

مصر تعلق على فيديو "هذه أرض إسرائيل" لسائح أجنبي في سيناء

عبر شمال أفريقيا.. الحرب على غزة قد تضر بدول الجنوب الأوروبي

لماذا يرفض السيسي لعب دور أمني في غزة؟.. 3 أسباب بينها الإخوان

مصر.. قانون منح الضبطية القضائية للقوات المسلحة يثير جدلا