سكان غزة يرفضون تهديدات التهجير.. والنازحون يواجهون الجوع والبرد وينامون على التراب

الاثنين 13 نوفمبر 2023 01:14 م

لم ينجح قصف الاحتلال الإسرائيلي والأوامر التي وجهها إلى سكان قطاع غزة بالتوجه إلى جنوب القطاع، إذ يرفض أهالي غزة الخروج من مناطق سكنهم، رغم القصف والتدمير وأصروا على البقاء فيها.

ويدرك عديد من الفلسطينيين أن الأمر لن يتوقف عند هذا الحد، وأن المقصود هو تهجيرهم خارج بلدهم.

وتسعى إسرائيل منذ أكثر من شهر من تصعيدها العسكري ضد غزة، على إجبار أكبر عدد من سكان القطاع على الهجرة الجماعية من شماله إلى جنوبه القطاع، مكثّفة القصف غير المسبوق على مناطق الشمال والوسط.

وتستهدف إسرائيل وفق الأمم المتحدة نحو 1.1 مليون فلسطيني في غزة.

وسبق أن قال مراقبون، إن إسرائيل تريد إخلاء قطاع غزة باتجاه صحراء سيناء المصرية، ولاحقا إخلاء الضفة الغربية من الفلسطينيين، وهو ما رفضته مصر والأردن، ودول عربية أخرى.

ووثق مصورون وصحفيون فلسطينيون من خلال جولات ميدانية في مخيمات ومدن شمال قطاع غزة، مشاهد مرئية لسير الحياة بشكل طبيعي ووجود أعداد كبيرة من المواطنين، للرد على مزاعم الاحتلال الإسرائيلي بأن جميع سكان الشمال قد نزحوا وأن مدنه فارغة.

ونشر مصورون مشاهد عبر حساباتهم بـ"إنستجرام"، تظهر جوانب من حياة الناس في مخيم جباليا وتل الزعتر والفالوجة وبيت لاهيا، وتبين اللقطات وجود آلاف الأسر في المكان.

وأشارت وزارة الداخلية في غزة إلى أن نحو 900 ألف فلسطيني لا يزالون في مدينة غزة وشمال القطاع الذي يتكون من 5 محافظات.

وأظهر المشهد الذي نشره المصور الفلسطيني فادي الوحيدي، عبر حسابه في "إنستجرام"، سير الحياة بشكل طبيعي بمخيم جباليا شمال القطاع وتجول الناس بالأسواق وممارستهم النشاطات اليومية بشكل روتيني، رغم المعاناة والظروف الصعبة.

وقال الوحيدي إنه صوّر هذا المشهد خلال جولة ميدانية في المخيم، ليكذب ادعاءات جيش الاحتلال التي تقول إنه تم إخلاء محافظة الشمال بأكملها.

فيما أكدت الصحفية الفلسطينية مرح عطا الله، في مشاهد مرئية وجود أعداد كبيرة من المواطنين بمناطق شمال غزة وعرضت جانبا من سير الحياة هناك.

وعلقت على مشاهدها بالقول: "لا تخدموا رواية إسرائيل، وتصوروا الشمال على أنه فرغ من أهله"، مشيرة إلى أن شمال القطاع مليء بالناس، حيث يوجد 100 شخص في بعض المنازل المجاورة لها.

وأضافت أن بيت لاهيا، ومخيم جباليا وتل الزعتر والفالوجة، وجميع المدارس مليئة بالأشخاص الذين تم إجلاؤهم، مشيرة إلى أن هذا هو الشمال الذي يصوره الإعلام على أنه فارغ.

كما يفترش آلاف المشردين من سكان غزة ساحات المستشفيات، أمام الأعداد الهائلة من الجرحى الذين تضيق بهم ممرات المستشفيات.

من جانبها، حيت حركة "حماس" أهل غزة المتجذرين في أرضهم، المتمسكين بوطنهم، لافتة إلى أنهم "لن يخرجوا من أرضهم ولن يهاجروا".

وقالت الحركة في بيان سابق لها: "لا هجرة من الضفة ولا من غزة، قرارنا هو أن نبقى في أرضنا".

ويتجاوز عدد سكان مدينة غزة والمناطق المحيطة بها 1.1 مليون نسمة من أصل 2.2 مليون فلسطيني يعيشون في القطاع، وجميعهم يواجهون ظروفا معيشية صعبة للغاية بسبب الحصار الإسرائيلي المستمر منذ 2006.

في المقابل، كشفت تقارير صحفية، إن النازحين في إلى جنوب قطاع غزة، يواجهون الجوع والبرد وينامون على التراب.

وترصد وكالة "فرانس برس"، رحلة يوسف مهنا، من منزله في مخيم جباليا، مع زوجته وأبنائه الستة، حيث كان يأمل بالوصول إلى مدينة رفح الحدودية مع مصر، لكن رحلته الشاقة توقفت عند مدخل مدينة خان يونس، بعدما أمضى 8 ساعات لاجتياز 25 كيلومترا.

وقال: "رحلتي من جباليا كلفتني 500 شيكل (120 يورو) ولم أعد أملك مالاً لأصل إلى رفح".

وأوضح أنه اضطر إلى دفع المال لركوب "عربات تجرها حمير وسيارة وشاحنة" وكل مرة لمسافة قصيرة جداً لأن معظم السائقين لا يجتازون مسافات طويلة بسبب نقص الوقود.

ولفت إلى أن زوجته تستخدم كرسياً متحرّكاً إذ "لا تستطيع المشي".

وقال: "مشينا وكنت أدفعها، وهي تعاني منذ 14 عاماً من انخفاض في ضغط الدم، ومن الذئبة الحمراء، ويسبّب لها ذلك هشاشة في العظام.. أجبرت على النزوح إلى الجنوب لعدم توافر الدواء لها ما سيجعلها تموت من الألم".

وجلست زوجته على رصيف بالقرب من دوار بني سهيلة في شارع صلاح الدين شرق مدينة خان يونس وحولها أطفالها، وبدت آثار التعب عليها، وليس بحوزتهم جميعاً سوى أغطية.

كما تجلس مئات العائلات على جانبي الطريق ويبدو على أفرادها التعب، ويتصبّب العرق من البعض، وينام أطفال على الأرض بينما يتكئ آخرون على أمهاتهم.

ويؤكد الجيش الإسرائيلي أن هذه المنطقة أكثر أماناً نسبياً، ولكن استهدفها قصف مرة جديدة الأحد، إذ شنّت طائرة أربع غارات طالت نحو 10 منازل في بني سهيلة.

وأكد مدير مستشفيات قطاع غزة محمد زقوت سقوط "10 شهداء بينهم نساء وأطفال".

وتعرّض نحو نصف منازل القطاع للتدمير أو لأضرار، وبات يضم حالياً أكثر من 1,5 مليون نازح، وفقًا للأمم المتحدة.

وفي ثلاثة أيام، فر نحو 200 ألف شخص من الشمال إلى الجنوب، حيث أدى هذا التدفق إلى ارتفاع أسعار الإيجارات في المناطق الجنوبية من نحو 150 دولارًا شهريًا، لتراوح بين 500 و1000 دولار حالياً.

من جانبها، قالت أم يعقوب أبو جراد (42 عاماً) وهي تصرخ: "أبنائي مَرِضوا لا أجد لهم حتى رغيف خبز.. من أين أحضر لهم طعاماً.. أشحذ منذ الساعة السادسة صباحاً لأجد لهم ربطة خبز".

ونزحت أم يعقوب من حي الشجاعية شرق مدينة غزة، إلى مدرسة حكومية في مدينة خان يونس مع أبنائها السبعة وزوجها منذ أيام.

وأوضحت الأمم المتحدة، أنّ الحصول على الخبز بات صعباً في الجنوب، لأن "مطحنة الدقيق الوحيدة في قطاع غزة لم تعد تعمل بسبب نقص الكهرباء والوقود".

وارتفع سعر كيس الدقيق (50 كيلوغراماً) من 40 إلى 150 شيكلاً على الاقل.

وقبل اندلاع الحرب، كان أكثر من 80% من سكان غزة يعانون الفقر، ويعتمد ثلثاهم تقريبًا على المساعدات الدولية، وفقًا للأمم المتحدة.

ولا يشكل الجوع مصدر القلق الوحيد لأم يعقوب، إذ قالت: "زوجي يعاني من مشاكل في القلب، وابنتي بحاجة إلى فرشة طبية، ننام جميعاً على الأرض وعلى التراب بدون غطاء والجو بارد".

فيما جلس زوجها عاطف (47 عاماً) وأولادها على عتبة صف في الطابق الأول من مدرسة مكتظة بالنازحين، وقال: "جئت مع أولادي من الشجاعية إلى هنا مشياً.. الوضع كارثي، أنا أب مسؤول عن أسرة ولا أملك شيكلاً واحداً لأشتري طعاماً لأولادي".

ولكن المتاجر تفتقر بدورها للمواد الأساسية كالمياه، وحليب الأطفال، والحفاضات، والمعكرونة.

وأضاف: "يحضرون لنا وجبة واحدة من الأرز لكل 7 أشخاص، أتظاهر بالأكل مع عائلتي، فآكل ملعقة من الأرز وأقول لهم إنني شبعت ونفسي مسدودة ليأكلوا هم".

وتابع: "لا توجد مياه، هناك طابور كبير (أمام حنفية) والناس تتدافع ووضعي الصحي لا يسمح لي بالتدافع، فاليوم هنا يوازي سنة، ولا نقوى على الحركة من شدة التعب جراء المشي".

من جانبها، روت ابنته ريم (20 عاماً) أنها تعاني من كسر في العمود الفقري والكتف منذ الولادة، وقالت "أنام على الأرض وفي البرد، بعدما تركت خلفي فرشة ووسادة طبيتين".

وأضافت: "لا استطيع المشي لمسافات طويلة، لم اشعر بساقي حين وصلنا ولم اتمكن من النوم من شدة الألم، ولا نملك مالاً لشراء مسكنات".

ولفتت إلى أن إخوتها الصغار يعانون من فقر الدم، وقالت: "نتحمل الجوع ليكفيهم ما يتوافر من طعام، وخسرنا جميعاً الكثير من الوزن".

ورغم كل ذلك، يواصل الاحتلال قصفه لليوم الـ38 على التوالي على قطاع غزة، مما أسفر عن استشهاد أكثر من 11 ألف فلسطيني، بينهم أكثر من 8 آلاف طفل وامرأة، وإصابة أكثر من 28 ألفا آخرين.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

التهجير النزوح غزة قصف غزة لحرب على غزة إسرائيل حماس شمال غزة

أمطار غزيرة تهطل على غزة.. العطشى يروون ظمأهم والنازحون يفقدون خيامهم

ترويج إسرائيلي لهجرة سكان غزة إلى الغرب كـ "حل إنساني"

بشير حجي.. مسن فلسطيني ساعدوه أمام الكاميرا وأعدموه لاحقا

محذرا من "جحيم الجوع".. برنامج الأغذية العالمي: الخبز أصبح رفاهية في غزة

بعد توقف عمل المخابز.. الأغذية العالمي: غزة تواجه مجاعة واسعة النطاق

بدلا من إعادة الإعمار.. دعوة إسرائيلية جديدة لتوطين أهل غزة خارج القطاع

إلى أقل قدر ممكن.. خطة إسرائيلية لتقليص عدد سكان غزة