أونروا.. شاهدة التاريخ على دعم اللاجئين الفلسطينيين واستمرار قضيتهم

الأحد 28 يناير 2024 01:53 م

تشهد وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين "أونروا"، التي تعتبر وكالة الأمم المتحدة الرئيسية في غزة حالة من الاضطراب، بعد أن اتهمت إسرائيل بعض موظفيها بالتورط في هجمات "حماس" في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

لم تحدد إسرائيل ولا "أونروا" طبيعة التورط المزعوم لموظفي الوكالة في أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول.

وقدَّم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، تفاصيل حول موظفي "أونروا" الضالعين فيما أسماها "أفعال مزعومة بغيضة"، وقال إنه تم إنهاء خدمة 9 من بين 12 من الضالعين في تلك الأعمال، وتأكدت مقتل واحد، ويجري الآن تحديد هوية الاثنين الآخرين.

ما إن أعلنت "أونروا"، أنها تلقت معلومات من الاحتلال الإسرائيلي بخصوص مشاركة موظفين للوكالة بمعركة "طوفان الأقصى"، حتى بدأت عدد من الدول الغربية بوقف تمويلها عن الوكالة الدولية.

وعلى مدى اليومين الماضيين قررت 10 دول -بينها مانحون مهمون مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا، تعليق تمويلها لوكالة الإغاثة في قطاع غزة.

وأمام ذلك، نددت السلطة الفلسطينية وفصائل المقاومة، والأمم المتحدة ووكلائها من قرار تعليق التمويل، واعتبروه عقاب جماعي، يساهم في إبادة سكان قطاع غزة، قبل أن تعلن إسرائيل خطتها لطرد "أونروا" من القطاع، عقب الحرب.

من جانبه، اعتبر المفوض العام لوكالة "أونروا" فيليب لازاريني، تعليق دول عدة تمويلها للوكالة أمرا "صادما"، لا سيما في ضوء التدابير التي اتخذتها الوكالة الأممية، التي "يعتمد عليها أكثر من مليوني شخص من أجل البقاء على قيد الحياة".

وشدد على أن "هذه القرارات تهدد العمل الإنساني الجاري حاليا في المنطقة خاصة في غزة"، وأكد أنه لم يكن الفلسطينيون في قطاع غزة بحاجة إلى هذا العقاب الجماعي الإضافي.

أما وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث، فقال إن سكان غزة يعانون من أهوال وحرمان "لا يمكن تصوره، مضيفا أن "الوقت غير مناسب لخذلان سكان غزة".

فيما قالت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بفلسطين فرانشيسكا ألبانيز، إن الدول التي علّقت تمويلها للوكالة الأممية "تشارك في الإبادة الجماعية".

وأضافت أن الدول التي علقت تمويلها عن الوكالة الأممية تعاقب ملايين الفلسطينيين في توقيت حساس، متهمة إياها بانتهاك التزاماتها المتعلقة باتفاقية منع الإبادة الجماعية.

وتعدّ وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأوسط "أونروا"، جهة فاعلة أساسية بالنسبة إلى ملايين الفلسطينيين، منذ إنشائها في ديسمبر/كانون الأول 1949، بموجب قرار أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في أعقاب الحرب العربية-الإسرائيلية الأولى التي اندلعت غداة إعلان قيام دولة إسرائيل، وهي تحصل على تمويل شبه كامل من المساهمات الطوعية للدول.

وهناك حوالى 5.9 ملايين فلسطيني مسجّلين لدى "أونروا" ويمكنهم الاستفادة من خدماتها، التي تشمل التعليم والرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية والبنى التحتية للمخيّمات والتمويلات الصغيرة والمساعدات الطارئة، بما في ذلك خلال الفترات التي تشهد نزاعاً مسلحاً.

وهناك ما مجموعه 58 مخيماً للاجئين تعترف بها الوكالة الأممية، بينها 19 مخيّماً في الضفة الغربية التي تحتلّها إسرائيل عسكرياً منذ 50 عاماً، فيما يدرس أكثر من 540 ألف طفل في مدارس "أونروا".

واللاجئ الفلسطيني هو كل من كانت فلسطين مكان إقامته الفعلية في الفترة الواقعة بين يونيو/حزيران 1946 ومايو/أيار 1948، وفقد كل ممتلكاته و أمواله ومنزله بسبب الصراع العربي الإسرائيلي عام 1948.

وتحصل "أونروا" على الدعم المادي من جميع دول الأعضاء في الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، وبعض الحكومات الإقليمية، ويشكل ذلك حوالي 92% من وارداتها المالية.

كما تقيم الوكالة شراكات مع عدة مؤسسات وشركات، وتعمل بشكل وثيق مع منظمات المجتمع المدني ومؤسسات القطاع الخاص للاستفادة من جميع الخبرات والموارد بشكل فعال.

كانت الولايات المتحدة أكبر جهة مانحة في عام 2013، وتجاوز مبلغ 130 مليون دولار، وبعدها الاتحاد الأوروبي الذي منح أكثر من 106 مليون دولار.

وشكلت تلك التبرعات حوالي 45 في المئة من إجمالي الواردات التي حصلت عليه "أونروا".

ولكن حسب المسؤولين الأمريكيين، فقد قررت حكومتهم حجب 65 مليون دولار عن الوكالة بعد أن قوبل قرار الرئيس السابق دونالد ترامب بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل بالرفض من قبل الفلسطينيين، وبعض الدول الإقليمية والأوروبية.

في العام 2022، بلغت الأموال التي تحصل عليها الوكالة من الميزانية العادية للأمم المتحدة، ومن المساهمات من الكيانات الأممية الأخرى 44.6 مليون دولار.

والدول والجهات المانحة الرئيسية هي بالترتيب، الولايات المتحدة وألمانيا والاتحاد الأوروبي والسويد والنرويج، إضافة إلى دول أخرى هي تركيا والسعودية واليابان وسويسرا.

وفي العام 2018، أوقفت الولايات المتحدة وهي أكبر مساهم في "أونروا"، خلال فترة رئاسة دونالد ترامب، مساعدتها المالية السنوية البالغة 300 مليون دولار.

ورحبت إسرائيل بالقرار الأمريكي، متهمة الوكالة الأممية بـ"إطالة أمد النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني" من خلال تكريسها المبدأ، الذي تعارضه تل أبيب، بأن الكثير من الفلسطينيين هم لاجئون لهم الحق في العودة إلى ديارهم، أي الأراضي التي فروا أو طردوا منها عند قيام دولة إسرائيل.

في المقابل، لا يفوت الفلسطينيون التذكير بأن الولايات المتحدة تقدم سنوياً أكثر من 3 مليارات دولار من المساعدات العسكرية لإسرائيل.

وفي مايو/أيار 2019، دعا مستشار ترامب للشرق الأوسط، إلى إنهاء عمل وكالة "أونروا"، متهماً إياها بأنها "فشلت في مهمّتها"، وردت الوكالة، بالتأكيد على أنه لا يمكن تحميلها المسؤولية عن الطريق المسدود الذي آلت إليه عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

واستأنفت واشنطن تقديم التمويل ابتداءً من العام 2021، بعد انتخاب جو بايدن رئيساً.

ومن بين موظفي الوكالة البالغ عددهم 30 ألفاً، يعمل 13 ألف شخص في قطاع غزة، موزعين على أكثر من 300 منشأة.

وحسب بيانات الأمم المتحدة الصادرة في أغسطس/آب الماضي، فإن 63% من سكان القطاع يعانون انعدام الأمن الغذائي، ويعتمدون على المساعدات الدولية، ويعيش أكثر من 80% من السكان تحت خط الفقر.

ويضم القطاع الصغير الواقع بين إسرائيل والبحر المتوسط ومصر، 8 مخيمات وحوالي 1.7 مليون نازح، أي الأغلبية الساحقة من السكان، وفقاً للأمم المتحدة.

ولا تقوم الوكالة بإدارة المخيمات وليست مسؤولة عن أمنها أو تطبيق القانون والنظام فيها لكنها مسؤولة عن إدارة برامج التعليم والصحة والإغاثة والخدمات الاجتماعية سواء الموجودة داخلها أو خارجها.

ومع تصاعد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والمستمرة منذ نحو 4 أشهر، برز دور "أونروا"، حيث لجأ إليها عشرات الآلاف من سكان غزة، قبل أن تقصف إسرائيل منشآتها.

وقد أثارت الوكالة غضب إسرائيل خلال عدوانها على غزة وتدهورت العلاقة بين الجانبين، إذ قالت الوكالة في أكثر من مرة إن إسرائيل تستهدف أهدافا مدنية، بما في ذلك مدارسها ومراكز الإسعاف، في حين قالت إسرائيل إن الأونروا، عمدا أو تحت التهديد، توفر غطاء "لإرهابيي حماس".

وكانت محكمة "العدل الدولية"، قد أخذت في القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل بتهمة ارتكاب جرائم حرب، تقارير وكالة "أونروا" حول معاناة الفلسطينيين، حيث أشارت المحكمة لتقرير "أونروا" الذي قالت فيه إن "القصف مستمر على غزة وتسبب بنزوح كبير للسكان وأجبروا على مغادرة منازلهم إلى أماكن ليست أكثر أمنا وتضرر أكثر من مليوني شخص وسيتضررون نفسيا وبدنيا والأطفال مرعوبون".

وكانت تقارير الوكالة تملك مصداقية كبرى عن الحديث عن المجازر التي يرتكبها الاحتلال ضد المدنيين في غزة، وهو ما أثار حفيظة إسرائيل وجعلها أكثر رغبة في التخلص من الوكالة ودورها.

هذا الدور، جدد غضب إسرائيل من الوكالة الأممية، التي تتهمها منذ عقود بـ"إطالة أمد النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني" من خلال تكريسها المبدأ، الذي تعارضه تل أبيب، بأن الكثير من الفلسطينيين هم لاجئون لهم الحق في العودة إلى ديارهم، أي الأراضي التي فروا أو طردوا منها عند إعلان دولة الاحتلال الإسرائيلي.

ومع استمرار الحرب في غزة، كشفت وثيقة الخارجية الإسرائيلية عن خطة لإخراج "أونروا" من غزة، في أعقاب الحرب.

وأوصى تقرير الخارجية الإسرائيلية، والذي صدر في ديسمبر/كانون الأول، وتم تصنيفه بأنه "شديد السرية"، بتنفيذ خطة إخراج "أونروا" من غزة على 3 مراحل، الأولى هي الكشف في تقرير شامل عن تعاون مزعوم بين حركة "حماس" والوكالة الأممية، التي تقدم الرعاية والخدمات الإنسانية للاجئين الفلسطينيين من حربي 1948 و1967 وأحفادهم.

وأشار التقرير الإسرائيلي، إلى أن المرحلة الثانية "قد تشمل تقليص عمليات الأونروا في القطاع الفلسطيني، والبحث عن منظمات مختلفة لتقديم خدمات التعليم والرعاية الاجتماعية للفلسطينيين في غزة".

أما المرحلة الثالثة، فستكون عبارة عن "عملية نقل كل مهام وكالة الأونروا إلى الهيئة التي ستحكم غزة بعد انتهاء الحرب".

ومع تصاعد الأزمة الأخيرة، جددت إسرائيل دعوتها لمنع "أونروا" من العمل في قطاع غزة بعد انتهاء الحرب.

وصرح وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس، بأن وزارة الخارجية تهدف إلى ضمان "ألا تكون أونروا جزءا من المرحلة" التي تلي الحرب، مضيفا أنه سيسعى إلى حشد الدعم من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وأطراف مانحة أخرى رئيسية.

ولاحقا، قال كاتس في بيان: "في مرحلة إعادة إعمار غزة، ينبغي أن تحل محل أونروا وكالات تكرس عملها للسلام والتنمية"، داعيا مزيدا من الجهات المانحة إلى تعليق تمويلها.

وأضاف: "لقد حذرنا منذ سنوات من أن الأونروا تعمل على إدامة مشكلة اللاجئين، وتدفع السلام بعيداً، وتعمل كذراع مدني لحماس في غزة"، وفق قوله.

وتابع كاتس: "أونروا ليست الحل، فالعديد من موظفيها هم أعضاء في (حماس) الذين يتعاطفون مع آرائها القاتلة، ويساعدونها في توفير المأوى للأنشطة الإرهابية والحفاظ على حكمها"، وفق ما ذكر في بيانه.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

أونروا اللاجئون الفلسطينيون إسرائيل وقف تمويل طوفان الأقصى

اليابان تنضم لـ11 دولة تحاصر أونروا.. وتحذير نيوزيلندي من تأثير كارثي

أونروا: وقف التمويل يوقف عملياتنا في غزة الشهر المقبل

السعودية تحث داعمي أونروا على الاضطلاع بدورهم الداعم للمهام الإنسانية