جدال فقهي وقانوني حول "فرضية" الزكاة أم "نظامية" الرسوم

الثلاثاء 23 سبتمبر 2014 10:09 ص

إشكالية الحصول على سكن عائلي في السعودية لا تزال تحتل المرتبة الأولى، ولكن هذه المرة بين قانونيين وعلماء دين وخبراء في الاقتصاد الإسلامي وإعلاميين، ولما لا فأغلب أفراد المجتمع السعودي كما أوضحنا في الحلقة الأولى لا يمتلك ما يقارب ثلاثة أرباعهم مساكن تأويهم بحسب إحصاءات وزارة الاقتصاد والتخطيط السعودية فإن 60% من السعوديين يسكنون في بيوت بالإيجار تقضم ثلاث أرباع دخولهم الشهرية.

رأى البعض أن الحل يكمن في فرض رسوم على «الأراضي البيضاء» وحددوها بنسبة 30% من ثمنها ليؤخذ العائد في تمويل مشاريع إسكان تشرف عليه وزارة الإسكان السعودي بينما يرى بعض العلماء من أعضاء «هيئة كبار العلماء» بالاكتفاء بالزكاة السنوية على الأراضي المقدرة بـ 2.5% مما زاد الوضع اشتعالا جدليا بين مؤيد ومعارض، وتصدر المشهد عدد من رجال الدولة وعلماء دين وزاد من سخونة الموقف تصريحا منسوبا لأحد المسؤولين قوله «أن من يرفض الرسوم على الأراضي البيضاء يرفضها خوفا على مصلحته لامتلاكه أراض بيضاء شاسعة وفي حين تطبيق القانون سيقع عليه ضرر مادي».

قانونيون يستغربون ربط فرض رسوم على «الأراضي البيضاء» بموافقة «هيئة كبار العلماء» التي اجتمعت مؤخرا ولم تحسم القضية، ويؤكدون أن مصدر استغرابهم يرجع إلى «أن المادة 20 من النظام الأساسي للحكم قد نصت وبوضوح على آلية فرض الضرائب والرسوم وربطتها بتوفر شرطين هما، الحاجة والعدل، وحددت أداة فرضها بموجب النظام».

وكشفوا بعدا آخر في قضية «الأراضي البيضاء» متمثلا في «توافر شرطي الحاجة والعدل» وتبقى فقط فرض الرسوم عبر الآلية المنصوص عليها وهي النظام.

وزاد من استغراب القانونيين أن إصدار النظام في المملكة يمر عبر خمس خطوات هي؛ الاقتراح من مجلس الوزراء أو مجلس الشورى، ثم مناقشة النظام في المجلسين، ثم التصويت عليه، وبعدها يصادق عليه الملك، وأخيرا ينشر في جريدة «أم القرى» مما يتضح معه بأن إحالة ملف القضية لـ«هيئة كبار العلماء» ليست مرحلة من مراحل إصدار النظام ولا يلزم المرور بها، وقد صدرت أنظمة دون استشارة الهيئة، وصدرت أنظمة أخرى عارضتها الهيئة ولم يؤخذ برأيها.

وشدد القانونيين على أن مهمة تحديد توافق نظام صادر مع الشريعة أو مخالفته لها تختص بها المحكمة العليا في المملكة، وهي تماثل دور المحكمة الدستورية في بقية الدول، متى ما مارست جميع اختصاصاتها، ويحق لمن يرى أن نظاما قد صدر وفيه مخالفة للقرآن والسنة وهما الحاكمان على النظام الأساسي وجميع أنظمة المملكة أن يتقدم بدعواه إلى المحكمة العليا وهي من يحدد توافق النظام الصادر مع الشريعة فتمضيه أو مخالفته لها فتبطله.

«هيئة كبار العلماء» قد أدرجت ضمن جدول أعمالها في اجتماع لها مؤخرا موضوع الرسوم على «الأراضي البيضاء» وظهر أن أكثرية الأعضاء يرفضونه فيما تحفظ آخرون وأيده قلة من الأعضاء.

ولم تحسم «الهيئة» موقفها تجاه فرض رسوم على «الأراضي البيضاء»، إذ انتهى اجتماع عدد من العلماء في الهيئة مع وزيري الإسكان والعدل الدكتور «شويش الضويحي» والدكتور «محمد العيسى»، في مقر «الهيئة في الرياض بنتيجة التأجيل والرفع بالملف إلى «المجلس الاقتصادي الأعلى» الذي يرأسه خادم الحرمين الشريفين، فيما لم يتحدد بعد موعد إبداء رأي الهيئة في هذه المسألة التي يتم تداولها على نطاق واسع بين المواطنين.

ودعا الشيخ «عبد الله بن سليمان بن منيع» عضو «هيئة كبار العلماء» والمستشار في الديوان الملكي السعودي، إلى أن يدفع ملاك «الأراضي البيضاء» زكاتهم عليها بمقدار 2.5% عن كل سنة، وإلا أنهم يعتبرون «كمن لا يقيم الصلاة».

وأشار إلى أن عليهم دفعها خصوصا إذا طلبها منهم ولي الأمر وأقرها، مؤكدا أن فرضها يعتبر الحل المناسب نظرا لاحتكار وتكدس الأراضي التي يحتاج إليها عامة الناس في البلد.

في حين أكد الشيخ «سعد الخثلان»، أحد أعضاء «هيئة كبار العلماء في السعودية أن «الهيئة» لم تصوت على القرار لأجل معرفة آراء العلماء فيها، بل إن الأمر لم يتجاوز المناقشة على حد قوله.

خبير الاقتصاد الإسلامي الدكتور «أشرف دوابة» أكد بضرورة التفريق بين الأرض التي في صورة منحة من الحاكم ولم تستغل فهذه من حق الدولة استرجاعها بعد مدة تسمح بتنميتها وليكن ٣ سنوات كما فعل سيدنا «عمر» أما الأرض التي ملك الناس فيكفي فيها الزكاة إذا كانت بغرض التجارة، والأزمة في دول الخليج تكمن حقيقتها في الاحتكار من خلال الشيوخ والأمراء وتحكمهم في العرض بصورة ترفع الأسعار .

ويضيف الدكتور «أشرف دوابة» حول الاستدلال بما قام به «النبي صلى الله عليه وسلم» بمنحه قطعة أرض لـ«بلال» ففيه قياس مع الفارق فالأرض التي أعطاها «النبي» لـ«بلال» كانت أرض موات أقطعها إياه ليحييها وإذا تخلف عن إحيائها فمن حق ولي الأمر ردها لمخالفته الشرط، أما من يشتري أرضا من ماله لا يدخل في ذلك، فان اشتراها بغرض الاقتناء للبناء عليها فلا زكاة فيها، وان كانت بغرض المتاجرة ففيها زكاة كل حول إذا بلغت النصاب.

وحول ما يثيره البعض بأن حق المجتمع لا يمكن ربطه بنية مالك الأرض أكد «دوابة» أن الحقوق منها ما هو معنوي ومنها ما هو مادي فهل لو دخلي اقل من نصاب الزكاة مطلوب أن ادفع من اجل حق المجتمع؟ الملكية الفردية حق وفيه التزام بالزكاة إذا استوفت شروطها، أما مسألة النية فترجع لمقتني الأرض هل هي للاقتناء أم البيع فالعبرة بنيته؟.

وكان الكثير من المواطنين يترقبون قرار «الهيئة» لاستنارة السلطات السعودية ، وسط مطالبات بسرعة إقرار فرض الرسوم لمساهمتها الكبيرة في خفض أسعار العقار، والحد من الارتفاع الكبير في أسعار الأراضي، والمساهمة في حل أزمة الإسكان، حسب توقعات الخبراء والاقتصاديين، الذين أكدوا أن فرض الرسوم على «الأراضي البيضاء» داخل النطاق العمراني، من أنجح الحلول في حل أزمة الإسكان؛ متوقعين أن يسهم القرار في خفض أسعار الأراضي بنسب تصل إلى 60% من الأسعار الحالية للأراضي.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الأراضي البيضاء

الأراضي البيضاء ... السكن المسلوب وألاعيب تجار الرمال (1-2)

لجنة لدراسة تأثير فرض رسوم الأراضي البيضاء على الاقتصاد السعودي

«صندوق النقد الدولي»: نسبة تملك السعوديين للمساكن لا تتجاوز 36%

رغم الدعم الحكومي وضعف الطلب أسعار العقارات في السعودية لا تنصاع للمعادلات التجارية

«مجلس الشورى السعودي» يصوت اليوم على وثيقة السياسة السكانية للمملكة

الإسكان.. مواطن ينتظر.. وأراضٍ تحتضر!!

وزير الإسكان السعودي: المشروعات لن تتأثر بأسعار البترول .. ورسوم الأراضي البيضاء قريبا

مجلس الوزراء السعودي يوافق على فرض رسوم على الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني

رئيس دار الأركان السعودية: قرار فرض الرسوم لن يتسبب في انخفاض حاد في أسعار الأراضي

«القرضاوي»: يجوز للمسلمين إرسال زكاة الفطر إلى دول تعاني حروبا وكوارث بشروط

صندوق الزكاة الإماراتي قدم 34 مليون درهم لضعاف الدخل منذ مطلع العام

مصلحة الزكاة السعودية: نمو الإيرادات 7% عام 2015

الإمارات تتيح دفع الزكاة إلكترونيا من خلال «اتصالات»