الجنسية التركية للسوريين.. حالمون ومعارضون

السبت 2 أبريل 2016 07:04 ص

منح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الجنسية التركية لفتاة سورية مقيمة في تركيا، قسم الأمر بين لاجئين سوريين حالمين بالأمر، ورفض تام من قبل المعارضة السورية.

وزاد من حدة الأمر والتجاذب هو تداول تصريحات خاصة بـ«أردوغان» على مواقع التواصل الاجتماعي يعلن فيها عن إمكانية منه السوريين الجنسية التركية، خلال اجتماعه بمجموعة من الشباب الأتراك إضافة إلى بعض السوريين في قصر يلدز في اسطنبول، والتي تناقلتها وسائل إعلام تركية وسورية في آذار/مارس الماضي.

من جانبه يرى الصحفي السوري المقيم بتركيا «عبو الحسو»، المهتم بشؤون اللاجئيين السوريين في تركيا، أن «سبب تداول هذه الأنباء ويؤكد أنه تم اجتزاء تصريحات للرئيس التركي عن الأخبار العاجلة التي بثتها قناة TRT عربية، ففهم الكلام في غير سياقه الذي ورد فيه وانتشر الخبر في وسائل التواصل الاجتماعي». 

ويضيف «الحسو» وفقا لـ«القدس العربي»: «لقد تم تفسير كلام أردوغان في غير سياقه، حيث كان في رد على سؤال حول هجرة العقول والكفاءات السورية إلى أوروبا، فأجاب بأنه يتم بذل مساع بالتعاون مع إدارة شؤون العمل للاستفادة من الطاقات والكفاءات السورية، ومنح هؤلاء جنسية تركية بدلا من أن تهاجر العقول إلى الدول الأخرى».

ومن بين تلك الحالات التي أشار إليها «أردوغان»، منح اللاجئة السورية «روضة نور جمعة» الجنسية التركية لنجاحها في كلية العلوم السياسية في إحدى الجامعات التركية، وجاء هذا بعد صدور قرار من مجلس الوزراء وبتعليمات من الرئيس التركي.

الفهم الخاطئ لتصريحات أردوغان جعل الحكومة التركية توضح عبر تصريحات لنائب رئيس الوزراء التركي «نعمان قورتولموش» والذي قال في مؤتمر صحفي إن «مسألة منح الجنسية التركية للاجئين السوريين الموجودين في البلاد خطوة غير واردة». واستدرك قائلاً إنه «قد تكون هناك خطوات يمكن اتخاذها، فيما يتعلق بمنح بعض السوريين تصاريح إقامة في البلاد».
 

ويرى «الحسو»، أنه إن كانت تركيا ستمنح السوريين جنسيتها فسيتم ذلك «إما عن طريق اعتبار إقامة السوري بأي صيغة كانت في تركيا واحتسابها ضمن شرط المدة لمنح الجنسية، ألا وهو خمس سنوات، أو عبر تمييز الكفاءات السورية، بتوسيع هذا الإطار بحيث يشمل المتميزين أو الجامعيين كافة لأن قانون الجنسية يستثني الكفاءات الرياضية والعلمية والمهنية والأدبية من شرط المدة».

أما الطريقة الثالثة «فيمكن عن طريق إصدار قرار من البرلمان كما حصل مع اللاجئين الأفغان والبلغار سابقا»، ويرى أن ذلك سيكون صعبا لأن «أعداد السوريين كبير جدا مقارنة بالبلغار والأفغان».

لكن هذه الشائعات عادت لتعززها صحف تركية ومن بينها صحيفة «سوزجو» التي نشرت خلال آذار/ مارس الماضي، خبرا عن إمكانية منح الجنسية للسوريين وتطرقت إلى موضوع تقدم به نائب في البرلمان عن حزب الشعب الجمهوري، يحذر من إعطاء الجنسية للسوريين الذين سيكملون مدة إقامة خمس سنوات أواخر شهرأبريل/نيسان الجاري، حيث أن أول دفعة لاجئين سوريين وعددهم 252، دخلت تركيا في 29 نيسان من العام 2011 ، أي بعد نحو شهر ونصف شهر على اندلاع شرارة الثورة السورية، وبعدها توالى دخول السوريين بأعداد كبيرة.

ورأت الصحيفة، اليسارية المعارضة المؤيدة لحزب العمال الكردستاني، بأن ذلك، سيؤدي إلى تغيير ديموغرافي في بعض المدن التي يزيد فيها عدد السوريين عن المواطنين الأتراك، مشيرة إلى أن «حزب الشعب الجمهوري حضر تقريرا حذر فيه من احتمال حصول السوريين على الجنسية التركية، بما يعنيه ذلك من تغييرات ديموغرافية في بعض المناطق، وأنه خلال ثلاث إلى خمس سنوات سيكون هناك رؤساء بلديات سوريو الأصل، لا بل قد يصل بعضهم إلى البرلمان».
وأشار تقرير حزب الشعب الجمهوري أيضا إلى «ولادة أكثر من 152 ألف طفل سوري في الأراضي التركية»، وقال إن 
«أهاليهم سيطالبون بمنحهم الجنسية التركية بسب ظروف الحرب التي لا تسمح لهم بالحصول على الجنسية السورية الأصلية لهم، على حد زعم التقرير».

ورأى التقرير أيضا أن «حزب العدالة والتنمية» الحاكم يسعى لإحداث تغيير في التوازنات السياسية عبر منح اللاجئين امكانية الاقتراع كون الغالبية العظمى منهم ستصوت له لأسباب عدة. وأشار إلى ارتفاع أعداد السوريين مقارنة بالأتراك في بعض المناطق، مثل ماردين، وعنتاب، و أورفة، وأضنة، ومرسين، وإسكندرون، وعليه يزداد احتمال وصول أعضاء إلى البرلمان من بين هؤلاء اللاجئين، على حد زعم حزب الشعب الجمهوري».

ويرى الصحفي السوري «عبو الحسو» أن «الغاية من بث مثل هذه التقارير ما هي إلا تحريض للأتراك ضد السوريين وافتعال مشاكل لهم ليس أكثر».

أما الكاتب التركي «عادل داود أوغلى»، الناشط في حزب «العدالة والتنمية» فيقول إن «المعلومات المتوفرة من مصادر عدة، غير واضحة المعالم لكن التنبؤ بإمكانية منح الجنسية للسوريين صادقة، وتحتاج إلى استخراج قوانين جديدة».

ويضيف: «يمكن اعتماد نموذج اللاجئين الأفغان في أواخر القرن الماضي حيث حصل عشرات الآلاف منهم على الجنسية».

ويرى الكاتب أن «أعداد من يشملهم موضوع الإقامة لمدة خمس سنوات هو قليل، لذلك فإن بقية السوريين يحتاجون إلى استثناءات عبر اصدار قوانين جديدة ، مرجحاً أن يتم البت بها قبل بداية العام الدراسي في أيلول المقبل».

ويؤكد «عادل داود أوغلي»، العضو في حزب العدالة والتنمية، أن «استصدار مثل هذه القوانين لا يحتاج لمناقشة في البرلمان، ويمكن أن تتم عبر تعليمات من وزير الداخلية أو رئيس الوزراء أو الرئيس، وذلك ينص عليه القانون التركي». 

وحول تخوف البعض في أحزاب المعارضة التركية من أن تمنح الجنسية لأعداد كبيرة من السوريين، وهذا ما قد يشكل أغلبية لهم ببعض المدن وخاصة الصغيرة والحدودية، يرى أن تركيا تتكون من حوالي خمسين عرقية مختلفة، ولن يؤثر منح الجنسية للسوريين كثيراً، مشيراً إلى أن «هناك قبولاً واسعاً لذلك بحسب استطلاعات للرأي».

ويعتبر أن «منح الجنسية التركية للسوريين سيكون ورقة رابحة بيد تركيا مستقبلا في القضية السورية التي ستطول لسنوات مقبلة، إذ لا تلوح في الأفق بوادر حل سريع».

وفي شهر مارس/أذار الماضي أعلن الاتحاد الأوروبي وتركيا، اتفاقهما على «مبادئ عريضة»، لخطة تستهدف تخفيف حدة أزمة الهجرة.

ونقل موقع تليفزيون «بي بي سي» الإنجليزي، أن الطرفين لم يتوصلا خلال قمتهما الطارئة في بروكسل إلى قرار نهائي بشأن هذه الخطة، التي اقترحها رئيس الوزراء التركي «أحمد داوود أوغلو».

وقال «دونالد توسك» رئيس المجلس الأوروبي إن «المهاجرين غير النظاميين المتدفقين على اليونان، ستتم إعادتهم إلى تركيا».

ومقابل كل مهاجر يُعاد، تريد تركيا من الاتحاد الأوروبي أن يقبل لاجئا سوريا تنفيذا لمبدأ «شخص مقابل شخص»، وأن يقدم مزيدا من التمويل، ويسرع مباحثات انضمام تركيا للاتحاد.

وتستضيف تركيا حاليا 2.7 ملايين لاجئ هربوا من الحرب الأهلية الدائرة في سوريا، ويريد الاتحاد الأوروبي من تركيا استعادة المهاجرين الذين لا يحق لهم الحصول على صفة لاجئ، إضافة إلى إجراء مزيد من الدوريات في مياهها الإقليمية.

وتطالب الحكومة التركية في المقابل بمضاعفة المساعدات الأوروبية الخاصة للتخفيف من وطأة المهاجرين في بلادها.

وخلفت الحرب التي يشنها نظام «بشار الأسد»، ضد الثورة التي قامت ضد حكمه قبل 5 سنوات، قرابة 5 ملايين لاجئ فروا من جحيم الحرب، إلى مختلف دول العالم، تحتضن منه تركيا أكثر من نصفهم، بحسب ما نشره موقع الحكومة السورية المؤقتة بالخارج في يناير/ كانون الثاني الماضي.

ومنذ منتصف مارس/آذار 2011، تطالب المعارضة السورية بإنهاء أكثر من 44 عاما من حكم عائلة «الأسد»، وإقامة دولة ديمقراطية يتم فيها تداول السلطة، غير أن النظام السوري اعتمد الخيار العسكري لوقف الاحتجاجات، ودفع سوريا إلى دوامة من العنف، ما أسفر عن مقتل أكثر من 250 ألف، بحسب إحصائيات أممية.

  كلمات مفتاحية

اللجئين السوريين أردوغان الجنسية التركية

اتفاق «مبدئي» بين تركيا والاتحاد الأوروبي لتخفيف حدة أزمة اللاجئين

لاجئون سوريون ينتخبون مخاتيرهم في مخيم جنوبي تركيا

«داود أوغلو»: نتوقع وصول 70 ألف لاجئ سوري إلى الحدود التركية

أنقرة وبرلين تتفقان على إغاثة اللاجئين السوريين العالقين على الحدود التركية

«داود أوغلو»: تعهد الاتحاد الأوروبي المالي لا يكفي للتعامل مع أزمة اللاجئين

الخارجية التركية تنفي إعادة السوريين قسرا إلى بلادهم