كيف تؤثر العقوبات السعودية على اقتصاد لبنان؟

السبت 2 أبريل 2016 06:04 ص

يمكننا بسهولة أن نلمس التوتر الحادث في العلاقة بين المملكة العربية السعودية وإيران. كلا البلدين يستخدمان لبنان كمسرح لممارسة النفوذ بالوكالة بما ينذر بتداعيات خطيرة لاسيما على الدول الخليجية المتحالفة مع المملكة العربية السعودية.

تحتوي لبنان على مجموعة من الشواطئ والمنتجعات والجبال المغطاة بالثلوج وشاليهات التزلج الخلابة. على الناحية الأخرى، يبدو أن البلاد تعاني شللا سياسيا، إضافة إلى قيامها باستيعاب أكثر من مليون ونصف لاجئ ضمن تعداد سكانا البالغ 4 ملايين ونصف مليون فقط.

دول الخليج تفرض العزلة على لبنان

ما يزال لبنان يعاني حالة من الجمود السياسي مع بقاء منصب الرئيس شاغرا منذ العام 2014. وقعت آخر تلك الجلسات البرلمانية التي فشلت في انتخاب الرئيس في 23 مارس/أذار 2016، لتترك البلاد في مواجهة مستقبل تشريعي ملبد بالغيوم. التوترات السياسية في لبنان ذات صلة واضحة بالجمود الحكومي إضافة إلى الصراع على النفوذ بين السعودية وإيران. ويمكن أيضا أن ينظر إلى هذه الجوانب كجذر للحالة السائدة حاليا من فقدان الأمن والاستقرار.

منذ صيف عام 2015، كانت لبنان تحتل واجهة الأحداث، ليس فقط بسبب الاضطرابات الأمنية التي تعانيها البلاد ولكن أيضا بفضل أنهار من القمامة التي أغلقت الطرق وأثارت مظاهرات ضخمة في العاصمة وخارجها. ترتبط هشاشة البنية في البلاد بافتقارها إلى الحكم الرشيد وهو ما يمكن أن يكون سببا لتفاقم الاضطرابات في المستقبل.

في فبراير/شباط، سحبت المملكة العربية السعودية ما لا يقل عن 3 مليارات دولار من تمويل من الجيش اللبناني بسبب التراخي المستمر في التعامل مع حزب الله المدعوم من إيران. في أوائل شهر مارس/أذار الماضي، قام مجلس التعاون الخليجي بتصنيف حزب الله كمنظمة إرهابية بعد توجيه من المملكة العربية السعودية. وقامت دول مجلس التعاون الخليجي بوضع تحذيرات من السفر إلى لبنان. قامت دول مجلس التعاون الخليجي بفرض حظر تام على سفر مواطنيها إلى لبنان، كما قامت برفض منح التأشيرات إلى وفد لبناني.

كان لهذا الأمر تداعيات واضحة على أولئك الذين اعتمدوا على السياحة من دول مجلس التعاون الخليجي في لبنان. على مدار السنوات الماضية، لم يكن مستغربا أن نرى السيارات تظهر لوحات من دول مجلس التعاون الخليجي على الطرق في بيروت هربا من الصيف الرطب في منطقة الخليج. تعاني السياحة في لبنان انخفاضا ملحوظا خلال العام الحالي وقد انخفضت معدلات إشغالات الغرف في الفنادق بنسبة 18.9 في المائة. بعض المصادر تعزو أسباب هذه الظاهرة إلى انخفاض نسبة الزوار الأثرياء من دول الخليج.

في فبراير/شباط، قامت المملكة العربية السعودية بطرد عدد من المواطنين اللبنانيين من المملكة العربية السعودية وساءت العلاقات بين البلدين. وعلاوة على ذلك، في منتصف مارس/أذار، تم طرد العديد من اللبنانيين من البحرين بسبب علاقات مزعومة مع حزب الله. كانت الكويت الدولة الأحدث في اتخاذ إجراءات مماثلة، حيث قامت بإلغاء إقامة 60 من المغتربين اللبنانيين في 27 مارس/أذار.

التداعيات

هناك شكلان من النتائج المباشرة المحتملة لهذه الظاهرة. الأول هو أن عدد أقل من مواطني دول مجلس التعاون سوف يختارون لبنان كوجهة سياحية مما سيؤثر على عائدات السياحة على بعض المستويات. ثانيا فإن المغتربين اللبنانيين الذين يعيشون في بعض دول مجلس التعاون الخليجي قد يتم رفض طلباتهم بالحصول على الإقامة أو تصاريح العمل خلال في الأسابيع والأشهر المقبلة، وذلك بسبب الروابط الحقيقية أو المتصورة مع حزب الله، أو بهدف الضغط على لبنان للوقوف ضد إيران، وبشكل أكثر تحديدا ضد حزب الله. كيف يمكن لذلك الأمر أن يؤثر على معدلات الناتج المحلي الإجمالي في لبنان؟

تقريبا، هناك ما بين 15 إلى 20 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في لبنان يأتي من التحويلات. حاليا، نصف التحويلات المرسلة إلى لبنان تأتي من مصادر خليجية. ونتيجة لذلك، فإن التوترات الإقليمية سوف تؤثر على اللبنانيين الذين يعتمدون بشكل كبير على الدخول الأجنبية، فضلا عن اللبنانيين الذين بنوا حياتهم اعتمادا على الأموال الخليجية.

ومن الواضح أن الأزمة في سوريا قد فاقمت من تردي الأوضاع الأمنية والاقتصادية في لبنان بطرق خفية وأخرى أكثر وضوحا. ومع ذلك، فإن استمرار الصراع المحتدم على النفوذ بين المملكة العربية السعودية وإيران سوف يكثف من الانقسامات الطائفية التي تم زرعها بعد خروج القوى الاستعمارية في منتصف القرن العشرين.

ربما تكون لبنان قادرة على النمو حتى في ظل حالة عدم الاستقرار المتنامية على حدودها، ولكن المحاولات المسمرة لعزل البلاد بسبب قضايا سياسية طائفية بما في ذلك تعزيز التدقيق على العمالة الوافدة في دول مجلس التعاون الخليجي يمكن أن يكون له تأثير سلبي على استقرار الاقتصاد اللبناني. على وجه التحديد، فإن هذه العزلة من قبل دول مجلس التعاون الخليجي سوف تؤثر على عائدات السياحة في لبنان، وهو ما يشكل خطرا على التحويلات المالية التي تشتد الحاجة إليها من المواطنين اللبنانيين في دول الخليج.

إمكانية الطرد المستمر للمواطنين اللبنانيين من دول مجلس التعاون الخليجي قد تؤدي إلى عواقب مؤسفة على الاقتصاد اللبناني على المدى المتوسط إلى الطويل عبر تصعيد حالة عدم الاستقرار الإقليمي وزيادة تأثير الأزمة السورية على عتباتها.

المصدر | جلوبال ريسك إنسايتس

  كلمات مفتاحية

لبنان العلاقات السعودية اللبنانية حزب الله

«مجتهد» يكشف عن القرارات السعودية المتوقعة ضد لبنان

«سلام»: الخليج لن يتخلى عن دعم لبنان.. وسنعوض عن خطأنا بحق السعودية

وزراء الداخلية العرب يصنفون «حزب الله» منظمة إرهابية مع تحفظ العراق ولبنان

السعودية ولبنان .. حدود المواجهة

ثمن الصداقة .. لماذا قطعت السعودية مساعداتها العسكرية إلى لبنان؟

تقرير: الخارجية اللبنانية خففت من تسييس حملة إبعاد مواطنيها من الخليج

السعودية تتخلى عن «الحريري» وتدعم رموزا سُنية لبنانية جديدة .. «ريفي» هو الأوفر حظا

سندات لبنان الدولارية ترتفع مدفوعة بدعم سعودي محتمل