كيف يهدد الخطاب المعادي للإسلام الأمن القومي الأمريكي؟

الأربعاء 13 أبريل 2016 05:04 ص

نصف الأميركيين يقولون إنهم يؤيدون منع اللاجئين المسلمين من دخول البلاد، بينما يدعم عدد مماثل تنظيم دوريات للأمن في الأحياء المسلمة الأمريكية. وقد وجد استطلاع للرأي أجرته «إبسوس» مؤخرا أن ثلثي الأمريكيين قالوا إنهم يعتقدون أن بعض أشكال التعذيب يمكن أن تكون مبررة لانتزاع المعلومات من الإرهابيين المشتبه بهم. يلقى الخطاب المعادي للمسلمين في الوقت الراهن تغطية إعلامية واسعة. وفي مواجهة أزمة اللاجئين واسعة النطاق وعدم الاستقرار المتزايد في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فإن الخطاب العام في كثير من الأحيان لا يميز التطرف المؤدي إلى العنف، وبدلا من ذلك فإنه يأخذ شكل هجمات أوسع نطاقا على الإسلام نفسه.

هذا النهج من التمييز السياسي الذي يتبعه بضع السياسيين يحول بين الولايات المتحدة وبين تبني سياسات من شأنها أن تساعد على الحفاظ على أمن البلاد. وهم يؤكدون أن هذا التمييز السياسي سوف يحل ما يرون أنها المشكلة الحقيقية: وهي أن معظم الإرهابيين هم من المسلمين، وأن المسلمين إرهابيون.

التمييز بين المسلمين وبين الجماعات الإرهابية الإسلامية المتطرفة أمر بالغ الأهمية من أجل وضع وتنفيذ سياسات فعالة لمكافحة الإرهاب. العمليات القاتلة والجهود المبذولة للقبض على الإرهابيين قبل توجيه ضرباتهم أو منع جنوح بعضهم إلى التطرف من الأساس يمكن أن تتأثر جميعها بأزمة الخطاب المعادي للإسلام لأنه يردع تبادل المعلومات والتعاون مع المسلمين المسالمين. وعلاوة على ذلك، فإن مثل هذا الخطاب يسهم في تقويض العلاقات مع الشركاء الرئيسيين. كما لاحظ أكثر من مائة خبير للأمن القومي مؤخرا، فإن «الخطاب المعادي للمسلمين يصعب من مهمة مكافحة التطرف الإسلامي من قبل الشركاء في العالم الإسلامي الذين يقدمون مساهمات كبيرة ضمن هذه الجهود».

كيف يؤثر الخطاب على فاعلية السياسات

بالإضافة إلى ذلك، فقد أظهرت الأدلة التجريبية مرارا أن الولايات المتحدة ينبغي عليها أن تسهل قدر الإمكان عملية توفير المعلومات وأن تجعلها أكثر أمانا. الخطاب المعادي للإسلام يجعل هذا أكثر صعوبة.

يتفق خبراء الأمن الوطني ومكافحة الإرهاب أن الخطاب الذي يرسم جميع المسلمين على أنهم إرهابيون أو من المتعاطفين مع الإرهابيين لديه فرصة كبيرة لتربية الإرهابيين في المستقبل. تشير الأدلة التجريبية أن مثل هذه اللغة يمكن أن تعوق جهود الولايات المتحدة لوقف الإرهابيين قبل توجيه ضرباتهم أو القبض عليهم بعدها. كي نفهم لماذا، فإنه ينبغي علينا أن ننظر في الطرق الرئيسية الثلاثة التي تتبعها الولايات المتحدة لمكافحة الإرهابيين: ردعهم في المقام الأول فإن لم يكن فإلقاء القبض عليهم أو قتلهم في نهاية المطاف. قد تعمل هذه الاستراتيجيات بشكل أكثر أو أقل جودة بحسب السياق والمجموعات المعنية. ولكن لا شيء مثل الخطاب المعادي للمسلمين يمكن أن يردع إمكانية التعاون وهذا بدوره يقلل المعلومات المتاحة الموثوق بها.

تحت بند الردع، تسعى الولايات المتحدة إلى مكافحة ما تسميه الأسباب الجذرية للإرهاب من خلال الانخراط مع السكان المسلمين في الداخل والخارج، ولكن الأدلة شحيحة حول نجاح هذا النهج في أماكن مثل العراق أو أفغانستان أو اليمن. الخطاب المعادي للإسلام يمكن أن يجعل هذه المهمة أكثر صعوبة. الطرق البديلة لردع الإرهاب تكون من خلال توقيع أشكال قاسية من العقوبات القضائية على من يشتبه في دعمهم أو تمكينهم للإرهابيين. إذا كان المتطرفون يحاولون دفع الناس على العمل معهم، وهو غالبا ما يحدث، فإن السياسات الحكومية ينبغي أن تؤكد أن عاقبة هذا الدعم سوف تكون مكلفة. ربما يجادل البعض أن هذا هو المبرر الأساسي لكثير من التصريحات المعادية للمسلمين التي تؤكد على عدم وجود أي تسامح مع النشاط المتطرف. ولكن هذه أشبه بالسياسة الإسرائيلية في التعامل مع مثل هذه الحالات والتي أثبتت أنها لم تكن فعالة بشكل كبير.

إلقاء القبض على الإرهابيين لا يسمح فقط للولايات المتحدة بمحاكمة المسؤولين عن الهجمات، ولكنه يسمح أيضا بجمع معلومات إضافية عن التكتيكات والتقنيات التي تتبعها هذه الجماعات وأفرعها. ومع ذلك، فإن اصطياد هؤلاء الإرهابيين غالبا ما يتطلب تعاون أفراد آخرين (غالبا من المسلمين) عبر إعطاء المعلومات، بالإضافة إلى أشكال أخرى من التعاون الاستخباراتي. ووفقا للإحصاءات، فإن المسلمين قد ساعدوا في إنفاذ القانون في نصف مؤامرات تنظيم القاعدة التي تم إحباطها في الولايات المتحدة منذ عام 2009. ولكن الخطاب المناهض للمسلمين قد يجعل ذلك أكثر صعوبة. التهديد باستخدام العنف ضد أولئك الذين لديهم المعلومات والتعامل مع المسلمين كعدو يقلل من حوافز التعاون. وقد أكد العلماء وخبراء الاستخبارات وضباط الجيش، ودراسة لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ حول تقنيات الاحتجاز والاستجواب التي تستخدمها سي آي ايه على نفس الأمر: هذه التقنيات غير فعالة إلى حد كبير في إنتاج معلومات مفيدة.

تأثير النهج الخطابي على معالجة التطرف

ركزت الولايات المتحدة بشكل متزايد على مواجهة التطرف العنيف من خلال السعي إلى مواجهة إلى مواجهة سرديات الإسلام الراديكالي. ونحن نؤكد أنه ينبغي أن يستمر هذا الجهد. هناك بعض المخاوف المشروعة ودعوات من أجل حوارات لإصلاح الإسلام. ولكن كل هذا يبدو صعبا في ظل عدم التمييز بين المناقشات الواعية والخطاب البلاغي. عندما يتم استخدام البيانات البغيضة في محاولة لتسجيل نقاط سياسية، فإن هذا الخطاب يمثل تهديدا للأمن القومي من حيث دعمه لسردية أن الولايات المتحدة هي في الأساس معادية للإسلام.

ومن المرجح أن الخطاب المعادي للمسلمين سوف يتسبب في تراجع قدرة الولايات المتحدة على جمع المعلومات الاستخباراتية عير تقليل رغبة الأفراد في تقديم المعلومات كما أنه سوف يعزز من سردية «الدولة الإسلامية» مما يساعدها على تجنيد مقاتلين جدد. وقد تكشف سيناريو مماثل عندما تم استخدام هذه الممارسات قبل 15 عاما وفقا لبيانات صدرت مؤخرا من قبل وكلاء مكتب التحقيقات الفدرالي الذي أجرى مقابلات «الاستجواب المعزز». الطريقة التي تعاملت بها الولايات المتحدة مع السجناء تحولت إلى الأداة الأولى للتجنيد بالنسبة إلى تنظيم القاعدة والتي تسببت في جلب آلاف المقاتلين الذين قتلوا الجنود الأمريكيين. وبالإضافة إلى ذلك، يقول خبراء مكافحة الإرهاب أن الخطاب المعادي للأجانب أو الذي يرسم جميع المسلمين على أنهم إرهابيون من شأنه أن يعطي فرصة لتفريخ الإرهابيين في المستقبل. يجب على الأمريكيين أن يرفضوا مثل هذه اللغة المدمرة من أجل مصلحة أمنهم القومي.

المصدر | جيوبوليتيكال فيوتشرز

  كلمات مفتاحية

الولايات المتحدة الغرب إسلاموفوبيا الدولة الإسلامية التطرف اللاجئون السوريون الإسلام

صعود الإسلاموفوبيا .. الراهنية والأسباب

«ترامب»: على المسلمين بذل المزيد لمنع الهجمات الإرهابية

الحرب على الإرهاب.. وتأجيج «الإسلاموفوبيا»!

«ترامب» يتعهد بترحيل اللاجئين السورين حال انتخابه رئيسا للولايات المتحدة

12 قتيلا في هجوم على صحيفة «شارلي إيبدو» الفرنسية .. ومخاوف من تصاعد «الإسلاموفوبيا»

لماذا تعادي «أوروبا العلمانية» الإسلام أكثر من «أوروبا المسيحية»؟