في حدث غير متوقع في قلب باريس، قالت مصادر في الشرطة الفرنسية إن 12 شخصاً قتلوا وجرح قرابة عشرة آخرون في هجوم مسلح استهدف مقر صحيفة «شارلي إيبدو» الساخرة الفرنسية.
وقالت وزارة الداخلية الفرنسية في بيانها إن الهجوم نفذه 3 مسلحين، لم يتم القبض على أي منهم حتى الآن، وأن قائمة القتلى تضم رئيس تحرير الصحيفة و4 من رسامي الكاريكاتير العاملين بها، ويعد هذا الهجوم الأول من نوعه الذي تشهده العاصمة الفرنسية منذ قرابة 40 عاماً.
«شارلي إيبدو».. تاريخ من العداء للمسلمين
رغم الإدانة التي تلقاها الحادث الإجرامي من مختلف المؤسسات الإسلامية حول العالم، إلا أن تاريخ صحيفة «شارلي إيبدو» في العداء للمسلمين واستفزاز مشاعرهم تم ربطه (مبدئيا) بالهجوم.
أحد أكبر هذه الاستفزازات وقع في أكتوبر/تشرين الأول الماضي حين نشرت الصحيفة رسماً كاريكاتيرياً في ملف لها تحت عنوان «ماذا لو عاد محمد» (صلى الله عليه وسلم)، أظهرت خلاله مقاتلاً ملثماً يرمز إلى تنظيم «الدولة الإسلامية» وهو يضع السكين على رقبة شخص ليذبحه قائلاً: «اللعنة عليك أيها الكافر»، بينما يرد عليه الشخص الملتحي قائلاً : «أنا الرسول أيها الغبي».
لم تكن هذه هي الحالة الأولى أو الوحيدة التي قامت خلالها المجلة بنشر رسوم اعتبرت مسيئة للرسول، بل تم رصد خمس حالات أخرى استخدمت خلالها الصحيفة الرسوم للإساءة للإسلام وللرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، أولها في عام 2006 تزامناً مع الرسوم الدانماركية الشهيرة، وتم رفع قضية ضد الجريدة إلا أنه قد تم تبرأتها من تهمة الإساءة للإسلام والمسلمين، والثانية عام 2011 تزامناً مع فوز الإسلاميين في الانتخابات التونسية، أما الثالثة والرابعة فكانت في عامي 2012 و2013 حيث نشرت الصحيفة أحد أعدادها عام 2012 تحت عنوان «حياة محمد .. بدايات رسول» وحمل العدد العديد من التعليقات المسيئة للرسول الكريم، أما المرة الأخيرة فكانت في أكتوبر الماضي والسابق الإشارة إليها.
وأشارت عدة تقارير إلى ارتفاع مبيعات الجريدة بالتزامن مع الأعداد المسيئة للإسلام نظراً لما تحتويه من إثارة، حيث ذكرت تقارير أن الصحيفة باعت أكثر من 75 ألف نسخة لأول مرة منذ مدة طويلة حين قامت بنشر الملف المسي للرسول عام 2012، وتشير التقارير إلى ارتفاع مماثل في مبيعات الأعداد المسيئة لعام 2014، وفقاً لـ«باسكال يونيفاس» مدير المعهد الفرنسي للدرسات الدولية والاستراتيجية «إيريس».
الإساءة لداعش و«البغدادي»
بخلاف الكاريكاتير الذي نشرته الصحيفة في أكتوبر يظهر مقاتلاً من داعش يذبح الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، نشرت صحيفة «شارلي إيبدو» في عددها الأخير رسماً ساخراً لزعيم تنظيم الدولة الإسلامية «أبو بكر البغدادي»، وكتبت على رسم لصورة « البغدادي»، نشر على حساب الصحيفة في موقع توتير «أطيب التهاني للبغدادي» ويرد الأخير بالقول «وخصوصاً بالصحة».
إسلاموفوبيا من جديد
يخشى العديد من المراقبين أن يتسبب الهجوم الذي حدث صباح اليوم في تفجير موجة عداء جددية ضد المسلمين ظهرت بوادرها في الأسابيع الماضية في كل من ألمانيا والسويد وهولندا ، حيث ل رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا إن مهاجمي مجلة «شارلي إيبدو» الأسبوعية الساخرة «انتقموا من المسلمين أولاً بأفعالهم اليوم».
وأضاف «عمر الأصفر» في تصريحات إلى وكالة «الأناضول» من باريس، إن «قيام مجهولين، بقتل صحفيين، عمل إجرامي، ولا يمكن أن نسميه إلا إرهاباً حتى لو كان صاحبه، يحمل عقيدة أو دين، وإذا كانوا يريدون أن ينتقموا بفعلهم، اليوم، فنقول أنهم انتقموا من المسلمين أولاً؛ لأن هناك من سيحاول أن يستغل الحادث، باعتباره فرصة للنيل من الإسلام».
ردود أفعال
وأدان الأزهر الهجوم على مقر الصحيفة واصفاً إياه بالإجرامي، وقال عبر صفحته على فيس بوك: «الأزهر الشريف يدين الهجوم الإجرامي المسلح على مقر المجلة الفرنسية».
من جانيه أدان البيت الابيض اليوم ”بأشد العبارات“ الهجوم على مكاتب الصحيفة الفرنسية الاسبوعية، وقال جوش إرنست الناطق باسم الرئيس الأميركي «باراك أوباما» لشبكة «إمإ إن بي سي»، إن «كل البيت الابيض يتضامن مع عائلات الذين قتلوا او جرحوا في هذا الهجوم».
كما بعث الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» برسالة تعزية إلى نظيره الفرنسي «فرنسوا هولاند» يدين فيها الهجوم على الصحيفة.
ونقلت وكالة «تاس» عن المتحدث باسم الرئيس الروسي «ديمتري بيسكوف» قوله إن «موسكو تدين بحزم الإرهاب بجميع أشكاله. ونظرا للحادث المأسوي في باريس، يقدم الرئيس بوتين تعازيه الحارة إلى عائلات الضحايا وكل الشعب الفرنسي.
دانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الهجوم، وقالت إنه «هجوم على حرية الصحافة والتعبير»، وقالت ميركل، في بيان: «هذا الفعل المقيت ليس هجوما على أرواح المواطنين الفرنسيين وأمنهم فحسب لكنه هجوم أيضا على حرية التعبير والصحافة وهما العنصران الأساسيان لثقافتنا الحرة الديموقراطية».