مسؤول حكومي يحذر من تحول تونس إلى «دولة مافيا»

الأربعاء 20 أبريل 2016 02:04 ص

حذّر رئيس الهيئة الوطنية التونسية لمكافحة الفساد «شوقي الطبيب» من تحول بلاده إلى «دولة مافيا»، منوهاً إلى الحاجة لصياغة إستراتيجية وطنية كاملة للتعامل مع هذه الظاهرة التي وصفها بالآفة.

وأوضح «الطبيب» أن «ملفات الفساد معقدة والمتورطون فيها يملكون القدرات المالية ويستعينون بخبرات شيطانية مهمة في التحايّل وتركيب الملفات المالية والقانونية، ولكم في ملفات وثائق بنما دليل على ذلك».

وفي مقابلة مع وكالة الأناضول، قال: «على التونسيين والتونسيات أن يعوا أنهم بصدد مجابهة آفة، وأنهم قادمون في القريب العاجل -لا قدر الله- على دولة مافيا، حيث تصبح مافيا المال والأعمال والسياسة تتحكم في دواليب دولتهم، وكل ما يهم مصيرهم ومصير أبنائهم، حتى في أعلى (رأس) السلطة، ونحن في المرحلة الوبائية للفساد، وحين تتوفر الإرادة الوطنية ستتوفر الإرادة السياسية».

ووصف الرئيس المخلوع «زين العابدين بن علي» بأنه «كان على رأس منظومة فساد، متهماً البعض ممن لم يسمهم بأنهم حلوا محله كأبرز المفسدين، حتى أصبح الفساد برؤوس متعددة بعد أن كان برأس واحدة».

 استراتيجية لمكافحة الفساد

وتابع «الطبيب» قائلا: «نحن نحتاج إلى إستراتيجية وطنية كاملة لمكافحة الفساد، تكون الحكومة أحد أطرافها وليست طرفها الرئيسي».

وفي معرض توصيفه للحل، أكد المسؤول التونسي ضرورة أن تحذو تونس حذو الدول التي قاومت الفساد، مثل تركيا وإيطاليا وإندونيسيا، التي قال إنها عاشت تجربة «الدولة المافيا» لكنها نجحت وطبقت إستراتيجية وطنية لمحاربة الظاهرة.

وأضاف أنه لو أُتيح للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد التي يرأسها الاضطلاع بنحو 60 أو 70% من المهام الموكلة لها «فسنتمكن من الحد من منسوب الفساد بدرجة كبيرة».

وقال إن ملفات الفساد في تونس لا تخضع للتحقيق بالسرعة المطلوبة، مبيناً أن ثلاثة آلاف من تلك الملفات وردت في تقرير اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق حول الرشوة والفساد لم ينظر القضاء حتى اليوم إلا في 10% منها.

وعن التحديات التي تعترض مسار هيئته، قال الطبيب إنها تتمثل في كيفية سد النقص الحاد في الإمكانيات، والرد على محاولات التشكيك التي يتعرضون لها، والتصدي لجماعات الضغط الكبيرة والنافذة في أجهزة الدولة والإدارة الحكومية.

وساق أمثلة على جرائم الفساد التي في تونس قائلا إن ثمة مسؤولين في مؤسسات عمومية يحولون إيراداتها إلى جمعيات يقومون بتأسيسها. كما أن هناك اختلاسات كبيرة لأموال الضرائب تصل إلى مئات المليارات من الأموال التونسية.

وبحسب تقرير منظمة الشفافية الدولية حول الدول الأكثر فسادا لسنة 2015 والذي نشر في يناير/كانون الثاني الماضي، سجلت تونس تراجعا في مؤشرات مدركات الفساد إذ جاءت في المرتبة 76 برصيد 38 نقطة من مئة نقطة ممكنة.

احتمالات الثورة

ورغم أن الفساد كان من الدوافع الرئيسية وراء الثورة التي أطاحت بنظام الرئيس المخلوع «زين العابدين بن علي» قبل خمس سنوات، لا تزال تونس  -البلد الصغير الذي يعاني اقتصاده من انكماش خانق- ترزح تحت وطأة تفشي الفساد والتهرب الضريبي والكسب غير المشروع، وفق مراقبين.

وكان البنك الدولي قد حذر في تقارير سابقة من أن حجم الفساد يظل مصدر قلق كبير ليس فقط من جهة الأموال التي فقدتها تونس إثر فساد الشركات المملوكة لأسرة الرئيس المخلوع أثناء حكمه طيلة 23 عاما، بل أيضا نتيجة الضرر الذي لا يزال يلحق بالدولة بسبب استمرار الفساد.

وينظر مراقبون بقلق إلى تراجع النمو وعدم تحقق مطالب التونسيين في التشغيل والتنمية في وقت خفضت فيه منظمة الشفافية الدولية ترتيب تونس في مؤشر الفساد لعام 2015 حيث جاءت في المركز 76 من بين 168 دولة مسجلة تراجعا بثلاث مراتب مقارنة بعام 2014.

وشهدت تونس في الفترة الماضية احتجاجات عارمة تطالب بحل أزمة البطالة والحد من الفوارق الاجتماعية ومحاربة الفساد والمحسوبية والتسريع بالإصلاحات الاقتصادية في ظل النمو الاقتصادي المختنق (0.3%) مما جعل البعض يحذر من إمكانية وقوع ثورة شعبية ثانية.

وتتعلق هذه ملفات الفساد الحالية بشبهات في الصفقات الحكومية والتمويلات المشبوهة للأحزاب والجمعيات وتبييض الأموال واستغلال النفوذ والمحسوبية والرشوة في منح الرخص الإدارية وغيرها، في وقت يقول اختصاصيون فيه إن 90% من الملفات المتعلقة بالفساد متورطة فيها أجهزة الدولة.

  كلمات مفتاحية

تونس الفساد المالي المافيا مكافحة الفساد استئصال الفساد زين العابدين بن علي

«الغنوشي»: «وثائق بنما» ستغير المشهد السياسي في تونس

«المرزوقي» يهدد بمقاضاة من زج باسمه في «تسريبات بنما»

«الباجي قائد السبسي» .. من الموت السياسي إلى رئاسة تونس

من أجل حماية الديمقراطية التونسية

«الجبير» يبحث مع «السبسي» في تونس القضايا الإقليمية والعلاقات الثننائية

إعادة تأسيس «حركة النهضة» التونسية

«حركة النهضة» وصخرة الاقتصاد

الرئيس التونسي يقترح تشكيل حكومة وحدة تشارك فيها أحزاب ونقابات