لماذا لا تشعر واشنطن بالقلق من تهديدات الرياض الاقتصادية؟

السبت 23 أبريل 2016 02:04 ص

في الأيام الأولى من الأزمة المالية العالمية، كان هناك الكثير من الذعر في السياسة الخارجية الأمريكية أن الصين سوف ستستخدم على نحو ما كل ما لديها من ديون أمريكية كرافعة من أجل إجبار واشنطن على تملق بكين في تلك الأيام. وقد ذكرت في هذا التوقيت أن هذا الأمر هو محض هراء. بعد سبع سنوات، فأنا أرغب من جديد التأكيد على هذه الحقيقة في الغالب لأنها واحدة من المرات النادرة التي اعتبرت فيها أنني كنت على حق لا لبس فيه.

اليوم، ومع ذلك، فأنا أطرح هذه القضية لأننا رأينا أن المملكة العربية السعودية تهدد بخوض ذات المناورة. ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أواخر الأسبوع الماضي أن الحكومة السعودية قد قامت بتحذير المسؤولين الأمريكيين حول الانعكاسات الاقتصادية لمشروع قانون ينظره الكونجرس.

ووفقا لـ«نيويورك تايمز»، فقد أبلغت السعودية إدارة «أوباما» وأعضاء الكونغرس أنها سوف تقدم على بيع مئات المليارات من الدولارات من الأصول الأمريكية التي تحتفظ بها المملكة إذا أقر الكونغرس مشروع قانون من شأنه أن يسمح للحكومة السعودية أن تكون مسؤولة أمام المحاكم الأمريكية عن التورط في هجمات 11 سبتمبر/أيلول.

وقد ضغطت إدارة «أوباما» على الكونغرس لمنع تمرير مشروع القانون وفقا لما أورده مسؤولون في الإدارة ومساعدون في الكونغرس من كلا الطرفين، وكانت التهديدات السعودية موضوع مناقشات مكثفة في الأسابيع الأخيرة بين المشرعين والمسؤولين من وزارة الخارجية والبنتاغون. وقد حذر المسؤولون من أعضاء مجلس الشيوخ من التداعيات الدبلوماسية والاقتصادية لتمرير هذا التشريع.

وتورد صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» سياقا مهمة لفهم المخاوف السعودية:

نظرا لأن السعوديين كانوا منذ فترة طويلة مشتبه بهم في التورط في الهجمات فإنه من الإنصاف القول إنهم المستهدف الرئيسي من وراء هذا التشريع. لكن قلق السعوديين المباشر هو أن أصولهم الواقعة في الولايات المتحدة يمكن تجميدها من قبل المحاكم لفترة طويلة. وهذا يجعل تهديدها ببيع الأصول الأمريكية يبدو معبرا بشكل أكبر عن استراتيجية دفاعية أكثر من كونه تهديد حقيقي.

وبغض النظر عن التهديد السعودي، فإن معارضة إدارة «أوباما» لتمرير القانون تبدو ذات مغزى من أوجه عديدة.

ولكن ما هو مثير للاهتمام بشكل أكبر في هذا الصدد هو رد الفعل الأمريكي على التهديد الاقتصادي السعودي. قبل سبع سنوات، قامت الصين بتوجيه تهديدات مماثلة وقد كانت هناك موجة من التغطيات الإخبارية حول التهديدات التي يتعرض لها الاقتصاد الأمريكي.

هذه المرة يبدو الذعر في التغطيات أقل ولكن الكثيرين يواصلون ترديد ما كتبه «بنيامين أبلباوم» عن هذا التهديد في صحيفة «نيويورك تايمز»:

إذا قامت المملكة العربية السعودية بالإقدام على تنفيذ تهديدها مؤخرا ببيع الاستثمارات المالية الخاصة بها في الولايات المتحدة، فإنه يمكن لهذه المؤامرة أن تكون مؤلمة بشكل أكبر للمملكة العربية السعودية نفسها.

ويضيف بالتأكيد أن هذا الحرق المالي قد يسبب اضطرابا في الأسواق المالية أو مشاكل للشركات التي فقدت التمويل، ولكن يقول الخبراء أنه من الصعب أن نتصور أن يكون هناك تأثير كبير أو دائم على الاقتصاد الأمريكي. سوف يستمر المستثمرون حول العالم في المجازفة بضخ المال في الولايات المتحدة. إذا ذهبت السعودية، يؤكد الخبراء أن آخرين سوف يأخذون مكانها.

من أجل توضيح أكثر، فإن التهديد السعودي الحالي هو من كل الوجوه أضعف من التهديد الصيني الضمني قبل 7 سنوات، ويرجع ذلك إلى الأسباب التالية:

أولا: فإن المملكة العربية السعودية تمتلك أصولا دولارية أقل من الصين.

وثانيا: فإن الاقتصاد السعودي في عام 2016 يبدو أكثر عرضة للخطر مقارنة بالاقتصاد الصيني في عام 2009.

ثالثا: يبدو الدولار الأمريكي الآن مستقرا ومهيمنا مقارنة بما كان عليه الوضع في عام 2009.

رابعا: بدائل الأصول المقومة بالدولار تبدو في حالة أسوأ مما كانت عليه في عام 2009.

الفارق الوحيد الذي يصب في صالح السعوديين في هذا الصدد هو أن المملكة حليف للولايات المتحدة، في حين ينظر إلى الصين باعتبارها دولة منافسة. هذا يساعد على تفسير موقف الإدارة بشأن هذه المسألة، على الرغم من أني أعتقد أن قلق الإدارة ينصب حول السابقة التي تمثلها تمرير مثل هذا القانون. الأمر هنا هو أن المقابلات والقصص الإخبارية الأخيرة التي أجراها «أوباما» تسلط الضوء على هذه العلاقات المهترأة. وحقيقة أن هذا التهديد حصلت على العلن، فإنه لن يسهم في تحسين المواقف الأمريكية تجاه الرياض.

المصدر | واشنطن بوست

  كلمات مفتاحية

السعودية الولايات المتحدة أوباما سندات الخزانة 11 سبتمبر العلاقات السعودية الأمريكية الملك سلمان

فرصة «أوباما» الأخيرة مع المملكة العربية السعودية

«أوباما» في الرياض والمواقف الشائكة

ستراتفور: هل يمكن أن تنفذ الرياض تهديدها ببيع الأصول الأمريكية؟

البيت الأبيض: ليس من مصلحة السعودية زعزعة استقرار الاقتصاد العالمي

خبير اقتصادي: أصول السعودية في أمريكا تبلغ تريليون دولار.. وتهديدها ليس خدعة

تشريع أمريكي جديد قد يدين الرياض في هجمات 11 سبتمبر .. والمملكة تلوح بإجراءات اقتصادية

ماذا يجري بين الرياض وواشنطن؟