تشريع أمريكي جديد قد يدين الرياض في هجمات 11 سبتمبر .. والمملكة تلوح بإجراءات اقتصادية

السبت 16 أبريل 2016 11:04 ص

قامت المملكة العربية السعودية بإبلاغ إدارة «أوباما» وأعضاء في الكونغرس أنها سوف تقوم بتصفية أصول بقيمة مئات المليارات من الدولارات من الأصول الأمريكية التي تحتفظ بها المملكة إذا أقر الكونغرس مشروع قانون من شأنه أن يسمح بإدانة الحكومة السعودية أمام المحاكم الأمريكية للقيام بأي دور في هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001.

وقامت إدارة «أوباما» بالضغط على الكونغرس من أجل منع تمرير مشروع القانون وفقا لمسؤولين في الإدارة ومساعدين في الكونغرس ينتمون إلى كلا الحزبين. وكانت التهديدات السعودية موضوع مناقشات مكثفة في الأسابيع الأخيرة بين المشرعين والمسؤولين من وزارة الخارجية والبنتاغون. وقد حذر المسؤولون أعضاء مجلس الشيوخ من التداعيات الدبلوماسية والاقتصادية لهذا التشريع.

قام وزير الخارجية السعودي «عادل الجبير» بتسليم رسالة الملك بنفسه الشهر الماضي خلال زيارة قام بها إلى واشنطن، وقد أخبر النواب إن المملكة سوف تضطر إلى بيع ما يقرب من750  مليار دولار من سندات الخزينة وغيرها من الأصول الأمريكية قبل أن تواجه خطر التجميد من قبل المحاكم الأمريكية.

يتشكك العديد من الاقتصاديين المستقلين في إمكانية إقدام السعودية على مثل هذه الخطوة مشيرين إلى أن عمليات البيع تلك سوف يكون من الصعب تنفيذها وأنها يمكن أن تشل اقتصاد المملكة. ولكن هذا التهديد هو علامة أخرى على تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية.

وتجادل الإدارة أن هذا التشريع من شأنه أن يضع الأمريكيين خارج الحدود في خطر قانوني ولذا فإنها تواصل الضغط ضد القانون مما أثار غضب بعض النواب عائلات ضحايا 11 سبتمبر/أيلول. من وجهة نظرهم، فإن إدارة «أوباما» قد وقفت على الدوام مع المملكة، وقد أحبطت جهودهم لمعرفة ما يعتقدون أنه الحقيقة حول الدور الذي لعبه بعض المسؤولين السعوديين في المؤامرة الإرهابية.

«إنه أمر مذهل أن نعتقد أن حكومتنا سوف تدعم السعوديين على حساب مواطنيها»، وفقا لما قالته «ميندي كلينبيرج»، التي توفي زوجها في مركز التجارة العالمي في 11 سبتمبر/أيلول.

وسوف يصل الرئيس «أوباما» إلى الرياض يوم الأربعاء المقبل من أجل الاجتماع مع الملك «سلمان» ومسؤولين سعوديين آخرين. ومن غير الواضح إذا ما كان الخلاف القائم حول قانون 11 سبتمبر/أيلول سوف يكون مدرجا على جدول أعمال المحادثات.

لا دليل على إدانة السعودية

وقد نفى المسؤولون السعوديون منذ فترة طويلة أن يكون للمملكة أي دور في مؤامرة 11 سبتمبر/أيلول، وقد وجدت لجنة 11 سبتمبر أنه «لا يوجد أي دليل على الحكومة السعودية كمؤسسة أو أن كبار المسؤولين السعوديين كأفراد قد قاموا بتقديم تمويل إلى المنظمة». ولكن بعض النقاد قد رأوا أن صيغة اللجنة قد تركت الباب مفتوحا للتكهن بأن يكون بعض الموظفين الأقل رتبة ربما يكونون قد لعبوا دورا في ذلك. وقد بقيت الشكوك قائمة بسبب استنتاجات لجنة تحقيق الكونغرس في عام 2002 أن بعض المسؤولين السعوديين الذين كانوا يعيشون في الولايات المتحدة في ذلك الوقت كان لهم دور في المؤامرة.

هذه الاستنتاجات الواردة في 28 صفحة من التقرير، لم تنشر بعد على الملأ. 

ويأتي هذا الاختلاف بينما تتصاعد الانتقادات من بين صفوف الحزبين في الكونغرس حول تحالف واشنطن مع المملكة العربية السعودية. على مدى عقود، كان التحالف الأمريكي السعودي حاسما في الشرق الأوسط ونادرا ما كان يلقى التدقيق من قبل المشرعين. في الأسبوع الماضي، قدم اثنان من أعضاء مجلس الشيوخ  مشروع قرار من شأنه أن يضع قيودا على مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى المملكة العربية السعودية، التي توسعت في عهد إدارة «أوباما».

وقد استخدمت أسر ضحايا 11 سبتمبر/أيلول المحاكم في محاولة لإدانة أعضاء الأسرة المالكة السعودية والبنوك والجمعيات الخيرية السعودية بسبب ادعاءات تقديمهم للدعم المالي للإرهاب. وقد واجهت هذه الدعوات عقبات كبرى ويرجع ذلك بشكل كبير إلى قانون عام 1976 الذي يعطي الدول الأجنبية بعض الحصانة من الدعاوى القضائية في المحاكم الأمريكية.

ويهدف مشروع القانون المقترح في مجلس الشيوخ إلى توضيح أن الحصانة الممنوحة للدول الأجنبية في ظل القانون لا ينبغي أن تنطبق في الحالات التي يتبين فيها أن دولة ما تقع تحت طائلة المسؤولية عن الهجمات الإرهابية التي تقتل الأميركيين على أرض الولايات المتحدة. إذا قدر للمشروع أن يمر من مجلسي النواب والشيوخ وأن يتم التوقيع عليه من قبل الرئيس، فإنه يمكن أن يمهد الطريق لفحص الدعاوى القضائية التي تتناول دور الحكومة السعودية في أحداث 11 سبتمبر/أيلول.

ويحتج المسؤولون في إدارة «أوباما» بأن إضعاف أحكام الحصانة السيادية من شأنه أن يضع الحكومة الأمريكية، جنبا إلى جنب مع المواطنين والشركات، في خطر قانوني في الخارج لأن الدول الأخرى قد تنتقم عبر إصدار تشريعات مماثلة خاصة بها. وقال وزير الخارجية «جون كيري» أمام لجنة في مجلس الشيوخ في فبراير/شباط الماضي أن مشروع القانون، في شكله الحالي «يعرض الولايات المتحدة لدعاوى قضائية ويسلب مناعتها السيادية ويمثل سابقة رهيبة».

ويقول رعاة مشروع القانون أن التشريع سوف يتم اعتماده بفارق ضئيل جدا، وأنه سوف يتضمن الاعتداءات التي تتم على الأراضي الأمريكية فقط من أجل الحد من احتمال أن دولا أخرى قد تكافح ضده.

خطر قانوني

في جلسة مغلقة في الكابيتول هيل يوم 4 مارس/أذار، قالت «آن باترسون» مساعدة وزير الخارجية، و«آندرو إكسوم » مسؤول البنتاغون لشؤون سياسة الشرق الأوسط لمجموعة من موظفي لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ الأمريكي إن القوات الأميركية والمدنيين الأمريكيين ربما يواجهون خطرا قانونيا في حال قررت الدول الأخرى الرد وتجريد الأمريكيين من حصانتهم في الخارج. كما ناقشوا التهديدات السعودية على وجه التحديد، وحاولوا مناقشة التداعيات إذا ما أقدمت المملكة العربية السعودية على تنفيذ تهديداتها الاقتصادية.

وقال «جون كيربي» المتحدث باسم وزارة الخارجية، في بيان أن الإدارة تقف إلى جانب ضحايا الإرهاب وخاصة أولئك الذين عانوا وضحوا كثيرا في 11 سبتمبر/أيلول.

وقال «إدوين ترومان»، وهو زميل في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، إنه يعتقد أن ما يقوله السعوديون هي تهديدات جوفاء على الأرجح. بيع مئات المليارات من الدولارات من الأصول الأمريكية لن يكون أمرا صعبا فقط من الناحية الفنية ولكنه من المرجح أيضا أن يسبب اضطرابا في السوق العالمية سوف يلام عليه السعوديون. وعلاوة على ذلك، فإنه قد يزعزع استقرار الدولار الأمريكي، العملة التي يرتبط بها الريال السعودي. مضيفا أن الطريقة الوحيدة التي يمكن بها للسعوديين معاقبة الولايات المتحدة سوف تكون عبر معاقبة أنفسهم.

ويعد مشروع القانون حالة فريدة في الكونغرس الذي يمزقه التحزب خصوصا خلال عام الانتخابات. وتتم رعاية المشروع من قبل السيناتور «جون كورنين»، وهو جمهوري من ولاية تكساس، والسيناتور «تشاك شومر»، ديمقراطي من ولاية نيويورك. كما أنه يحظى بدعم تحالف من أعضاء مجلس الشيوخ الليبراليين والمحافظين، بما في ذلك «آل فرانكن»، ديمقراطي من ولاية مينيسوتا، و«تيد كروز»، الجمهوري من ولاية تكساس. وقد تم تمريره في اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ في يناير/كانون الثاني دون معارضة.

«في الوقت الذي تواجه أمتنا شبكات إرهابية جديدة توسع أنشطتها لاستهداف مواطنيها فإن وقف مصادر تمويل الإرهابيين يصبح أمرا أكثر أهمية»، وفقا لما صرح به السيد «كورنين» الشهر الماضي.

وقد توتر التحالف مع المملكة العربية السعودية في السنوات الأخيرة في الوقت الذي سعى فيه البيت الأبيض إلى تذويب الجليد مع إيران، العدو الإقليمي اللدود للمملكة، وهو ما تسبب في تبادل الاتهامات بين المسؤولين الأميركيين والسعوديين حول الدور الذي ينبغي أن تضطلع به كل من البلدين في استقرار الشرق الأوسط.

لكن الإدارة دعمت المملكة العربية السعودية على جبهات أخرى، بما في ذلك تزويد البلاد بمعلومات استخباراتية ودعم لوجيستي لحربها في اليمن. يقوم الجيش السعودي بالتحليق بالطائرات وإسقاط القنابل التي اشتراها من الولايات المتحدة في صفقات الأسلحة التي تم التفاوض بشأنها مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى في عهد «أوباما».

لقد كانت الحرب كارثة إنسانية وتسببت في تزايد نفوذ تنظيم القاعدة في اليمن مما أدى إلى قرار في الكونغرس بوضع قيود جديدة على صفقات الأسلحة للمملكة العربية السعودية. وقال السناتور «كريستوفر ميرفي»، ديمقراطي من ولاية كونيتيكت، أحد رعاة القرار وعضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ إن الكونغرس كان «عقيما» في إجراء الرقابة على مبيعات الأسلحة، وخاصة تلك الموجهة للمملكة العربية السعودية.

المصدر | نيويورك تايمز

  كلمات مفتاحية

السعودية الولايات المتحدة 11 سبتمبر أوباما الملك سلمان الرياض واشنطن العلاقات السعودية الأمريكية

السفارة السعودية في واشنطن: اتهام المملكة بدعم هجمات 11 سبتمبر تجميع للأوهام

أمريكيون «يشمتون» في ضحايا سقوط رافعة الحرم: «انتقام الرب» لقتلى 11 سبتمبر

«الإندبندنت»: «بن لادن» حذر من هجمات 11 سبتمبر قبل وقوعها

«أوباما» يواجه ضغوطا للإفراج عن تقرير سري يتهم السعودية بتمويل هجمات 11 سبتمبر

أسر ضحايا «11 سبتمبر» تطالب بنشر أوراق سرية حول تورط السعودية بالهجمات

مخاطر تهديد السعودية لأمريكا: الدولار قد يفقد مكانته وواشنطن ستعجز عن تمويل دينها

خبير اقتصادي: أصول السعودية في أمريكا تبلغ تريليون دولار.. وتهديدها ليس خدعة

البيت الأبيض: ليس من مصلحة السعودية زعزعة استقرار الاقتصاد العالمي

واشنطن: «أوباما» لن يقر قانون يتيح لمتضرري هجمات 11 سبتمبر مقاضاة السعودية

«النواب» الأمريكي يطالب بإعادة النظر في قانون يتيح مقاضاة السعودية عن «11 سبتمبر»

ستراتفور: هل يمكن أن تنفذ الرياض تهديدها ببيع الأصول الأمريكية؟

584 مليار دولار احتياطيات العملات الأجنبية في البنك المركزي السعودي

ما وراء مشروع قانون مقاضاة السعودية بالكونغرس الأميركي

قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب.. هل هو لعبة أميركية أم مكيدة (إيرانية)؟!

لماذا لا تشعر واشنطن بالقلق من تهديدات الرياض الاقتصادية؟

لجنة أمريكية: لا دور للسعودية في هجمات 11 سبتمبر

مطالبات بكشف ملف سري حبيس أدراج «الكونغرس» قد تفتح «حربا دبلوماسية» سعودية أمريكية

11 سبتمبر.. ورقة في الأرشيف الأميركي

«ناشيونال إنترست»: لماذا لن تقدم السعودية على بيع الأصول الأمريكية؟

«الجبير»: الحديث عن سحب السعودية استثماراتها من أمريكا «هراء»

زحام في الكونغرس على صفحات سرية تخص دور السعودية في هجمات 11 سبتمبر

«بلومبيرغ»: أمريكا مدينة للسعودية بأكثر من 116 مليار دولار

«الشيوخ» الأمريكي يقر قانونا يسمح لأسر ضحايا هجمات 11 سبتمبر بمقاضاة السعودية

سياسيون وكتاب: قانون مقاضاة السعودية في هجمات 11 سبتمبر غطرسة وابتزاز

«أوباما» سيستخدم الفيتو ضد مشروع قانون يتيح لأسر ضحايا هجمات سبتمبر مقاضاة السعودية

السعودية غير قلقة من مشروع «العدالة ضد الإرهاب» الأمريكي

القصة السرية للديون السعودية في الولايات المتحدة

حيازة السعودية من الأوراق المالية الأمريكية حتى يونيو الماضي بلغت 184 مليار دولار

«الجبير»: أمريكا ستكون أكبر الخاسرين إذا أقرت مشروع قانون 11 سبتمبر